تفسير و معنى الآية 79 من سورة البقرة عدة تفاسير, سورة البقرة : عدد الآيات 286 - الصفحة 12 - الجزء 1.
التفسير الميسر |
---|
فهلاك ووعيد شديد لأحبار السوء من اليهود الذين يكتبون الكتاب بأيديهم، ثم يقولون: هذا من عند الله وهو مخالف لما أنزل الله على نبيِّه موسى عليه الصلاة والسلام؛ ليأخذوا في مقابل هذا عرض الدنيا. فلهم عقوبة مهلكة بسبب كتابتهم هذا الباطل بأيديهم، ولهم عقوبة مهلكة بسبب ما يأخذونه في المقابل من المال الحرام، كالرشوة وغيرها. |
تفسير الجلالين |
---|
«فويل» شدة عذاب «للذين يكتبون الكتاب بأيديهم» أي مختلقاً من عندهم «ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلا» من الدنيا وهم اليهود غيَّروا صفة النبي في التوراة وآية الرجم وغيرها وكتبوها على خلاف ما أنزل «فويل لهم مما كتبت أيديهم» من المختلق «وويل لهم مما يكسبون» من الرشا جمع رشوة. |
تفسير السعدي |
---|
توعد تعالى المحرفين للكتاب, الذين يقولون لتحريفهم وما يكتبون: هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وهذا فيه إظهار الباطل وكتم الحق, وإنما فعلوا ذلك مع علمهم لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا والدنيا كلها من أولها إلى آخرها ثمن قليل، فجعلوا باطلهم شركا يصطادون به ما في أيدي الناس, فظلموهم من وجهين: من جهة تلبيس دينهم عليهم, ومن جهة أخذ أموالهم بغير حق, بل بأبطل الباطل, وذلك أعظم ممن يأخذها غصبا وسرقة ونحوهما، ولهذا توعدهم بهذين الأمرين فقال: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ أي: من التحريف والباطل وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ من الأموال، والويل: شدة العذاب والحسرة, وفي ضمنها الوعيد الشديد. قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله: أَفَتَطْمَعُونَ إلى يَكْسِبُونَ فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه, وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة, على ما أصله من البدع الباطلة. وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني, وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، ومتناول لمن كتب كتابا بيده مخالفا لكتاب الله, لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله, مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين, وهذا معنى الكتاب والسنة, وهذا معقول السلف والأئمة, وهذا هو أصول الدين, الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية، ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة, لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله. وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة, كالرافضة, وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء. |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى: فويل قال الزجاج: "ويل كلمة يقولها كل واقع في هلكة".وقيل: هو دعاء الكفار على أنفسهم بالويل والثبور، وقال ابن عباس: "شدة العذاب"، وقال سعيد بن المسيب: "ويل واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لانماعت من شدة حره".أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة أنا طاهر محمد بن أحمد بن الحارث أنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي أنا عبد الله بن محمود أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الخلال أنا عبد الله بن المبارك عن رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث أنه حدث عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفاً قبل أن يبلغ قعره، والصعود جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفاً ثم يهوي فهو كذلك".للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً وذلك أن أحبار اليهود خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإيمان به فعمدوا إلى صفته في التوراة، وكانت صفته فيها: حسن الوجه، حسن الشعر، أكحل العينين، ربعة، فغيروها وكتبوا مكانها طوال أزرق سبط الشعر فإذا سألهم سفلتهم عن صفته قرؤوا ما كتبوا فيجدونه مخالفاً لصفته فيكذبونه وينكرونه.قال الله تعالى: فويل لهم مما كتبت أيديهم يعني ما كتبوا بأنفسهم اختراعاً من تغيير نعت محمد صلى الله عليه وسلم.وويل لهم مما يكسبون من المآكل ويقال: من المعاصي. |
تفسير الوسيط |
---|
وبعد أن بين القرآن الكريم فرق اليهود، توعد الذين يحرفون الكلم عن مواضعه بسوء المصير فقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ:والمعنى: فهلاك وفضيحة وخزي لأولئك الأحبار من اليهود الذين يكتبون الكتابات المحرفة والتأويلات الفاسدة بأيديهم، بدلا مما اشتملت عليه الكتب من حقائق، ثم يقولون لجهالهم ومقلديهم كذبا وبهتانا هذا من عند الله، ومن نصوص التوراة التي أنزلها الله على موسى، ليأخذوا في نظير ذلك عرضا يسيرا من حطام الدنيا، فعقوبة عظيمة لهم بسبب ما قاموا به من تحريف وتبديل لكلام الله، وخزي كبير لهم من أجل ما اكتسبوه من أموال بغير حق.فالآية الكريمة فيها تهديد شديد لأحبار اليهود الذين تجرءوا على كتاب الله بالتحريف والتبديل، وباعوا دينهم بدنياهم، وزعموا أن ما كتبوه هو من عند الله.وصرح- سبحانه- بأن الكتابة بِأَيْدِيهِمْ ليؤكد أنهم قد باشروها عن تعمد وقصد، وليدفع توهم أنهم أمروا غيرهم بكتابتها، ولتصور حالتهم في النفوس كما وقعت، حتى ليكاد السامع لذلك أن يكون مشاهدا لهيئتهم.وقوله تعالى: ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كشف عن كذبهم وفجورهم، فهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ثم يزعمون أنه من عند الله ليتقبله أتباعهم بقوة واطمئنان.ثم بين- سبحانه- العلة التي حملتهم على التحريف والكذب فقال تعالى: لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أى كتبوا الكتابة بأيديهم، ونسبوها إلى الله زورا وبهتانا ليحصلوا على عرض قليل من أعراض الدنيا، كاجتلاب الأموال الحرام، وانتحال العلم لأنفسهم والطمع في الرئاسة والجاه، وإرضاء العامة بما يوافق أهواءهم.وعبر- سبحانه- عن الثمن بأنه قليل، لأنه مهما كثر فهو قليل بالنسبة إلى ما استوجبوه من العذاب، وحرموه من الثواب المقيم.وقوله تعالى: فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ تهديد لهم مرتب على كتابة الكتاب المحرف، وعلى أكلهم أموال الناس بالباطل، فهو وعيد لهم على الوسيلة- وهي الكتابة- وعلى الغاية- وهي أخذ المال بغير حق-.قال الشيخ القاسمى: قال الراغب: فإن قيل: لم ذكر يَكْسِبُونَ بلفظ المستقبل، وكَتَبَتْ بلفظ الماضي؟ قيل: تنبيها على ما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم، «من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» فنبه بالآية إلى أن ما أثبتوه من التأويلات الفاسدة التي يعتمدها الجهلة هو اكتساب وزر يكتسبونه حالا فحالا، وعبر بالكتابة دون القول لأنها متضمنة له وزيادة، فهي كذب باللسان واليد. وكلام اليد يبقى رسمه، أما القول فقد يضمحل أثره» .وبهذا تكون الآيات الكريمة قد دمغت اليهود برذيلة التحريف لكلام الله عن تعمد وإصرار ووصفتهم بالنفاق والخداع، ووبختهم على بلادة أذهانهم وسوء تصورهم لعلم الله- تعالى- وتوعدتهم بسوء المصير جزاء كذبهم على الله. |