تفسير و معنى الآية 12 من سورة المائدة عدة تفاسير, سورة المائدة : عدد الآيات 120 - الصفحة 109 - الجزء 6.
التفسير الميسر |
---|
ولقد أخذ الله العهد المؤكَّد على بني إسرائيل أن يخلصوا له العبادة وحده، وأمر الله موسى أن يجعل عليهم اثني عشر عريفًا بعدد فروعهم، يأخذون عليهم العهد بالسمع والطاعة لله ولرسوله ولكتابه، وقال الله لبني إسرائيل: إني معكم بحفظي ونصري، لئن أقمتم الصلاة، وأعطيتم الزكاة المفروضة مستحقيها، وصدَّقتم برسلي فيما أخبروكم به ونصرتموهم، وأنفقتم في سبيلي، لأكفِّرنَّ عنكم سيئاتكم، ولأدْخِلَنَّكُم جناتٍ تجري من تحت قصورها الأنهار، فمن جحد هذا الميثاق منكم فقد عدل عن طريق الحق إلى طريق الضلال. |
تفسير الجلالين |
---|
«ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل» بما يذكر بعد «وبعثنا» فيه التفات عن الغيبة أقمنا «منهم اثني عشر نقيبا» من كل سبط نقيب يكون كفيلا على قومه بالوفاء بالعهد توثقة عليهم «وقال» لهم «الله إنِّي معكم» بالعون والنصرة «لئن» لام قسم «أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزَّرتموهم» نصرتموهم «وأقرضتم الله قرضا حسنا» بالإنفاق في سبيله «لأكفرنَّ عنكم سيئآتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك» الميثاق «منكم فقد ضل سواء السبيل» أخطأ طريق الحق. والسواء في الأصل الوسط فنقضوا الميثاق قال تعالى. |
تفسير السعدي |
---|
يخبر تعالى أنه أخذ على بني إسرائيل الميثاق الثقيل المؤكد، وذكر صفة الميثاق وأجرهم إن قاموا به، وإثمهم إن لم يقوموا به، ثم ذكر أنهم ما قاموا به، وذكر ما عاقبهم به، فقال: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ْ أي: عهدهم المؤكد الغليظ، وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ْ أي: رئيسا وعريفا على من تحته، ليكون ناظرا عليهم، حاثا لهم على القيام بما أُمِرُوا به، مطالبا يدعوهم. وَقَالَ اللَّهُ ْ للنقباء الذين تحملوا من الأعباء ما تحملوا: إِنِّي مَعَكُمْ ْ أي: بالعون والنصر، فإن المعونة بقدر المؤنة. ثم ذكر ما واثقهم عليه فقال: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ ْ ظاهرا وباطنا، بالإتيان بما يلزم وينبغي فيها، والمداومة على ذلك وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ ْ لمستحقيها وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي ْ جميعهم، الذين أفضلهم وأكملهم محمد صلى الله عليه وسلم، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ ْ أي: عظمتموهم، وأديتم ما يجب لهم من الاحترام والطاعة وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ْ وهو الصدقة والإحسان، الصادر عن الصدق والإخلاص وطيب المكسب، فإذا قمتم بذلك لَأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ْ فجمع لهم بين حصول المحبوب بالجنة وما فيها من النعيم، واندفاع المكروه بتكفير السيئات، ودفع ما يترتب عليها من العقوبات. فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ْ العهد والميثاق المؤكد بالأيمان والالتزامات، المقرون بالترغيب بذكر ثوابه. فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ْ أي: عن عمد وعلم، فيستحق ما يستحقه الضالون من حرمان الثواب، وحصول العقاب. فكأنه قيل: ليت شعري ماذا فعلوا؟ وهل وفوا بما عاهدوا الله عليه أم نكثوا؟ |
تفسير البغوي |
---|
قوله عز وجل : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ) وذلك أن الله عز وجل وعد موسى عليه السلام أن يورثه وقومه الأرض المقدسة وهي الشام ، وكان يسكنها الكنعانيون الجبارون ، فلما استقرت لبني إسرائيل الدار بمصر أمرهم الله تعالى بالسير إلى أريحاء من أرض الشام وهي الأرض المقدسة ، وكانت لها ألف قرية في كل قرية ألف بستان ، وقال : يا موسى إني كتبتها لكم دارا وقرارا فاخرج إليها وجاهد من فيها من العدو فإني ناصرك عليهم ، وخذ من قومك اثني عشر نقيبا من كل سبط نقيبا يكون كفيلا على قومه بالوفاء منهم على ما أمروا به ، فاختار موسى النقباء وسار موسى ببني إسرائيل حتى قربوا من أريحاء فبعث هؤلاء النقباء يتجسسون له الأخبار ويعلمون علمها ، فلقيهم رجل من الجبابرة يقال له عوج ابن عنق ، وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثا وثلاثين ذراعا وثلث ذراع ، وكان يحتجر بالسحاب ويشرب منه ويتناول الحوت من قرار البحر فيشويه بعين الشمس يرفعه إليها ثم يأكله ، ويروى أن الماء طبق ما على الأرض من جبل وما جاوز ركبتي عوج وعاش ثلاثة آلاف سنة حتى أهلكه الله على يدي موسى عليه السلام ، وذلك أنه جاء وقلع صخرة من الجبل على قدر عسكر موسى عليه السلام ، وكان فرسخا في فرسخ ، وحملها ليطبقها عليهم فبعث الله الهدهد فقور الصخرة بمنقاره فوقعت في عنقه فصرعته ، فأقبل موسى عليه السلام وهو مصروع فقتله ، وكانت أمه عنق إحدى بنات آدم وكان مجلسها جريبا من الأرض ، فلما لقي عوج النقباء وعلى رأسه حزمة حطب أخذ الاثني عشر وجعلهم في حجزته وانطلق بهم إلى امرأته ، وقال انظري إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم يريدون قتالنا ، وطرحهم بين يديها وقال : ألا أطحنهم برجلي؟ فقالت امرأته : لا بل خل عنهم حتى يخبروا قومهم بما رأوا ، ففعل ذلك .وروي أنه جعلهم في كمه وأتى بهم إلى الملك فطرحهم بين يديه ، فقال الملك : ارجعوا فأخبروهم بما رأيتم ، وكان لا يحمل عنقودا من عنبهم إلا خمسة أنفس منهم في خشبة ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع منها حبها خمسة أنفس ، فرجع النقباء وجعلوا يتعرفون أحوالهم ، وقال بعضهم لبعض يا قوم : إنكم إن أخبرتم بني إسرائيل خبر القوم ارتدوا عن نبي الله ولكن اكتموا ، وأخبروا موسى وهارون فيريان رأيهما وأخذ بعضهم على بعضهم الميثاق بذلك ، ثم إنهم نكثوا العهد وجعل كل واحد منهم ينهى سبطه عن قتالهم ويخبرهم بما رأى : إلا رجلان فذلك قوله تعالى : " ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا( وقال الله إني معكم ) ناصركم على عدوكم ، ثم ابتدأ الكلام فقال : ( لئن أقمتم الصلاة ) يا معشر بني إسرائيل ، ( وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم ) نصرتموهم ، وقيل : ووقرتموهم وعظمتموهم؛ ( وأقرضتم الله قرضا حسنا ) قيل : هو إخراج الزكاة ، وقيل : هو النفقة على الأهل ، ( لأكفرن عنكم سيئاتكم ) لأمحون عنكم سيئاتكم ، ( ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل ) أي : أخطأ قصد السبيل ، يريد طريق [ الحق ] وسواء كل شيء : وسطه . |
تفسير الوسيط |
---|
قال الفخر الرازي: قوله- تعالى- وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ، وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ اعلم أن في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه:الأول: أنه- تعالى- خاطب المؤمنين فيما تقدم فقال: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا. ثم ذكر الآن أنه أخذ الميثاق من بنى إسرائيل لكنهم نقضوه وتركوا الوفاء به، فلا تكونوا- أيها المؤمنون- مثلهم في هذا الخلق الذميم.الثاني: أنه لما ذكر قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ وقد ذكرت بعض الروايات أنها نزلت في اليهود، وأنهم أرادوا إيقاع الشر بالمؤمنين. فلما ذكر- سبحانه ذلك أتبعه بذكر فضائحهم، وبيان أنهم كانوا أبدا مواظبين على نقض العهود والمواثيق.الثالث: أن الغرض من الآيات المتقدمة ترغيب المكلفين في قبول التكاليف وترك التمرد والعصيان. فذكر- سبحانه- أنه كلف من كان قبل المسلمين كما كلفهم ليعلموا أن عادة الله في التكليف والإلزام غير مخصوصة بهم، بل هي عادة جارية له مع جميع عباده».والميثاق: العهد الموثق المؤكد، مأخوذ من لفظ وثق المتضمن معنى الشد والربط على الشيء بقوة وإحكام.والمراد به: ما أخذه الله على بنى إسرائيل لكي يؤدوا ما أوجب عليهم من تكاليف ولكي يعملوا بما تضمنته التوراة من أحكام وتشريعات وغير ذلك مما جاء فيها.والنقيب: كبير القوم. والكفيل عليهم والمنقب عن أحوالهم وأسرارهم فيكون شاهدهم وضمينهم وعريفهم، وأصله من النقب وهو الثقب الواسع.قال الآلوسى. والنقيب: قيل فعيل بمعنى فاعل مشتق من النقب بمعنى التفتيش ومنه فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ وسمى بذلك لتفتيشه عن أحوال القوم وأمرهم.قال الزجاج: وأصله من النقب وهو الثقب الواسع والطريق في الجبل:ويقول: فلان حسن النقيبة. أى: جميل الخليقة، ويقال: فلان نقاب للعالم بالأشياء، الذكي القلب، الكثير البحث عن الأمور .والمعنى: ولقد أخذ الله العهود المؤكدة على بنى إسرائيل. لكي يعملوا بما كلفهم من تكاليف، وأمر نبيه موسى- عليه السلام- أن يختار متهم اثنى عشر نقيبا. وأن يرسل هؤلاء النقباء إلى الأرض المقدسة لكي يطلعوا على أحوال ساكنيها، ثم يخبروا نبيهم موسى- عليه السلام- بعد ذلك بما شاهدوه من أحوالهم.وسنفصل القول في شأن بعث هؤلاء النقباء عند تفسيرنا لقوله- تعالى- بعد ذلك وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً.وأكد- سبحانه- ما أخذه على بنى إسرائيل من عهود بقد وباللام، للاهتمام بشأن هذا الخبر، ولترغيب المؤمنين في الوفاء بعهودهم مع الله- تعالى- حتى لا يصيبهم ما أصاب بنى إسرائيل من عقوبات بسبب نقضهم لمواثيقهم.وأسند- سبحانه- الأخذ إليه، لأنه هو الذي أمر به موسى- عليه السلام- ولأن في إسناد أخذ الميثاق إليه- سبحانه- زيادة في توثيقه، وتعظيم توكيده وأى عهد يكون أقوى وأوثق من عهد يكون بين العبد والرب؟وفي قوله: وَبَعَثْنا التفات إلى المتكلم العظيم- سبحانه- لتهويل شأن هذا الابتعاث، لأن الله- تعالى- هو الذي أمر به.وإنما اختار موسى- عليه السلام- اثنى عشر نقيبا من بنى إسرائيل لأنهم كانوا اثنى عشر سبطا، كما قال- تعالى- وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ولأن كل نقيب كان بمنزلة الرقيب على القبيلة التي هو منها يذكرها بالفضائل ويرغبها في اتباع موسى- عليه السلام- وينهاها عن معصيته.والمعية في قوله- تعالى- وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ معية مجازية بمعنى الحفظ والرعاية والنصرة.أى: أخذ الله على بنى إسرائيل العهود الموثقة، وأمر نبيه موسى أن يرسل منهم اثنى عشر نقيبا لمعرفة أحوال الجبارين الذين يسكنون الأرض المقدسة وقال الله- تعالى- لهؤلاء النقباء، أو لبنى إسرائيل جميعا: إنى معكم لا تخفى علىّ خافية من أحوالكم. وسأؤيدكم برعايتي ونصرى متى وفيتم بعهدي، واتبعتم رسلي. فالجملة الكريمة تحذير لهم من معصية الله لأنه لا تخفى عليه خافية، ووعد لهم بالنصر متى أطاعوه.ثم بين- سبحانه- بعض التكاليف التي كلفهم بها، وأخذ عليهم العهد بالمحافظة عليها فقال: لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ، وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي، وَعَزَّرْتُمُوهُمْ، وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً، لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ، وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ.واللام في قوله لَئِنْ موطئة للقسم المحذوف، و «إن» شرطية، وقوله: لَأُكَفِّرَنَّ جواب القسم وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه.وقوله: وَعَزَّرْتُمُوهُمْ من التعزيز بمعنى النصر والإعانة مع التعظيم والتفخيم يقال: عزر فلان فلانا إذا نصره وقواه، وأصل معناه: المنع والذب لأن من نصر إنسانا منع عنه أعداءه.والمعنى: لئن داومتم على إقامة الصلاة، وعلى أدائها على الوجه الأكمل بخضوع وخشوع، وأعطيتم الزكاة لمستحقيها وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي إيمانا كاملا، ونصرتموهم مع تعظيمهم وطاعتهم وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً بأن أنفقتم جانبا من أموالكم في وجوه الخير والبر، لئن فعلتم ذلك لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ بأن أغفرها لكم، ولأدخلنكم في الآخرة جنات تجرى من تحت أشجارها وبساتينها الأنهار فأنت ترى أن الله- تعالى- قد كلف بنى إسرائيل بخمسة أمور نافعة ووعدهم على أدائها بتكفير سيئاتهم في الدنيا، وبإدخالهم جناته في الآخرة.قال الإمام الرازي: وأخر- سبحانه- الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدم عليها لأن اليهود كانوا مقرين بأنه لا بد في حصول النجاة من الصلاة وإيتاء الزكاة، إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل. فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أنه لا بد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود. وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل» .والمراد بالزكاة في قوله وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ الزكاة المفروضة.والمراد بالقرض الحسن في قوله وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً الصدقات غير المفروضة التي يبذلها القادرون عليها في وجوه الخير المتنوعة بدون رياء أو أذى وفي التعبير بقوله: وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً تأنيس للقلوب وترغيب للنفوس في البذل والعطاء، حيث شبه- سبحانه- ما يعطى للمحتاج رغبة في الثواب بالقرض الذي سيكافئ الله- تعالى- صاحبه عليه بأضعافه من الخير والنعم.وأضاف- سبحانه- الرسل إليه في قوله وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي لتشريفهم وتكريمهم وتعظيم شأن رسالاتهم وللإشارة إلى أن الايمان بهم جميعا واجب، فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن كفر بواحد منهم كفر بالله- تعالى-.ثم بعد أن فتح الله- تعالى- لهم باب كرمه إن أدوا ما أمرهم به حذرهم من المخالفة والعصيان فقال: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أى: فمن جحد منكم شيئا مما أمرته به فتركه، أو أعرض عن التكاليف التي كلفته بها بعد أن عرفها فقد بعد عن السبيل المستوية، أخطأ الطريق الواضح المستقيم، وسار في متاهات الضلال التي لا هداية فيها ولا خير معها.فالجملة الكريمة تهديد شديد لمن ترك الدين الحق واتجه إلى الأديان الباطلة.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل سواء السبيل، فلم قال: فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ؟ قلت: أجل من كفر قبل ذلك أيضا فقد ضل. ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم: لأن الكفر إنما عظم قبحه لعظم النعمة المكفورة، فإذا زادت النعمة زاد قبح الكفر وبلغ النهاية العظمى».وبذلك نرى الآية الكريمة قد بينت أن الله- تعالى- قد أخذ الميثاق على بنى إسرائيل بأن يقوموا بالتكليفات التي كلفهم بها، وحذرهم من النقض والخيانة والكفر، ورغبهم في الطاعة والإيمان فماذا كان موقفهم من عهود الله- تعالى-؟ |