تفسير و معنى الآية 7 من سورة هود عدة تفاسير, سورة هود : عدد الآيات 123 - الصفحة 222 - الجزء 12.
التفسير الميسر |
---|
وهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن في ستة أيام، وكان عرشه على الماء قبل ذلك؛ ليختبركم أيكم أحسن له طاعةً وعملا وهو ما كان خالصًا لله موافقًا لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولئن قلت -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين من قومك: إنكم مبعوثون أحياءً بعد موتكم، لسارعوا إلى التكذيب وقالوا: ما هذا القرآن الذي تتلوه علينا إلا سحر بيِّن. |
تفسير الجلالين |
---|
«وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام» أولها الأحد وآخرها الجمعة «وكان عرشه» قبل خلقهما «على الماء» وهو على متن الريح «ليبلوكم» متعلق بخلق أي خلقهما وما فيهما من منافع لكم ومصالح ليختبركم «أيكم أحسن عملا» أي أطوع لله «ولئن قلت» يا محمد لهم «إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن» ما «هذا» القرآن الناطق بالبعث أو الذي تقوله «إلا سحر مبين» بيَّن وفي قراءة ساحر: والمشار إليه النبي. |
تفسير السعدي |
---|
يخبر تعالى أنه خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ أولها يوم الأحد وآخرها يوم الجمعة و حين خلق السماوات والأرض كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ فوق السماء السابعة.فبعد أن خلق السماوات والأرض استوى عليه، يدبر الأمور، ويصرفها كيف شاء من الأحكام القدرية، والأحكام الشرعية. ولهذا قال: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي: ليمتحنكم، إذ خلق لكم ما في السماوات والأرض بأمره ونهيه، فينظر أيكم أحسن عملا.قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "أخلصه وأصوبه"قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه" ؟.فقال: إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا، لم يقبل.وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، حتى يكون خالصا صوابا.والخالص: أن يكون لوجه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة، وهذا كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ وقال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا فالله تعالى خلق الخلق لعبادته ومعرفته بأسمائه وصفاته، وأمرهم بذلك، فمن انقاد، وأدى ما أمر به، فهو من المفلحين، ومن أعرض عن ذلك، فأولئك هم الخاسرون، ولا بد أن يجمعهم في دار يجازيهم فيها على ما أمرهم به ونهاهم.ولهذا ذكر الله تكذيب المشركين بالجزاء، فقال: وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أي: ولئن قلت لهؤلاء وأخبرتهم بالبعث بعد الموت، لم يصدقوك، بل كذبوك أشد التكذيب ، وقدحوا فيما جئت به، وقالوا: إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ألا وهو الحق المبين. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ) قبل أن خلق السماء والأرض وكان ذلك الماء على متن الريح .قال كعب : خلق الله عز وجل ياقوتة خضراء ، ثم نظر إليها بالهيبة فصارت ماء يرتعد ، ثم خلق الريح ، فجعل الماء على متنها ، ثم وضع العرش على الماء . قال ضمرة : إن الله تعالى كان عرشه على الماء ثم خلق السموات والأرض ، وخلق القلم فكتب به ما هو خالق وما هو كائن من خلقه ، ثم إن ذلك الكتاب سبح الله ومجده ألف عام قبل أن يخلق شيئا من خلقه( ليبلوكم ) ليختبركم ، وهو أعلم ، ( أيكم أحسن عملا ) أعمل بطاعة الله ، وأورع عن محارم الله تعالى . ( ولئن قلت ) يا محمد ، ( إنكم مبعوثون ) أي : ( من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين ) يعنون القرآن .وقرأ حمزة والكسائي : " ساحر " يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم . |
تفسير الوسيط |
---|
ثم ساق- سبحانه- ما يشهد بعظيم قدرته فقال- تعالى-: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ....والأيام جمع يوم، والمراد به هنا مطلق الوقت الذي لا يعلم مقداره إلا الله- تعالى-.أى: وهو- سبحانه- الذي أنشأ السموات والأرض وما بينهما، على غير مثال سابق، في ستة أيام من أيامه- تعالى-، التي لا يعلم مقدار زمانها إلا هو.وقيل: أنشأهن في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا.قال سعيد بن جبير- رضى الله عنه-: كان الله قادرا على خلق السموات والأرض وما بينهما في لمحة ولحظة، فخلقهن في ستة أيام، تعليما لعباده التثبت والتأنى في الأمور.وقد جاءت آيات تدل على أنه- سبحانه- خلق الأرض في يومين، وخلق السموات في يومين وخلق ما بينهما في يومين، وهذه الآيات هي قوله- تعالى-: قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً، ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ، وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها، وَبارَكَ فِيها، وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ. ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً، قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ، وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها ... .وجملة وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ اعتراضية بين قوله خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وبين لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ويجوز أن تكون حالية من فاعل خلق وهو الله- تعالى- وعرش الله- تعالى- من الألفاظ التي لا يعلمها البشر إلا بالاسم. وقد جاء ذكر العرش في القرآن الكريم إحدى وعشرين مرة.ونحن مكلفون بأن نؤمن بأن له- سبحانه- عرشا، أما كيفيته فنفوض علمها إليه- تعالى-.والمعنى: أن الله- تعالى- خلق السموات والأرض في ستة أيام، وكان عرشه قبل خلقهما ليس تحته شيء سوى الماء.قالوا: وفي ذلك دليل على أن العرش والماء كانا موجودين قبل وجود السموات والأرض.قال القرطبي: قوله: وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ بين- سبحانه- أن خلق العرش والماء، كان قبل خلق الأرض والسماء ...ثم قال: وروى البخاري عن عمران بين حصين قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بنى تميم فقال: «اقبلوا البشرى يا بنى تميم» قالوا: بشرتنا فأعطنا. فدخل ناس من أهل اليمن فقالوا: جئنا لنتفقه في الدين، ولنسألك عن هذا الدين ونسألك عن أول هذا الأمر.قال: «إن الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء. ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء» .وقال ابن كثير بعد أن ذكر هذا الحديث وغيره: وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء.وروى الإمام أحمد عن لقيط بن عامر العقيلي قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء، ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق العرش بعد ذلك .والعماء: السحاب الرقيق، أى فوق سحاب مدبرا له، وعاليا عليه. والسحاب ليس تحته سوى الهواء، وليس فوقه سوى الهواء. والمراد أنه ليس مع الله- تعالى- شيء آخر.وقوله- سبحانه- لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا جملة تعليلية. ويبلوكم من الابتلاء بمعنى الاختبار والامتحان.أى: خلق ما خلق من السموات والأرض وما فيهما من كائنات، ورتب فيهما جميع ما تحتاجون إليه من أسباب معاشكم، ليعاملكم معاملة من يختبر غيره، ليتميز المحسن من المسيء، والمطيع من العاصي، فيجازى المحسنين والطائعين بما يستحقون من ثواب، ويعاقب المسيئين والعاصين بما هم أهله من عقاب.قال صاحب الكشاف: فإن قلت: كيف قيل: أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وأعمال المؤمنين هي التي تتفاوت الى حسن وأحسن، فأما أعمال المؤمنين والكافرين فتفاوتها إلى حسن وقبيح؟قلت: الذين هم أحسن عملا هم المتقون وهم الذين استبقوا إلى تحصيل ما هو مقصود الله- تعالى- من عباده، فخصهم بالذكر، واطرح ذكر من وراءهم، تشريفا لهم، وتنبيها على مكانهم منه، وليكون ذلك لطفا للسامعين، وترغيبا في حيازة فضلهم .ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة ببيان موقف الكافرين من البعث والحساب فقال:وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.أى، ولئن قلت يا محمد لهؤلاء الكافرين الذين أرسلك الله لإخراجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، لئن قلت لهم إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ يوم القيامة مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ الذي سيدرككم في هذه الدنيا عند نهاية آجالكم لَيَقُولَنَّ لك هؤلاء الكافرون على سبيل الإنكار والتهكم ما هذا الذي تقوله يا محمد إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أى: إلا سحر واضح جلى ظاهر لا لبس فيه ولا غموض.وقرأ حمزة والكسائي وخلف إلا ساحر مبين فتكون الإشارة بقوله هذا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أى: أنه في زعمهم يقول كلاما ليسحرهم به، وليصرفهم عما كان عليه آباؤهم وأجدادهم.ثم بين- سبحانه- بعد ذلك لونا من ألوان غرور المشركين، كما بين أحوال بعض الناس في حالتي السراء والضراء فقال- تعالى-: |