تفسير و معنى الآية 152 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 23 - الجزء 2.
التفسير الميسر |
---|
أمر تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ ذكره، وخصوني -أيها المؤمنون- بالشكر قولا وعملا ولا تجحدوا نعمي عليكم. |
تفسير الجلالين |
---|
«فاذكروني» بالصلاة والتسبيح ونحوه «أذكركم» قيل معناه أجازيكم وفي الحديث عن الله (من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه) «واشكروا لي» نعمتي بالطاعة «ولا تكفرون» بالمعصية. |
تفسير السعدي |
---|
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ فأمر تعالى بذكره, ووعد عليه أفضل جزاء, وهو ذكره لمن ذكره, كما قال تعالى على لسان رسوله: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي, ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم وذكر الله تعالى, أفضله, ما تواطأ عليه القلب واللسان, وهو الذكر الذي يثمر معرفة الله ومحبته, وكثرة ثوابه، والذكر هو رأس الشكر, فلهذا أمر به خصوصا, ثم من بعده أمر بالشكر عموما فقال: وَاشْكُرُوا لِي أي: على ما أنعمت عليكم بهذه النعم، ودفعت عنكم صنوف النقم، والشكر يكون بالقلب, إقرارا بالنعم, واعترافا, وباللسان, ذكرا وثناء, وبالجوارح, طاعة لله وانقيادا لأمره, واجتنابا لنهيه, فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة, وزيادة في النعم المفقودة، قال تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وفي الإتيان بالأمر بالشكر بعد النعم الدينية, من العلم وتزكية الأخلاق والتوفيق للأعمال, بيان أنها أكبر النعم, بل هي النعم الحقيقية؟ التي تدوم, إذا زال غيرها وأنه ينبغي لمن وفقوا لعلم أو عمل, أن يشكروا الله على ذلك, ليزيدهم من فضله, وليندفع عنهم الإعجاب, فيشتغلوا بالشكر. ولما كان الشكر ضده الكفر, نهى عن ضده فقال: وَلَا تَكْفُرُونِ المراد بالكفر هاهنا ما يقابل الشكر, فهو كفر النعم وجحدها, وعدم القيام بها، ويحتمل أن يكون المعنى عاما, فيكون الكفر أنواعا كثيرة, أعظمه الكفر بالله, ثم أنواع المعاصي, على اختلاف أنواعها وأجناسها, من الشرك, فما دونه. |
تفسير البغوي |
---|
فاذكروني أذكركم قال ابن عباس: "اذكروني بطاعتي، أذكركم بمغفرتي"، وقال سعيد بن جبير: "اذكروني في النعمة والرخاء، أذكركم في الشدة والبلاء"، بيانه فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلى يوم يبعثون [144-الصافات].أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا عمر بن حفص أخبرنا الأعمش قال: سمعت أبا صالح عن أبي هريرة قال قال: النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة".أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي وثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سراج الطحان أخبرنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان أخبرنا أبو عبد الملك الدمشقي أخبرنا سليمان بن عبد الرحمن أخبرنا منذر بن زياد عن صخر بن جويرية عن الحسن عن أنس قال: إني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد أناملي هذه العشر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ خير منهم، وإن دنوت مني شبراً دنوت منك ذراعاً، وإن دنوت مني ذراعاً دنوت منك باعاً، وإن مشيت إلي هرولت إليك، وإن هرولت إلي سعيت إليك، وإن سألتني أعطيتك، وإن لم تسألني غضبت عليك".أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أبو منصور السمعاني أخبرنا أبو جعفر الرياني أخبرنا حميد بن زنجويه أخبرنا يحيى بن عبد الله أخبرنا الأوزاعي أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله عن أبي الدرداء عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله عز وجل: "أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه".أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح أنا أبو القاسم البغوي أخبرنا علي بن الجعد أخبرنا إسماعيل بن عياش أخبرنا عمرو بن قيس السكوني عن عبد الله بن بسر قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول أي الأعمال أفضل؟ قال: "أن تفارق الدنيا ولسانك رطب من ذكر الله تعالى".قوله تعالى: واشكروا لي ولا تكفرون يعني واشكروا لي بالطاعة ولا تكفروني بالمعصية فإن من أطاع الله فقد شكره ومن عصاه فقد كفره. |
تفسير الوسيط |
---|
ثم أمر الله عباده بأن يكثروا من ذكره وشكره على ما أسبغ عليهم من نعم فقال:فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ...ذكر الشيء: التلفظ باسمه، ويطلق بمعنى استحضاره في الذهن، وهو ضد النسيان وذكر العباد لخالقهم قد يكون باللسان وقد يكون بالقلب وقد يكون بالجوارح. فذكرهم إياه بألسنتهم معناه: أن يحمدوه ويسبحوه ويمجدوه، ويقرءوا كتابه، مع استحضارهم لعظمته وجلاله.وذكرهم إياه بقلوبهم معناه أن يتفكروا في الدلائل الدالة على ذاته وصفاته وفي تكاليفه وأحكامه، وأوامره ونواهيه، وأسرار مخلوقاته، لأن هذا التفكر يقوى إيمانهم، ويصفى نفوسهم.وذكرهم إياه بجوارحهم معناه: أن تكون جوارحهم وحواسهم مستغرقة في الأعمال التي أمروا بها، منصرفة عن الأفعال التي نهوا عنها، ولكون الصلاة مشتملة على هذه الثلاثة سماها الله- تعالى- ذكرا في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ....وقوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ أمر وجوابه، وفيه معنى المجازاة فلذلك جزم.والمعنى: اذكروني بالطاعة والاستجابة لما أمرتكم به والبعد عما نهيتكم عنه أذكركم بالرعاية، والنصرة، وصلاح الأحوال في الدنيا، وبالرحمة وجزيل الثواب في الآخرة. فالذكر في قوله «أذكركم» مستعمل فيما يترتب على الذكر من المجازاة بما هو أوفى وأبقى، كما أن قوله «فاذكروني» المراد به: اذكروا عظمتي وجلالي ونعمى عليكم، لأن هذا التذكر هو الذي يبعث على استفراغ الوسع في الأقوال والأعمال التي ترضى الله.قال صاحب المنار: وقال الأستاذ الإمام: هذه الكلمة- وهي قوله- تعالى- فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ- من الله- تعالى- كبيرة جدا، كأنه يقول: إننى أعاملكم بما تعاملوننى به وهو الرب ونحن العبيد، وهو الغنى عنا ونحن الفقراء إليه. وهذه أفضل تربية من الله لعباده: إذا ذكروه ذكرهم بإدامة النعمة والفضل، وإذا نسوه نسيهم وعاقبهم بمقتضى العدل » .هذا، وقد وردت أحاديث متعددة في فضل الذكر والذاكرين، ومن ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول الله- تعالى-: أنا عند ظن عبدى بي وأنا معه حين يذكرني. فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وإن ذكرنى في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم. وإن تقرب إلى شبرا تقربت إليه ذراعا. وإن تقرب إلى ذراعا تقربت إلى باعا. وإن أتانى يمشى أتيته هرولة» .وروى مسلّم عن أبى سعيد الخدري وأبى هريرة: أنهما شهدا على النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:لا يقعد قوم يذكرون الله- تعالى- إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده» .قال الإمام النووي: واعلم أن فضيلة الذكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحو ذلك، بل كل عامل لله- تعالى- بطاعة فهو ذاكر لله- تعالى-.وقوله- تعالى-: وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ معطوف على ما قبله.والشكر في اللغة- كما يقول القرطبي- الظهور، ومنه قولهم: دابة شكور إذا ظهر عليها من السمن فوق ما تعطى من العلف.وحقيقته: عرفان الإحسان وإظهاره بالثناء على المحسن، يقال شكره وشكر له كما يقال نصحه ونصح له.وأصل الكفر في كلام العرب الستر والتغطية والجحود، ويستعمل بمعنى عدم الإيمان فيتعدى بالباء فيقال: كفر بالله، ويستعمل بمعنى عدم الشكر- وهو المراد هنا- فيتعدى بنفسه، فيقال: كفر النعمة أى جحدها وكفر المنعم أى جحد نعمته ولم يقابلها بالشكر.والمعنى: اشكروا لي ما أنعمت به عليكم من ضروب النعم، بأن تستعملوا النعم فيما خلقت له، وبأن تطيعوني في السر والعلن، وحذار من أن تجحدوا إحسانى إليكم، ونعمى عليكم فاسلبكم إياها.قال- تعالى-: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ .وقدم- سبحانه- الأمر بالذكر على الأمر بالشكر، لأن في الذكر اشتغالا بذاته- تعالى-، وفي الشكر اشتغالا بنعمته، والاشتغال بذاته أولى بالتقديم من الاشتغال بنعمته. وقوله وَلا تَكْفُرُونِ تأكيد لقوله وَاشْكُرُوا لِي.وهذا تحذير لهذه الأمة حتى لا تقع فيما وقع فيه بعض الأمم السابقة التي فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ.وبعد أن أمر- سبحانه- عباده بذكره وشكره، وجه نداء إليهم بين لهم فيه ما يعينهم على ذلك، كما بين لهم منزلة الشهداء، وعاقبة الصابرين على البلاء فقال- تعالى-: |