تفسير و معنى الآية 61 من سورة هود عدة تفاسير, سورة هود : عدد الآيات 123 - الصفحة 228 - الجزء 12.
التفسير الميسر |
---|
وأرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحًا، فقال لهم: يا قوم اعبدوا الله وحده ليس لكم من إله يستحق العبادة غيره جل وعلا، فأخلصوا له العبادة، هو الذي بدأ خَلْقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها، وجعلكم عُمَّارا لها، فاسألوه أن يغفر لكم ذنوبكم، وارجعوا إليه بالتوبة النصوح. إن ربي قريب لمن أخلص له العبادة، ورغب إليه في التوبة، مجيب له إذا دعاه. |
تفسير الجلالين |
---|
«و» أرسلنا «إلى ثمود أخاهم» من القبيلة «صالحا قال يا قوم اعبدوا الله» وحدوه «ما لكم من إله غيره هو أنشأكم» ابتدأ خلقكم «من الأرض» بخلق أبيكم آدم منها «واستعمركم فيها» جعلكم عمارا تسكنون بها «فاستغفروه» من الشرك «ثم توبوا» ارجعوا «إليه» بالطاعة «إن ربي قريب» من خلقه بعلمه «مجيب» لمن سأله. |
تفسير السعدي |
---|
أي: و أرسلنا إِلَى ثَمُودَ وهم: عاد الثانية، المعروفون، الذين يسكنون الحجر، ووادي القرى، أَخَاهُمْ في النسب صَالِحًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يدعوهم إلى عبادة الله وحده، ف قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ أي: وحدوه، وأخلصوا له الدين مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ لا من أهل السماء، ولا من أهل الأرض. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي: خلقكم فيها وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا أي: استخلفكم فيها، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة، ومكنكم في الأرض، تبنون، وتغرسون، وتزرعون، وتحرثون ما شئتم، وتنتفعون بمنافعها، وتستغلون مصالحها، فكما أنه لا شريك له في جميع ذلك، فلا تشركوا به في عبادته. فَاسْتَغْفِرُوهُ مما صدر منكم، من الكفر، والشرك، والمعاصي, وأقلعوا عنها، ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ أي: ارجعوا إليه بالتوبة النصوح، والإنابة، إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ أي: قريب ممن دعاه دعاء مسألة، أو دعاء عبادة، يجيبه بإعطائه سؤله، وقبول عبادته، وإثابته عليها، أجل الثواب، واعلم أن قربه تعالى نوعان: عام، وخاص، فالقرب العام: قربه بعلمه، من جميع الخلق، وهو المذكور في قوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ والقرب الخاص: قربه من عابديه، وسائليه، ومحبيه، وهو المذكور في قوله تعالى وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ وفي هذه الآية، وفي قوله تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ وهذا النوع، قرب يقتضي إلطافه تعالى، وإجابته لدعواتهم، وتحقيقه لمراداتهم، ولهذا يقرن، باسمه "القريب" اسمه "المجيب" |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( وإلى ثمود أخاهم صالحا ) أي : أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا في النسب لا في الدين ( قال يا قوم اعبدوا الله ) وحدوا الله عز وجل ، ( ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض ) ابتدأ خلقكم ، ( من الأرض ) وذلك أنهم من آدم عليه السلام وآدم خلق من الأرض ، ( واستعمركم فيها ) أي : جعلكم عمارها وسكانها ، وقال الضحاك : أطال عمركم فيها حتى كان الواحد منهم يعيش ثلاثمائة سنة إلى ألف سنة . وكذلك قوم عاد .قال مجاهد : أعمركم من العمرى ، أي : جعلها لكم ما عشتم . وقال قتادة : أسكنكم فيها .( فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب ) من المؤمنين ، ( مجيب ) لدعائهم . |
تفسير الوسيط |
---|
هذه قصة صالح- عليه السلام- مع قومه كما ذكرتها هذه السورة، وقد وردت هذه القصة في سور أخرى منها سورة الأعراف، والشعراء، والنمل، والقمر.وصالح- عليه السلام- ينتهى نسبه إلى نوح- عليه السلام- فهو صالح بن عبيد بن آصف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود ... بن نوح.وثمود: اسم للقبيلة التي منها صالح، سميت باسم جدها ثمود، وقيل سميت بذلك لقلة مائها، لأن الثمد هو الماء القليل.وكانت مساكنهم بالحجر- بكسر الحاء وسكون الجيم- وهو مكان يقع بين الحجاز والشام إلى وادي القرى، وموقعه الآن- تقريبا- المنطقة التي بين الحجاز وشرق الأردن، وما يزال المكان الذي كانوا يسكنونه يسمى بمدائن صالح حتى اليوم.وقبيلة صالح من القبائل العربية، وكانوا خلفاء لقوم هود- عليه السلام فقد قال- سبحانه-: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً.. .وكانوا يعبدون الأصنام، فأرسل الله- تعالى- إليهم صالحا ليأمرهم بعبادة الله وحده.وقوله: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ..معطوف على ما قبله من قصتي نوح وهود- عليهما السلام- أى: وأرسلنا إلى قبيلة ثمود أخاهم في النسب والموطن صالحا- عليه السلام فقال لهم تلك الكلمة التي قالها كل نبي لقومه: يا قوم اعبدوا الله وحده، فهو الإله الذي خلقكم ورزقكم، وليس هناك من إله سواه يفعل ذلك.ثم ذكرهم بقدرة الله- تعالى- وبنعمه عليهم فقال: هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها.والإنشاء: الإيجاد والإحداث للشيء على غير مثال سابق.واستعمركم من الإعمار ضد الخراب فالسين والتاء للمبالغة. يقال: أعمر فلان فلانا في المكان واستعمره، أى جعله يعمره بأنواع البناء والغرس والزرع.أى: اعبدوا الله- تعالى- وحده، لأنه- سبحانه- هو الذي ابتدأ خلقكم من هذه الأرض، وأبوكم آدم ما خلق إلا منها وهو الذي جعلكم المعمرين لها، والساكنين فيها تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً....قال- تعالى- في شأنهم.. أَتُتْرَكُونَ فِي ما هاهُنا آمِنِينَ. فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ. وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ. وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ. فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ. .فأنت ترى أن صالحا- عليه السلام- قد ذكرهم بجانب من مظاهر قدرة الله ومن أفضاله عليهم، لكي يستميلهم إلى التفكر والتدبر، وإلى تصديقه فيما يدعوهم إليه.والفاء في قوله فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ للتفريع على ما تقدم.أى: إذا كان الله- تعالى- هو الذي أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فعليكم أن تخلصوا له العبادة، وأن تطلبوا مغفرته عما سلف منكم من ذنوب.ثم تتوبوا إليه توبة صادقة: تجعلكم تندمون على ما كان منكم في الماضي من شرك وكفر، وتعزمون على التمسك بكل ما يرضى الله- تعالى- في المستقبل.ثم فتح أمامهم باب الأمل في رحمة الله- تعالى- فقال: إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ.أى: إن ربي قريب الرحمة من المحسنين، مجيب لدعاء الداعين المخلصين، فاقبلوا على عبادته وطاعته، ولا تقنطوا من رحمة الله. |