تفسير و معنى الآية 142 من سورة النساء عدة تفاسير, سورة النساء : عدد الآيات 176 - الصفحة 101 - الجزء 5.
التفسير الميسر |
---|
إنَّ طريقة هؤلاء المنافقين مخادعة الله تعالى، بما يظهرونه من الإيمان وما يبطنونه من الكفر، ظنًّا أنه يخفى على الله، والحال أن الله خادعهم ومجازيهم بمثل عملهم، وإذا قام هؤلاء المنافقون لأداء الصلاة، قاموا إليها في فتور، يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة، ولا يذكرون الله تعالى إلا ذكرًا قليلا. |
تفسير الجلالين |
---|
«إن المنافقين يخادعون الله» بإظهارهم خلاف ما أبطنوا من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية «وهو خادعهم» مجازيهم على خداعهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة «وإذا قاموا إلى الصلاة» مع المؤمنين «قاموا كسالى» متثاقلين «يراءون الناس» بصلاتهم «ولا يذكرون الله» يصلون «إلا قليلا» رياء. |
تفسير السعدي |
---|
يخبر تعالى عن المنافقين بما كانوا عليه، من قبيح الصفات وشنائع السمات، وأن طريقتهم مخادعة الله تعالى، أي: بما أظهروه من الإيمان وأبطنوه من الكفران، ظنوا أنه يروج على الله ولا يعلمه ولا يبديه لعباده، والحال أن الله خادعهم، فمجرد وجود هذه الحال منهم ومشيهم عليها، خداع لأنفسهم. وأي: خداع أعظم ممن يسعى سعيًا يعود عليه بالهوان والذل والحرمان؟" ويدل بمجرده على نقص عقل صاحبه، حيث جمع بين المعصية، ورآها حسنة، وظنها من العقل والمكر، فلله ما يصنع الجهل والخذلان بصاحبه" ومن خداعه لهم يوم القيامة ما ذكره الله في قوله: يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ إلى آخر الآيات. " وَ " من صفاتهم أنهم إِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ -إن قاموا- التي هي أكبر الطاعات العملية قَامُوا كُسَالَى متثاقلين لها متبرمين من فعلها، والكسل لا يكون إلا من فقد الرغبة من قلوبهم، فلولا أن قلوبهم فارغة من الرغبة إلى الله وإلى ما عنده، عادمة للإيمان، لم يصدر منهم الكسل، يُرَاءُونَ النَّاسَ أي: هذا الذي انطوت عليه سرائرهم وهذا مصدر أعمالهم، مراءاة الناس، يقصدون رؤية الناس وتعظيمهم واحترامهم ولا يخلصون لله، فلهذا لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا لامتلاء قلوبهم من الرياء، فإن ذكر الله تعالى وملازمته لا يكون إلا من مؤمن ممتلئ قلبه بمحبة الله وعظمته. |
تفسير البغوي |
---|
( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم ) أي يعاملونه معاملة المخادعين وهو خادعهم ، أي : مجازيهم على خداعهم وذلك أنهم يعطون نورا يوم القيامة كما للمؤمنين ، فيمضي المؤمنون بنورهم على الصراط ، ويطفأ نور المنافقين ، ( وإذا قاموا إلى الصلاة ) يعني : المنافقين ( قاموا كسالى ) أي : متثاقلين لا يريدون بها الله فإن رآهم أحد صلوا وإلا انصرفوا فلا يصلون ، ( يراءون الناس ) أي : يفعلون ذلك مراءاة للناس لا اتباعا لأمر الله ، ( ولا يذكرون الله إلا قليلا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما والحسن : إنما قال ذلك لأنهم يفعلونها رياء وسمعة ، ولو أرادوا بذلك القليل وجه الله تعالى لكان كثيرا ، وقال قتادة : إنما قل ذكر المنافقين لأن الله تعالى لم يقبله ، وكل ما قبل الله فهو كثير . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم تمضى السورة الكريمة بعد هذا الوعد المطمئن لقلوب المؤمنين، فى رسم صورة أخرى للمنافقين مبالغة فى الكشف عن قابئحهم وفى التحذير من شرورهم فتقول: إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذٰلِكَ لاَ إِلَىٰ هَٰؤُلاۤءِ وَلاَ إِلَى هَٰؤُلاۤءِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً .وقوله: يُخَادِعُونَ من الخداع وهو أن يظهر الشخص من الأفعال ما يخفى أمره، ويستر حقيقته.قال الراغب: الخداع: إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه...ويقال: طريق خادع وخيدع. أى: مضل كأنه يخدع سالكه. وفى الحديث: " بين يدى الساعة سنون خداعة " أى: محتالة لتلونها بالجدب مرة وبالخصب مرة.وقوله: خَادِعُهُمْ اسم فاعل من خادعته فخدعته إذا غلبته وكنت أخدع منه.والمعنى: إن المنافقين لسوء طواياهم، وخبث نواياهم يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ أى: يفعلون ما يفعل المخادع بأن يظهروا الإِيمان ويبطنوا الكفر وَهُوَ خَادِعُهُمْ أى: وهو فاعل بهم ما يفعله الذى يغلب غيره فى الخداع، حيث تركهم فى الدنيا معصومى الدماء والأموال. وأعد لهم فى الآخرة الدرك الأسفل من النار.ومنهم من جعل المراد بمخادعتهم لله مخادعتهم لرسوله وللمؤمنين فيكون الكلام على حذف مضاف. أى: إن المنافقين يخادعون رسول الله والمؤمنين وهو - سبحانه - خادعهم فهو كقوله - تعالى - إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ وعبر - سبحانه - عن خداعهم بصيغة تدل على المشاركة والمغالبة وهى قوله يُخَادِعُونَ ، للإِشعار بأنهم قد ينجحون فى خداعهم وقد لا ينجحون.وعبر - سبحانه - عن خداعه لهم بصيغة اسم الفاعل، للدلالة على الغلب والقهر. لأن الله - تعالى - كاشف أمرهم، ومزيل مغبة خداعهم، ومحاسبهم حسابا عسيرا على ما ارتكبوه من جنايات وسيئات.وقوله: وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ بيان للون آخر من قبائحهم. و كُسَالَىٰ جمع كسلان وهو الذى يعتريه الفتور فى أفعاله لكراهيته لها أو عدم اكتراثه بها. وهى حال لازمة من ضمير قاموا أى: إن هؤلاء المنافقين إذا قاوموا إلى الصلاة، قاموا متثاقلين متباطئين لا نشاط عندهم لأدائها، ولا رغبة لهم فى القيام بها، لأنهم لا يعتقدون ثوابا فى فعلها، ولا عقابا على تركها.وقوله يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ حال من الضمير المستكن فى كسالى. أو جملة مستأنفة جوابا لمن يسأل: وما قصدهم من القيام للصلاة مع هذا التثاقل والتكاسل عنها؟ فكان الجواب: يراءون الناس. أى: يقصدون بصلاتهم الرياء والسمعة والخداع.قال ابن كثير: وقوله: وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ هذه صفة المنافقين فى أشرف الأعمال وأفضلها وخيرها. وهى الصلاة. إذا قاموا إليها قاموا وهم كسالى عنها، لأنهم لا نية لهم فيها، ولا إيمان لهم بها، ولا خشية، ولا يعقلون معناها. وهذه صفة ظواهرهم.ثم ذكر - سبحانه - صفة بواطنهم الفاسدة فقال: يُرَآءُونَ ٱلنَّاسَ أى: إخلاص لهم ولا معاملة مع الله، بل إنما يشهدون الناس تقية لهم ومصانعة ولهذا يتخلفون كثيرا عن الصلاة التى لا يرون فيها غالبا كصلاة العشاء فى وقت العتمة وصلاة الصبح فى وقت الغلس كما ثبت فى الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " وروى الحافظ ألو ليلى عن عبد الله قال: من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساءها حيث يخلو، فتلك استهانة. استهان بها ربه - عز وجل -.وقوله: وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً معطوف على يُرَآءُونَ أى: أن من صفات المنافقين أنهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا متباطئين متقاعسين يقصدون الرياء والسمعة بصلاتهم، ولا يذكرون الله فى صلاتهم إلا ذكرا قليلا أو وقتا قليلا؛ لأنهم لا يخشعون ولا يدرون ما يقولون، بل هم فى صلاتهم ساهمون لاهون.روى الإِمام مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تلك صلاة المنافق - تلك صلاة المنافق. يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرنى الشيطان، قام فنقر أربعا، لا يذكر الله فيها إلا قليلا ".قال ابن كثير: وكذا رواه مسلم والترمذى والنسائى من حديث إسماعيل بن جعفر المدنى عن العلاء بن عبد الرحمن. وقال الترمذى: حسن صحيح.ومنهم من فسر قوله وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً أى: ولا يصلون إلا قليلا. لأنهم إنما يصلون رياء فإذا خلوا بأنفسهم لم يصلوا. والأول أولى لأنه أعم وأشمل.قال صاحب الكشاف: قوله وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً أى: ولا يصلون إلا قليلا، لأنهم لا يصلون قط غائبين عن عيون الناس إلا ما يجاهرون به. وما يجاهرون به قليل أيضا، لأنهم ما وجدوا مندوحة من تكلف ما ليس فى قلوبهم لم تكلفوه. أو لا يذكرون الله بالتسبيح والتهليل إلا ذكرا قليلا فى الندرة، وهكذا ترى كثيرا من المتظاهرين بالإِسلام لو صحبته الأيام والليالى لم تسمع منه تهليلة ولا تسبيحة ولا تحميدة، ولكن حديث الدنيا يستغرق به أوقاته لا يفتر عنه.فإن قلت ما معنى المراءاة وهى مفاعلة من الرؤية؟ قلت: فيها وجهان:أحدهما: أن المرائى يريهم عمله وهم يرونه استحسانه.والثانى: أن يكون من المفاعلة بمعنى التفعيل. فيقال: راءى الناس. يعنى رآهم كقولك نعمه وناعمه.. روى أبو زيد: رأت المرأة المرآة الرجل: إذا أمسكها لترى وجهه... |