تفسير و معنى الآية 92 من سورة الأنعام عدة تفاسير, سورة الأنعام : عدد الآيات 165 - الصفحة 139 - الجزء 7.
التفسير الميسر |
---|
وهذا القرآن كتاب أنزلناه إليك -أيها الرسول- عظيم النفع، مصدق لما تقدمه من الكتب السماوية، أنزلناه لنخوِّف به من عذاب الله وبأسه أهل "مكة" ومن حولها من أهل أقطار الأرض كلها. والذين يصدقون بالحياة الآخرة، يصدقون بأن القرآن كلام الله، ويحافظون على إقام الصلاة في أوقاتها. |
تفسير الجلالين |
---|
«وهذا» القرآن «كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه» قبله من الكتب «ولتنذر» بالتاء والياء عطف على معنى ما قبله أي أنزلناه للبركة والتصديق ولتنذر به «أم القرى ومن حولها» أي أهل مكة وسائر الناس «والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون» خوفا من عقابها. |
تفسير السعدي |
---|
أي: وَهَذَا ْ القرآن الذي أَنْزَلْنَاهُ ْ إليك مُبَارَكٌ ْ أي: وَصْفُه البركة، وذلك لكثرة خيراته، وسعة مبراته. مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ْ أي: موافق للكتب السابقة، وشاهد لها بالصدق. وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ْ أي: وأنزلناه أيضا لتنذر أم القرى، وهي: مكة المكرمة، ومن حولها، من ديار العرب، بل، ومن سائر البلدان. فتحذر الناس عقوبة الله، وأخذه الأمم، وتحذرهم مما يوجب ذلك. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ ْ لأن الخوف إذا كان في القلب عمرت أركانه، وانقاد لمراضي الله. وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ْ أي: يداومون عليها، ويحفظون أركانها وحدودها وشروطها وآدابها، ومكملاتها. جعلنا الله منهم. |
تفسير البغوي |
---|
( وهذا كتاب أنزلناه مبارك ) أي : القرآن كتاب مبارك أنزلناه ( مصدق الذي بين يديه ولتنذر ) يا محمد ، قرأ أبو بكر عن عاصم " ولينذر " بالياء أي : ولينذر الكتاب ، ( أم القرى ) يعني : مكة سميت أم القرى لأن الأرض دحيت من تحتها ، فهي أصل الأرض كلها كالأم أصل النسل ، وأراد أهل أم القرى ( ومن حولها ) أي : أهل الأرض كلها شرقا وغربا ( والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به ) بالكتاب ، ( وهم على صلاتهم ) يعني : الصلوات الخمس ، ( يحافظون ) يداومون ، يعني : المؤمنين . |
تفسير الوسيط |
---|
وتوجيه الخطاب إلى اليهود لا يتنافى مع كونها مكية، لأنه ليس بلازم أن يكون كل قرآن مكي خطابا لغير اليهود.وبعد أن أبطل- سبحانه- بالدليل قول من قال «ما أنزل الله على بشر من شيء» أتبعه ببيان أن هذا القرآن من عند الله وأنه مصدق للكتب السماوية السابقة ومهيمن عليها فقال- تعالى-:وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ.والمعنى: وهذا القرآن كتاب أنزلناه على قلبك يا محمد وهذا الكتاب من صفاته أنه مبارك أى: كثير الفوائد لاشتماله على منافع الدين والدنيا.والمبارك اسم مفعول من باركه وبارك فيه، إذا جعل له البركة، ومعناها كثرة الخير ونماؤه.وقدم هنا وصفه بالإنزال على وصفه بالبركة بخلاف قوله «وهذا ذكر مبارك أنزلناه» لأن الأهم هنا وصفه بالإنزال، إذ جاء عقيب إنكارهم أن ينزل الله على بشر من شيء بخلافه هناك.ووقعت الصفة الأولى جملة فعلية لأن الإنزال يتجدد وقتا فوقتا، والثانية اسمية لأن الاسم يدل على الثبوت والاستقرار وهو مقصود هنا أى: أن بركته ثابتة مستقرة.قال الإمام الرازي: العلوم إما نظرية وإما عملية، أما العلوم النظرية فأشرفها وأكملها معرفة ذات الله وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه، ولا ترى في هذه العلوم أكمل ولا أشرف مما تجده في هذا الكتاب، وأما العلوم العملية فالمطلوب إما أعمال الجوارح، وإما أعمال القلب، وهو المسمى بطهارة الأخلاق وتزكية النفس، ولا تجد هذين العلمين مثل ما تجده في هذا الكتاب، ثم قد جرت سنة الله بأن الباحث فيه والمتمسك به يحصل له عز الدنيا وسعادة الآخرة» .وقوله مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ أى أن هذا القرآن موافق ومؤيد للكتب التي قبله في إثبات التوحيد ونفى الشرك، وفي سائر أصول الشرائع التي لا تنسخ.وقوله: وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها أى: ولتنذر بهذا الكتاب أم القرى أى مكة، ومن حولها من أطراف الأرض شرقا وغربا لعموم بعثته صلى الله عليه وسلم قال- تعالى- وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ وقال- تعالى- قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً، وسميت مكة بأم القرى لأنها مكان أول بيت وضع للناس، ولأنها قبلة أهل القرى كلها ومحجهم، ولأنها أعظم القرى شأنا وغيرها كالتبع لها كما يتبع الفرع الأصل، وفي ذكرها بهذا الاسم المنبئ عما ذكر إشعار بأن إنذار أهلها مستتبع لإنذار أهل الأرض كافة.ووجه الاقتصار على مكة ومن حولها في هذه الآية أنهم الذين جرى الكلام والجدال معهم في قوله- تعالى- قبل ذلك وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ.قال الآلوسى: ويمكن أن يقال خصهم بالذكر لأنهم الأحق بإنذاره صلى الله عليه وسلم فهو كقوله- تعالى-:وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ولذا أنزل كتاب كل رسول بلسان قومه» .وقال صاحب المنار «وزعم بعض اليهود المتقدمين وغيرهم أن المراد بمن حولها بلاد العرب فخصه بمن قرب منها عرفا، واستدلوا به على أن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم خاصة بقومه العرب.والاستدلال باطل وإن سلم التخصيص المذكور، فإن إرساله إلى قومه لا ينافي إرساله إلى غيرهم، وقد ثبت عموم بعثته صلى الله عليه وسلم من آيات أخرى كقوله- تعالى- وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً .وقوله وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ.أى: والذين يؤمنون بالآخرة وما فيها من ثواب وعقاب يؤمنون بهذا الكتاب الذي أنزله الله هداية ورحمة لأن من صدق بالآخرة خاف العاقبة، وحرص على العمل الصالح الذي ينفعه.ثم ختمت الآية بهذا الثناء الجميل عليهم فقالت وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ أى يؤدونها في أوقاتها مقيمين لأركانها وآدابها في خشوع واطمئنان، وخصت الصلاة بالذكر لكونها أشرف العبادات وأعظمها خطرا بعد الإيمان.قال الإمام الرازي: «ويكفيها شرفا أنه لم يقع اسم الإيمان على شيء من العبادات الظاهرة إلا عليها كما في قوله- تعالى- وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ أى صلاتكم، ولم يقع اسم الكفر على شيء من المعاصي إلا على ترك الصلاة، ففي الحديث الشريف «من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر» فلما اختصت الصلاة بهذا النوع من التشريف لا جرم خصها الله بالذكر في هذا المقام» . |