تفسير و معنى الآية 20 من سورة الأحقاف عدة تفاسير, سورة الأحقاف : عدد الآيات 35 - الصفحة 504 - الجزء 26.
التفسير الميسر |
---|
ويوم يعرض الذين كفروا على النار للعذاب، فيقال لهم توبيخًا: لقد أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها، فاليوم - أيها الكفار- تُجْزَون عذاب الخزي والهوان في النار؛ بما كنتم تتكبرون في الأرض بغير الحق، وبما كنتم تخرجون عن طاعة الله. |
تفسير الجلالين |
---|
«ويوم يُعرض الذي كفروا على النار» بأن تكشف لهم يقال لهم «أذهبتم» بهمزة وبهمزتين وبهمزة ومدة وبهما وتسهيل الثانية «طيباتكم» باشتغالكم بلذاتكم «في حياتكم الدنيا واستمتعتم» تمتعتم «بها فاليوم تجزون عذاب الهُون» أي الهوان «بما كنتم تستكبرون» تتكبرون «في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون» به وتعذبون بها. |
تفسير السعدي |
---|
يذكر تعالى حال الكفار عند عرضهم على النار حين يوبخون ويقرعون فيقال لهم: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا حيث اطمأننتم إلى الدنيا، واغتررتم بلذاتها ورضيتم بشهواتها وألهتكم طيباتها عن السعي لآخرتكم وتمتعتم تمتع الأنعام السارحة فهي حظكم من آخرتكم، فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ أي: العذاب الشديد الذي يهينكم ويفضحكم بما كنتم تقولون على الله غير الحق، أي: تنسبون الطريق الضالة التي أنتم عليها إلى الله وإلى حكمه وأنتم كذبة في ذلك، وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ أي: تتكبرون عن طاعته، فجمعوا بين قول الباطل والعمل بالباطل والكذب على الله بنسبته إلى رضاه والقدح في الحق والاستكبار عنه فعوقبوا أشد العقوبة. |
تفسير البغوي |
---|
( ويوم يعرض الذين كفروا على النار ) فيقال لهم : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) قرأ ابن كثير ، وابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب : " أأذهبتم " ، بالاستفهام ويهمز ابن عامر همزتين ، والآخرون بلا استفهام على الخبر ، وكلاهما فصيحان ، لأن العرب تستفهم بالتوبيخ ، وترك الاستفهام فتقول : أذهبت ففعلت كذا ؟ ( واستمتعتم بها ) يقول : أذهبتم طيباتكم يعني اللذات وتمتعتم بها ؟ ( فاليوم تجزون عذاب الهون ) أي العذاب الذي فيه ذل وخزي ( بما كنتم تستكبرون ) [ تتكبرون ] ( في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) فلما وبخ الله الكافرين بالتمتع بالطيبات في الدنيا آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والصالحون اجتناب اللذات في الدنيا رجاء ثواب الآخرة .وروينا عن عمر قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا هو مضطجع على رمال حصير قد أثر الرمال بجنبه ، فقلت : يا رسول الله ادع الله فليوسع على أمتك فإن فارس والروم قد وسع عليهم وهم لا يعبدون الله ، فقال : " أولئك قوم عجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا " .أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، ثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال : سمعت عبد الرحمن بن يزيد يحدث ، عن الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ما شبع آل محمد - صلى الله عليه وسلم - من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن المنصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لقد كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا وما هو إلا الماء والتمر ، غير أن جزى الله نساء من الأنصار خيرا ، كن ربما أهدين لنا شيئا من اللبن .أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أخبرنا أبو القاسم الخزاعي ، أخبرنا الهيثم بن كليب ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي ، حدثنا ثابت بن يزيد ، عن هلال بن خباب عن عكرمة ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - ما قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيت الليالي المتتابعة طاويا ، وأهله لا يجدون عشاء ، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير .أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أخبرنا أبو القاسم الخزاعي ، أخبرنا الهيثم بن كليب ، حدثنا أبو عيسى ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا روح بن أسلم ، حدثنا أبو حاتم البصري ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا ثابت ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لقد أخفت في الله وما يخاف أحد ، ولقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ، ولقد أتت علي ثلاثون من بين ليلة ويوم وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال " .أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، [ حدثنا محمد بن إسماعيل ] حدثنا يوسف بن عيسى ، حدثنا ابن فضيل ، عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة أنه قال : لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة ما منهم رجل عليه رداء ، إما إزار وإما كساء ، قد ربطوا في أعناقهم ، فمنها ما يبلغ نصف الساقين ، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته .أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة الكشميهني ، حدثنا أبو طاهر محمد بن الحارث ، حدثنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن مبارك ، عن شعبة بن الحجاج ، عن سعد بن إبراهيم ، [ عن أبيه إبراهيم ] أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام وكان صائما ، فقال : قتل مصعب بن عمير وهو خير مني فكفن في بردة إن غطي بها رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي بها رجلاه بدا رأسه ، قال : وأراه قال : وقتل حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد ما يكفن فيه إلا بردة ، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ، أو قال أعطينا من الدنيا ما أعطينا وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام .وقال جابر بن عبد الله : رأى عمر بن الخطاب لحما معلقا في يدي ، فقال : ما هذا يا جابر ؟ قلت : اشتهيت لحما فاشتريته ، فقال عمر : أو كلما اشتهيت شيئا يا جابر اشتريت ، أما تخاف هذه الآية : " أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا " . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- ما سيكون عليه الكافرون يوم القيامة من حال سيئة فقال: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ، أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ...والظرف متعلق بمحذوف تقديره: اذكر. وقوله يُعْرَضُ من العرض بمعنى الوقوف على الشيء، وتلقى ما يترتب على هذا الوقوف على هذا الشيء من خير أو شر.والمراد بالعرض على النار هنا: مباشرة عذابها، وإلقائهم فيها، ويشهد لهذا قوله- تعالى- بعد ذلك وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ، أَلَيْسَ هذا بِالْحَقِّ، قالُوا: بَلى وَرَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ.قال الآلوسى: قوله: وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ. أى: يعذبون بها، من قولهم: عرض بنو فلان على السيف، إذا قتلوا به، وهو مجاز شائع.. .وقوله: أَذْهَبْتُمْ.. إلخ مقول لقول محذوف. وهذا اللفظ قرأه ابن كثير وابن عامر أأذهبتم بهمزتين على الاستفهام الذي هو للتقريع والتوبيخ، وقرأه الجمهور أَذْهَبْتُمْ بهمزة واحدة على الخبر من غير استفهام.أى: واذكر- أيها العاقل- لتعتبر وتتعظ، يوم يقف الذين كفروا على النار، فيرون سعيرها ثم يلقون فيها، ويقال لهم- على سبيل الزجر والتأنيب- أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا أى: ضيعتم وأتلفتم الطيبات التي أنعم الله بها عليكم في حياتكم الدنيا، حيث اسْتَمْتَعْتُمْ بِها استمتاعا دنيويا دون أن تدخروا للآخرة منها شيئا..فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ أى: تجزون عذاب الهون والخزي والذل.بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أى: بسبب استكباركم في الأرض بغير الحق..وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ أى: وبسبب خروجكم في الدنيا عن طاعة الله- تعالى-، وعن هدى أنبيائه.وقيد- سبحانه- استكبارهم في الأرض بكونه بغير الحق، ليسجل عليهم هذه الرذيلة، وليبين أنهم قوم دينهم التكبر والغرور وإيثار اتباع الباطل على الحق.قال الجمل: والحاصل أنه- تعالى- علل ذلك العذاب بأمرين:أحدهما: الاستكبار والترفع وهو ذنب القلب.والثاني: الفسق وهو ذنب الجوارح، وقدم الأول على الثاني، لأن أحوال القلب أعظم وقعا من أعمال الجوارح .ثم انتقلت السورة الكريمة بعد ذلك إلى الحديث عن مصارع الغابرين الذين كانوا أشد قوة وأكثر جمعا من مشركي قريش، لكي يعتبروا بهم، ويقلعوا عن كفرهم، حتى لا يكون مصيرهم كمصير من سبقوهم في الكفر والطغيان، فقال- سبحانه-: |