تفسير و معنى الآية 147 من سورة النساء عدة تفاسير, سورة النساء : عدد الآيات 176 - الصفحة 101 - الجزء 5.
التفسير الميسر |
---|
ما يفعل الله بعذابكم إن أصلحتم العمل وآمنتم بالله ورسوله، فإن الله سبحانه غني عمَّن سواه، وإنما يعذب العباد بذنوبهم. وكان الله شاكرًا لعباده على طاعتهم له، عليمًا بكل شيء. |
تفسير الجلالين |
---|
«ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم» نعمه «وآمنتم» به والاستفهام بمعنى النفي أي لا يعذبكم «وكان الله شاكرا» لأعمال المؤمنين بالإثابة «عليما» بخلقه. |
تفسير السعدي |
---|
ثم أخبر تعالى عن كمال غناه وسعة حلمه ورحمته وإحسانه فقال: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ والحال أن الله شاكر عليم. يعطي المتحملين لأجله الأثقال، الدائبين في الأعمال، جزيل الثواب وواسع الإحسان. ومن ترك شيئًا لله أعطاه الله خيرًا منه. ومع هذا يعلم ظاهركم وباطنكم، وأعمالكم وما تصدر عنه من إخلاص وصدق، وضد ذلك. وهو يريد منكم التوبة والإنابة والرجوع إليه، فإذا أنبتم إليه، فأي شيء يفعل بعذابكم؟ فإنه لا يتشفى بعذابكم، ولا ينتفع بعقابكم، بل العاصي لا يضر إلا نفسه، كما أن عمل المطيع لنفسه. والشكر هو خضوع القلب واعترافه بنعمة الله، وثناء اللسان على المشكور، وعمل الجوارح بطاعته وأن لا يستعين بنعمه على معاصيه. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم ) أي : إن شكرتم نعماءه ( وآمنتم ) به ، فيه تقديم وتأخير ، تقديره : إن آمنتم وشكرتم ، لأن الشكر لا ينفع مع عدم الإيمان ، وهذا استفهام بمعنى التقرير ، معناه : إنه لا يعذب المؤمن الشاكر ، فإن تعذيبه عباده لا يزيد في ملكه ، وتركه عقوبتهم على فعلهم لا ينقص من سلطانه ، والشكر : ضد الكفر والكفر ستر النعمة ، والشكر : إظهارها ، ( وكان الله شاكرا عليما ) فالشكر من الله تعالى هو الرضى بالقليل من عباده وإضعاف الثواب عليه ، والشكر من العبد : الطاعة ، ومن الله : الثواب . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين - سبحانه - جانبا من مظاهر رحمته بعباده، وفضله عليهم فقال - تعالى -: مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً .و مَّا استفهامية. المراد بالاستفهام هنا النفى والإِنكار على أبلغ وجه وآكده والجملة الكريمة استئنافية مسوقة لبيان أن مدار تعذيبهم وجودا وعدما إنما هو كفرهم ومعاصيهم لا لشئ آخر.والمعنى: أى منفعة له - سبحانه - فى عذابكم وعقوبتكم إن شكرتم نعمه، وأديتم حقها، وآمنتم به حق الإِيمان؟ لا شك أنه - سبحانه - لا يفعل بكم شيئا من العذاب ما دام الشكر والإِيمان واقعين منكم؛ فقد اقتضت حكمته - سبحانه - أن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، بل إنه - سبحانه - قد يتجاوز عن كثير من ذنوب عباده رحمة منه وفضلا.وقد أشار صاحب الكشاف إلى هذا المعنى بقوله: قوله مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ أيتشفى به من الغيظ؟ أم يدرك به الثأر؟ أم يستجلب به نفعا؟ أم يستدفع به ضرراً؟ كما هو شأن الملوك. وهو الغنى المتعالى الذى لا يجوز عليه شئ من ذلك. وإنما هو أمر اقتضته الحكمة أن يعاقب المسئ. فإن قمتم بشكر نعمته وآمنتم به فقد أبعدتم عن أنفسكم استحقاق العذاب.و مَّا فى محصل نصب ب يَفْعَلُ لأن الاستفهام له الصدارة. والباء فى قوله بِعَذَابِكُمْ سببية متعلقة بيفعل. والاستفهام هنا معناه النفى كما سبق أن أشرنا. وعبر عن النفى بالاستفهام للإِشارة إلى أنه - سبحانه - ربت الجزاء على العمل؛ وأنه يجب على كل عاقل أن يدرك أن عدالة الله قد اقتضت أنه - سبحانه - لا يضيع أجر من أحسن عملا، وأن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، ويعفو عن كثير من السيئات بفضله ومنته.وقوله: إِن شَكَرْتُمْ جوابه محذوف دل عليه ما تقدم. أى: إن شكرتم وآمنتم فما الذى يفعله بعذابكم؟وقدم الشكر على الإِيمان، لأن الشكر سبب فى الإِيمان، إذ الإِنسان عندما يرى نعم الله، ويتفكر فيها ويقدرها حق قدرها، يسوقه ذلك إلى الإِيمان الحق، فالشكر يؤدى إلى الإِيمان والإِيمان متى رسخ واستقر فى القلب ارتفع بصاحبه إلى أسمى ألوان الشكر وأعظمها. فعطف الإِيمان على الشكر من باب عطف المسبب على السبب.وقوله: وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً تذييل قصد به تأكيد ما سبق من الله - سبحانه - لا يعذب عباده الشاكرين المؤمنين.أى: وكان الله شاكراً لعباده على طاعتهم.أي مثيبهم ومجازيهم الجزاء الحسن على طاعتهم، عليما بجميع أقوالهم وأفعالهم، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه. فالمراد بالشكر منه - سبحانه - مجازاة عباده بالثواب الجزيل على طاعتهم له ووقوفهم عند أمره ونهيه.وسمى - سبحانه - ثواب الطائعين شكراً منه، للتنويه بشأن الطاعة، وللتشريف للمطيع، ولتعليم عباده يشكروا للمحسنين إحسانهم. فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله، ورحم الله الإِمام ابن القيم حيث يقول:وهو الشكور. فلن يضيع سعيهم لكن يضاعفه بلا حسبانما للعباد عليه حق واجب هو أوجب الأجر العظيم الشأنكلا ولا عمل لديه بضائع إن كان بالإِخلاص والإِحسانإن عذبوا فبعدله، أو نعموا فبفضله، والحمد للرحمنوإلى هنا نرى أن الآيات الكريمة التى بدأت بقوله - تعالى - بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ قد كشفت عن حقيقة النفاق والمنافقين فى المجتمع الإِسلامي، وأماطت اللثام عن طباعهم المعوجة، وأخلاقهم القبيحة، ومسالكهم الخبيثة، وهممهم الساقطة، ومصيرهم الأليم. وذلك لكى يحذرهم المؤمنون، ويتنبهوا إلى مكرهم وسوء صنيعهم. ثم نرى الآيات الكريمة خلال ذلك تفتح باب التوبة للتائبين من المنافقين وغيرهم وتعدهم إن تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله بالأجر العظيم. وأخيرا تجئ تلك اللفتة العجيبة المؤثرة العميقة. أخيرا بعد ذكر العقاب المفزع الذى توعد الله به المنافقين، وبعد ذكر الأجر العظيم الذى وعد الله به المؤمنين. أخيرا بعد كل ذلك تجئ الآية الكريمة التى تنفى بأبلغ أسلوب أن يكون هناك عذاب من الله لعباده الشاكرين المؤمنين، لأنه - سبحانه - وهو الغنى الحميد، قد اقتضت حكمته وعدالته أن لا يعذب إلا من يستحق العذاب، وأنه - سبحانه - سيجازى الشاكرين المؤمنين بأكثر مما يستحقون من خير عميم، ونعيم مقيم، وما أحكم قوله - تعالى -: مَّا يَفْعَلُ ٱللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ شَاكِراً عَلِيماً إنها الآية كريمة تخص الناس على أن يقبلوا على ربهم بقلب سليم فيعبدوه حق العبادة، ويطيعوه حق الطاعة لينالوا ثوابه وجزاءه الحسن؛ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَاً بَعِيداً ثم بين - سبحانه - بعد ذلك أنه يبغض الجهر بالسوء من القول إلا فى أحوال تقتضى ذلك، وتوعد الكافرين به ويرسله بالعذاب المهين، وبشر المؤمنين حق الإِيمان بالأجر العظيم فقال - تعالى: لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ...غَفُوراً رَّحِيماً . |