تفسير و معنى الآية 17 من سورة إبراهيم عدة تفاسير, سورة إبراهيم : عدد الآيات 52 - الصفحة 257 - الجزء 13.
التفسير الميسر |
---|
يحاول المتكبر ابتلاع القيح والدم وغير ذلك مما يسيل من أهل النار مرة بعد مرة، فلا يستطيع أن يبتلعه؛ لقذارته وحرارته، ومرارته، ويأتيه العذاب الشديد من كل نوع ومن كل عضو من جسده، وما هو بميت فيستريح، وله من بعد هذا العذاب عذاب آخر مؤلم. |
تفسير الجلالين |
---|
«يتجرعه» يبتلعه مرة بعد مرة لمرارته «ولا يكاد يسيغه» يزدرده لقبحه وكراهته «ويأتيه الموت» أي أسبابه المقتضية له من أنواع العذاب «من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه» بعد ذلك العذاب «عذاب غليظ» قوي متصل. |
تفسير السعدي |
---|
يَتَجَرَّعُهُ من العطش الشديد وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ فإنه إذا قرب إلى وجهه شواه وإذا وصل إلى بطنه قطع ما أتى عليه من الأمعاء، وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ أي: يأتيه العذاب الشديد من كل نوع من أنواع العذاب، وكل نوع منه من شدته يبلغ إلى الموت ولكن الله قضى أن لا يموتوا كما قال تعالى: لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها وَمِنْ وَرَائِهِ أي: الجبار العنيد عَذَابٌ غَلِيظٌ أي: قوي شديد لا يعلم وصفه وشدته إلا الله تعالى. |
تفسير البغوي |
---|
( يتجرعه ) أي : يتحساه ويشربه ، لا بمرة واحدة ، بل جرعة جرعة ، لمرارته وحرارته ( ولا يكاد يسيغه ) و " يكاد " : صلة ، أي : لا يسيغه ، كقوله تعالى : ( لم يكد يراها ) ( النور - 40 ) أي : لم يرها .قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لا يجيزه .وقيل : معناه يكاد لا يسيغه ، ويسيغه فيغلي في جوفه .أخبرنا محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الله بن بسر ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : " ويسقى من ماء صديد يتجرعه " ، قال : يقرب إلى فيه فيتكرهه ، فإذا أدني منه شوى وجهه ، ووقعت فروة رأسه ، فإذا شربه قطع أمعاءه ، حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل : ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) ( محمد - 15 ) ، ويقول : ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه ) ( الكهف - 29 ) .وقوله عز وجل : ( ويأتيه الموت من كل مكان ) يعني : يجد هم الموت وألمه من كل مكان من أعضائه .قال إبراهيم التيمي : حتى من تحت كل شعرة من جسده .وقيل : يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه ، ومن فوقه ومن تحته ، وعن يمينه وعن شماله .( وما هو بميت ) فيستريح ، قال ابن جريج : تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة . نظيرها (ثم لا يموت فيها ولا يحيا ) ( الأعلى - 13 ) .( ومن ورائه ) أمامه ( عذاب غليظ ) شديد ، وقيل : العذاب الغليظ الخلود في النار . |
تفسير الوسيط |
---|
وقوله يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ ... بيان لحالة هذا الجبار العنيد عند تعاطيه الصديد.والتجرع: تكلف الجرع وهو بلع الماء، وفعله- كسمع ومنع-.ويسيغه: من السوغ وهو انحدار الشراب في الحلق بسهولة وقبول. يقال: ساغ الشراب سوغا وسواغا، إذا كان سهل المدخل.أى: يتكلف بلع هذا الصديد مرة بعد أخرى لمرارته وقبحه، ولا يقارب أن يسيغه فضلا عن الإساغة. بل يغص به فيشربه بعد عناء ومشقة جرعة عقب جرعة» .وقوله وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ معطوف على قوله يَتَجَرَّعُهُ لبيان حالة أخرى من أحوال شقائه وعذابه.أى: وتأتيه الأسباب المؤدية للموت والهلاك من كل جهة من الجهات، ومن كل موضع من مواضع بدنه، وما هو بميت فيستريح من هذا الشقاء والعذاب، ومن وراء كل ذلك عذاب غليظ أى: شاق شديد لا يقل في ألمه عما هو فيه من نكال.وشبيه بهذه الجملة قوله- تعالى- وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها، كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ .وقوله- تعالى- وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى .وبذلك نرى الآيات الكريمة قد صورت لنا سوء عاقبة المكذبين للحق تصويرا مؤثرا، تهتز له النفس، وتوجل منه القلوب.ثم ضرب- سبحانه- مثلا لأعمال الكافرين في حبوطها وذهابها يوم القيامة، وساق الأدلة الدالة على قدرته القاهرة، وصور أحوال الكافرين يوم يقوم الناس لرب العالمين، وحكى ما يقوله الضعفاء للمستكبرين وما يقوله الشيطان لأتباعه في هذا اليوم العصيب، وما أعده الله للمؤمنين الصادقين في هذا اليوم فقال- تعالى-: |