تفسير و معنى الآية 19 من سورة الكهف عدة تفاسير, سورة الكهف : عدد الآيات 110 - الصفحة 295 - الجزء 15.
التفسير الميسر |
---|
وكما أنمناهم وحفظناهم هذه المدة الطويلة أيقظناهم مِن نومهم على هيئتهم دون تغيُّر؛ لكي يسأل بعضهم بعضًا: كم من الوقت مكثنا نائمين هنا؟ فقال بعضهم: مكثنا يوما أو بعض يوم، وقال آخرون التبس عليهم الأمر: فَوِّضوا عِلْم ذلك لله، فربكم أعلم بالوقت الذي مكثتموه، فأرسِلوا أحدكم بنقودكم الفضية هذه إلى مدينتنا فلينظر: أيَّ أهل المدينة أحلُّ وأطيب طعامًا؟ فليأتكم بقوت منه، وليتلطف في شرائه مع البائع حتى لا ننكشف، ويظهر أمرنا، ولا يُعْلِمَنَّ بكم أحدًا من الناس. |
تفسير الجلالين |
---|
«وكذلك» كما فعلنا بهم ما ذكرنا «بعثناهم» أيقظناهم «ليتساءلوا بينهم» عن حالهم ومدة لبثهم «قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم» لأنهم دخلوا الكهف عند طلوع الشمس وبُعثوا عند غروبها فظنوا أنه غروب يوم الدخول ثم «قالوا» متوقفين في ذلك «ربكم أعلم بما لبثتم فابعثوا أحدكم بوَرقِكُمْ» بسكون الراء وكسرها بفضتكم «هذه إلى المدينة» يقال إنها المسماة الآن طرسوس بفتح الراء «فلينظر أيها أزكى طعاما» أي أيّ أطعمة المدينة أحل «فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً». |
تفسير السعدي |
---|
يقول تعالى: وكذلك بعثناهم أي: من نومهم الطويل ليتساءلوا بينهم أي: ليتباحثوا للوقوف على الحقيقة من مدة لبثهم. قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وهذا مبني على ظن القائل، وكأنهم وقع عندهم اشتباه. في طول مدتهم، فلهذا قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فردوا العلم إلى المحيط علمه بكل شيء، جملة وتفصيلا، ولعل الله تعالى -بعد ذلك- أطلعهم على مدة لبثهم، لأنه بعثهم ليتساءلوا بينهم، وأخبر أنهم تساءلوا، وتكلموا بمبلغ ما عندهم، وصار آخر أمرهم، الاشتباه، فلا بد أن يكون قد أخبرهم يقينا، علمنا ذلك من حكمته في بعثهم، وأنه لا يفعل ذلك عبثا. ومن رحمته بمن طلب علم الحقيقة في الأمور المطلوب علمها، وسعى لذلك ما أمكنه، فإن الله يوضح له ذلك، وبما ذكر فيما بعده من قوله. وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا فلولا أنه حصل العلم بحالهم، لم يكونوا دليلا على ما ذكر، ثم إنهم لما تساءلوا بينهم، وجرى منهم ما أخبر الله به، أرسلوا أحدهم بورقهم، أي: بالدراهم، التي كانت معهم، ليشتري لهم طعاما يأكلونه، من المدينة التي خرجوا منها، وأمروه أن يتخير من الطعام أزكاه، أي: أطيبه وألذه، وأن يتلطف في ذهابه وشرائه وإيابه، وأن يختفي في ذلك، ويخفي حال إخوانه، ولا يشعرن بهم أحدا. وذكروا المحذور من اطلاع غيرهم عليهم، وظهورهم عليهم، أنهم بين أمرين، إما الرجم بالحجارة، فيقتلونهم أشنع قتلة، لحنقهم عليهم وعلى دينهم، وإما أن يفتنوهم عن دينهم، ويردوهم في ملتم، وفي هذه الحال، لا يفلحون أبدا، بل يحشرون في دينهم ودنياهم وأخراهم، وقد دلت هاتان الآيتان، على عدة فوائد.منها: الحث على العلم، وعلى المباحثة فيه، لكون الله بعثهم لأجل ذلك.ومنها: الأدب فيمن اشتبه عليه العلم، أن يرده إلى عالمه، وأن يقف عند حده.ومنها: صحة الوكالة في البيع والشراء، وصحة الشركة في ذلك.ومنها: جواز أكل الطيبات، والمطاعم اللذيذة، إذا لم تخرج إلى حد الإسراف المنهي عنه لقوله فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وخصوصا إذا كان الإنسان لا يلائمه إلا ذلك ولعل هذا عمدة كثير من المفسرين، القائلين بأن هؤلاء أولاد ملوك لكونهم أمروه بأزكى الأطعمة، التي جرت عادة الأغنياء الكبار بتناولها. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( وكذلك بعثناهم ) أي : كما أنمناهم في الكهف وحفظنا أجسادهم من البلى على طول الزمان فكذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت ( ليتساءلوا بينهم ) ليسأل بعضهم بعضا واللام فيه لام العاقبة لأنهم لم يبعثوا للسؤال .( قال قائل منهم ) وهو رئيسهم مكسلمينا ( كم لبثتم ) في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا طول نومهم ويقال : إنهم راعهم ما فاتهم من الصلاة فقالوا ذلك .( قالوا لبثنا يوما ) وذلك أنهم دخلوا الكهف غدوة فقالوا فانتبهوا [ حين انتبهوا ] عشية فقالوا : لبثنا يوما ثم نظروا وقد بقيت من الشمس بقية فقالوا : ( أو بعض يوم ) فلما نظروا إلى طول شعورهم وأظفارهم علموا أنهم لبثوا أكثر من يوم .( قالوا ربكم أعلم بما لبثتم ) وقيل : إن رئيسهم مكسلمينا لما سمع الاختلاف بينهم قال : دعوا الاختلاف ربكم أعلم بما لبثتم ( فابعثوا أحدكم بورقكم هذه ) يعني يمليخا .قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر : بورقكم ساكنة الراء والباقون بكسرها ومعناهما واحد وهي الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة .( إلى المدينة ) قيل : هي طرسوس وكان اسمها في الجاهلية أفسوس فسموها في الإسلام طرسوس .( فلينظر أيها أزكى طعاما ) أي : أحل طعاما حتى لا يكون من غصب أو سبب حرام وقيل : أمروه أن يطلب ذبيحة مؤمن ولا يكون من ذبيحة من يذبح لغير الله وكان فيهم مؤمنون يخفون إيمانهم وقال الضحاك : أطيب طعاما وقال مقاتل بن حيان : أجود طعاما وقال عكرمة : أكثر وأصل الزكاة الزيادة وقيل : أرخص طعاما .( فليأتكم برزق منه ) أي : قوت وطعام تأكلونه ( وليتلطف ) وليترفق في الطريق وفي المدينة وليكن في ستر وكتمان ( ولا يشعرن ) ولا يعلمن ( بكم أحدا ) من الناس . |
تفسير الوسيط |
---|
وقوله- سبحانه-: وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم، بيان للعلة التي من أجلها بعث أصحاب الكهف من نومهم الطويل.أى: وكما أنمناهم تلك المدة الطويلة، بعثناهم من نومهم بعدها، ليسأل بعضهم بعضا، وكأنهم قد أحسوا بأن نومهم قد طال.والاقتصار على التساؤل الذي حصل الإيقاظ من أجله، لا ينفى أن يكون هناك أسباب أخرى غيره حصل من أجلها إيقاظهم، وإنما أفرده- سبحانه- بالذكر لاستتباعه لسائر الآثار الأخرى.ثم حكى- سبحانه- بعض تساؤلهم فقال: قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ أى: كم مكثتم مستغرقين في النوم في هذا الكهف.فأجابه بعضهم بقوله: لَبِثْنا يَوْماً لظنهم أن الشمس قد غربت، فلما رأوها لم تغرب بعد قالوا: أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أى: مكثنا نائمين بعض ساعات اليوم.ويصح أن تكون أو للشك. أى قال بعضهم في الرد على سؤال السائل كم لبثتم، لبثنا في النوم يوما أو بعض يوم، لأننا لا ندري على الحقيقة كم مكثنا نائمين.ثم حكى القرآن أن بعضهم رد علم مقدار مدة نومهم على جهة اليقين إلى الله- تعالى- فقال: قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ أى: ربكم وحده هو العليم بمقدار الزمن الذي قضيتموه نائمين في هذا الكهف.قال الآلوسى: وهذا رد منهم على الأولين، على أحسن ما يكون من مراعاة حسن الأدب، وبه كما قيل يتحقق التحزب إلى الحزبين المعهودين فيما سبق في قوله- تعالى- لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ.وقال بعضهم: وقد استدل ابن عباس على أن عدد الفتية سبعة بهذه الآية، لأنه قد قال في الآية: قال قائل منهم، وهذا واحد، وقالوا في جوابه: لبثنا يوما، أو بعض يوم وهو جمع وأقله ثلاثة، ثم قالوا: ربكم أعلم بما لبثتم، وهذا قول جمع آخرين فصاروا سبعة .ثم بين- سبحانه- ما قالوه بعد أن تركوا الحديث في مسألة الزمن الذي قضوه نائمين في الكهف فقال- تعالى-: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ، وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً.أى: كفوا عن الحديث في مسألة المدة التي نمتموها، فعلمها عند الله، وابعثوا أحدكم «بورقكم» . أى: بدراهمكم المضروبة من الفضة، إِلَى الْمَدِينَةِ التي يوجد بها الطعام الذي نحن في حاجة إليه، والتي هي أقرب مكان إلى الكهف.قالوا: والمراد بها مدينتهم التي كانوا يسكنونها قبل أن يلجئوا إلى الكهف فرارا بدينهم.فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً أى: ومتى وصل إلى المدينة، فليتفقد أسواقها، وليتخير أى أطعمتها أحل وأطهر وأجود وأكثر بركة.فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ أى: فليأتكم بما يسد جوعكم من ذلك الأزكى طعاما، فيكون الضمير في «منه» للطعام الأزكى.ويصح أن يكون للدراهم المضروبة المعبر عنها «بورقكم» ، أى: فليأتكم بدلا منها بطعام تأكلونه، وليتلطف، أى: وليتكلف اللطف في الاستخفاء، والدقة في استعمال الحيل حال دخوله وخروجه من المدينة، حتى لا يعرفه أحد من أهلها.وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً أى: ولا يفعلن فعلا يؤدى إلى معرفة أحد من أهل المدينة بنا. |
المصدر : تفسير : وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم قال قائل منهم