تفسير و معنى الآية 16 من سورة النمل عدة تفاسير, سورة النمل : عدد الآيات 93 - الصفحة 378 - الجزء 19.
التفسير الميسر |
---|
وورث سليمان أباه داود في النبوة والعلم والملك، وقال سليمان لقومه: يا أيها الناس عُلِّمنا وفُهِّمنا كلام الطير، وأُعطينا مِن كل شيء تدعو إليه الحاجة، إن هذا الذي أعطانا الله تعالى إياه لهو الفضل الواضح الذي يُمَيِّزنا على مَن سوانا. |
تفسير الجلالين |
---|
«وورث سليمان داود» النبوة والعلم دون باقي أولاده «وقال يا أيها الناس عُلمنا منطق الطير» أي: فهمَ أصواته «وأُوتينا من كل شيء» تؤتاه الأنبياء والملوك «إن هذا» المؤتى «لهو الفضل المبين» البيَّن الظاهر. |
تفسير السعدي |
---|
أي: ورث علمه ونبوته فانضم علم أبيه إلى علمه، فلعله تعلم من أبيه ما عنده من العلم مع ما كان عليه من العلم وقت أبيه كما تقدم من قوله ففهمناها سليمان، وقال شكرا لله وتبجحا بإحسانه وتحدثا بنعمته: يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ فكان عليه الصلاة [والسلام] يفقه ما تقول وتتكلم به كما راجع الهدهد وراجعه، وكما فهم قول النملة للنمل كما يأتي وهذا لم يكن لأحد غير سليمان عليه الصلاة والسلام.وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أي: أعطانا الله من النعم ومن أسباب الملك ومن السلطنة والقهر ما لم يؤته أحدا من الآدميين، ولهذا دعا ربه فقال: وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فسخر الله له الشياطين يعملون له كل ما شاء من الأعمال التي يعجز عنها غيرهم، وسخر له الريح غدوها شهر ورواحها شهر.إِنَّ هَذَا الذي أعطانا الله وفضلنا واختصنا به لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ الواضح الجلي فاعترف أكمل اعتراف بنعمة الله تعالى. |
تفسير البغوي |
---|
( وورث سليمان داود ) نبوته وعلمه وملكه دون سائر أولاده وكان لداود تسعة عشر ابنا ، وأعطي سليمان ما أعطي داود من الملك ، وزيد له تسخير الريح وتسخير الشياطين . قال مقاتل : كان سليمان أعظم ملكا من داود وأقضى منه ، وكان داود أشد تعبدا من سليمان ، وكان سليمان شاكرا لنعم الله تعالى .( وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير ) سمى صوت الطير منطقا لحصول الفهم منه ، كما يفهم من كلام الناس . روي عن كعب قال صاح ورشان عند سليمان عليه السلام ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : إنه يقول لدوا للموت وابنوا للخراب ، وصاحت فاختة ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : إنها تقول : ليت ذا الخلق لم يخلقوا ، وصاح طاوس ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : كما تدين تدان ، وصاح هدهد ، فقال : أتدرون ما يقول هذا ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : من لا يرحم لا يرحم ، وصاح صرد ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : استغفروا الله يا مذنبين ، قال : وصاحت طوطى ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : فإنها تقول : كل حي ميت وكل حديد بال ، وصاح خطاف ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : قدموا خيرا تجدوه ، وهدرت حمامة ، فقال : أتدرون ما تقول ؟ قالوا : لا قال : فإنها تقول : سبحان ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه ، وصاح قمري ، فقال : أتدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : سبحان ربي الأعلى ، قال : والغراب يدعو على العشار ، والحدأة تقول : كل شيء هالك إلا الله ، والقطاة تقول : من سكت سلم ، والببغاء تقول : ويل لمن الدنيا همه ، والضفدع يقول : سبحان ربي القدوس ، والبازي يقول : سبحان ربي وبحمده ، والضفدعة تقول : سبحان المذكور بكل لسان . وعن مكحول قال : صاح دراج عند سليمان ، فقال : هل تدرون ما يقول ؟ قالوا : لا قال : فإنه يقول : الرحمن على العرش استوى .وعن فرقد السبخي قال مر سليمان على بلبل فوق شجر يحرك رأسه ويميل ذنبه ، فقال لأصحابه : أتدرون ما يقول هذا البلبل ؟ فقالوا الله ونبيه أعلم ، قال يقول : أكلت نصف تمرة فعلى الدنيا العفاء . وروي أن جماعة من اليهود قالوا لابن عباس : إنا سائلوك عن سبعة أشياء فإن أخبرتنا آمنا وصدقنا ، قال : سلوا تفقها ولا تسألوا تعنتا ، قالوا : أخبرنا ما يقول القنبر في صفيره ، والديك في صقيعه ، والضفدع في نقيقه ، والحمار في نهيقه ، والفرس في صهيله ، وماذا يقول الزرزور والدراج ؟ قال : نعم ، أما القنبر فيقول : اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد ، وأما الديك فيقول : اذكروا الله يا غافلين ، وأما الضفدع فيقول : سبحان المعبود في لجج البحار ، وأما الحمار فيقول : اللهم العن العشار ، وأما الفرس فيقول : إذا التقى الصفان سبوح قدوس رب الملائكة والروح ، وأما الزرزور فيقول : اللهم إني أسألك قوت يوم بيوم يا رازق ، وأما الدراج فيقول : الرحمن على العرش استوى ، قال : فأسلم اليهود وحسن إسلامهم .وروي عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي قال : إذا صاح النسر قال : يا ابن آدم ، عش ما شئت آخره الموت ، وإذا صاح العقاب قال : في البعد من الناس أنس ، وإذا صاح القنبر قال : إلهي العن مبغضي آل محمد ، وإذا صاح الخطاف ، قرأ : الحمد لله رب العالمين ، ويمد الضالين كما يمد القارئ . قوله تعالى : ( وأوتينا من كل شيء ) يؤتى الأنبياء والملوك ، قال ابن عباس : من أمر الدنيا والآخرة . وقال مقاتل : يعني النبوة والملك وتسخير الجن والشياطين والرياح ( إن هذا لهو الفضل المبين ) الزيادة الظاهرة على ما أعطى غيرنا . وروى أن سليمان عليه السلام أعطي مشارق الأرض ومغاربها ، فملك سبعمائة سنة وستة أشهر ، ملك جميع أهل الدنيا من الجن والإنس والدواب والطير والسباع وأعطي على ذلك منطق كل شيء ، وفي زمانه صنعت الصنائع العجيبة . |
تفسير الوسيط |
---|
والمراد بالوراثة في قوله- تعالى-: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ... وراثة العلم والنبوة والملك. أى: وورث سليمان داود في نبوته وعلمه وملكه.قال ابن كثير: «وقوله: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ. أى: في الملك والنبوة وليس المراد وراثة المال، إذ لو كان كذلك، لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود.. ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، أخبر بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم:«نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة» .ثم حكى- سبحانه- ما قاله سليمان على سبيل التحدث بنعم الله عليه، فقال- تعالى-: وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ...أى: وقال سليمان- عليه السلام- على سبيل الشكر لله- تعالى-: يا أيها الناس:علمنا الله- تعالى- بفضله وإحسانه فهم ما يريده كل طائر إذا صوت أو صاح، وأعطانا- سبحانه- من كل شيء نحتاجه وننتفع به في ديننا أو دنيانا.وقدم نعمة تعليمه منطق الطير، لأنها نعمة خاصة لا يشاركه فيها غيره، وتعتبر من معجزاته- عليه السلام-.وقيل: إنه علم منطق جميع الحيوانات. وإنما ذكر الطير لأنه أظهر في النعمة، ولأن الطير كان جندا من جنده، يسير معه لتظليله من الشمس.قال الآلوسى: «والجملتان- علمنا منطق الطير، وأوتينا من كل شيء- كالشرح للميراث.وعن مقاتل: أنه أريد بما أوتيه النبوة والملك وتسخير الجن والإنس والشياطين والريح.وعن ابن عباس: هو ما يريده من أمر الدنيا والآخرة» .وعبر عن نعم الله- تعالى- عليه بنون العظمة فقال أُوتِينا ولم يقل أوتيت،للإشعار بأنه عبد من عباد الله المطاعين، الذين سخر لهم جنودا من الجن والإنس والطير، ليكونوا في خدمته، وليستعملهم في وجوه الخير لا في وجوه الشر، فهو لم يقل ذلك على سبيل التباهي والتعالي، وإنما قاله على سبيل التحدث بنعمة الله.واسم الإشارة في قوله- تعالى-: إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ يعود إلى ما أعطاه الله- تعالى- إياه من العلم والملك وغيرهما.أى: إن هذا الذي أعطانا إياه من العلم والملك، وكل شيء تدعو إليه الحاجة، لهو الفضل الواضح، والإحسان الظاهر منه- عز وجل- |