موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على - الآية 40 من سورة طه

سورة طه الآية رقم 40 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 40 من سورة طه عدة تفاسير, سورة طه : عدد الآيات 135 - الصفحة 314 - الجزء 16.

﴿ إِذۡ تَمۡشِيٓ أُخۡتُكَ فَتَقُولُ هَلۡ أَدُلُّكُمۡ عَلَىٰ مَن يَكۡفُلُهُۥۖ فَرَجَعۡنَٰكَ إِلَىٰٓ أُمِّكَ كَيۡ تَقَرَّ عَيۡنُهَا وَلَا تَحۡزَنَۚ وَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا فَنَجَّيۡنَٰكَ مِنَ ٱلۡغَمِّ وَفَتَنَّٰكَ فُتُونٗاۚ فَلَبِثۡتَ سِنِينَ فِيٓ أَهۡلِ مَدۡيَنَ ثُمَّ جِئۡتَ عَلَىٰ قَدَرٖ يَٰمُوسَىٰ ﴾
[ طه: 40]


التفسير الميسر

ومننَّا عليك حين تمشي أختك تتبعك ثم تقول لمن أخذوك: هل أدلكم على من يكفُله، ويرضعه لكم؟ فرددناك إلى أمِّك بعد ما صرتَ في أيدي فرعون؛ كي تطيب نفسها بسلامتك من الغرق والقتل، ولا تحزن على فَقْدك، وقتلت الرجل القبطي خطأ فنجيناك من غَمِّ فِعْلك وخوف القتل، وابتليناك ابتلاء، فخرجت خائفًا إلى أهل "مدين"، فمكثت سنين فيهم، ثم جئت من "مدين" في الموعد الذي قدَّرناه لإرسالك مجيئًا موافقًا لقدر الله وإرادته، والأمر كله لله تبارك وتعالى.

تفسير الجلالين

«إذ» للتعليل «تمشي أختك» مريم لتتعرف من خبرك وقد أحضروا مراضع وأنت لا تقبل ثدي واحدة منهن «فتقول هل أدلكم على من يكفله» فأجيبت فجاءت بأمه فقبل ثديها «فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها» بلقائك «ولا تحزن» حينئذ «وقتلت نفسا» هو القبطي بمصر، فاغتممت لقتله من جهة فرعون «فنجيناك من الغم وفتناك فتونا» اختبرناك بالإيقاع في غير ذلك وخلصناك منه «فلبثت سنين» عشرا «في أهل مدين» بعد مجيئك إليها من مصر عند شعيب النبي وتزوجك بابنته «ثم جئت على قدر» في علمي بالرسالة وهو أربعون سنة من عمرك «يا موسى».

تفسير السعدي

فجاءت أخت موسى، فقالت لهم: هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا وهو القبطي لما دخل المدينة وقت غفلة من أهلها، وجد رجلين يقتتلان، واحد من شيعة موسى، والآخر من عدوه قبطي فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى عليه فدعا الله وسأله المغفرة، فغفر له، ثم فر هاربا لما سمع أن الملأ طلبوه، يريدون قتله.
فنجاه الله من الغم من عقوبة الذنب، ومن القتل، وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا أي: اختبرناك، وبلوناك، فوجدناك مستقيما في أحوالك أو نقلناك في أحوالك، وأطوارك، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ حين فر هاربا من فرعون وملئه، حين أرادوا قتله، فتوجه إلى مدين، ووصل إليها، وتزوج هناك، ومكث عشر سنين، أو ثمان سنين، ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى أي: جئت مجيئا قد مضى به القدر، وعلمه الله وأراده في هذا الوقت وهذا الزمان وهذا المكان، ليس مجيئك اتفاقا من غير قصد ولا تدبير منا، وهذا يدل على كمال اعتناء الله بكليمه موسى عليه السلام

تفسير البغوي

( إذ تمشي أختك ) واسمها مريم ، متعرفة خبره ، ( فتقول هل أدلكم على من يكفله ) ؟ أي : على امرأة ترضعه وتضمه إليها; وذلك أنه كان لا يقبل ثدي امرأة ، فلما قالت ذلك لهم أخته قالوا : نعم .
فجاءت بالأم فقبل ثديها ، فذلك قوله تعالى :( فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ) بلقائك ، ( ولا تحزن ) أي : لأن يذهب عنها الحزن .
( وقتلت نفسا ) قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان قتل قبطيا كافرا .
قال كعب الأحبار : كان إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة ، ( فنجيناك من الغم ) أي : من غم القتل وكربه ، ( وفتناك فتونا ) قال ابن عباس رضي الله عنه : اختبرناك اختبارا .
وقال الضحاك ومقاتل : ابتليناك ابتلاء .
وقال مجاهد : أخلصناك إخلاصا .
وعن ابن عباس في رواية سعيد بن جبير : أن الفتون وقوعه في محنة بعد محنة خلصه الله منها ، أولها أن أمه حملته في السنة التي كان فرعون يذبح الأطفال ، ثم إلقاؤه في البحر في التابوت ، ثم منعه الرضاع إلا من ثدي أمه ، ثم أخذه بلحية فرعون حتى هم بقتله ، ثم تناوله الجمرة بدل الدرة ، ثم قتله القبطي ، وخروجه إلى مدين خائفا .
فكان ابن عباس يقص القصة على سعيد بن جبير ، فعلى هذا معنى : ( وفتناك ) خلصناك من تلك المحن ، كما يفتن الذهب بالنار فيخلص من كل خبث فيه " والفتون " : مصدر .
( فلبثت ) فمكثت ، أي : فخرجت من مصر فلبثت ، ( سنين في أهل مدين ) يعني ترعى الأغنام عشر سنين ، ومدين بلدة شعيب عليه السلام على ثمان مراحل من مصر ، هرب إليها موسى .
وقال وهب : لبث عند شعيب عليه السلام ثمانيا وعشرين سنة ، عشر سنين منها مهر ابنته " صفيرا " بنت شعيب ، وثمان عشرة سنة أقام عنده حتى ولد له .
( ثم جئت على قدر ياموسى ) قال مقاتل : على موعد ولم يكن هذا الموعد مع موسى وإنما كان موعدا في تقدير الله ، قال محمد بن كعب : جئت على القدر الذي قدرت أنك تجيء .
وقال عبد الرحمن بن كيسان : على رأس أربعين سنة ، وهو القدر الذي يوحى فيه إلى الأنبياء ، وهذا معنى قول أكثر المفسرين ، أي : على الموعد الذي وعده الله وقدره أنه يوحى إليه بالرسالة ، وهو أربعون سنة .

تفسير الوسيط

ثم بين- سبحانه- المنة الرابعة على موسى فقال: إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ، فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ.
.
.
.
وكان ذلك بعد أن التقط آل فرعون موسى من فوق الشاطئ، وبعد أن امتنع عن الرضاعة من أى امرأة سوى أمه.
أى: وكان من مظاهر إلقاء محبتي عليك، ورعايتى لك، أن أختك بعد أن أمرتها أمك بمعرفة خبرك، سارت في طرقات مصر فأبصرتك في بيت فرعون وأنت تمتنع عن الرضاعة من أى امرأة، فقالت أختك لفرعون وامرأته هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ.
أى: ألا تريدون أن أرشدكم إلى امرأة يقبل هذا الطفل الرضاعة منها، وتحفظه وترعاه، والفاء في قوله: فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ هي الفصيحة.
أى: التي تفصح عن كلام مقدر.
والمعنى: بعد أن قالت أختك لفرعون وامرأته: هل أدلكم على من يكفله.
أجابوها بقولهم: دلينا عليها، فجاءت بأمك فرجعناك إليها كي تسر برجوعك، ويمتلئ قلبها فرحا بلقائها بك بعد أن ألقتك في اليم، ولا تحزن بسبب فراقك عنها.
ثم حكى- سبحانه- المنة الخامسة فقال: وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وكان ذلك عند ما استنصر به رجل من قومه على رجل من أعدائه.
أى: وقتلت نفسا هي نفس القبطي، عند ما استعان بك عليه الإسرائيلى فنجيناك من الغم الذي نزل بك بسبب هذا القتل.
قال الآلوسى: وقد حل له هذا الغم من وجهين: خوف عقاب الله- تعالى- حيث لم يقع القتل بأمره- سبحانه- وخوف القصاص، وقد نجاه الله من ذلك بالمغفرة حين قال:رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ وبالمهاجرة إلى مدين.
والغم في الأصل: ستر الشيء، ومنه الغمام لستره ضوء الشمس.
ويقال: لما يغم القلب بسبب خوف أو فوات مقصود.
.
.
وقوله- عز وجل-: وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً بيان للمنة السادسة التي امتن الله- تعالى- بها على موسى- عليه السلام-.
والفتون: جمع فتن كالظنون جمع ظن.
والفتن: الاختبار والابتلاء تقول: فتنت الذهب بالنار، أى: أدخلته فيها لتعلم جودته من رداءته.
والمعنى: واختبرناك وابتليناك- يا موسى- بألوان من الفتن والمحن.
ونظم- سبحانه- هذا الفتن والاختبار في سلك المنن، باعتبار أن الله- تعالى- ابتلاه بالفتن ثم نجاه منها، ونجاه من شرورها.
وقد ساق الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية حديثا طويلا سماه بحديث الفتون، ذكر فيه قصة مولد موسى، وإلقائه في اليم، وتربيته في بيت فرعون، وقتله للقبطي، وهروبه إلى مدين، وعودته منها إلى مصر.
وتكليف الله- تعالى- له بالذهاب الى فرعون، ودعوته إلى عبادة الله وحده.
.
إلخ .
وقوله- تعالى-: فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى أى:فلبثت عشر سنين في قرية أهل مدين، تعمل كأجير عند الرجل الصالح.
ثم جئت بعد ذلك إلى المكان الذي ناديتك فيه عَلى قَدَرٍ أى على وفق الوقت الذي قدرناه لمجيئك، وحددناه لتكليمك واستنبائك، دون أن تتقدم أو تتأخر، لأن كل شيء عندنا محدد ومقدر بوقت لا يتخلف عنه.
قال- تعالى-: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ وقال- سبحانه-: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ وقال- عز وجل-: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً.

المصدر : تفسير : إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على