أحاديث و آيات عن الاستغفار
معنى الاستغفار لغة : الغَفْرُ التغطية وبابه ضرب و المِغْفَرُ بوزن المِبضع زرد يُنسج على قدر الرأس يُلبس تحت القَلَنسوة و غفره : ستره . وكل شئ سترته فقد غفرته . وتقول العرب : اصبغ ثوبك بالسواد فهو أغفر لوسخه : أي أحمل له وأغطى له . وغفر المتاع : جعله في الوعاء ، أدخله وستره وأوعاه ،كذلك غفر الشيب بالخضاب : غطاه والغفر والمغفرة : التغطية على الذنوب والعفو عنها .
والغفور . والغفار والغافر : من صفات الله تعالى ، وهما من أبنية المبالغة ، ومعناهما ، الساتر لذنوب عباده ، المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم .
و الاستغفار طلب المغفرة من الله :
أ ـ بمحو الذنوب.
ب ـ وستر العيوب .
و لأهمية الاستغفار و فضله نورد لكم مجموعة من الآيات و الأحاديث عن الاستغفار و التي اوردها الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه الأذكار :
- قال الله تعالى : (واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) [ غافر : 55 ]
- وقال تعالى : (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) [ محمد : 19 ]
- وقال تعالى : (واستغفروا الله إن الله كان غفورا رحيما) [ النساء : 106 ]
- وقال تعالى : (للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله ، والله بصير بالعباد ، الذين يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار ، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار) [ آل عمران : 15 - 17 ]
- وقال تعالى : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) [ الأنفال : 33 ]
- وقال تعالى : (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ، ومن يغفر الذنوب إلا الله ؟ ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون) [ آل عمران : 135 ]
- وقال تعالى : (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) [ النساء : 110 ]
- وقال تعالى : (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه...) الآية [ هود : 3 ]
- وقال تعالى إخبارا عن نوح (صلى الله عليه وسلم) : (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا) [ نوح : 10 ] وقال تعالى حكاية عن هود (صلى الله عليه وسلم) : (ويا قوم استغفروا ربكم ثم
- توبوا إليه..) الآية [ هود : 52 ] والآيات في الاستغفار كثيرة معروفة ، ويحصل التنبيه ببعض ما ذكرناه.
وأما الأحاديث الواردة في الاستغفار ، فلا يمكن استقصاؤها ، لكني أشير إلى أطراف من ذلك.
- روينا في " صحيح مسلم " عن الأغر المزني الصحابي رضي الله تعالى عنه : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة ".
- وروينا في " صحيح البخاري " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ".
- وروينا في " صحيح البخاري " أيضا عن شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " سيد الاستغفار أن يقول العبد : اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك ، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت ، أعوذ بك من شر ما صنعت ، أبوء لك بنعمتك علي ، وأبوء بذنبي ، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، من قالها بالنهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة ، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة " قلت : أبوء : بضم الباء وبعد الواو همزة ممدودة ، ومعناه : أقر وأعترف.
- وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : " كنا نعد لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المجلس الواحد مائة مرة : رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم " قال الترمذي : حديث صحيح.
- وروينا في سنن أبي داود وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم
فرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب ".
- وروينا في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم ".
- وروينا في سنن أبي داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يعجبه أن يدعو ثلاثا ، ويستغفر ثلاثا "
- وروينا في كتابي أبي داود والترمذي عن مولى لابي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة " قال الترمذي
- وروينا في كتاب الترمذي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " قال الله تعالى : يا بن آدم ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالي ، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ، يابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم أتيتني لا تشرك بي شيئا لاتيتك بقرابها مغفرة " قال الترمذي : حديث حسن.
قلت : عنان السماء بفتح العين : وهو السحاب ،
واحدتها عنانة ، وقيل العنان : ما عن لك منها ، أي ما اعترض وظهر لك إذا رفعت رأسك.
وأما قراب الأرض ، فروي بضم القاف وكسرها ، والضم هو المشهور ، ومعناه : ما يقارب ملاها ، وممن حكى كسرها صاحب " المطالع ".
- وروينا في سنن ابن ماجه بإسناد جيد عن عبد الله بن بسر - بضم الباء وبالسين المهملة - رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا ".
- وروينا في سنن أبي داود والترمذي عن ابن مسعود (1) رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " من قال : أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف " قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم.
قلت : وهذا الباب واسع جدا ، واختصاره أقرب إلى ضبطه ، فنقتصر على هذا القدر منه.
ومما يتعلق بالاستغفار ما جاء عن الربيع بن خثيم رضي الله تعالى عنه قال : لا يقل أحدكم : أستغفر الله وأتوب إليه فيكون ذنبا وكذبا إن لم يفعل ، بل يقول : اللهم اغفر لي وتب علي ، وهذا الذي قاله من قوله : اللهم اغفر لي وتب علي حسن.
وأما كراهته " أستغفر الله " وتسميته كذبا فلا نوافق عليه ، لان معنى أستغفر الله : أطلب مغفرته ، وليس في هذا كذب ، ويكفي في رده حديث ابن مسعود المذكور قبله.
وعن الفضيل بن عباس رضي الله تعالى عنه : استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين.
ويقاربه ما جاء عن رابعة العدوية رضي الله تعالى عنها قالت : استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير.
وعن بعض الأعراب أنه تعلق بأستار الكعبة وهو يقول : اللهم إن استغفاري مع إصراري لؤم ، وإن تركي الاستغفار مع علمي بسعة عفوك لعجز ، فكم تتحبب إلي بالنعم مع غناك عني ، وأتبغض إليك بالمعاصي مع فقري إليك ، يا من إذا وعد وفى ، وإذا توعد تجاوز وعفا ، أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين.