موقع الحمد لله القرآن الكريم القرآن mp3 المقالات مواقيت الصلاة
القرآن الكريم

تفسير قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم - الآية 77 من سورة الفرقان

سورة الفرقان الآية رقم 77 : شرح و تفسير الآية

تفسير و معنى الآية 77 من سورة الفرقان عدة تفاسير, سورة الفرقان : عدد الآيات 77 - الصفحة 366 - الجزء 19.

﴿ قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا ﴾
[ الفرقان: 77]


التفسير الميسر

أخبر الله تعالى أنه لا يبالي ولا يعبأ بالناس، لولا دعاؤهم إياه دعاء العبادة ودعاء المسألة، فقد كَذَّبتم-أيها الكافرون- فسوف يكون تكذيبكم مُفْضِيًا لعذاب يلزمكم لزوم الغريم لغريمه، ويهلككم في الدنيا والآخرة.

تفسير الجلالين

«قل» يا محمد لأهل مكة «ما» نافية «يعبأ» يكترث «بكم ربي لولا دعاؤكم» إياه في الشدائد فيكشفها «فقد» أي فكيف يعبأ بكم وقد «كذبتم» الرسول والقرآن «فسوف يكون» العذاب «لزاما» ملازما لكم في الآخرة بعد ما يحلّ بكم في الدنيا، فقتل منهم يوم بدر سبعون وجواب لولا دلَّ عليه ما قبلها.

تفسير السعدي

فأخبر تعالى أنه لا يبالي ولا يعبأ بغير هؤلاء وأنه لولا دعاؤكم إياه دعاء العبادة ودعاء المسألة ما عبأ بكم ولا أحبكم فقال: قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا أي: عذابا يلزمكم لزوم الغريم لغريمه وسوف يحكم الله بينكم وبين عباده المؤمنين.

تفسير البغوي

( قل ما يعبأ بكم ربي ) قال مجاهد وابن زيد : أي : ما يصنع وما يفعل بكم .
قال أبو عبيدة يقال : ما عبأت به شيئا أي : لم أعده ، فوجوده وعدمه سواء ، مجازه : أي وزن وأي مقدار لكم عنده ، ) ( لولا دعاؤكم ) إياه ، وقيل : لولا إيمانكم ، وقيل : لولا عبادتكم ، وقيل : لولا دعاؤه إياكم إلى الإسلام ، فإذا آمنتم ظهر لكم قدر .
وقال قوم : معناها : قل ما يعبأ بخلقكم ربي لولا عبادتكم وطاعتكم إياه يعني إنه خلقكم لعبادته ، كما قال : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ( الذاريات - 56 ) وهذا قول ابن عباس ومجاهد .
وقال قوم : " قل ما يعبأ " ما يبالي بمغفرتكم ربي لولا دعاؤكم معه آلهة ، أو ما يفعل بعذابكم لولا شرككم ، كما قال الله تعالى : ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ( النساء - 147 ) .
وقيل : ما يعبأ بعذابكم لولا دعاؤكم إياه في الشدائد ، كما قال : فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله ( العنكبوت - 65 ) ، وقال : فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ( الأنعام - 42 ) .
وقيل : " قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم " يقول : ما خلقتكم ولي إليكم حاجة إلا أن تسألوني فأعطيكم وتستغفروني فأغفر لكم .
) ( فقد كذبتم ) أيها الكافرون ، يخاطب أهل مكة ، يعني : إن الله دعاكم بالرسول إلى توحيده وعبادته فقد كذبتم الرسول ولم تجيبوه .
( فسوف يكون لزاما ) هذا تهديده لهم ، أي : يكون تكذيبكم لزاما ، قال ابن عباس : موتا .
وقال أبو عبيدة : هلاكا وقال ابن زيد : قتالا .
والمعنى : يكون التكذيب لازما لمن كذب ، فلا يعطى التوبة حتى يجازى بعمله .
وقال ابن جرير عذابا دائما لازما وهلاكا مقيما يلحق بعضكم ببعض .
واختلفوا فيه ، فقال قوم : هو يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون .
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومجاهد ومقاتل ، يعني : أنهم قتلوا يوم بدر واتصل بهم عذاب الآخرة لازما لهم .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عمر بن حفص بن غياث ، أخبرنا أبي ، أخبرنا الأعمش ، حدثنا مسلم ، عن مسروق قال : قال عبد الله : خمس قد مضين : الدخان ، والقمر ، والروم ، والبطشة ، واللزام " ( فسوف يكون لزاما ) وقيل : اللزام هو عذاب الآخرة .

تفسير الوسيط

قال القرطبي: يقال: ما عبأت بفلان، أى: ما باليت به.
أى: ما كان له عندي وزن ولا قدر.
وأصل يعبأ: من العبء وهو الثقل.
.
فالعبء: الحمل الثقيل، والجمع أعباء.
و «ما» استفهامية، وليس يبعد أن تكون نافية، لأنك إذا حكمت بأنها استفهام فهو نفى خرج مخرج الاستفهام، وحقيقة القول عندي أن موضع «ما» نصب والتقدير أى عبء يعبأ بكم ربي؟ أى: أى مبالاة يبالى بكم ربي لولا دعاؤكم.
.
.
هذا، وللعلماء في تفسير هذه الآية أقوال منها: أن قوله- تعالى-: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ خطاب للمؤمنين أو للناس جميعا، وأن المصدر وهو.
دعاؤكم مضاف لفاعله، وأن بقية الآية وهي قوله: فَقَدْ كَذَّبْتُمْ.
.
خطاب للكافرين، والمعنى على هذا القول:قل- أيها الرسول الكريم- للمؤمنين أو للناس جميعا، أى اعتداد لكم عند ربكم لولا دعاؤكم، أى: لولا عبادتكم له- عز وجل- أى: لولا إخلاصكم العبادة له لما اعتد بكم.
ثم أفرد الكافرين بالخطاب فقال: فَقَدْ كَذَّبْتُمْ أيها الكافرون فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً.
أى: فسوف يكون جزاء التكذيب «لزاما» أى: عذابا دائما ملازما لكم.
فلزاما مصدر لازم، كقاتل قتالا، والمراد به هنا اسم الفاعل.
وقد وضح صاحب الكشاف هذا القول فقال: لما وصف الله- تعالى- عبادة العباد، وعدد صالحاتهم وحسناتهم.
.
أتبع ذلك ببيان أنه إنما اكترث لأولئك وعبأ بهم وأعلى ذكرهم، لأجل عبادتهم فأمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يصرح للناس، ويجزم لهم القول، بأن الاكتراث لهم عند ربهم، إنما هو للعبادة وحدها لا لمعنى آخر .
.
.
وقوله فَقَدْ كَذَّبْتُمْ يقول: إذا أعلمتكم أن حكمى، أنى لا أعتد بعبادي إلا من أجل عبادتهم، فقد خالفتم بتكذيبكم حكمى، فسوف يلزمكم أثر تكذيبكم حتى يكبكم في النار.
ونظيره في الكلام أن يقول الملك لمن عصاه: «إن من عادتي أن أحسن إلى من يطيعني، ويتبع أمرى، فقد عصيت فسوف ترى ما أحل بك بسبب عصيانك .
.
.
» .
ومن العلماء من يرى أن الخطاب في الآية للكافرين، وأن المصدر مضاف لمفعوله، فيكون المعنى: قل- أيها الرسول الكريم- لهؤلاء الكافرين، ما يعبأ بكم ربي، ولا يكترث لوجودكم، لولا دعاؤه إياكم على لساني، إلى توحيده وإخلاص العبادة له، وبما أنى قد دعوتكم فكذبتم دعوتي.
فسوف يكون عاقبة ذلك ملازمة العذاب لكم.
وهذا قول جيد ولا إشكال فيه وقد تركنا بعض الأقوال لضعفها، وغناء هذين القولين عنها.
وبعد: فهذا تفسير لسورة «الفرقان» تلك السورة التي حكت شبهات المشركين وأبطلتها.
وساقت ما ساقت من تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتثبيته، وبشرت عباد الرحمن بأرفع المنازل.
ونسأل الله- تعالى- أن يجعلنا جميعا منهم، وأن يحشرنا في زمرتهم.

المصدر : تفسير : قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم