تفسير و معنى الآية 53 من سورة هود عدة تفاسير, سورة هود : عدد الآيات 123 - الصفحة 227 - الجزء 12.
التفسير الميسر |
---|
قالوا: يا هود ما جئتنا بحجة واضحة على صحة ما تدعونا إليه، وما نحن بتاركي آلهتنا التي نعبدها من أجل قولك، وما نحن بمصدِّقين لك فيما تدَّعيه. |
تفسير الجلالين |
---|
«قالوا يا هود ما جئتنا ببيِّنة» برهان على قولك «وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك» أي لقولك «وما نحن لك بمؤمنين». |
تفسير السعدي |
---|
ف قَالُوا رادين لقوله: يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ إن كان قصدهم بالبينة البينة التي يقترحونها، فهذه غير لازمة للحق، بل اللازم أن يأتي النبي بآية تدل على صحة ما جاء به، وإن كان قصدهم أنه لم يأتهم ببينة، تشهد لما قاله بالصحة، فقد كذبوا في ذلك، فإنه ما جاء نبي لقومه، إلا وبعث الله على يديه، من الآيات ما يؤمن على مثله البشر.ولو لم يكن له آية، إلا دعوته إياهم لإخلاص الدين لله، وحده لا شريك له، والأمر بكل عمل صالح، وخلق جميل، والنهي عن كل خلق ذميم من الشرك بالله، والفواحش، والظلم، وأنواع المنكرات، مع ما هو مشتمل عليه هود، عليه السلام، من الصفات، التي لا تكون إلا لخيار الخلق وأصدقهم، لكفى بها آيات وأدلة، على صدقه.بل أهل العقول، وأولو الألباب، يرون أن هذه الآية، أكبر من مجرد الخوارق، التي يراها بعض الناس، هي المعجزات فقط. ومن آياته، وبيناته الدالة على صدقه، أنه شخص واحد، ليس له أنصار ولا أعوان، وهو يصرخ في قومه، ويناديهم، ويعجزهم، ويقول لهم: إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ وهم الأعداء الذين لهم السطوة والغلبة، ويريدون إطفاء ما معه من النور، بأي طريق كان، وهو غير مكترث منهم، ولا مبال بهم، وهم عاجزون لا يقدرون أن ينالوه بشيء من السوء، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.وقولهم: وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ أي: لا نترك عبادة آلهتنا لمجرد قولك، الذي ما أقمت عليه بينة بزعمهم، وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ وهذا تأييس منهم لنبيهم، هود عليه السلام, في إيمانهم، وأنهم لا يزالون في كفرهم يعمهون. |
تفسير البغوي |
---|
( قالوا يا هود ما جئتنا ببينة ) أي : ببرهان وحجة واضحة على ما تقول ، ( وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك ) أي : بقولك ، ( وما نحن لك بمؤمنين ) بمصدقين . |
تفسير الوسيط |
---|
ولكن قوم هود- عليه السلام- قابلوا كل ذلك بالتطاول عليه، والسخرية منه فقالوا:قالُوا يا هُودُ ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ ...والبينة: ما يتبين به الحق من الباطل. أى: قالوا له يا هود إنك لم تجئنا بحجة تقنعنا بأنك على الحق فيما تدعو إليه، وترضى نفوسنا وطباعنا وعاداتنا.ثم أضافوا إلى ذلك قولهم: وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا عَنْ قَوْلِكَ.أى: وما نحن بتاركي آلهتنا بسبب قولك لنا الخالي عن الدليل: اتركوا عبادتها واجعلوا عبادتكم لله وحده.ثم أكدوا إصرارهم على كفرهم بقولهم وَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أى: بمستجيبين لك ومصدقين.ثم أضافوا إلى إصرارهم هذا استخفافا به وبما يدعو إليه فقالوا: «إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ... » .ومعنى اعتراك: أصابك ومسك. يقال عراه الأمر واعتراه أى أصابه، وأصله من قولهم:عراه يعروه، أى: غشيه وأصابه. ومنه قول الشاعر:وإنى لتعرونى لذكراك هزة ... أى: تصيبني.أى: ما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك، وما نحن لك بمتبعين، بل عليك أن تيأس يأسا تاما من استجابتنا لك، وحالتك التي نراها بأعيننا تجعلنا نقول لك: إن سبك لآلهتنا جعل بعضها- لا كلها- يتسلط عليك، ويوجه قدرته نحوك، فيصيبك بالجنون والهذيان والأمراض.ولم يقولوا: «اعتراك آلهتنا بسوء» بل قالوا: بَعْضُ آلِهَتِنا تهديدا له وإشارة إلى أنه لو تصدت له جميع الآلهة لأهلكته إهلاكا.وهكذا نراهم قد ردوا على نبيهم ومرشدهم بأربعة ردود، تدرجوا فيها من السيئ إلى الأسوأ، ومن القبيح إلى الأقبح.. مما يدل على توغلهم في الطغيان، وبلوغهم النهاية في العناد والكفر والجحود.قال صاحب الكشاف ما ملخصه: «إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء..» .أى: مسك بجنون لسبك إياها، وصدك عنها، وعداوتك لها، مكافأة لك منها على سوء فعلك بسوء الجزاء، فمن ثم صرت تتكلم بكلام المجانين وتهذى بهذيان المبرسمين.ثم قال. وقد دلت ردودهم المتقدمة على أن القوم كانوا جفاة غلاظ الأكباد، لا يبالون بالبهت، ولا يلتفتون إلى النصح، ولا تلين شكيمتهم للرشد.وهذا الأخير دال على جهل مفرط، وبله متناه، حيث اعتقدوا في حجارة أنها تنتصر وتنتقم ... » .والآن وبعد أن استمع هود- عليه السلام- إلى ردودهم القبيحة ماذا كان موقفه منهم؟لقد كان موقفه منهم: موقف المتبرئ من شركهم، والمتحدى لطغيانهم والمعتمد على الله- تعالى- وحده في الانتصار عليهم، ولقد حكى القرآن رده عليهم فقال: |