تفسير و معنى الآية 176 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 26 - الجزء 2.
التفسير الميسر |
---|
ذلك العذاب الذي استحقوه بسبب أن الله تعالى نزَّل كتبه على رسله مشتملة على الحق المبين، فكفروا به. وإن الذين اختلفوا في الكتاب فأمنوا ببعضه وكفروا ببعضه، لفي منازعة ومفارقة بعيدة عن الرشد والصواب. |
تفسير الجلالين |
---|
«ذلك» الذي ذكر من أكلهم النار وما بعده «بأن» بسبب أن «الله نزَّل الكتاب بالحق» متعلق بنزل فاختلفوا فيه حيث آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه بكتمه «وإن الذين اختلفوا في الكتاب» بذلك وهم اليهود وقيل المشركون في القرآن حيث قال بعضهم شعر وبعضهم سحر وبعضهم كهانة «لفي شقاق» خلاف «بعيد» عن الحق. |
تفسير السعدي |
---|
ذَلِكَ المذكور, وهو مجازاته بالعدل, ومنعه أسباب الهداية, ممن أباها واختار سواها. بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ومن الحق, مجازاة المحسن بإحسانه, والمسيء بإساءته. وأيضا ففي قوله: نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ ما يدل على أن الله أنزله لهداية خلقه, وتبيين الحق من الباطل, والهدى من الضلال، فمن صرفه عن مقصوده, فهو حقيق بأن يجازى بأعظم العقوبة. وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ أي: وإن الذين اختلفوا في الكتاب, فآمنوا ببعضه, وكفروا ببعضه، والذين حرفوه وصرفوه على أهوائهم ومراداتهم لَفِي شِقَاقٍ أي: محادة، بَعِيدٍ عن الحق لأنهم قد خالفوا الكتاب الذي جاء بالحق الموجب للاتفاق وعدم التناقض، فمرج أمرهم, وكثر شقاقهم, وترتب على ذلك افتراقهم، بخلاف أهل الكتاب الذين آمنوا به, وحكموه في كل شيء, فإنهم اتفقوا وارتفقوا بالمحبة والاجتماع عليه. وقد تضمنت هذه الآيات, الوعيد للكاتمين لما أنزل الله, المؤثرين عليه, عرض الدنيا بالعذاب والسخط, وأن الله لا يطهرهم بالتوفيق, ولا بالمغفرة، وذكر السبب في ذلك بإيثارهم الضلالة على الهدى، فترتب على ذلك اختيار العذاب على المغفرة، ثم توجع لهم بشدة صبرهم على النار, لعملهم بالأسباب التي يعلمون أنها موصلة إليها، وأن الكتاب مشتمل على الحق الموجب للاتفاق عليه, وعدم الافتراق، وأن كل من خالفه, فهو في غاية البعد عن الحق, والمنازعة والمخاصمة, والله أعلم. |
تفسير البغوي |
---|
( ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق ) يعني ذلك العذاب بأن الله نزل الكتاب بالحق فأنكروه وكفروا به وحينئذ يكون ذلك في محل الرفع وقال بعضهم محله نصب ، معناه فعلنا ذلك بهم بأن الله أي لأن الله نزل الكتاب بالحق فاختلفوا فيه وقيل معناه ذلك أي فعلهم الذي يفعلون من الكفر ، والاختلاف والاجتراء على الله من أجل أن الله نزل الكتاب بالحق وهو قوله تعالى " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم " ( 7 - البقرة ( وإن الذين اختلفوا في الكتاب ) فآمنوا ببعض وكفروا ببعض ( لفي شقاق بعيد ) أي في خلاف وضلال بعيد |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- أن سبب استحقاقهم للعذاب الأليم، هو ارتكابهم لما نهى الله عنه عن قصد وسوء نية فقال: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ.أى: ذلك العذاب الأليم حل بهم بسبب أن الله أنزل التوراة مصحوبة ببيان الحق الذي من جملته التبشير ببعثة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم فكتموا هم هذا الحق وامتدت إليه أيديهم الأثيمة بالتحريف والتأويل إيثارا لمطامع دنيوية على هدى الله الذي هو أساس كل سعادة.فاسم الإشارة ذلِكَ يعود على مجموع ما سبق بيانه من أكل النار، وعدم تكليم الله إياهم، وعدم تزكيتهم.. إلخ.والباء في قوله: بِأَنَّ للسببية، والمراد بالكتاب: التوراة.ثم ختم- سبحانه- الحديث عن هؤلاء الكاتمين للحق بقوله: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ.اختلفوا: خالف بعضهم بعضا، وأصله من اختلاف الطريق، تقول اختلفوا في الطريق.أى: جاء بعضهم من جهة والبعض الآخر من جهة أو جهات أخرى. ثم استعمل في الاختلاف في المذاهب والاعتقاد.والكتاب: التوراة، أو التوراة والإنجيل، إذ يصح أن يراد جنس الكتاب والمقام يقتضى صرفه إلى هذين الكتابين، وقد أبعد في التأويل من قال بأن المراد به القرآن لأن الحديث عن أهل الكتاب الذين كتموا ما في كتبهم من بشارات بالرسول صلّى الله عليه وسلّم واختلافهم في الكتاب من مظاهره: إيمانهم ببعضه وكفرهم بالبعض الآخر، وتحريفه عن مواضعه وتأويله على غير ما يراد منه.والشقاق: الخلاف، كأن كل واحد من المختلفين في شق غير الشق الذي يكون فيه الآخر، وإذا وصف الخلاف بالبعد فهم منه أنه بعيد عن الحق، يقال: قال فلان قولا بعيدا، أى بعيدا من الصواب.والمعنى: ذلك العذاب الأليم حل بأولئك الأشقياء بسبب كتمانهم لما أنزله الله في كتابه من الحق، وإن الذين اختلفوا في شأن ما أنزله الله في كتبه فأظهروا منها ما يناسب أهواءهم وأخفوا ما لا يناسبها- لفي بعد شديد عن الحق والصواب:وبذلك تكون الآيات الكريمة قد ذكرت ألوانا من العقوبات الأليمة التي توعد الله بها كل من يكتم أمرا نهى الله عن كتمانه، لكي يقلع كل من يتأنى له الخطاب عن هذه الرذيلة وفاء للعهد الذي أخذه الله على الناس بصفة عامة، وعلى أولى العلم بصفة خاصة.ثم ساق القرآن الكريم آية جامعة لأنواع البر، ووجوه الخير، تهدى المتمسك بها إلى السعادة الدنيوية والأخروية فقال- تعالى-: |