تفسير و معنى الآية 165 من سورة الأعراف عدة تفاسير, سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - الصفحة 172 - الجزء 9.
التفسير الميسر |
---|
فلما تركت الطائفة التي اعتدت في يوم السبت ما ذُكِّرت به، واستمرت على غيِّها واعتدائها فيه، ولم تستجب لما وَعَظَتْها به الطائفة الواعظة، أنجى الله الذين ينهون عن معصيته، وأخذ الذين اعتدَوْا في يوم السبت بعذاب أليم شديد؛ بسبب مخالفتهم أمر الله وخروجهم عن طاعته. |
تفسير الجلالين |
---|
«فما نسوا» تركوا «ما ذكِّروا» وعظوا «به» فلم يرجعوا «أنجينا الذين ينهوْن عن السوء وأخذنا الذين ظلموا» بالاعتداء «بعذابٍ بَئيس» شديد «بما كانوا يفسقون». |
تفسير السعدي |
---|
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أي: تركوا ما ذكروا به، واستمروا على غيهم واعتدائهم. أَنْجَيْنَا من العذاب الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وهكذا سنة اللّه في عباده، أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر. وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا وهم الذين اعتدوا في السبت بِعَذَابٍ بَئِيسٍ أي: شديد بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وأما الفرقة الأخرى التي قالت للناهين: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ فاختلف المفسرون في نجاتهم وهلاكهم، والظاهر أنهم كانوا من الناجين، لأن اللّه خص الهلاك بالظالمين، وهو لم يذكر أنهم ظالمون. فدل على أن العقوبة خاصة بالمعتدين في السبت، ولأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الآخرين، فاكتفوا بإنكار أولئك، ولأنهم أنكروا عليهم بقولهم: لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فأبدوا من غضبهم عليهم، ما يقتضي أنهم كارهون أشد الكراهة لفعلهم، وأن اللّه سيعاقبهم أشد العقوبة. |
تفسير البغوي |
---|
( فلما نسوا ما ذكروا به ) أي : تركوا ما وعظوا به ، ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا ) يعني الفرقة العاصية ، ( بعذاب بئيس ) أي : شديد وجيع ، من البأس وهو الشدة .واختلف القراء فيه قرأ أهل المدينة وابن عامر " بئيس " بكسر الباء على وزن فعل ، إلا أن ابن عامر يهمزه ، وأبو جعفر ونافع لا يهمزان ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر بفتح الباء وسكون الياء وفتح الهمزة على وزن فيعل مثل صيقل ، وقرأ الآخرون على وزن فعيل مثل بعير وصغير .( بما كانوا يفسقون ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : أسمع الله يقول : " أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس " ، فلا أدري ما فعل بالفرقة الساكتة؟ قال عكرمة : قلت له : جعلني الله فداك ألا تراهم قد أنكروا وكرهوا ما هم عليه ، وقالوا : لم تعظون قوما الله مهلكهم وإن لم يقل الله أنجيتهم لم يقل : أهلكتهم ، فأعجبه قولي ، فرضي وأمر لي ببردين فكسانيهما .وقال يمان بن رباب : نجت الطائفتان الذين قالوا لم تعظون قوما والذين قالوا معذرة إلى ربكم ، وأهلك الله الذين أخذوا الحيتان . وهذا قول الحسن .وقال ابن زيد : نجت الناهية ، وهلكت الفرقتان ، وهذه أشد آية في ترك النهي عن المنكر . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- عاقبة كل من الفرقة الناهية والعاصية فقال تعالى فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ أى: فلما لج الظالمون في طغيانهم، وعموا وصموا عن النصيحة أنجينا الناصحين، وأخذنا العادين بعذاب شديد لا رحمة فيه بسبب خروجهم على أوامر الله.والآية الكريمة صريحة في بيان أن الذين أخذوا بالعذاب البئيس هم الظالمون المعتدون وأن الذين نجوا هم الناهون عن السوء، أما الفرقة الثالثة التي لامت الناهين عن السوء على وعظهم للمعتدين، فقد سكتت عنها.ويرى بعض المفسرين: أنها لم تنج، لأنها لم تنه عن المنكر. فضلا عن أنها لامت الناصحين لغيرهم.ويرى جمهور المفسرين: أنها نجت، لأنها كانت كارهة لما فعله العادون في السبت ولم ترتكب شيئا مما ارتكبوه، وإذا كانت قد سكتت عن النصيحة، فلأنها كانت يائسة من صلاح المعتدين، ومقتنعة بأن القوم قد أصبحوا محل سخط الله وعذابه، فلا جدوى وراء وعظهم، وإلى هذا الرأى ذهب صاحب الكشاف وغيره.قال صاحب الكشاف: (فإن قلت: الأمة الذين قالوا لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا- من أى الفريقين هم؟ أمن فريق الناجين أم من فريق المعذبين. قلت من فريق الناجين، لأنهم من فريق الناهين، غرضا صحيحا لعلمهم بحال القوم. وإذا علم الناهي حال المنهي، وأن النهى لا يؤثر فيه، سقط عنه النهى، وربما وجب الترك لدخوله في باب العبث، ألا ترى أنك لو ذهبت إلى المكاسين القاعدين على المآصر والجلادين المرتبين للتعذيب، لتعظهم وتكفهم عما هم فيه، كان ذلك عبثا منك، ولم يكن إلا سببا للتلهى بك، أما الآخرون فإنهم لم يعرضوا عنهم، إما لأن يأسهم لم يستحكم كما استحكم يأس الأولين، ولم يخبروهم كما خبروهم. أو لفرط حرصهم وجدهم في أمرهم، كما وصف الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام في قوله فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً .وقال الإمام ابن كثير: (ويروى عن ابن عباس- رضى الله عنهما- أنه قال عند ما سئل عن مصير الفرقة اللائمة، ما أدرى ما فعل بهم، ثم صار إلى نجاتهم لما قال له غلامه عكرمة:ألا ترى أنهم قد كرهوا ما هم عليه وخالفوهم فقال لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قال عكرمة: فلم أزل به حتى عرفته أنهم نجوا فكساني حلة) .والذي نرجحه أن مصير هذه الفرقة مفوض إلى الله، لأنه لم يرد نص صحيح في شأنها، فإن الآية الكريمة قد ذكرت صراحة عاقبة كل من الناصحين والعادين ولم تذكر مصير الفرقة اللائمة للناصحين ولعل ذلك مرجعه إلى أنها وقفت من العادين في السبت موقفا سلبيا استحقت معه الإهمال، إن لم تكن بسببه أهلا للمؤاخذة. |