تفسير و معنى الآية 64 من سورة التوبة عدة تفاسير, سورة التوبة : عدد الآيات 129 - الصفحة 197 - الجزء 10.
التفسير الميسر |
---|
يخاف المنافقون أن تنزل في شأنهم سورة تخبرهم بما يضمرونه في قلوبهم من الكفر، قل لهم -أيها النبي-: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية، إن الله مخرج حقيقة ما تحذرون. |
تفسير الجلالين |
---|
«يحذر» يخاف «المنافقون أن تنزل عليهم» أي المؤمنين «سورة تنبئهم بما في قلوبهم» من النفاق وهم مع ذلك يستهزئون «قل استهزؤا» أمر تهديد «إن الله مخرج» مظهر «ما تحذرون» إخراجه من نفاقكم. |
تفسير السعدي |
---|
كانت هذه السورة الكريمة تسمى الفاضحة لأنها بينت أسرار المنافقين، وهتكت أستارهم، فما زال اللّه يقول: ومنهم ومنهم، ويذكر أوصافهم، إلا أنه لم يعين أشخاصهم لفائدتين: إحداهما: أن اللّه سِتِّيرٌ يحب الستر على عباده.والثانية: أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين، الذين توجه إليهم الخطاب وغيرهم إلي يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعم وأنسب، حتى خافوا غاية الخوف.قال اللّه تعالى: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًاوقال هنا يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ أي: تخبرهم وتفضحهم، وتبين أسرارهم، حتى تكون علانية لعباده، ويكونوا عبرة للمعتبرين.قُلِ اسْتَهْزِئُوا أي: استمروا على ما أنتم عليه من الاستهزاء والسخرية. إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وقد وفَّى تعالى بوعده، فأنزل هذه السورة التي بينتهم وفضحتهم، وهتكت أستارهم. |
تفسير البغوي |
---|
يحذر المنافقون ) أي : يخشى المنافقون ، ( أن تنزل عليهم ) أي : تنزل على المؤمنين ، ( سورة تنبئهم بما في قلوبهم ) أي : بما في قلوب المنافقين من الحسد والعداوة للمؤمنين ، كانوا يقولون فيما بينهم ويسرون ويخافون الفضيحة بنزول القرآن في شأنهم .قال قتادة : هذه السورة تسمى الفاضحة والمبعثرة والمثيرة ، أثارت مخازيهم ومثالبهم .قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أنزل الله تعالى ذكر سبعين رجلا من المنافقين بأسمائهم وأسماء آبائهم ثم نسخ ذكر الأسماء رحمة للمؤمنين ، لئلا يعير بعضهم بعضا ، لأن أولادهم كانوا مؤمنين . ( قل استهزئوا إن الله مخرج ) مظهر ( ما تحذرون ) .قال ابن كيسان : نزلت هذه الآية في اثني عشر رجلا من المنافقين ، وقفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة لما رجع من غزوة تبوك ليفتكوا به إذا علاها ، ومعهم رجل مسلم يخفيهم شأنه ، وتنكروا له في ليلة مظلمة ، فأخبر جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدروا ، وأمره أن يرسل إليهم من يضرب وجوه رواحلهم ، وعمار بن ياسر يقود برسول الله صلى الله عليه وسلم راحلته ، وحذيفة يسوق به ، فقال لحذيفة : اضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحاها ، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحذيفة : من عرفت من القوم؟ قال : لم أعرف منهم أحدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإنهم فلان وفلان حتى عدهم كلهم ، فقال حذيفة : ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟ فقال : أكره أن تقول العرب . لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم ، بل يكفيناهم الله بالدبيلة " .أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي نضرة عن قيس بن عبادة قال : قلنا لعمار : أرأيت قتالكم ، أرأيا رأيتموه؟ فإن الرأي يخطئ ويصيب ، أو عهدا عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافة ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في أمتي - قال شعبة وأحسبه قال : حدثني حذيفة قال : في أمتي - اثنا عشر منافقا لا يدخلون الجنة ، ولا يجدون ريحها ، حتى يلج الجمل في سم الخياط ، ثمانية منهم تكفيهم الدبيلة ، سراج من النار يظهر في أكتافهم ، حتى ينجم من صدورهم " . |
تفسير الوسيط |
---|
قال صاحب المنار: هذه الآيات في بيان شأن آخر من شئون المنافقين التي كشفت سوأتهم فيها غزوة تبوك. أخرج ابن أبى شيبة وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله- تعالى-: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ ...قال: كانوا يقولون القول فيما بينهم ثم يقولون: عسى أن لا يفشى علينا هذا.وعن قتادة قال: كانت هذه السورة تسمى الفاضحة. فاضحة المنافقين، وكان يقال لها المنبئة. أنبأت بمثالبهم وعوراتهم .والضمير في قوله: عَلَيْهِمْ وفي قوله: تُنَبِّئُهُمْ يعود على المنافقين. فيكون المعنى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ ويخافون من أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ أى: في شأنهم وحالهم «سورة من سور القرآن الكريم» ، تنبئهم بما في قلوبهم. أى: تخبرهم بما انطوت عليه قلوبهم من أسرار خفية، ومن أقوال كانوا يتناقلونها فيما بينهم، ويحرصون على إخفائها عن المؤمنين.وفي التعبير بقوله: تُنَبِّئُهُمْ مبالغة في كون السورة مشتملة على أسرارهم، حتى أنها تعلم من أحوالهم الباطنة مالا يعلمونه هم عن أنفسهم، فتنبئهم بهذا الذي لا يعلمونه، وتنعى عليهم قبائحهم ورذائلهم. وتذيع على الناس ما كانوا يخشون ظهوره من أقوال ذميمة، وأفعال أثيمة.ومنهم من يرى أن الضمير في قوله عَلَيْهِمْ وقوله: تُنَبِّئُهُمْ يعود على المؤمنين، فيكون المعنى: يحذر المنافقون ويخشون من أن تنزل على المؤمنين سورة تخبرهم بما في قلوب المنافقين من أضغان وأحقاد وفسوق عن أمر الله.وقد ذكر هذين الوجهين صاحب الكشاف فقال: والضمير في «عليهم» و «تنبئهم» للمؤمنين، و «في قلوبهم» للمنافقين. وصح ذلك لأن المعنى يقود إليه.ويجوز أن تكون الضمائر للمنافقين: لأن السورة إذا نزلت في معناهم- أى في شأنهم وأحوالهم- فهي نازلة عليهم. ومعنى «تنبئهم بما في قلوبهم» كأنها تقول لهم: في قلوبكم كيت وكيت: يعنى أنها تذيع أسرارهم عليهم حتى يسمعوها مذاعة منتشرة فكأنها تخبرهم بها» .وقال الإمام الرازي. فإن قيل: المنافق كافر فكيف يحذر نزول الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قلنا فيه وجوه؟قال أبو مسلم: هذا حذر أظهره المنافقون على وجه الاستهزاء حين رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر كل شيء، ويدعى أنه عن الوحى، وكان المنافقون يكذبون بذلك فيما بينهم، فأخبر الله رسوله بذلك، وأمره أن يعلمهم أنه يظهر سرهم الذي حذروا ظهوره، وفي قوله: قُلِ اسْتَهْزِؤُا دلالة على ما قلناه.2- أن القوم وإن كانوا كافرين بدين الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنهم شاهدوا أنه صلى الله عليه وسلم كان يخبرهم بما يضمرونه ويكتمونه، فلهذه التجربة وقع الحذر والخوف في قلوبهم.3- قال الأصم. إنهم كانوا يعرفون كون الرسول صلى الله عليه وسلم صادقا، إلا أنهم كفروا به حسدا وعنادا ...4- معنى الحذر: الأمر بالحذر. أى: ليحذر المنافقون ذلك.5- أنهم كانوا شاكين في صحة نبوته، وما كانوا قاطعين بفسادها، والشاك خائف، فلهذا السبب خافوا أن ينزل عليه في أمرهم ما يفضحهم . والذي نراه أن الرأى الخامس أقرب الآراء إلى الصواب، لأن المنافقين كانوا مترددين بين الإيمان والكفر: فهم كما وصفهم الله- تعالى- مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ....ومن شأن هذا التذبذب أن يغرس الخوف والحذر في القلوب.أى أن هذا الحذر والإشفاق. كما يقول بعض العلماء. أثر طبيعي للشك والارتياب، لأنهم لو كانوا موقنين بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم لما خطر لهم هذا الخوف على بال، ولو كانوا موقنين بتصديقه، لما كان هناك محل لهذا الحذر «لأن قلوبهم مطمئنة بالإيمان» .وقوله: قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ تهديد ووعيد لهم على نفاقهم وسوء أدبهم.أى: قل يا محمد لهؤلاء المنافقين المذبذبين بين الحق والباطل، قل لهم، على سبيل التهديد والتبكيت: افعلوا ما شئتم من الاستخفاف بتعاليم الإسلام إن الله- تعالى- مظهر ما تحذرونه من إنزال الآيات القرآنية التي تفضحكم على رءوس الأشهاد، والتي تكشف عن أسراركم، وتهتك أستاركم، وتظهر للمؤمنين ما أردتم إخفاءه عنهم.وأسند الإخراج إلى الله- تعالى- للإشارة إلى أنه- سبحانه- يخرج ما يحذرونه إخراجا لا مزيد عليه من الكشف والوضوح، حتى يحترس منهم المؤمنون ولا يغتروا بأقوالهم المعسولة. |