تفسير و معنى الآية 159 من سورة الأنعام عدة تفاسير, سورة الأنعام : عدد الآيات 165 - الصفحة 150 - الجزء 8.
التفسير الميسر |
---|
إن الذين فرقوا دينهم بعد ما كانوا مجتمعين على توحيد الله والعمل بشرعه، فأصبحوا فرقا وأحزابا، إنك -أيها الرسول- بريء منهم، إنما حكمهم إلى الله تعالى، ثم يخبرهم بأعمالهم، فيجازي من تاب منهم وأحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء بإساءته. |
تفسير الجلالين |
---|
«إن الذين فرَّقوا دينهم» باختلافهم فيه فأخذوا بعضه وتركوا بعضه «وكانوا شيعا» فرقا في ذلك، وفي قراءة فارقوا أي تركوا دينهم الذي أمروا به وهم اليهود والنصارى «لست منهم في شيء» أي فلا تتعرض لهم «إنما أمرهم إلى الله» يتولاه «ثم ينبِّئهم» في الآخرة «بما كانوا يفعلون» فيجازيهم به وهذا منسوخ بآيه السيف. |
تفسير السعدي |
---|
يتوعد تعالى الذين فرقوا دينهم، أي: شتتوه وتفرقوا فيه، وكلٌّ أخذ لنفسه نصيبا من الأسماء التي لا تفيد الإنسان في دينه شيئا، كاليهودية والنصرانية والمجوسية. أو لا يكمل بها إيمانه، بأن يأخذ من الشريعة شيئا ويجعله دينه، ويدع مثله، أو ما هو أولى منه، كما هو حال أهل الفرقة من أهل البدع والضلال والمفرقين للأُمة. ودلت الآية الكريمة أن الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف، وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل الدين، وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية. وأمره أن يتبرأ ممن فرقوا دينهم فقال: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ أي لست منهم وليسوا منك، لأنهم خالفوك وعاندوك. إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ يردون إليه فيجازيهم بأعمالهم ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ |
تفسير البغوي |
---|
قوله - عز وجل - : ( إن الذين فرقوا دينهم ) قرأ حمزة والكسائي : " فارقوا " ، بالألف هاهنا وفي سورة الروم ، أي : خرجوا من دينهم وتركوه وقرأ الآخرون : " فرقوا " مشددا ، أي : جعلوا دين الله وهو واحد - دين إبراهيم عليه السلام الحنيفية - أديانا مختلفة ، فتهود قوم وتنصر قوم ، يدل عليه قوله - عز وجل - : ( وكانوا شيعا ) أي : صاروا فرقا مختلفة وهم اليهود والنصارى في قول مجاهد وقتادة والسدي .وقيل : هم أصحاب البدع والشبهات من هذه الأمة . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة : " يا عائشة إن الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع والشبهات من هذه الأمة " .حدثنا أبو الفضل زياد بن محمد بن زياد الحنفي أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري أنا أبو عبد الله محمد بن عقيل بن الأزهري بن عقيل الفقيه البلخي أنا الرمادي أحمد بن منصور أنا الضحاك بن مخلد أنا ثور بن يزيد أنا خالد بن معدان عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي عن العرباض بن سارية قال : " صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، وقال قائل : يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا : فقال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا ، فإن من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة " .وروي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن بني إسرائيل تفرقت على اثنين وسبعين فرقة ، وتفرقت أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا واحدة " ، قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " .قال عبد الله بن مسعود : " فإن أحسن الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها " . ورواه جابر مرفوعا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .قوله - عز وجل - : ( لست منهم في شيء ) قيل : لست من قتالهم في شيء ، نسختها آية القتال وهذا على قول من يقول : المراد في الآية اليهود والنصارى ، ومن قال : أراد بالآية أهل الأهواء قال : المراد من قوله : " لست منهم في شيء " أي أنت منهم بريء وهم منك برآء ، تقول العرب : إن فعلت كذا فلست مني ولست منك أي : كل واحد منا بريء من صاحبه ، ( إنما أمرهم إلى الله ) يعني : في الجزاء والمكافآت ، ( ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ) إذا وردوا للقيامة . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- أحوال الفرق الضالة بوجه عام فقال: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ.أى: إن الذين فرقوا دينهم بأن اختلفوا فيه مع وحدته في نفسه فجعلوه أهواء متفرقة، ومذاهب متباينة: وَكانُوا شِيَعاً أى فرقا ونحلا تتبع كل فرقة إماما لها على حسب أهوائها ومتعها ومنافعها بدون نظر إلى الحق.وقوله: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ تهديد لهم. أى: قل يا محمد لهؤلاء الكافرين: انتظروا ما تنتظرونه من إتيان أحد الأمور الثلاثة لتروا أى شيء تنتظرون، فإنا منتظرون معكم لنشاهد ما يحل بكم من سوء العاقبة.ثم بين- سبحانه- أحوال الفرق الضالة بوجه عام فقال: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ.أى: إن الذين فرقوا دينهم بأن اختلفوا فيه مع وحدته في نفسه فجعلوه أهواء متفرقة، ومذاهب متباينة: وَكانُوا شِيَعاً أى فرقا ونحلا تتبع كل فرقة إماما لها على حسب أهوائها ومتعها ومنافعها بدون نظر إلى الحق.وقوله: لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ أى: أنت برىء منهم محمى الجناب عن مذاهبهم الباطلة، وفرقهم الضالة. أو لست من هدايتهم إلى التوحيد في شيء إذ هم قد انطمست قلوبهم فأصبحوا لا يستجيبون لمن يدعوهم إلى الهدى.وقوله: إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ تعليل للنفي المذكور قبله أى: هو يتولى وحده أمرهم جميعا، ويدبره حسب ما تقتضيه حكمته، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون» .وقوله: ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ أى: ثم يخبرهم يوم القيامة بما كانوا يفعلونه في الدنيا من آثام وسيئات، ويعاقبهم على ذلك بما يستحقونه من عقوبات.والآية الكريمة عامة في كل من فارق تعاليم الإسلام سواء أكان مشركا أم كتابيا، ويندرج فيها أصحاب الفرق الباطلة والمذاهب الفاسدة في كل زمان ومكان، كالقاديانية، والباطنية، والبهائية، وغير ذلك من أصحاب الأهواء والبدع والضلالات.قال ابن كثير: «والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له، فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق.فمن اختلف فيه وَكانُوا شِيَعاً أى: فرقا كأهل الأهواء والملل والنحل والضلالات، فإن الله قد برأ رسوله منهم. وهذه الآية كقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ. الآية.وفي الحديث: «نحن معاشر الأنبياء أولاد علات. ديننا واحد» فهذا هو الصراط المستقيم، وهو ما جاءت به الرسل من عبادة الله وحده والتمسك بشريعة الرسول المتأخر، وما خالف ذلك فضلالات وجهالات وآراء وأهواء، والرسل برآء منها كما قال- تعالى- لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ . |