تفسير و معنى الآية 2 من سورة الأنفال عدة تفاسير, سورة الأنفال : عدد الآيات 75 - الصفحة 177 - الجزء 9.
التفسير الميسر |
---|
إنما المؤمنون بالله حقًا هم الذين إذا ذُكِر الله فزعت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آيات القرآن زادتهم إيمانًا مع إيمانهم، لتدبرهم لمعانيه وعلى الله تعالى يتوكلون، فلا يرجون غيره، ولا يرهبون سواه. |
تفسير الجلالين |
---|
«إنما المؤمنون» الكاملون الإيمان «الذين إذا ذكر الله» أي وعيده «وجلت» خافت «قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا» تصديقا «وعلى ربهم يتوكلون» به يثقون لا بغيره. |
تفسير السعدي |
---|
ومن نقصت طاعته للّه ورسوله، فذلك لنقص إيمانه،ولما كان الإيمان قسمين: إيمانا كاملا يترتب عليه المدح والثناء، والفوز التام، وإيمانا دون ذلك ذكر الإيمان الكامل فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الألف واللام للاستغراق لشرائع الإيمان. الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ أي: خافت ورهبت، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللّه تعالى أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب. وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا ووجه ذلك أنهم يلقون له السمع ويحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم،.لأن التدبر من أعمال القلوب، ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه،أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، واشتياقا إلى كرامة ربهم،أو وجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي، وكل هذا مما يزداد به الإيمان. وَعَلَى رَبِّهِمْ وحده لا شريك له يَتَوَكَّلُونَ أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم في جلب مصالحهم ودفع مضارهم الدينية والدنيوية، ويثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك. والتوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد ولا تكمل إلا به. |
تفسير البغوي |
---|
إنما المؤمنون ) يقول ليس المؤمن الذي يخالف الله ورسوله ، إنما المؤمنون الصادقون في إيمانهم ، ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) خافت وفرقت قلوبهم ، وقيل : إذا خوفوا بالله انقادوا خوفا من عقابه . ( وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ) تصديقا ويقينا . وقال عمير بن حبيب وكانت له صحبة : إن للإيمان زيادة ونقصانا ، قيل : فما زيادته ؟ قال : إذا ذكرنا الله - عز وجل - وحمدناه فذلك زيادته ، وإذا سهونا وغفلنا فذلك نقصانه ، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي : إن للإيمان فرائض وشرائط وشرائع وحدودا وسننا فمن استكملها استكمل الإيمان ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان . ( وعلى ربهم يتوكلون ) أي : يفوضون إليه أمورهم ويثقون به ولا يرجون غيره ولا يخافون سواه . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم وصف- سبحانه- المؤمنين الصادقين بخمس صفات، وبشرهم بأعلى الدرجات، فقال في بيان صفتهم الأولى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.. فالجملة الكريمة مستأنفة وهي مسوقة لبيان أحوال المؤمنين الذين هم أهل لرضا الله وحسن ثوابه، حتى يتأسى بهم غيرهم.وقوله وَجِلَتْ من الوجل وهو استشعار الخوف. يقال: وجل يوجل وجلا فهو وجل، إذا خاف وفزع.والمراد بذكر الله: ذكر صفاته الجليلة، وقدرته النافذة، ورحمته الواسعة، وعقابه الشديد، وعلمه المحيط بكل شيء، وما يستتبع ذلك من حساب وثواب وعقاب.والمعنى: إنما المؤمنون الصادقون الذين إذا ذكر اسم الله وذكرت صفاته أمامهم، خافت قلوبهم وفزعت، استعظاما لجلاله وتهيبا من سلطانه، وحذرا من عقابه، ورغبة في ثوابه، وذلك لقوة إيمانهم، وصفاء نفوسهم، وشدة مراقبتهم لله- عز وجل- ووقوفهم عند أمره ونهيه..وقد جاء التعبير عن صفاتهم بصيغة من صيغ القصر وهي «إنما» ، للإشعار بأن من هذه صفاتهم هم المؤمنون الصادقون في إيمانهم وإخلاصهم، أما غيرهم ممن لم تتوفر به هذه الصفات، فأمره غير أمرهم، وجزاؤه غير جزائهم.قال الفخر الرازي: فإن قيل: إنه- تعالى- قال هاهنا: وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وقال في آية أخرى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ... فكيف الجمع بينهما؟قلنا: الاطمئنان: إنما يكون عن ثلج اليقين، وشرح الصدر بمعرفة التوحيد، والوجل:إنما يكون من خوف العقوبة. ولا منافاة بين هاتين الحالتين. بل نقول: هذان الوصفان اجتمعا في آية واحدة وهي قوله- تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ، ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ...والمعنى تقشعر الجلود من خوف عذاب الله، ثم تلين جلودهم وقلوبهم عند رجاء ثواب الله.والصفة الثانية من صفات هؤلاء المؤمنين الصادقين عبر عنها- سبحانه- بقوله: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً.أى أن من صفات هؤلاء المؤمنين أنهم إذا قرئت عليهم آيات الله أى: حججه وهي القرآن زادتهم إيمانا، أى: زادتهم قوة في التصديق، وشدة في الإذعان، ورسوخا في اليقين، ونشاطا في الأعمال الصالحة، وسعة في العلم والمعرفة.وجاء التعبير بصيغة الفعل المبنى للمفعول في قوله: ذُكِرَ اللَّهُ وتُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ، للإيذان بأن هؤلاء المؤمنين الصادقين إذا كانوا يخافون عند ما يسمعون من غيرهم آيات الله.. فإنهم يكونون أشد خوفا وفزعا عند ذكرهم لله وعند تلاوتهم لآياته بألسنتهم وقلوبهم.فالمقصود من هذه الصيغة: مدحهم، والثناء عليهم، وبيان الأثر الطيب الذي يترتب على ذكر الله وعلى تلاوة آياته.والصفة الثالثة من صفاتهم قوله- تعالى-: وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ.أى: أن من صفات هؤلاء المؤمنين- أيضا- أنهم يعتمدون على ربهم الذي خلقهم بقدرته، ورباهم بنعمته، فيفوضون أمورهم كلها إليه وحده- سبحانه- لا إلى أحد سواه، كما يدل عليه تقديم المتعلق على عامله.ورحم الله الإمام ابن كثير فقد قال عند تفسيره لهذه الجملة: أى: أنهم لا يرجون سواه، ولا يقصدون إلا إياه، ولا يلوذون إلا بجنابه، ولا يطلبون الحوائج إلا منه، ولا يرغبون إلا إليه، ويعلمون أنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك لا شريك له، ولا معقب لحكمه وهو سريع الحساب. ولهذا قال سعيد بن جبير: «التوكل على الله جماع الإيمان».ومن الواضح عند ذوى العقول السليمة أن التوكل على الله لا ينافي الأخذ بالأسباب التي شرعها- سبحانه- بل إن الأخذ بالأسباب التي شرعها الله وأمر بها لبلوغ الغايات، لدليل على قوة الإيمان، وعلى حسن طاعته- سبحانه- فيما شرعه وفيما أمر به.وليس من الإيمان ولا من العقل ولا من التوكل على الله أن ينتظر الإنسان ثمارا بدون غرس، أو شبعا بدون أكل، أو نجاحا بدون جهد، أو ثوابا بدون عمل صالح.إنما المؤمن العاقل المتوكل على الله، هو الذي يباشر الأسباب التي شرعها الله لبلوغ الأهداف مباشرة سليمة.. ثم بعد ذلك يترك النتائج له- سبحانه- يسيّرها كيف يشاء، وحسبما يريد.. |