موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا - الآية 19 من سورة الحج

سورة الحج الآية رقم 19 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 19 من سورة الحج عدة تفاسير, سورة الحج : عدد الآيات 78 - الصفحة 334 - الجزء 17.

﴿ ۞ هَٰذَانِ خَصۡمَانِ ٱخۡتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمۡۖ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتۡ لَهُمۡ ثِيَابٞ مِّن نَّارٖ يُصَبُّ مِن فَوۡقِ رُءُوسِهِمُ ٱلۡحَمِيمُ ﴾
[ الحج: 19]


التفسير الميسر

هذان فريقان اختلفوا في ربهم: أهل الإيمان وأهل الكفر، كل يدَّعي أنه محقٌّ، فالذين كفروا يحيط بهم العذاب في هيئة ثياب جُعلت لهم من نار يَلْبَسونها، فتشوي أجسادهم، ويُصبُّ على رؤوسهم الماء المتناهي في حره، ويَنزِل إلى أجوافهم فيذيب ما فيها، حتى ينفُذ إلى جلودهم فيشويها فتسقط، وتضربهم الملائكة على رؤوسهم بمطارق من حديد. كلما حاولوا الخروج من النار -لشدة غمِّهم وكربهم- أعيدوا للعذاب فيها، وقيل لهم: ذوقوا عذاب النار المحرق.

تفسير الجلالين

«هذان خصمان» أي المؤمنون خصم، والكفار الخمسة خصم، وهو يطلق على الواحد والجماعة «اختصموا في ربهم» أي في دينه «فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار» يلبسونها يعني أحيطت بهم النار «يصب من فوق رؤوسهم الحميم» الماء البالغ نهاية الحرارة.

تفسير السعدي

ثم فصل هذا الفصل بينهم بقوله: هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ كل يدعي أنه المحق.
فَالَّذِينَ كَفَرُوا يشمل كل كافر، من اليهود، والنصارى، والمجوس، والصابئين، والمشركين.
قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ أي: يجعل لهم ثياب من قطران، وتشعل فيها النار، ليعمهم العذاب من جميع جوانبهم.
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ الماء الحار جدا

تفسير البغوي

قوله عز وجل : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) أي جادلوا في دينه وأمره والخصم اسم شبيه بالمصدر فلذلك قال : ( اختصموا ) بلفظ الجمع كقوله ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ) ( ص " 21 ) ، واختلفوا في هذين الخصمينأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا يعقوب بن إبراهيم ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد قال سمعت أبا ذر يقسم قسما أن هذه الآية ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) نزلت في الذين برزوا يوم بدر : حمزة وعلي ، وعبيدة بن الحارث ، وعتبة ، وشيبة ابني أبي ربيعة ، والوليد بن عتبة .
وأخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا حجاج بن منهال ، حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال سمعت أبي قال أخبرنا أبو مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن علي بن أبي طالب قال أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة قال قيس : وفيهم نزلت ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) قال هم الذين بارزوا يوم بدر علي وحمزة ، وعبيدة ، وشيبة بن ربيعة ، وعتبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة .
قال محمد بن إسحاق خرج يعني يوم بدر - عتبة بن ربيعة بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة ودعا إلى المبارزة فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة عوذ ومعوذ ابنا الحارث وأمهما عفراء ، وعبد الله بن رواحة فقالوا من أنتم؟ قالوا رهط من الأنصار فقالوا حين انتسبوا أكفاء كرام ثم نادى مناديهم يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عبيدة بن الحارث ويا حمزة بن عبد المطلب ويا علي بن أبي طالب ، فلما دنوا قالوا من أنتم؟ فذكروا وقالوا نعم أكفاء كرام فبارز عبيدة وكان أسن القوم عتبة ، وبارز حمزة شيبة ، وبارز علي الوليد بن عتبة ، فأما حمزة فلم يمهل أن قتل شيبة ، وعلي الوليد ، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتان كلاهما أثبت صاحبه فكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه واحتملا عبيدة إلى أصحابه وقد قطعت رجله ومخها يسيل فلما أتوا بعبيدة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألست شهيدا يا رسول الله؟ قال : " بلى " فقال عبيدة : لو كان أبو طالب حيا لعلم أنا أحق بما قال منه حيث يقولونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائلوقال ابن عباس وقتادة : نزلت الآية في المسلمين وأهل الكتاب فقال أهل الكتاب نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم وقال المؤمنون نحن أحق بالله آمنا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم ونبيكم وبما أنزل الله من كتاب وأنتم تعرفون نبينا وكتابنا وكفرتم به حسدا فهذه خصومتهم في ربهم .
وقال مجاهد وعطاء بن أبي رباح والكلبي : هم المؤمنون والكافرون كلهم من أي ملة كانوا .
وقال بعضهم جعل الأديان ستة في قوله تعالى ( إن الذين آمنوا والذين هادوا ) ( المائدة 69 ) الآية فجعل خمسة للنار وواحدا للجنة فقوله تعالى : ( هذان خصمان اختصموا في ربهم ) ينصرف إليهم فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصموقال عكرمة : هما الجنة والنار اختصمتا كما أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي أخبرنا أبو طاهر الزيادي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن حسين القطان ، أخبرنا أحمد بن يوسف السلمي ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال حدثنا أبو هريرة : قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وغرتهم قال الله عز وجل للجنة إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله فيها رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا " .
ثم بين الله عز وجل ما للخصمين فقال( فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار ) قال سعيد بن جبير : ثياب من نحاس مذاب وليس من الآنية شيء إذا حمي أشد حرا منه وسمي باسم الثياب لأنها تحيط بهم كإحاطة الثياب .
وقال بعضهم يلبس أهل النار مقطعات من النار ( يصب من فوق رءوسهم الحميم ) الحميم هو الماء الحار الذي انتهت حرارته

تفسير الوسيط

ذكر المفسرون في سبب نزول قوله- تعالى- هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ .
.
.
روايات أشار الإمام ابن كثير إلى معظمها فقال: «ثبت في الصحيحين عن أبى ذر: أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية هذانِ خَصْمانِ نزلت في حمزة وصاحبيه.
وعتبة وصاحبيه، يوم برزوا في بدر.
وعن قتادة قال: اختصم المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم، فنحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: كتابنا يقضى على الكتب كلها، ونبينا خاتم الأنبياء، فنحن أولى بالله منكم، فأفلج الله الإسلام على من ناوأه- أى فنصر الله الإسلام-، وأنزل الآية.
وعن مجاهد في الآية: مثل الكافر والمؤمن اختصما في البعث.
وهذا القول يشمل الأقوال كلها، وينتظم فيه قصة بدر وغيرها، فإن المؤمنين يريدون نصرة دين الله، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان .
أى: هذان خصمان اختصموا في ذات ربهم وفي صفاته، بأن اعتقد كل فريق منهم أنه على الحق، وأن خصمه على الباطل.
قال الجمل: والخصم في الأصل مصدر ولذلك يوحد ويذكر غالبا، وعليه قوله - تعالى-: وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ويجوز أن يثنى ويؤنث، ولما كان كل خصم فريقا يجمع طوائف قال: اخْتَصَمُوا بصيغة الجمع كقوله- تعالى-:وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فالجمع مراعاة للمعنى .
وقوله- سبحانه-: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ .
.
.
تفصيل وبيان لحال كل خصم وفريق.
أى: فالذين كفروا جزاؤهم أنهم قطع الله- تعالى- لهم من النار ثيابا، وألبسهم إياها.
قال الآلوسى: أى أعد الله لهم ذلك، وكأنه شبه إعداد النار المحيطة بهم بتقطيع ثياب وتفصيلها لهم على قدر جثثهم.
ففي الكلام استعارة تمثيلية تهكمية، وليس هناك تقطيع ثياب ولا ثياب حقيقة.
وكأن جمع الثياب للإيذان بتراكم النار المحيطة بهم، وكون بعضها فوق بعض.
.
وعبر بالماضي، لأن الإعداد قد وقع، فليس من التعبير بالماضي لتحققه.
.
.
وقوله: يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ زيادة في عذابهم، أى: لم تقطع لهم ثياب من نار فحسب، وإنما زيادة على ذلك يصب من فوق رءوسهم «الحميم» أى: الماء البالغ أقصى درجات الشدة في الحرارة.

المصدر : تفسير : هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا