تفسير و معنى الآية 128 من سورة التوبة عدة تفاسير, سورة التوبة : عدد الآيات 129 - الصفحة 207 - الجزء 11.
التفسير الميسر |
---|
لقد جاءكم أيها المؤمنون رسول من قومكم، يشق عليه ما تلقون من المكروه والعنت، حريص على إيمانكم وصلاح شأنكم، وهو بالمؤمنين كثير الرأفة والرحمة. |
تفسير الجلالين |
---|
«لقد جاءكم رسول من أنفسكم» أي منكم: محمد صلى الله عليه وسلم «عزيز» شديد «عليه ما عَنِتُّم» أي عنتكم، أي مشقتكم ولقاءكم المكروه «حريص عليكم» أن تهتدوا «بالمؤمنين رءوف» شديد الرحمة «رحيم» يريد لهم الخير. |
تفسير السعدي |
---|
يمتن [تعالى] على عباده المؤمنين بما بعث فيهم النبي الأمي الذي من أنفسهم، يعرفون حاله، ويتمكنون من الأخذ عنه، ولا يأنفون عن الانقياد له، وهو صلى الله عليه وسلم في غاية النصح لهم، والسعي في مصالحهم.عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ أي: يشق عليه الأمر الذي يشق عليكم ويعنتكم.حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ فيحب لكم الخير، ويسعى جهده في إيصاله إليكم، ويحرص على هدايتكم إلى الإيمان، ويكره لكم الشر، ويسعى جهده في تنفيركم عنه. بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ أي: شديد الرأفة والرحمة بهم، أرحم بهم من والديهم.ولهذا كان حقه مقدمًا على سائر حقوق الخلق، وواجب على الأمة الإيمان به، وتعظيمه، وتعزيره، وتوقيره |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ) تعرفون نسبه وحسبه ، قال السدي : من العرب ، من بني إسماعيل . قال ابن عباس : ليس من العرب قبيل إلا وقد ولدت النبي صلى الله عليه وسلم ، وله فيهم نسب .وقال جعفر بن محمد الصادق : لم يصبه شيء من ولاد الجاهلية من زمان آدم عليه السلام .أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الله بن حامد ، حدثنا حامد بن محمد ، أخبرنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن أبي نعيم ، حدثنا هشيم ، حدثني المدني - يعني : أبا معشر - عن أبي الحويرث ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء ، ما ولدني إلا نكاح كنكاح الإسلام " .وقرأ ابن عباس والزهري وابن محيصن " من أنفسكم " بفتح الفاء ، أي : من أشرفكم وأفضلكم . ( عزيز عليه ) شديد عليه ، ( ما عنتم ) قيل " ما " صلة أي : عنتكم ، وهو دخول المشقة والمضرة عليكم . وقال القتيبي : ما أعنتكم وضركم . وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما ضللتم .وقال الضحاك والكلبي : ما أتممتم .( حريص عليكم ) أي : على إيمانكم وصلاحكم . وقال قتادة : حريص عليكم أي : على ضالكم أن يهديه الله ، ( بالمؤمنين رءوف رحيم ) قيل : رءوف بالمطيعين رحيم بالمذنبين . |
تفسير الوسيط |
---|
وجمهور المفسرين على أن الخطاب في قوله- سبحانه-: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ للعرب: فهو كقوله: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ.أى: لقد جاءكم- يا معشر العرب- رسول كريم «من أنفسكم» أى: جنسكم، ومن نسبكم، فهو عربي مثلكم، فمن الواجب عليكم أن تؤمنوا به وتطيعوه.فالمقصود من هذه الجملة الكريمة ترغيب العرب في الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وفي طاعته وتأييده، فإن شرفهم قد تم بشرفه، وعزهم بعزه، وفخرهم بفخره، وهم في الوقت نفسه قد شهدوا له في صباه بالصدق والأمانة والعفاف وطهارة النسب، والأخلاق الحميدة.قال القرطبي: قوله «من أنفسكم» يقتضى مدحا لنسب النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من صميم العرب وخالصها، وفي صحيح مسلم عن وائلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قرش بنى هاشم، واصطفاني من بنى هاشم» وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنى من نكاح ولست من سفاح» .وقال الزجاج إن الخطاب في الآية الكريمة لجميع البشر، لعموم بعثته صلى الله عليه وسلم، ومعنى كونه صلى الله عليه وسلم «من أنفسكم» أنه من جنس البشر.ويبدو لنا أن الرأى الأول أرجح لأن الآية الكريمة ليست مسوقة لإثبات رسالته صلى الله عليه وسلم وعمومها، وإنما هي مسوقة لبيان منته وفضله- سبحانه- على العرب، حيث أرسل خاتم أنبيائه منهم، فمن الواجب عليهم أن يؤمنوا به، لأنه ليس غريبا عنهم، وإذا لم يؤمنوا به تكون الحجة عليهم ألزم، والعقوبة لهم أعظم.وقوله: عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أى: شديد وشاق عليه عنتكم ومشقتكم، لكونه بعضا منكم فهو يخاف عليكم سوء العاقبة، والوقوع في العذاب.يقال: عزّ عليه الأمر أى صعب وشق عليه، والعنت المشقة والتعب ومنه قولهم: أكمة عنوت، إذا كانت شاقة مهلكة، والفعل عنت بوزن فرح.وقوله: حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ أى: حريص على إيمانكم وهدايتكم وعزتكم وسعادتكم في الدنيا والآخرة.والحرص على الشيء معناه: شدة الرغبة في الحصول عليه وحفظه.وقوله: «بالمؤمنين رءوف رحيم» أى: شديد الرأفة والرحمة بكم- أيها المؤمنون- والرأفة عبارة عن السعى في إزالة الضرر، والرحمة عبارة عن السعى في إيصال النفع، فهو صلى الله عليه وسلم يسعى بشدة في إيصال الخير والنفع للمؤمنين، وفي إزالة كل مكروه عنهم.قال بعضهم: لم يجمع الله- تعالى- لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قال «بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ» وقال عن ذاته- سبحانه- إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ. |