تفسير و معنى الآية 49 من سورة التوبة عدة تفاسير, سورة التوبة : عدد الآيات 129 - الصفحة 195 - الجزء 10.
التفسير الميسر |
---|
ومِن هؤلاء المنافقين من يطلب الإذن للقعود عن الجهاد ويقول: لا توقعْني في الابتلاء بما يعرض لي في حالة الخروج من فتنة النساء. لقد سقط هؤلاء المنافقون في فتنة النفاق الكبرى. فإن جهنم لمحيطة بالكافرين بالله واليوم الآخر، فلا يُفْلِت منهم أحد. |
تفسير الجلالين |
---|
«ومنهم من يقول ائذن لي» في التخلف «ولا تفتنِّي» وهو الجد بن قيس قال له النبي صلى الله عليه وسلم هل لك في جلاد بني الأصفر؟ فقال: إني مغرّم بالنساء وأخشى إن رأيت ُ نساء بني الأصفر ألا أصبر عنهن فأُفتتن، قال تعالى: «ألا في الفتنة سقطوا» بالتخلُّف، وقرئ سقط «وإن جهنم لمحيطة بالكافرين» لا محيص لهم عنها. |
تفسير السعدي |
---|
أي: ومن هؤلاء المنافقين من يستأذن في التخلف، ويعتذر بعذر آخر عجيب، فيقول: ائْذَنْ لِي في التخلف وَلَا تَفْتِنِّي في الخروج، فإني إذا خرجت، فرأيت نساء بين الأصفر لا أصبر عنهن، كما قال ذلك الجد بن قيسومقصوده قبحه اللّه الرياء والنفاق بأن مقصودي مقصود حسن، فإن في خروجي فتنة وتعرضا للشر، وفي عدم خروجي عافية وكفا عن الشر.قال اللّه تعالى مبينا كذب هذا القول: أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا فإنه على تقدير صدق هذا القائل في قصده، [فإن] في التخلف مفسدة كبرى وفتنة عظمى محققة، وهي معصية اللّه ومعصية رسوله، والتجرؤ على الإثم الكبير، والوزر العظيم، وأما الخروج فمفسدة قليلة بالنسبة للتخلف، وهي متوهمة، مع أن هذا القائل قصده التخلف لا غير، ولهذا توعدهم اللّه بقوله: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ليس لهم عنها مفر ولا مناص، ولا فكاك، ولا خلاص. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ) نزلت في جد بن قيس المنافق ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تجهز لغزوة تبوك قال : يا أبا وهب هل لك في جلاد بني الأصفر؟ يعني الروم ، تتخذ منهم سراري ووصفاء ، فقال جد : يا رسول الله لقد عرف قومي أني رجل مغرم بالنساء ، وإني أخشى إن رأيت بنات بني الأصفر أن لا أصبر عنهن ، ائذن لي في القعود ولا تفتني بهن وأعينك بمالي . قال ابن عباس : اعتل جد بن قيس ولم تكن له علة إلا النفاق ، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أذنت لك فأنزل الله عز وجل : ( ومنهم ) يعني من المنافقين ( من يقول ائذن لي ) في التخلف ( ولا تفتني ) ببنات الأصفر . قال قتادة : ولا تؤثمني : ( ألا في الفتنة سقطوا ) أي : في الشرك والإثم وقعوا بنفاقهم وخلافهم أمر الله وأمر رسوله ، ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ) مطبقة بهم وجامعة لهم فيها . |
تفسير الوسيط |
---|
روى محمد بن إسحاق ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبى بكر، وعاصم بن قتادة وغيرهم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو في جهازه- أى لغزوة تبوك- للجد بن قيس أخى بنى سلمة: «هل لك يا جد في جلاد بنى الأصفر» ؟ - يعنى الروم- فقال الجد: يا رسول الله أو تأذن لي ولا تفتني؟ فو الله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجبا بالنساء منى، وإنى أخشى إن رأيت نساء بنى الأصفر ألا أصبر عنهن، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك» .ففي الجد بن قيس نزلت هذه الآية وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي .أى: ومن هؤلاء المنافقين الذين لم ينته الحديث عنهم بعد «من يقول» لك- يا محمد-«ائذن لي» في القعود بالمدينة، «ولا تفتني» أى ولا توقعني في المعصية والإثم بسبب خروجي معك إلى تبوك، ومشاهدتى لنساء بنى الأصفر.وعبر- سبحانه- عن قول هذا المنافق بالفعل المضارع، لاستحضار تلك الحال لغرابتها، فإن مثله في نفاقه وفجوره لا يخشى إثم الافتتان بالنساء إذ لا يجد من دينه مانعا من غشيان الشهوات الحرام.وقوله: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا رد عليه فيما قال، وذم له على ما تفوه به.أى: ألا إن هذا وأمثاله في ذات الفتنة قد سقطوا، لا في أى شيء آخر مغاير لها.وبدأ- سبحانه- الجملة الكريمة بأداة التنبيه «ألا» ، لتأكيد الخبر، وتوجيه الأسماع إلى ما اشتمل عليه من توبيخ لهؤلاء المنافقين.وقدم الجار والمجرور على عامله للدلالة على الحصر. أى فيها لا في غيرها قد سقطوا وهووا إلى قاع سحيق.قال الآلوسى: وفي التعبير عن الافتتان بالسقوط في الفتنة، تنزيل لها منزلة المهواة المهلكة المفصحة عن ترديهم في دركات الردى أسفل سافلين .وقال الفخرى الرازي ما ملخصه: «وفيه تنبيه على أن القوم إنما اختاروا القعود لئلا يقعوا في الفتنة، فالله- تعالى- بيّن أنهم في عين الفتنة واقعون، لأن أعظم أنواع الفتنة الكفر بالله وبرسوله، والتمرد على قبول التكاليف التي كلفنا الله بها..» .وقوله: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ وعيد وتهديد لهم على أقوالهم وأفعالهم.أى: وإن جهنم لمحيطة بهؤلاء الكافرين بما جاء من عند الله، دون أن يكون لهم منها مهرب أو مفر.وعبر عن إحاطتها بهم باسم الفاعل الدال على الحال، لإفادة تحقيق ذلك حتى لكأنه واقع مشاهد.قالوا: ويحتمل أنها محيطة بهم الآن، بأن يراد بجهنم الأسباب الموصلة إليها من الكفر والنفاق وغير ذلك من الرذائل التي سقطوا فيها. |