تفسير و معنى الآية 66 من سورة النمل عدة تفاسير, سورة النمل : عدد الآيات 93 - الصفحة 383 - الجزء 20.
التفسير الميسر |
---|
قل -أيها الرسول- لهم: لا يعلم أحد في السموات ولا في الأرض ما استأثر الله بعلمه من المغيَّبات، ولا يدرون متى هم مبعوثون مِن قبورهم عند قيام الساعة؟ بل تكامل علمهم في الآخرة، فأيقنوا بالدار الآخرة، وما فيها مِن أهوال حين عاينوها، وقد كانوا في الدنيا في شك منها، بل عميت عنها بصائرهم. |
تفسير الجلالين |
---|
«بل» بمعنى هل «أدرك» وزن أكرم، وفي قراءة أخرى ادّارَكَ بتشديد الدال وأصله تدارك أبدلت التاء دالاً وأدغمت في الدال واجتلبت همزة الوصل أي بلغ ولحق أو تتابع وتلاحق «علمهم في الآخرة» أي بها حتى سألوا عن وقت مجيئها ليس الأمر كذلك «بل هم في شك منها بل هم منها عمون» من عمى القلب وهو أبلغ مما قبله والأصل عميون استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الميم بعد حذف كسرتها. |
تفسير السعدي |
---|
بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ أي: بل ضعف، وقل ولم يكن يقينا، ولا علما واصلا إلى القلب وهذا أقل وأدنى درجة للعلم ضعفه ووهاؤه، بل ليس عندهم علم قوي ولا ضعيف وإنما هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا أي: من الآخرة، والشك زال به العلم لأن العلم بجميع مراتبه لا يجامع الشك، بَلْ هُمْ مِنْهَا أي: من الآخرة عَمُونَ قد عميت عنها بصائرهم، ولم يكن في قلوبهم من وقوعها ولا احتمال بل أنكروها واستبعدوها. |
تفسير البغوي |
---|
( بل ادارك علمهم ) قرأ أبو جعفر ، وابن كثير ، وأبو عمرو : " أدرك " على وزن أفعل أي : بلغ ولحق ، كما يقال : أدركه علمي إذا لحقه وبلغه ، يريد : ما جهلوا في الدنيا وسقط علمه عنهم علموه في الآخرة . قال مجاهد : يدرك علمهم ، ( في الآخرة ) ويعلمونها إذا عاينوها حين لا ينفعهم علمهم . قال مقاتل : بل علموا في الآخرة حين عاينوها ما شكوا وعموا عنه في الدنيا وهو قوله : ( بل هم في شك منها ) يعني : هم اليوم في شك من الساعة ، وقرأ الآخرون : " بل ادارك " موصولا مشددا مع ألف بعد الدال المشددة ، أي : تدارك وتتابع علمهم في الآخرة وتلاحق . وقيل : معناه اجتمع علمهم في الآخرة أنها كائنة ، وهم في شك في وقتهم ، فيكون بمعنى الأول . وقيل : هو على طريق الاستفهام ، معناه : هل تدارك وتتابع علمهم بذلك في الآخرة ؟ أي : لم يتتابع وضل وغاب علمهم به فلم يبلغوه ولم يدركوه ، لأن في الاستفهام ضربا من الجحد يدل عليه . قراءة ابن عباس " بلى " بإثبات الياء ، " أدارك " بفتح الألف على الاستفهام ، أي : لم يدرك ، وفي حرف أبي " أم تدارك علمهم " ، والعرب تضع " بل " موضع " أم " و " أم " موضع " بل " وجملة القول فيه : أن الله أخبر أنهم إذا بعثوا يوم القيامة يستوي علمهم في الآخرة وما وعدوا فيها من الثواب والعقاب ، وإن كانت علومهم مختلفة في الدنيا . وذكر علي بن عيسى أن معنى " بل " هاهنا : " لو " ومعناه : لو أدركوا في الدنيا ما أدركوا في الآخرة لم يشكوا .قوله - عز وجل - : ( بل هم في شك منها ) بل هم اليوم في الدنيا في شك من الساعة . ( بل هم منها عمون ) جمع عم ، وهو أعمى القلب . قال الكلبي : يقول هم جهلة بها . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- حقيقة أمرهم في الآخرة بصورة أكثر تفصيلا. فقال: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ..وقوله- تعالى-: بَلِ ادَّارَكَ ... قرأه الجمهور- بكسر اللام وتشديد الدال وبعدها ألف- وأصله تدارك، بزنة تفاعل.وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال أشهرها: أن التدارك بمعنى الاضمحلال والفناء، وأصله التتابع والتلاحق. يقال: تدارك بنو فلان، إذا تتابعوا في الهلاك، و «في» بمعنى الباء.أى: بل تتابع علم هؤلاء المشركين بشئون البعث حتى اضمحل وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا مع توافر أسبابه ومباديه من الدلائل.والمقصود: أن أسباب علمهم بأحوال الآخرة مع توافرها، قد تساقطت من اعتبارهم لكفرهم بها، فأجرى ذلك مجرى تتابعها في الانقطاع.ومنهم من يرى أن التدارك هنا التكامل، فيكون المعنى: بل تكامل علمهم بشئون الآخرة، حين يعاينون ما أعد لهم فيها من عذاب، بعد أن كانوا ينكرون البعث والحساب في الدنيا..قال الآلوسى ما ملخصه: قوله: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ إضراب عما تقدم على وجه يفيد تأكيده وتقريره.. والمعنى: بل تتابع علمهم في شأن الآخرة، التي ما ذكر من البعث حال من أحوالها، حتى انقطع وفنى، ولم يبق لهم علم بشيء مما سيكون فيها قطعا، مع توفر أسبابه، فهو ترق من وصفهم بجهل فاحش إلى وصفهم بجهل أفحش.. وجوز أن يكون «ادارك» بمعنى استحكم وتكامل.. .ويبدو لنا أن الآية الكريمة تتسع للقولين، على معنى أن المشركين اضمحل علمهم بالآخرة لكفرهم بها في الدنيا، فإذا ما بعثوا يوم القيامة وشاهدوا العذاب، أيقنوا بحقيقتها، وتكامل علمهم واستحكم بأن ما كانوا ينكرونه في الدنيا. قد صار حقيقة لا شك فيها، ولا مفر لهم من عذابها..ومن الآيات التي توضح هذا المعنى قوله- تعالى-: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ أى: علمك بما كنت تنكره في الدنيا قد صار في نهاية القوة والوضوح.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: بل أدرك علمهم في الآخرة- بسكون اللام من بل.وهمزة قطع مفتوحة مع سكون الدال في «أدرك» فهو بزنة أفعل.أى: بل كمل علمهم في الآخرة، وذلك بعد أن شاهدوا أهوالها، ورأوها بأعينهم، وقد كانوا مكذبين بها في الدنيا.وقوله- سبحانه-: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها. بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ بيان لأحوالهم في الدنيا.أى: أن هؤلاء المشركين كانوا في الدنيا يشكون في الآخرة، بل كانوا في عمى عنها، بحيث لا يفتحون بصائرهم أو أبصارهم، عما قال لهم الرسول صلّى الله عليه وسلم بشأنها.فأنت ترى أن الآية الكريمة قد انتقلت في تصوير كفر هؤلاء المشركين بالآخرة، من حالة شنيعة إلى حالة أخرى أشد منها في الشناعة والجحود.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: هذه الإضرابات الثلاثة ما معناها؟ قلت: ما هي إلا تنزيل لأحوالهم وصفهم أولا بأنهم لا يشعرون وقت البعث، ثم لا يعلمون بأن القيامة كائنة، ثم إنهم يخبطون في شك ومرية، فلا يزيلونه مع أن الإزالة مستطاعة.. ثم بما هو أسوأ حالا وهو العمى، وأن يكون مثل البهيمة قد عكف همه على بطنه وفرجه، لا يخطر بباله حق ولا باطل، ولا يفكر في عاقبة . |