تفسير و معنى الآية 41 من سورة النحل عدة تفاسير, سورة النحل : عدد الآيات 128 - الصفحة 271 - الجزء 14.
التفسير الميسر |
---|
والذين تركوا ديارهم مِن أجل الله، فهاجروا بعدما وقع عليهم الظلم، لنسكننهم في الدنيا دارًا حسنة، ولأجر الآخرة أكبر؛ لأن ثوابهم فيها الجنة. لو كان المتخلفون عن الهجرة يعلمون علم يقين ما عند الله من الأجر والثواب للمهاجرين في سبيله، ما تخلَّف منهم أحد عن ذلك. |
تفسير الجلالين |
---|
«والذين هاجروا في الله» لإقامة دينه «من بعدما ظلموا» بالأذى من أهل مكة وهم النبي وأصحابه «لنبوِّئَنهم» ننزلهم «في الدنيا» داراً «حسنة» هي المدينة «ولأجر الآخرة» أي الجنة «أكبر» أعظم «لو كانوا يعلمون» أي الكفار أو المتخلفون عن الهجرة ما للمهاجرين من الكرامة لوافقوهم. |
تفسير السعدي |
---|
يخبر تعالى بفضل المؤمنين الممتحنين الَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ ْ أي: في سبيله وابتغاء مرضاته مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا ْ بالأذية والمحنة من قومهم، الذين يفتنونهم ليردوهم إلى الكفر والشرك، فتركوا الأوطان والخلان، وانتقلوا عنها لأجل طاعة الرحمن، فذكر لهم ثوابين: ثوابا عاجلا في الدنيا من الرزق الواسع والعيش الهنيء، الذي رأوه عيانا بعد ما هاجروا، وانتصروا على أعدائهم، وافتتحوا البلدان وغنموا منها الغنائم العظيمة، فتمولوا وآتاهم الله في الدنيا حسنة. وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ ْ الذي وعدهم الله على لسان رسوله أَكْبَرُ ْ من أجر الدنيا، كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ ْ وقوله: لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ْ أي: لو كان لهم علم ويقين بما عند الله من الأجر والثواب لمن آمن به وهاجر في سبيله لم يتخلف عن ذلك أحد. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى ( والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا ) عذبوا وأوذوا في الله .نزلت في بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمار ، وعابس ، وجبر ، وأبي جندل بن سهيل ، أخذهم المشركون بمكة فعذبوهم .وقال قتادة : هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ظلمهم أهل مكة ، وأخرجوهم من ديارهم حتى لحق طائفة منهم بالحبشة ، ثم بوأهم الله المدينة بعد ذلك فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين .( لنبوئنهم في الدنيا حسنة ) وهو أنه أنزلهم المدينة .روي عن عمر بن الخطاب كان إذا أعطى الرجل [ من المهاجرين ] عطاء يقول : خذ بارك الله لك فيه ، هذا ما وعدك الله في الدنيا ، وما ادخر لك في الآخرة أفضل ، ثم تلا هذه الآية .وقيل : معناه لنحسنن إليهم في الدنيا .وقيل : الحسنة في الدنيا التوفيق والهداية .( ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) وقوله : " لو كانوا يعلمون " ، ينصرف إلى المشركين لأن المؤمنين كانوا يعلمونه . |
تفسير الوسيط |
---|
أخرج ابن جرير عن قتادة قال: قوله- تعالى-: وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا.. هؤلاء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ظلمهم أهل مكة فأخرجوهم من ديارهم، حتى لحق طائفة منهم بالحبشة، ثم بوأهم الله- تعالى- المدينة فجعلها لهم دار هجرة، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين. وعن ابن عباس: هم قوم هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل مكة، بعد أن ظلمهم المشركون، .والذي نراه أن الآية الكريمة تشمل هؤلاء، وتشمل غيرهم ممن هاجر من بلده إلى غيرها، رجاء ثواب الله، وخدمة لدينه.والمهاجرة في الأصل تطلق على المفارقة والمتاركة للديار وغيرها، واستعملت شرعا في المهاجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، أو من دار الكفر إلى غيرها لنشر دعوة الإسلام.وقوله «لنبوئنهم» من التبوؤ بمعنى الإحلال والإسكان والإنزال يقال بوأ فلان فلانا منزلا، إذا أسكنه فيه، وهيأه له.«وحسنة» صفة لموصوف محذوف أى: لنبوئنهم تبوئة حسنة، أو دارا حسنة.والمراد بهذه الحسنة ما يشمل نزولهم في المدينة، ونصرهم على أعدائهم، وإبدال خوفهم أمنا.قال القرطبي في المراد بالحسنة هنا ستة أقوال: نزول المدينة قاله ابن عباس والحسن..الثاني: الرزق الحسن. قاله مجاهد. الثالث: النصر على عدوهم، قاله الضحاك، الرابع:لسان صدق، حكاه ابن جريج. الخامس: ما استولوا عليه من البلاد.. السادس: ما بقي لهم في الدنيا من ثناء، وما صار فيها لأولادهم من الشرف.ثم قال: وكل ذلك قد اجتمع لهم بفضل الله- تعالى-» .والمعنى: والذين هاجروا في سبيل الله، وفارقوا قومهم وأوطانهم وأموالهم وأولادهم.. من أجل إعلاء كلمته، بعد أن تحملوا الكثير من أذى المشركين وظلمهم وطغيانهم.هؤلاء الذين فعلوا ذلك من أجل نصرة ديننا، لنسكننهم في الدنيا مساكن حسنة يرضونها، ولنعطينهم عطاء حسنا يسعدهم، ولننصرنهم على أعدائهم نصرا مؤزرا.وقوله «في الله» أى: في سبيله، ومن أجل نصرة دينه. فحرف «في» مستعمل للتعليل، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها ... » .والمقصود أن هذا الأجر الجزيل إنما هو للمهاجرين من أجل إعلاء كلمة الله، ومن أجل نصرة الحق، وليس لمن هاجر لنشر الظلم أو الفساد في الأرض.وأسند فعل «ظلموا» إلى المجهول، لظهور الفاعل من السياق وهو المشركون.وفي ذلك إشارة إلى أن هؤلاء المهاجرين لم يفارقوا ديارهم، إلا بعد أن أصابهم ظلم أعدائهم لهم، كتعذيبهم إياهم، وتضييقهم عليهم، إلى غير ذلك من صنوف الأذى.وأكد- سبحانه- الجزاء الحسن الذي وعدهم به باللام وبنون التوكيد «لنبوئنهم..» ،زيادة في إدخال السرور والطمأنينة على قلوبهم، وجبرا لكل ما اشتملت عليه الهجرة من مصاعب وآلام وأضرار.إذ الحسنة- كما قلنا- تشمل كل حسن أعطاه الله- تعالى- للمهاجرين في هذه الدنيا.أما في الآخرة فأجرهم أعظم، وثوابهم أجزل، كما قال- تعالى-: وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ.والضمير في قوله «لو كانوا يعلمون» يعود على أعدائهم الظالمين.أى: ولثواب الله- تعالى- لهم في الآخرة على هجرتهم من أجل إعلاء كلمته، أكبر وأعظم، ولو كان أعداؤهم الظالمون يعلمون ذلك لدخلوا في دين الإسلام، ولأقلعوا عن ظلمهم لهؤلاء المهاجرين.وكأن جملة «لو كانوا يعلمون» جوابا عن سؤال تقديره: كيف لم يقتد بهم من بقي على الكفر مع هذا الثواب الذي أعده الله لهؤلاء المهاجرين؟فكان الجواب: لو كان هؤلاء الكافرون يعلمون ذلك لأقلعوا عن كفرهم.ويصح أن يكون الضمير يعود على المهاجرين، فيكون المعنى: لو كانوا يعلمون علم مشاهدة ومعاينة ما أعده الله لهم، لما حزنوا على مفارقة الأوطان والأولاد والأموال، ولازدادوا حبا وشوقا واجتهادا في المهاجرة.أخرج ابن جرير وابن المنذر عن عمر بن الخطاب، أنه كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاء يقول له «خذ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ذخره لك في الآخرة أفضل، ثم تلا هذه الآية .وجوز بعضهم أن يكون الضمير يعود للمتخلفين عن الهجرة أى: لو علم هؤلاء المتخلفون عن الهجرة، ما أعده- سبحانه- من أجر للمهاجرين، لما تخلفوا عن ذلك.وعلى أية حال فلا مانع من أن يكون الضمير يعود على كل من يتأتى له العلم، بهذا الثواب الجزيل لهؤلاء المهاجرين في سبيل الله- تعالى-. |