تفسير و معنى الآية 127 من سورة النساء عدة تفاسير, سورة النساء : عدد الآيات 176 - الصفحة 98 - الجزء 5.
التفسير الميسر |
---|
يطلب الناس منك -أيها النبي- أن تبين لهم ما أشكل عليهم فَهْمُه من قضايا النساء وأحكامهن، قل الله تعالى يبيِّن لكم أمورهن، وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تعطونهن ما فرض الله تعالى لهن من المهر والميراث وغير ذلك من الحقوق، وتحبون نكاحهن أو ترغبون عن نكاحهن، ويبيِّن الله لكم أمر الضعفاء من الصغار، ووجوب القيام لليتامى بالعدل وترك الجور عليهم في حقوقهم. وما تفعلوا من خير فإن الله تعالى كان به عليمًا، لا يخفى عليه شيء منه ولا من غيره. |
تفسير الجلالين |
---|
«ويستفتونك» يطلبون منك الفتوي «في» شأن «النساء» وميراثهن «قل» لهم «الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب» القرآن من آية الميراث ويفتيكم أيضا «في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب» فرض «لهن» من الميراث «وترغبون» أيها الأولياء عن «أن تنكحوهن» لدمامتهن وتعضلوهن أن يتزوجن طمعا في ميراثهن أي يفتيكم أن لا تفعلوا ذلك «و» في «المستضعفين» الصغار «ومن الولدان» أن تعطوهم حقوقهم «و» يأمركم «أن تقوموا لليتامى بالقسط» بالعدل في الميراث والمهر «وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما» فيجازيكم به. |
تفسير السعدي |
---|
الاستفتاء: طلب السائل من المسئول بيان الحكم الشرعي في ذلك المسئول عنه. فأخبر عن المؤمنين أنهم يستفتون الرسول صلى الله عليه وسلم في حكم النساء المتعلق بهم، فتولى الله هذه الفتوى بنفسه فقال: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ ْ فاعملوا على ما أفتاكم به في جميع شئون النساء، من القيام بحقوقهن وترك ظلمهن عموما وخصوصا. وهذا أمر عام يشمل جميع ما شرع الله أمرا ونهيا في حق النساء الزوجات وغيرهن، الصغار والكبار، ثم خص -بعد التعميم- الوصية بالضعاف من اليتامى والولدان اهتماما بهم وزجرا عن التفريط في حقوقهم فقال: وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ ْ أي: ويفتيكم أيضا بما يتلى عليكم في الكتاب في شأن اليتامى من النساء. اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ ْ وهذا إخبار عن الحالة الموجودة الواقعة في ذلك الوقت، فإن اليتيمة إذا كانت تحت ولاية الرجل بخسها حقها وظلمها، إما بأكل مالها الذي لها أو بعضه، أو منعها من التزوج لينتفع بمالها، خوفا من استخراجه من يده إنْ زوَّجها، أو يأخذ من مهرها الذي تتزوج به بشرط أو غيره، هذا إذا كان راغبا عنها، أو يرغب فيها وهي ذات جمال ومال ولا يقسط في مهرها، بل يعطيها دون ما تستحق، فكل هذا ظلم يدخل تحت هذا النص ولهذا قال: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ ْ أي: ترغبون عن نكاحهن أو في نكاحهن كما ذكرنا تمثيله. وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَان ْ أي: ويفتيكم في المستضعفين من الولدان الصغار، أن تعطوهم حقهم من الميراث وغيره وأن لا تستولوا على أموالهم على وجه الظلم والاستبداد. وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ ْ أي: بالعدل التام، وهذا يشمل القيام عليهم بإلزامهم أمر الله وما أوجبه على عباده، فيكون الأولياء مكلفين بذلك، يلزمونهم بما أوجبه الله. ويشمل القيام عليهم في مصالحهم الدنيوية بتنمية أموالهم وطلب الأحظ لهم فيها، وأن لا يقربوها إلا بالتي هي أحسن، وكذلك لا يحابون فيهم صديقا ولا غيره، في تزوج وغيره، على وجه الهضم لحقوقهم. وهذا من رحمته تعالى بعباده، حيث حثّ غاية الحث على القيام بمصالح من لا يقوم بمصلحة نفسه لضعفه وفقد أبيه. ثم حثّ على الإحسان عموما فقال: وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ْ لليتامى ولغيرهم سواء كان الخير متعديا أو لازما فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ْ أي: قد أحاط علمه بعمل العاملين للخير، قلة وكثرة، حسنا وضده، فيجازي كُلًّا بحسب عمله. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن ) الآية : قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت هذه الآية في بنات أم كجة وميراثهن وقد مضت القصة في أول السورة .وقالت عائشة رضي الله عنها : هي اليتيمة تكون في حجر الرجل ، وهو وليها فيرغب في نكاحها إذا كانت ذات جمال ومال بأقل من سنة صداقها ، وإذا كانت مرغوبة عنها في قلة المال والجمال تركها ، وفي رواية هي اليتيمة تكون في حجر الرجل قد شركته في ماله فيرغب أن يتزوجها لدمامتها ويكره أن يزوجها غيره فيدخل عليه في ماله فيحبسها حتى تموت فيرثها ، فنهاهم الله عن ذلك .قوله عز وجل : ( ويستفتونك ) أي : يستخبرونك في النساء ، ( قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب ) قيل معناه ويفتيكم في ما يتلى عليكم ، وقيل معناه : ونفتيكم ما يتلى عليكم ، يريد : الله يفتيكم وكتابه يفتيكم فيهن ، وهو قوله عز وجل : ( وآتوا اليتامى أموالهم ) قوله ( في يتامى النساء ) هذا إضافة الشيء إلى نفسه لأنه أراد باليتامى النساء ، ( اللاتي لا تؤتونهن ) أي : لا تعطونهن ، ( ما كتب لهن ) من صداقهن ، ( وترغبون أن تنكحوهن ) أي : في نكاحهن لمالهن وجمالهن بأقل من صداقهن ، وقال الحسن وجماعة أراد أن تؤتونهن حقهن من الميراث ، لأنهم كانوا لا يورثون النساء ، وترغبون أن تنكحوهن ، أي : عن نكاحهن لدمامتهن .( والمستضعفين من الولدان ) يريد : ويفتيكم في المستضعفين من الولدان وهم الصغار ، أن تعطوهم حقوقهم ، لأنهم كانوا لا يورثون الصغار ، يريد ما يتلى عليكم في باب اليتامى من قوله ( وآتوا اليتامى أموالهم ) يعني بإعطاء حقوق الصغار ، ( وأن تقوموا لليتامى بالقسط ) أي : ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط بالعدل في مهورهن ومواريثهن ، ( وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ) يجازيكم عليه . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم ختم- سبحانه- هذه الآيات ببيان أنه هو المالك لكل شيء، والمهيمن على شئون هذا الكون فقال: وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً.أى: ولله- تعالى- وحده جميع ما في السموات وما في الأرض من موجودات، فهو خالقها ومالكها ولا يخرج عن ملكوته شيء منها. وكان الله- تعالى- بكل شيء محيطا، بحيث لا تخفى عليه خافية من شئون خلقه، وسيجازى الذين أساءوا بما عملوا وسيجازى الذين أحسنوا بالحسنى.وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة قد بشرت المؤمنين بحسن الثواب، وبينت أن ثواب الله لا ينال بالأمانى وإنما ينال بالإيمان والعمل الصالح، وأن الدين الحق هو الدين الذي يدعو الإنسان إلى إخلاص نفسه لله، وإلى إحسان العمل في طاعته، وإلى اتباع ما كان عليه إبراهيم من منهاج سليم، وخلق قويم. وأنه- سبحانه هو المتصرف في شئون هذا الكون، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من خير أو شر.ثم ساق- سبحانه- بعد ذلك جملة من الأحكام التي يتعلق أكثرها بالنساء فقال- تعالى-:قال الإمام الرازي في بيان صلة هذه الآيات بما قبلها: اعلم أن عادة الله- تعالى- في ترتيب هذا الكتاب الكريم وقع على أحسن الوجوه. وهو أن يذكر شيئا من الأحكام ثم يذكر عقيبه آيات كثيرة في الوعد والوعيد والترغيب والترهيب، ويخلط بها آيات دالة على كبرياء الله وجلال قدرته. ثم يعود مرة أخرى إلى بيان الأحكام وهذا أحسن أنواع الترتيب وأقربها إلى التأثير في القلوب، لأن التكاليف بالأعمال الشاقة لا يقع في موقع القبول إلا إذا كان مقرونا بالوعد والوعيد. والوعد والوعيد لا يؤثر في القلب إلا عند القطع بغاية كمال من صدر عنه الوعد والوعيد. فظهر أن هذا الترتيب أحسن الترتيبات اللائقه بالدعوة إلى الحق.إذا عرفت هذا فنقول: إنه- سبحانه- ذكر في أول هذه السورة أنواعا كثيرة من الشرائع والتكاليف. ثم أتبعها بشرح أحوال الكافرين والمنافقين واستقصى في ذلك. ثم ختم تلك الآيات الدالة على عظمة جلال الله وكمال كبريائه. ثم عاد بعد ذلك إلى بيان الأحكام فقال:وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ.. إلخ الآية .وقوله وَيَسْتَفْتُونَكَ من الاستفتاء بمعنى طلب الفتيا أو الفتوى. يقال استفتيت العالم في مسألة كذا. أى سألته أن يبين حكمها. فالإفتاء إظهار المشكل من الأحكام وتبيينه.فمعنى وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ: ويسألك أصحابك يا محمد أن تفتيهم في أمر النساء. أى يطلبون منك تبيين المشكل من الأحكام التي تتعلق بما يجب للنساء من حقوق، وبما يكون عليهن من واجبات.والذي حمل الصحابة على هذا الطلب أنهم كانوا في جاهليتهم يعاملون النساء معاملة سيئة، ويظلمونهن ظلما شديدا، ثم وجدوا أن الإسلام الذي يدينون به قد أكرم المرأة وأنصفها بطريقة لم يألفوها من قبل، فتعددت أسئلتهم عن الأحكام التي تتعلق بالنساء حتى ينفذوا نحوهن ما يطلبه الإسلام منهم من حيث معاشرتهن وولايتهن وميراثهن وغير ذلك من الأحكام.قال القرطبي: نزلت- هذه الآية- بسبب سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء وأحكامهن في الميراث وغير ذلك. فأمر الله- تعالى- نبيه أن يقول لهم: الله يفتيكم فيهن أى:يبين لكم حكم ما سألتم عنه، وهذه الآية رجوع إلى ما افتتحت به السورة من أمر النساء.وكانت قد بقيت لهم أحكام لم يعرفوها فسألوا فقيل لهم: إن الله يفتيكم فيهن.. .فسؤال الصحابة ليس عن ذوات النساء وإنما عن أحكام تتعلق بهن.أخرج ابن جرير وغيره عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك كما يرث الرجل الذي يعمل في المال؟ فرجوا أن يأتى في ذلك حدث من السماء فانتظروا:فلما رأوا أنه لا يأتى حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد. ثم قالوا: سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه. فأنزل الله وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ.. الآية .وقوله قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وعد من الله- تعالى- بالإجابة عما يسألون عنه. وهو لون من تبشير السائل المتحير بأنه قد وجد ضالته حتى يطمئن قلبه، ويهدأ باله. وذلك مثل قولهم- ولله المثل الأعلى- لمن سأل سؤالا لمن يحسن الإجابة عنه: على الخبير وقعت.أى: قل يا محمد لهؤلاء السائلين عن بعض الأحكام المتعلقة بالنساء: الله- تعالى- يفتيكم في شأنهن، ويبين لكم بأجلى بيان وأحكمه ما تجهلون من أحكامهن. ويقضى بينكم وبينهن بالعدل الذي لا يحوم حوله باطل.وفي تقديم لفظ الجلالة تنويه بشأن هذه الفتيا، وإشعار بوجوب التزام ما تتضمنه من أحكام لأنها صادرة من العليم الخبير.وقوله وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ للنحاة فيه مذاهب شتى، لعل أولاها بالقبول أن تكون ما اسم موصول مبتدأ والخبر محذوف والتقدير يسألونك يا محمد عن بعض أحكام النساء فقل لهم: الله يفتيكم في شأنهن، والذي يتلى عليكم في الكتاب كذلك أى: يفتيكم في شأنهن أيضا. وذلك المتلو في الكتاب الذي بين بعض الأحكام التي تتعلق بالنساء منه قوله- تعالى فيما لم يألفوها من قبل، فتعددت أسئلتهم عن الأحكام التي تتعلق بالنساء حتى ينفذوا نحوهن ما يطلبه الإسلام منهم من حيث معاشرتهن وولايتهن وميراثهن وغير ذلك من الأحكام.قال القرطبي: نزلت- هذه الآية- بسبب سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء وأحكامهن في الميراث وغير ذلك. فأمر الله- تعالى- نبيه أن يقول لهم: الله يفتيكم فيهن أى:يبين لكم حكم ما سألتم عنه، وهذه الآية رجوع إلى ما افتتحت به السورة من أمر النساء.وكانت قد بقيت لهم أحكام لم يعرفوها فسألوا فقيل لهم: إن الله يفتيكم فيهن.. .فسؤال الصحابة ليس عن ذوات النساء وإنما عن أحكام تتعلق بهن.أخرج ابن جرير وغيره عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك كما يرث الرجل الذي يعمل في المال؟ فرجوا أن يأتى في ذلك حدث من السماء فانتظروا:فلما رأوا أنه لا يأتى حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد. ثم قالوا: سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه. فأنزل الله وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ.. الآية .وقوله قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وعد من الله- تعالى- بالإجابة عما يسألون عنه. وهو لون من تبشير السائل المتحير بأنه قد وجد ضالته حتى يطمئن قلبه، ويهدأ باله. وذلك مثل قولهم- ولله المثل الأعلى- لمن سأل سؤالا لمن يحسن الإجابة عنه: على الخبير وقعت.أى: قل يا محمد لهؤلاء السائلين عن بعض الأحكام المتعلقة بالنساء: الله- تعالى- يفتيكم في شأنهن، ويبين لكم بأجلى بيان وأحكمه ما تجهلون من أحكامهن. ويقضى بينكم وبينهن بالعدل الذي لا يحوم حوله باطل.وفي تقديم لفظ الجلالة تنويه بشأن هذه الفتيا، وإشعار بوجوب التزام ما تتضمنه من أحكام لأنها صادرة من العليم الخبير.وقوله وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ للنحاة فيه مذاهب شتى، لعل أولاها بالقبول أن تكون ما اسم موصول مبتدأ والخبر محذوف والتقدير يسألونك يا محمد عن بعض أحكام النساء فقل لهم: الله يفتيكم في شأنهن، والذي يتلى عليكم في الكتاب كذلك أى: يفتيكم في شأنهن أيضا. وذلك المتلو في الكتاب الذي بين بعض الأحكام التي تتعلق بالنساء منه قوله- تعالى فيما لم يألفوها من قبل، فتعددت أسئلتهم عن الأحكام التي تتعلق بالنساء حتى ينفذوا نحوهن ما يطلبه الإسلام منهم من حيث معاشرتهن وولايتهن وميراثهن وغير ذلك من الأحكام.قال القرطبي: نزلت- هذه الآية- بسبب سؤال قوم من الصحابة عن أمر النساء وأحكامهن في الميراث وغير ذلك. فأمر الله- تعالى- نبيه أن يقول لهم: الله يفتيكم فيهن أى:يبين لكم حكم ما سألتم عنه، وهذه الآية رجوع إلى ما افتتحت به السورة من أمر النساء.وكانت قد بقيت لهم أحكام لم يعرفوها فسألوا فقيل لهم: إن الله يفتيكم فيهن.. .فسؤال الصحابة ليس عن ذوات النساء وإنما عن أحكام تتعلق بهن.أخرج ابن جرير وغيره عن سعيد بن جبير قال: كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا فلما نزلت آية المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا: أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك كما يرث الرجل الذي يعمل في المال؟ فرجوا أن يأتى في ذلك حدث من السماء فانتظروا:فلما رأوا أنه لا يأتى حدث قالوا: لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد. ثم قالوا: سلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه. فأنزل الله وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ.. الآية .وقوله قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وعد من الله- تعالى- بالإجابة عما يسألون عنه. وهو لون من تبشير السائل المتحير بأنه قد وجد ضالته حتى يطمئن قلبه، ويهدأ باله. وذلك مثل قولهم- ولله المثل الأعلى- لمن سأل سؤالا لمن يحسن الإجابة عنه: على الخبير وقعت.أى: قل يا محمد لهؤلاء السائلين عن بعض الأحكام المتعلقة بالنساء: الله- تعالى- يفتيكم في شأنهن، ويبين لكم بأجلى بيان وأحكمه ما تجهلون من أحكامهن. ويقضى بينكم وبينهن بالعدل الذي لا يحوم حوله باطل.وفي تقديم لفظ الجلالة تنويه بشأن هذه الفتيا، وإشعار بوجوب التزام ما تتضمنه من أحكام لأنها صادرة من العليم الخبير.وقوله وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ للنحاة فيه مذاهب شتى، لعل أولاها بالقبول أن تكون ما اسم موصول مبتدأ والخبر محذوف والتقدير يسألونك يا محمد عن بعض أحكام النساء فقل لهم: الله يفتيكم في شأنهن، والذي يتلى عليكم في الكتاب كذلك أى: يفتيكم في شأنهن أيضا. وذلك المتلو في الكتاب الذي بين بعض الأحكام التي تتعلق بالنساء منه قوله- تعالى فيما شافيا ما تسألون عنه بشأنهن. ويفتيكم أيضا في شأنهن ما تلاه الله عليكم في قرآنه قبل نزول هذه الآية وما يتلوه عليكم بعدها.ويفتيكم- أيضا- ما يتلى عليكم في القرآن في شأن اليتامى اللاتي تمنعونهن ما فرض لهن من الميراث وغيره. وترغبون في نكاحهن لما لهن أو لجمالهن بأقل من صداقهن. أو ترغبون عن نكاحهن وتعضلونهن طمعا في أموالهن. وهذا الإفتاء الذي تلاه الله عليكم في قرآنه يمنعكم من أن تفعلوا شيئا من ذلك.ويفتيكم أيضا ما يتلى عليكم في الكتاب في شأن اليتامى- ذكورا كانوا أو إناثا- بأن يأمركم أن تلتزموا العدل معهم في أموالهم وفي سائر أمورهم.ثم ختم- سبحانه- الآية بقوله: وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً أى:وما تفعلوا من خير يتعلق بهؤلاء المذكورين أو بغيرهم فإن الله- تعالى- كان به عليما علما دقيقا محيطا، وسيجازيكم عليه جزاء يشرح نفوسكم ويصلح بالكم.فالآية الكريمة قد اشتملت على ألوان من الترغيب بشأن الإحسان إلى النساء وإلى المستضعفين من الولدان. وإلى اليتامى حتى تعيش الأمة عيشة هانئة، يشعر ضعيفها برعاية قويها له. ويشعر قويها برضا ضعيفها عنه. |