تفسير و معنى الآية 8 من سورة فاطر عدة تفاسير, سورة فاطر : عدد الآيات 45 - الصفحة 435 - الجزء 22.
التفسير الميسر |
---|
أفمن حسَّن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما دونه من الآلهة والأوثان فرآه حسنًا جميلا كمَن هداه الله تعالى، فرأى الحسن حسنًا والسيئ سيئًا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده، ويهدي من يشاء، فلا تُهْلك نفسك حزنًا على كفر هؤلاء الضالين، إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء. |
تفسير الجلالين |
---|
ونزل في أبي جهل وغيره «أفمن زينَ له سوء عمله» بالتمويه «فرآه حسنا» من مبتدأ خبره كمن هداه الله؟ لا، دل عليه «فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم» على المزيَّن لهم «حسرات» باغتمامك ألا يؤمنوا «إن الله عليم بما يصنعون» فيجازيهم عليه. |
تفسير السعدي |
---|
يقول تعالى: أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ عمله السيئ، القبيح، زينه له الشيطان، وحسنه في عينه. فَرَآهُ حَسَنًا أي: كمن هداه اللّه إلى الصراط المستقيم والدين القويم، فهل يستوي هذا وهذا؟فالأول: عمل السيئ، ورأى الحق باطلا، والباطل حقا.والثاني: عمل الحسن، ورأى الحق حقا، والباطل باطلا، ولكن الهداية والإضلال بيد اللّه تعالى، فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ أي: على الضالين الذين زين لهم سوء أعمالهم، وصدهم الشيطان عن الحق حَسَرَاتٍ فليس عليك إلا البلاغ، وليس عليك من هداهم شيء، والله [هو] الذي يجازيهم بأعمالهم. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ |
تفسير البغوي |
---|
قوله تعالى : ( أفمن زين له سوء عمله ) قال ابن عباس : نزلت في أبي جهل ومشركي مكة .وقال سعيد بن جبير : نزلت في أصحاب الأهواء والبدع .وقال قتادة : منهم الخوارج الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم ، فأما أهل الكبائر فليسوا منهم ، لأنهم لا يستحلون الكبائر .( أفمن زين ) شبه وموه عليه وحسن ( له سوء عمله ) أي : قبيح عمله ( فرآه حسنا ) زين له الشيطان ذلك بالوسواس .وفي الآية حذف مجازه : أفمن زين له سوء عمله فرأى الباطل حقا كمن هداه الله فرأى الحق حقا والباطل باطلا ؟ ( فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء )وقيل : جوابه تحت قوله ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) فيكون معناه : أفمن زين له سوء عمله فأضله الله ذهبت نفسك عليه حسرة ، أي : تتحسر عليه فلا تذهب نفسك عليهم حسرات .وقال الحسين بن الفضل : فيه تقديم وتأخير مجازه : أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ، فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ، والحسرة شدة الحزن على ما فات من الأمر ، ومعنى الآية : لا تغتم بكفرهم وهلاكهم إن لم يؤمنوا .وقرأ أبو جعفر : " فلا تذهب " بضم التاء وكسر الهاء " نفسك " نصب ( إن الله عليم بما يصنعون ) |
تفسير الوسيط |
---|
ثم بين- سبحانه- الفرق الشاسع بين المؤمن والكافر، والمطيع، والعاصي، فقال:أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ...والاستفهام للإنكار. و «من» موصولة في موضع رفع على الابتداء. والجملة بعدها صلتها، والخبر محذوف لدلالة الكلام عليه، وزُيِّنَ من التزيين بمعنى التحسين. وقوله سُوءُ عَمَلِهِ أى: عمله السيئ، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف.والمعنى: أفمن زين له الشيطان عمله السيئ، فرآه حسنا، كمن ليس كذلك؟ كلا إنهما لا يستويان في عرف أى عاقل، فإن الشخص الذي ارتكب الأفعال القبيحة التي زينها له الشيطان، أو نفسه الأمارة بالسوء، أو هواه.. مصيره إلى الشقاء والتعاسة.أما الشخص الذي خالف الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء، والهوى المردى.. فمصيره إلى السعادة والفلاح.وقد صرح- سبحانه- بالأمرين في آيات منها قوله- تعالى- أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ، كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ؟وجملة فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ تعليل لسببية التزيين لرؤية القبيح حسنا..أى: هؤلاء الذين يعملون الأعمال السيئة، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لا قدرة لك على هدايتهم- أيها الرسول الكريم- فإن الله- تعالى- وحده، هو الذي يضل من يشاء إضلاله، ويهدى من يشاء هدايته.والفاء في قوله- تعالى-: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ للتفريع. والحسرات جمعه حسرة، وهي أشد ما يعترى الإنسان من ندم على أمر قد مضى وانتهى والجار والمجرور «عليهم» متعلق بقوله «حسرات» .أى: إذا كان الأمر كما أخبرناك- أيها الرسول الكريم- فامض في طريقك وبلغ رسالة ربك، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ولا تهلك نفسك هما وغما وحزنا من أجل هؤلاء الذين أعرضوا عن الحق، واعتنقوا الباطل، وظنوا أنهم بذلك يحسنون صنعا..ثم ختم- سبحانه- الآية الكريمة بما يزيد في تسلية الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقال- تعالى-:إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ.أى: إن الله- تعالى- لا يخفى عليه شيء مما يفعله هؤلاء الجاهلون من أفعال قبيحة، وسيجازيهم يوم القيامة بما يستحقونه من عقاب.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ .وقوله- سبحانه-: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً.وبعد هذه التسلية من الله- تعالى- لرسوله صلّى الله عليه وسلّم وبعد هذا التحذير من وسوسة الشيطان ومن خداعه، وبعد هذا البيان لسوء عاقبة الكافرين، وحسن عاقبة المؤمنين، بعد كل ذلك.. ساقت السورة الكريمة ألوانا من نعم الله- تعالى- على عباده، ومن رحمته بهم، نرى ذلك في الرياح وفي السحب، وفي البحار والأنهار، وفي الليل نهار، وفي الشمس القمر.. وفي غير ذلك من النعم الظاهرة والباطنة في هذا الكون.قال- تعالى-: |