تفسير و معنى الآية 23 من سورة المائدة عدة تفاسير, سورة المائدة : عدد الآيات 120 - الصفحة 111 - الجزء 6.
التفسير الميسر |
---|
قال رجلان من الذين يخشون الله تعالى، أنعم الله عليهما بطاعته وطاعة نبيِّه، لبني إسرائيل: ادخلوا على هؤلاء الجبارين باب مدينتهم، أخْذًا بالأسباب، فإذا دخلتم الباب غلبتموهم، وعلى الله وحده فتوكَّلوا، إن كنتم مُصدِّقين رسوله فيما جاءكم به، عاملين بشرعه. |
تفسير الجلالين |
---|
«قال» لهم «رجلان من الذين يخافون» مخالفة أمر الله وهما يوشع وكالب من النقباء الذين بعثهم موسى في كشف أحوال الجبابرة «أنعم الله عليهما» بالعصمة فكتما ما اطَّلعا عليه من حالهم إلا عن موسى بخلاف بقية النقباء فأفشوه فجبنوا «ادخلوا عليهم الباب» باب القرية ولا تخشوهم فإنهم أجساد بلا قلوب «فإذا دخلتموه فإنكم غالبون» قالا ذلك تيقناً بنصر الله وإنجاز وعده «وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين». |
تفسير السعدي |
---|
قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ الله تعالى، مشجعين لقومهم، منهضين لهم على قتال عدوهم واحتلال بلادهم. أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا بالتوفيق، وكلمة الحق في هذا الموطن المحتاج إلى مثل كلامهم، وأنعم عليهم بالصبر واليقين. ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ أي: ليس بينكم وبين نصركم عليهم إلا أن تجزموا عليهم، وتدخلوا عليهم الباب، فإذا دخلتموه عليهم فإنهم سينهزمون، ثم أمَرَاهم بعدة هي أقوى العدد، فقالا: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ فإن في التوكل على الله -وخصوصا في هذا الموطن- تيسيرا للأمر، ونصرا على الأعداء. ودل هذا على وجوب التوكل، وعلى أنه بحسب إيمان العبد يكون توكله، فلم ينجع فيهم هذا الكلام، ولا نفع فيهم الملام، فقالوا قول الأذلين: |
تفسير البغوي |
---|
(قال رجلان من الذين يخافون ) أي : يخافون الله تعالى ، قرأ سعيد بن جبير " يخافون " بضم الياء ، وقال : الرجلان كانا من الجبارين فأسلما واتبعا موسى ، ( أنعم الله عليهما ) بالتوفيق والعصمة قالا ( ادخلوا عليهم الباب ) يعني : قرية الجبارين ، ( فإذا دخلتموه فإنكم غالبون ) لأن الله تعالى منجز وعده ، وإنا رأيناهم وأجسامهم عظيمة وقلوبهم ضعيفة ، فلا تخشوهم ، ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ) فأراد بنو إسرائيل أن يرجموهما بالحجارة وعصوهما . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين القرآن بعد ذلك أن رجلين مؤمنين منهم قد استنكرا إحجام قومهما عن الجهاد، وحرضاهم على طاعة نبيهم فقال: قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا، ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ، وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.والمراد بالرجلين: يوشع بن نون، وكالب بن يوقنا، وكانا من الاثنى عشر نقيبا.وقد وصف الله- تعالى- هذين الرجلين بوصفين.أولهما: قوله: مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أى: من الذين يخافون الله وحده ويتقونه ولا يخافون سواه وفي وصفهم بذلك تعريض بأن من عداهما من القوم لا يخافونه- تعالى- بل يخافون العدو.وقيل المعنى: من الذين يخافون الأعداء ويقدرون قوتهم إلا أن الله- تعالى- ربط على قلبيهما بطاعته. فجعلهما يقولان ما قالا:الوصف الثاني: فهو قوله: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا فهذه الجملة صفة ثانية للرجلين. أى: قال رجلان موصوفان بأنهما من الذين يخافون الله- تعالى- ولا يخافون سواه، وبأنهما من الذين أنعم الله عليهما بالإيمان والتثبيت والثقة بوعده، والطاعة لأمره قالا لقومهما. ادخلوا عليهم الباب.هذا، وقد ذكر صاحب الكشاف وغيره وجها ثالثا فقال: ويجوز أن تكون الواو في قوله:يَخافُونَ- لبنى إسرائيل. والراجع إلى الموصول محذوف. والتقدير: قال رجلان من الذين يخاف بنو إسرائيل منهم، - وهم الجبارون- وهما رجلان منهم «أنعم الله عليهما» بالإيمان فآمنا، قالا لهم: إن العمالقة أجسام لا قلوب فيها فلا تخافوهم وازحفوا إليهم فإنكم غالبوهم،يشجعانهم على قتالهم. وقراءة من قرأ: يَخافُونَ- يضم الياء- شاهدة له. وكذلك. أنعم الله عليهما».والذي نراه أن الرأى الأول أرجح وهو أن الرجلين من بنى إسرائيل، وأن قوله- تعالى- مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا صفتان للرجلين وأن مفعول يخافون محذوف للعلم به وهو الله- تعالى- أى: يخافون الله ويخشونه لأن هذا هو الظاهر من معنى الآية، وهو الذي صدر به المفسرون تفسيرهم للآية، ولأنه لم يرد نص يعتمد عليه في أن أحد الجبارين قد آمن وحرض بنى إسرائيل على قتال قومه، بينما وردت الآثار في بيان اسمى الرجلين وأنهما كانا من الاثنى عشر نقيبا- كما سبق أن ذكرنا- وقوله- تعالى- ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ تشجيع من الرجلين لقومهما ليزيلا عنهم الخوف من قتال الجبارين.أى: قال الرجلان اللذان يخافان الله لقومهما: ادخلوا على أعدائكم باب مدينتهم وفاجئوهم بسيوفكم، وباغتوهم بقتالكم إياهم، فإذا فعلتم ذلك أحرزتم النصر عليهم، وأدركتم الفوز، فإنه «ما غزى قوم في عقر دارهم إلا ذلوا» .قال صاحب الكشاف: فان قلت: من أين علما أنهم غالبون؟ قلت: من جهة إخبار موسى بذلك. ومن جهة قوله- تعالى- كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ. وقيل: من جهة غلبة الظن وما تبينا من عادة الله في نصرة رسله، وما عهدا من صنع الله لموسى في قهر أعدائه، وما عرفا من حال الجبابرة» .وقوله- تعالى: وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ دعوة من الرجلين المؤمنين لقومها، بأن يكلوا أمورهم إلى خالقهم بعد مباشرة الأسباب، وأن يعقدوا عزمهم على دخول الباب على أعدائهم، إن كانوا مؤمنين حقا، فإن النصر يحتاج إلى تأييد من الله- تعالى- لعباده، وإلى توكل عليه وحده، وإلى عزيمة صادقة، ومباشرة للأسباب التي توصل إليه. |