تفسير و معنى الآية 64 من سورة يونس عدة تفاسير, سورة يونس : عدد الآيات 109 - الصفحة 216 - الجزء 11.
التفسير الميسر |
---|
لهؤلاء الأولياء البشارة من الله في الحياة الدنيا بما يسرُّهم، وفي الآخرة بالجنة، لا يخلف الله وعده ولا يغيِّره، ذلك هو الفوز العظيم؛ لأنه اشتمل على النجاة مِن كل محذور، والظَّفَر بكل مطلوب محبوب. |
تفسير الجلالين |
---|
«لهم البشرى في الحياة الدنيا» فسرت في حديث صححه الحاكم بالرؤيا الصالحة يراها الرجل أو تُرى له «وفي الآخرة» الجنة والثواب «لا تبديل لكلمات الله» لا خلف لمواعيده «ذلك» المذكور «هو الفوز العظيم». |
تفسير السعدي |
---|
فكل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله [تعالى] وليًا، و لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِأما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق.وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَوفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ بل ما وعد الله فهو حق، لا يمكن تغييره ولا تبديله، لأنه الصادق في قيله، الذي لا يقدر أحد أن يخالفه فيما قدره وقضاه.ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ لأنه اشتمل على النجاة من كل محذور، والظفر بكل مطلوب محبوب، وحصر الفوز فيه، لأنه لا فوز لغير أهل الإيمان والتقوى.والحاصل أن البشرى شاملة لكل خير وثواب، رتبه الله في الدنيا والآخرة، على الإيمان والتقوى، ولهذا أطلق ذلك، فلم يقيده. |
تفسير البغوي |
---|
( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) اختلفوا في هذه البشرى : روي عن عبادة بن الصامت قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : " لهم البشرى في الحياة الدنيا " ، قال : " هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، حدثنا شعيب ، عن الزهري ، حدثني سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " ، قالوا : وما المبشرات؟ قال : " الرؤيا الصالحة " .وقيل : البشرى في الدنيا هي : الثناء الحسن ، وفي الآخرة : الجنة .أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا عبد الرزاق بن أبي شريح ، أخبرنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة عن أبي عمران الجوني قال : سمعت عبد الله بن الصامت قال : قال أبو ذر : يا رسول الله الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس؟ قال : " تلك عاجل بشرى المؤمن " . وأخرج مسلم بن الحجاج هذا الحديث عن يحيى بن يحيى عن حماد بن زيد عن أبي عمران ، وقال : " ويحمده الناس عليه " . .وقال الزهري وقتادة : هي نزول الملائكة بالبشارة من الله تعالى عند الموت ، قال الله تعالى : " تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون " ( فصلت - 30 )وقال عطاء عن ابن عباس : البشرى في الدنيا ، يريد : عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة ، وفي الآخرة عند خروج نفس المؤمن ، يعرج بها إلى الله ، ويبشر برضوان الله .وقال الحسن : هي ما بشر الله المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه ، كقوله : " وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات " ( البقرة - 25 ) ، " وبشر المؤمنين " ( الأحزاب - 47 ) " وأبشروا بالجنة " ( فصلت - 30 ) .وقيل : بشرهم في الدنيا بالكتاب والرسول أنهم أولياء الله ، ويبشرهم في القبور وفي كتب أعمالهم بالجنة .( لا تبديل لكلمات الله ) لا تغيير لقوله ، ولا خلف لوعده . ( ذلك هو الفوز العظيم ) |
تفسير الوسيط |
---|
وقوله- سبحانه-هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِزيادة تكريم وتشريف لهم.والبشرى والبشارة: الخبر السار، فهو أخص من الخبر، وسمى بذلك لأن أثره يظهر على البشرة وهي ظاهر جلد الإنسان، فيجعله متهلل الوجه، منبسط الأسارير، مبتهج النفس.أى: لهم ما يسرهم ويسعدهم في الدنيا من حياة آمنة طيبة، ولهم- أيضا- في الآخرة ما يسرهم من فوز برضوان الله، ومن دخول جنته.قال الآلوسى ما ملخصه: «والثابت في أكثر الروايات، أن البشرى في الحياة الدنيا، هي الرؤيا الصالحة.. فقد أخرج الطيالسي وأحمد والدارمي والترمذي.. وغيرهم عن عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله- تعالى-هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيافقال: «هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له» .وقيل المراد بالبشرى: البشرى العاجلة نحو النصر والغنيمة والثناء الحسن، والذكر الجميل، ومحبة الناس، وغير ذلك.ثم قال: وأنت تعلم أنه لا ينبغي العدول عما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسير ذلك إذا صح. وحيث عدل من عدل لعدم وقوفه على ذلك فيما أظن، فالأولى أن تحمل البشرى في الدارين على البشارة بما يحقق نفى الخوف والحزن كائنا ما كان ... » .وقوله: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أى: لا تغيير ولا خلف لأقوال الله- تعالى- ولا لما وعد به عباده الصالحين من وعود حسنة، على رأسها هذه البشرى التي تسعدهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة.واسم الإشارة في قوله- تعالى-لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُيعود إلى ما ذكر من البشرى في الدارين.أى: ذلك المذكور من أن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة، هو الفوز العظيم الذي لا فوز وراءه، والذي لا يفوقه نجاح أو فضل.هذا، وقد نقل الشيخ القاسمى- رحمه الله- كلاما حسنا من كتاب «الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان» فقال ما ملخصه:هذه الآيات أصل في بيان أولياء الله، وقد بين- سبحانه- في كتابه، وبين رسوله في سنته أن لله أولياء من الناس، كما أن للشيطان أولياء.وإذا عرف أن الناس فيهم أولياء الرحمن، وأولياء الشيطان، فيجب أن يفرق بين هؤلاء وهؤلاء، كما فرق الله ورسوله بينهما، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون. كما في هذه الآية، وفي الحديث الصحيح: «من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، أو فقد آذنته بالحرب..»والولاية ضد العداوة، وأصل الولاية المحبة والقرب، وأصل العداوة البغض والبعد، وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه، وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم، وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين.. فلا يكون وليا إلا من آمن به واتبعه، ومن خالفه كان من أولياء الشيطان ...وإذا كان أولياءه الله هم المؤمنون المتقون، فبحسب إيمان العبد وتقواه تكون ولايته لله- تعالى- فمن كان أكمل إيمانا وتقوى، كان أكمل ولاية لله. فالناس متفاضلون في ولاية الله- عز وجل- بحسب تفاضلهم في الإيمان والتقوى.ومن أظهر الولاية وهو لا يؤدى الفرائض، ولا يجتنب المحارم، كان كاذبا في دعواه، أو كان مجنونا.وليس لأولياء الله شيء يتميزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس، ولا بحلق شعر أو تقصير.. بل يوجدون في جميع طبقات الأمة. فيوجدون في أهل القرآن، وأهل العلم، وفي أهل الجهاد والسيف، وفي التجار والزراع والصناع ...وليس من شرط الولي أن يكون معصوما لا يغلط ولا يخطئ، بل يجوز أن يخفى عليه بعض علم الشريعة، ويجوز أن يشتبه عليه بعض أمور الدين..» . |