تفسير و معنى الآية 3 من سورة الطلاق عدة تفاسير, سورة الطلاق : عدد الآيات 12 - الصفحة 558 - الجزء 28.
التفسير الميسر |
---|
فإذا قاربت المطلقات نهاية عدتهن فراجعوهن مع حسن المعاشرة، والإنفاق عليهن، أو فارقوهن مع إيفاء حقهن، دون المضارَّة لهن، وأشهدوا على الرجعة أو المفارقة رجلين عدلين منكم، وأدُّوا- أيها الشهود- الشهادة خالصة لله لا لشيء آخر، ذلك الذي أمركم الله به يوعظ به مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر. ومن يخف الله فيعمل بما أمره به، ويجتنب ما نهاه عنه، يجعل له مخرجًا من كل ضيق، وييسِّر له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله، ولا يكون في حسبانه. ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمَّه في جميع أموره. إن الله بالغ أمره، لا يفوته شيء، ولا يعجزه مطلوب، قد جعل الله لكل شيء أجلا ينتهي إليه، وتقديرًا لا يجاوزه. |
تفسير الجلالين |
---|
«ويرزقه من حيث لا يحتسب» يخطر بباله «ومن يتوكل على الله» في أموره «فهو حسبه» كافية «إن الله بالغٌ أمرَه» مراده وفي قراءة بالإضافة «قد جعل الله لكل شيء» كرخاء وشدة «قدرا» ميقاتا. |
تفسير السعدي |
---|
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أي: يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به. وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك فَهُوَ حَسْبُهُ أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه. |
تفسير البغوي |
---|
( ويرزقه من حيث لا يحتسب ) ما ساق من الغنم .وقال مقاتل : أصاب غنما ومتاعا ثم رجع إلى أبيه ، فانطلق أبوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره الخبر ، وسأله : أيحل له أن يأكل ما أتى به ابنه ؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : نعم ، وأنزل الله هذه الآية .قال ابن مسعود : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا " هو أن يعلم أنه من قبل الله وأن الله رازقه .وقال الربيع بن خثيم : " يجعل له مخرجا " من كل شيء ضاق على الناس .وقال أبو العالية : " مخرجا " من كل شدة .وقال الحسن : " مخرجا " عما نهاه عنه . ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) يتق الله فيما نابه كفاه ما أهمه .وروينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا " .( إن الله بالغ أمره ) قرأ طلحة بن مصرف ، وحفص عن عاصم : " بالغ أمره " بالإضافة ، وقرأ الآخرون " بالغ " [ بالتنوين ] " أمره " نصب أي منفذ أمره ممض في خلقه قضاءه . ( قد جعل الله لكل شيء قدرا ) أي جعل لكل شيء من الشدة والرخاء أجلا ينتهي إليه .قال مسروق : في هذه الآية " إن الله بالغ أمره " توكل عليه أو لم يتوكل ، غير أن المتوكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم قال- تعالى-: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ، إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً.ولفظ حسب بمعنى كاف وأصله اسم مصدر أو مصدر، ومعنى بالِغُ أَمْرِهِ بإضافة الوصف إلى مفعوله، أى: يبلغ ما يريده- سبحانه-، وقرأ الجمهور بالِغُ أَمْرِهِ بتنوين الوصف ونصب أمره على المفعولية، والمراد بأمره، شأنه ومراده. وهذه الجملة تعليل لما قبلها.أى: ومن يفوض أمره إلى الله- تعالى- ويتوكل عليه وحده، فهو- سبحانه- كافيه في جميع أموره، لأنه- سبحانه- يبلغ ما يريده، ولا يفوته مراد، ولا يعجزه شيء، ولا يحول دون أمره حائل.. ومن مظاهر حكمه في خلقه، أنه عز وجل- قد جعل لكل شيء تقديرا قبل وجوده، وعلم علما تاما مقاديرها وأوقاتها وأحوالها.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ.وقوله- سبحانه-: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً وقوله- عز وجل-:وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ.قال بعض العلماء ما ملخصه: ولهذه الجملة، وهي قوله- تعالى-: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً موقع تتجلى فيه صورة من صور إعجاز القرآن، في ترتيب مواقع الجمل بعضها بعد بعض.. فهذه الجملة لها موقع الاستئناف البياني الناشئ عما اشتملت عليه جمل: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً.. إلى قوله: إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ لأن استعداد السامعين لليقين بما تضمنته تلك الجمل متفاوت، فقد يستبعد بعض السامعين تحقق الوعد لأمثاله، فيقول: أين انا من تحصيل هذا الشيء.. ويتملكه اليأس.. فيقول الله- تعالى- له: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً أى: فلا تيأس أيها الإنسان.ولها موقع التعليل لجملة وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ فإن العدة من الأشياء التي تعد، فلما أمر الله بإحصائها علل ذلك فقال: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً.ولها موقع التذبيل لجملة وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ أى:الذي وضع تلك الحدود، قد جعل الله لكل شيء قدرا لا يعدوه، كما جعل الحدود.ولها موقع التعليل لجملة: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، لأن المعنى إذا بلغن القدر الذي جعله الله لمدة العدة، فقد حصل المقصد الشرعي، الذي أشار إليه بقوله- تعالى-: لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً.ولها موقع التعليل لجملة: وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ فإن الله- تعالى- جعل الشهادة قدرا لرفع النزاع.فهذه الجملة جزء آية، وهي تحتوى على حقائق من الحكمة ... .ثم ذكر- سبحانه- أحكاما أخرى تتعلق بعدة أنواع أخرى من النساء وأكد الأمر بتقواه- عز وجل- وأمر برعاية النساء والإنفاق عليهن.. فقال- تعالى-: |