تفسير و معنى الآية 33 من سورة الأعراف عدة تفاسير, سورة الأعراف : عدد الآيات 206 - الصفحة 154 - الجزء 8.
التفسير الميسر |
---|
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: إنما حَرَّم الله القبائح من الأعمال، ما كان منها ظاهرًا، وما كان خفيًّا، وحَرَّم المعاصي كلها، ومِن أعظمها الاعتداء على الناس، فإن ذلك مجانب للحق، وحرَّم أن تعبدوا مع الله تعالى غيره مما لم يُنَزِّل به دليلا وبرهانًا، فإنه لا حجة لفاعل ذلك، وحرَّم أن تنسبوا إلى الله تعالى ما لم يشرعه افتراءً وكذبًا، كدعوى أن لله ولدًا، وتحريم بعض الحلال من الملابس والمآكل. |
تفسير الجلالين |
---|
«قل إنما حرَّم ربي الفواحش» الكبائر كالزنا «ما ظهر منها وما بطن» أي جهرها وسرها «والإثم» المعصية «والبغي» على الناس «بغير الحق» وهو الظلم «وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به» بإشراكه «سلطانا» حجة «وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون» من تحريم ما لم يحرم وغيره. |
تفسير السعدي |
---|
ثم ذكر المحرمات التي حرمها اللّه في كل شريعة من الشرائع فقال: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ أي: الذنوب الكبار التي تستفحش وتستقبح لشناعتها وقبحها، وذلك كالزنا واللواط ونحوهما. وقوله: مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ أي: الفواحش التي تتعلق بحركات البدن، والتي تتعلق بحركات القلوب، كالكبر والعجب والرياء والنفاق، ونحو ذلك، وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي: الذنوب التي تؤثم وتوجب العقوبة في حقوق اللّه، والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فدخل في هذا الذنوبُ المتعلقةُ بحق اللّه، والمتعلقةُ بحق العباد. وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا أي: حجة، بل أنزل الحجة والبرهان على التوحيد. والشركُ هو أن يشرك مع اللّه في عبادته أحد من الخلق، وربما دخل في هذا الشرك الأصغر كالرياء والحلف بغير اللّه، ونحو ذلك. وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ في أسمائه وصفاته وأفعاله وشرعه، فكل هذه قد حرمها اللّه، ونهى العباد عن تعاطيها، لما فيها من المفاسد الخاصة والعامة، ولما فيها من الظلم والتجري على اللّه، والاستطالة على عباد اللّه، وتغيير دين اللّه وشرعه. |
تفسير البغوي |
---|
( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) يعني : الطواف عراة ( ما ظهر ) طواف الرجال بالنهار ( وما بطن ) طواف النساء بالليل . وقيل : هو الزنا سرا وعلانية .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنبأنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله قال قلت : أنت سمعت هذا من عبد الله؟ قال : نعم ، فرفعه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا أحد أغير من الله ، فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ولا أحد أحب إليه المدح من الله فلذلك مدح نفسه " .قوله - عز وجل - : ( والإثم ) يعني : الذنب والمعصية . وقال الضحاك : الذنب الذي لا حد فيه . قال الحسن : الإثم : الخمر . قال الشاعر :شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم تذهب بالعقول( والبغي ) الظلم والكبر ، ( بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ) حجة وبرهانا ، ( وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) في تحريم الحرث والأنعام ، في قول مقاتل . وقال غيره : هو عام في تحريم القول في الدين من غير يقين . |
تفسير الوسيط |
---|
والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء الذين ضيقوا على أنفسهم ما وسعه الله، قل لهم: إن ما حرمه الله عليكم في كتبه وعلى ألسنة رسله هو هذه الأنواع الخمس التي أولها الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ، أى: ما كان قبيحا من الأقوال والأفعال سواء أكان في السر أو العلن، وثانيها وثالثها الْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ والإثم: هو الشيء القبيح الذي فعله يعتبر معصية، والبغي: هو الظلم والتطاول على الناس وتجاوز الحد.قال الإمام ابن كثير: «وحاصل ما فسر به الإثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه، والبغي هو التعدي على الناس، فحرم الله هذا وهذا».وقيد البغي بكونه بغير الحق، لأنه لا يكون إلا كذلك. إذ معناه في اللغة تجاوز الحد. يقال:بغى الجرح. إذ تجاوز الحد في فساده.وقيل قيده بذلك ليخرج البغي على الغير في مقابلة بغيه، فإنه يسمى بغيا في الجملة. لكنه بحق، وهو قول ضعيف لأن دفع البغي لا يسمى بغيا، وإنما يسمى انتصافا من الظالم، ولذا قال القرآن: وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ.وقيل إن القيد هنا لإخراج الأمور التي ليس لهم فيها حقوق، أو التي تطيب أنفسهم فيها عن بعض حقوقهم فيبذلونها عن رضى وارتياح لمنفعة أو مصلحة لهم يرجونها ببذلها.ورابع الأمور التي حرمها الله أخبر عنه القرآن بقوله: وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً.أى: وحرم عليكم أن تجعلوا لله شركاء في عبادته بدون حجة وبرهان. وقوله: ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً بيان للواقع من شركهم، إذ أنهم لا حجة عندهم على شركهم: لا من العقل ولا من النقل، فالجملة الكريمة قد اشتملت على التهكم بالمشركين وتوبيخهم على كفرهم.وخامسها قوله- تعالى-: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أى: حرم عليكم أن تقولوا قولا يتعلق بالعبادات أو المحللات أو المحرمات أو غيرها بدون علم منكم بصحة ما تقولون، وبغير بينة على صدق ما تدعون.قال صاحب المنار: «ومن تأمل هذه الآية حق التأمل، فإنه يجتنب أن يحرم على عباد الله شيئا ويوجب عليهم شيئا في دينهم بغير نص صريح عن الله ورسوله، بل يجتنب- أيضا- أن يقول: هذا مندوب أو مكروه في الدين بغير دليل واضح من النصوص، وما أكثر الغافلين عن هذا المتجرئين على التشريع».وبعد أن بين القرآن ما أحله الله وما حرمه. عقب على ذلك بأن بين أن أجل الناس في هذه الدنيا محدود، وأنهم إن آجلا أو عاجلا سوف يقفون أمام ربهم للحساب فقال: |