أحكام الشركات في الاسلام
الشركات
الشركات
1- تعريف الشركة لغة واصطلاحاً:
الشركة لغة: بكسر الشين وسكون الراء، أو بفتح الشين وكسر الراء وسكونها هي الاختلاط، سواء أكان بعقد أم بغير عقد، وسواء أكان في الأموال أم في غيرها، قال الله تعالى: {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: 12] وقال سبحانه خطاباً لإبليس: {وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ} [الإسراء: 64] وقال سبحانه على لسان موسى عليه السلام: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [طه: 32].
الشركة اصطلاحاً:
عرّف الحنابلة الشركة: هي الاجتماع في استحقاق أو تصرف. والذي يظهر من التعريف أن الشركة عندهم قسمان وهما الشركة في الاستحقاق، والشركة في التصرف.
وعرّف المالكية الشركة: هي إذن في التصرف لهما مع أنفسهما، أي أن يأذن كل واحد من الشريكين لصاحبه في أن يتصرف في مال لهما مع بقاء حق التصرف لكل منهما.
وعرّف الشافعية الشركة: الشركة ثبوت الحق في شيء لاثنين فأكثر على جهة الشيوع هذا بمعناها العام، وأما الشركة بمعناها الخاص فقد عرفها الشافعية بأنها: العقد الذي يحدث بالاختيار بقصد التصرف وتحصيل الربح.
وعرّف الحنفية الشركة: هي عبارة عن عقد بين المتشاركين في الأصل والربح.
قد ثبت جواز الشركة ومشروعيتها من حيث هي بالكتاب والسنة والإجماع.
أما القرآن الكريم: فقوله تعالى في ميراث الإخوة من الأم: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} وقوله سبحانه في قصة داود مع الخصمين: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] والخلطاء الشركاء، وهذا وإن كان شرع من قبلنا، فإن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا لم يأت في شريعتنا ما ينسخه. هذا عند جمهرة من العلماء.
وأما السنة:
1- فالحديث القدسي الذي أخرجه أبو داود والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزّ وجل: "أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خانه خرجت من بينهما" ومعنى الحديث: أنا معهما بالحفظ والإعانة، فأمدهما بالمعونة في أموالهما، وأنزل البركة في تجارتهما، فإذا وقعت بينهما الخيانة رفعت البركة والإعانة عنهما، وهو معنى خرجت من بينهما.
2- خبر السائب بن أبي السائب صيفي بن عائذ المخزومي أنه كان شريك النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث في التجارة، فلما جاء إليه يوم الفتح قال: مرحباً بأخي وشريكي، لا يداري ولا يماري - أي لا يخالف ولا ينازع -، وهذا من الرسول عليه الصلاة والسلام تقرير للشركة.
3- إقرار الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد بعث الرسول عليه الصلاة والسلام، وهاجر إلى المدينة، ووجد الناس يتعاملون بالشركة فأقرهم ولم ينههم. روي أن البراء بن عازب وزيد بن أرقم كانا شريكين، فاشتريا فضة بنقد ونسيئة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما أنّ ما كان بنقد فأجيزوه، وما كان نسيئة فردّوه"
الإجماع: فقد أجمع المسلمون على جواز الشركة في الجملة، وإنما اختلفوا في جواز أنواع منها كما سيأتي.
الحكمة من تشريع الشركة بوجه عام هو وجود الحاجة الماسة إليها، لذلك أجازها الإسلام سداً لهذه الحاجة، وتحقيقاً للتعاون البناء بين أفراد المجتمع، إذ من الناس من يكون عنده المال، ولكنه لم يوهب من الطاقة والقدرة ما يمكنه من أن يقوم وحده بإدارة أمواله وأعماله، إنه يحسن المساهمة في العمل، ولكنه لا يستطيع أن ينفرد به.
ومن الناس من يكون على العكس من ذلك، لديهم القدرة على الأعمال، ولكنهم ذوو مال قليل، أبطأت به قلة المال عن التسابق في ميدان الكسب.
فبالشركة يجد الفريق الأول من الناس من يعاونه، ويجد الفريق الثاني من يمده بالمال، ويتحقق من التعاون بين الفريقين المصلحة لهما، وبالشركة بينهما تتعاون القدرات والأموال في تنمية الموارد وتلبية الحاجات.
4- أقسام الشركة:
الشركة قسمان: شركة أملاك وشركة عقد
آ- شركة الملك:
هي أن يملك اثنان أو أكثر عيناً إرثاً، أو شراء أو اتهاباً أو وصية أو نحو ذلك.
وهذه الشركة منها ما يكون إجبارياً، وهو ما لا يكون بفعل الشريكين كالإرث، ومنها ما يكون اختيارياً. وهو ما يكون بفعل الشريكين كما في الشراء، وقبول الهدية والهبة والوصية.
وحكم هذه الشركة بنوعيها: هو أن، كل واحد من الشريكين أجنبي في نصيب وقسط صاحبه، فلا يجوز له أن يتصرف فيه إلا بإذنه، كما في مال غيره من الأجانب، إذ لا ولاية لأحدهما في نصيب الآخر.
ب- شركة العقد:
شركة العقد هذه هي المقصودة ببحث الشركة عند الفقهاء:
ذكر فقهاء الحنابلة لشركة العقد خمسة أنواع، وهي: شركة العنان، وشركة المفاوضة، وشركة الأبدان، وشركة الوجوه، وشركة المضاربة.
وذكر الحنفية لشركة العقد ستة أنواع، وهي شركة الأموال، وشركة الأعمال، وشركة الوجوه، وكل نوع من هذه الأنواع الثلاثة إما مفاوضة أو عنان.
وذكر الشافعية والمالكية لشركة العقد أربعة أنواع، وهي: شركة العنان، وشركة المفاوضة، وشركة الأبدان، وشركة الوجوه.
تعريف شركة العنان:
آ- هي أن يشترك شخصان في مال لهما على أن يتجرا به والربح بينهما: وشركة العنان هذه جائزة بإجماع الفقهاء: وإنما اختلفوا في بعض شروطها.
حكم شركة العنان، وشروطها عند الحنفية:
آ- حكم شركة العنان:
شركة العنان هذه جائزة عند جميع الفقهاء، وإن كانوا قد اختلفوا في بعض شروطها.
ب- شروط شركة العنان عند الحنفية:
اشترط الحنفية لصحة شركة العنان شروطاً هي كما يلي:
1- أن يكون المعقود عليه قابلاً للوكالة، لأن من حكم الشركة ثبوت الاشتراك في المستفاد بالتجارة، ولا يصير المستفاد مشتركاً بينهما إلا أن يكون كل واحد وكيلاً عن صاحبه في النصف، وأصيلاً في النصف الآخر، فصار كل واحد منهما وكيلاً عن صاحبه بمقتضى عقد الشركة. فلا تصح في مباح كاحتطاب واحتشاش واصطياد، فإن الملك في كل ذلك لمن باشر السبب.
2- أن يكون الربح معلوم القدر، بأن تكون حصة كل شريك من الربح نسبة معلومة منه، كخمسه أو عشره، فإن كان الربح مجهولاً فسدت الشركة، لأن الربح هو المعقود عليه، وجهالة المعقود عليه تستوجب فساد العقد.
3- أن يكون الربح جزءاً شائعاً في الجملة غير معين، فإن عينا ربحاً معيناً كعشرة أو مائة كانت الشركة فاسدة، لأن العقد يقتضي تحقق الاشتراك في الربح، ومن الجائز أن لا يحصل ربح إلا بالمقدار المعين لأحد الشريكين، فكان التعيين منافياً لمقتضى عقد الشركة.
وهذه الشروط الثلاثة تجري في شركات العقود جميعها.
4- أن يكون رأس مال الشركة عيناً حاضراً عند الشراء، فلا يجوز أن يكون رأس المال ديناً، ولا مالاً غائباً، لأن المقصود من الشركة الربح، وذلك بواسطة التصرف، والتصرف لا يمكن إلا بالعين الحاضرة، فلا يتحقق المقصود من الشركة في حال غياب المال، ولأن المدين قد لا يدفع الدين، وقد لا يستطيع الشريك إحضار المال الغائب.
وعلى هذا: لو دفع إنسان لآخر ألف دينار، وقال له: أخرج مثلها واشتر بها وبع، فما ربحت يكون بيننا مناصفة، فأخرج ألفاً واشترى بها وأقام البينة على ذلك جاز.
فالمهم هو حضور المال عند الشراء، ولا يشترط عند العقد، لأن الشركة تتم بالشراء، فيعتبر الحضور عند ذاك.
ولا يشترط خلط المالين لأنَّ الشركة تشتمل على الوكالة، فما جاز التوكيل به جازت الشركة فيه، والتوكيل جائز في المالين قبل الخلط، فكذا الشركة، قالوا: وإنما كان ما هلك قبل الاختلاط من نصيب صاحبه خاصة، لأن الشركة لا تتم إلا بالشراء، فما هلك قبله هلك قبل تمام الشركة، فلا تعتبر، حتى لو هلك بعد الشراء بأحدهما كان الهالك من المالين جميعاً، لأنه هلك بعد تمام العقد.
5- أن يكون رأس المال الشركة أثماناً مطلقة - وهي التي لا تتعين بالتعيين - وهي الدراهم والدنانير، ومثل الدنانير النقود المتداولة الآن، فلا تصح شركة العنان في العروض - وهي الأمتعة - واحتجوا على ذلك بأمرين.
الأول: أن الشركة في العروض تؤدي إلى جهالة الربح عند القسمة، لأن رأس المال يكون قيمة العروض لا عينها، والقيمة مجهولة لأنها تعرف بالحزر والظن، فيصير مجهولاً، فيؤدي إلى المنازعة عند القسمة وهذا المعنى لا يوجد في الدراهم والدنانير، لأن رأس المال عند القسمة في الدراهم والدنانير عينها، فلا يؤدي إلى جهالة الربح.
الثاني: أنه يؤول إلى ربح ما لا يضمن، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن. رواه الترمذي.
حكم الشركة بالتبر والنقرة عند الحنفية:
التبر: ما كان من الذهب غير مضروب.
النقرة: القطعة المذابة من الذهب والفضة.
لقد اشترط الحنفية أن يكون رأس المال أثماناً مطلقة، وبناء على ذلك هل يصح عندهم أن يكون رأس المال تبراً أو نقرة؟
اختلفت الرواية في ذلك، فبعضهم عدها سلعة تتعين بالتعين فلا يصح أن تكون رأس مال في الشركة. وبعضهم عدها كالأثمان المطلقة فيصح أن تكون رأس مال شركة.
والصحيح أنه إن جرى التعامل بها بين الناس جاز، وإلا فلا يجوز.
هل هناك طريقة لصحة الشركة فيما إذا كان أحدهما يملك نقداً والآخر عروضاً؟
ذكر الحنفية طريقة لصحة الشركة فيما إذا كان أحد الشريكين يملك نقداً، والآخر يملك عروضاً، وتلك الطريقة هي أن يبيع صاحب العروض نصف ما يملك من العروض بنصف نقد ما يملك صاحب النقد، فتصبح الشركة بينهما شركة ملك، ثم يعقدان بينهما عقد شركة العنان، فيصبحان شريكين.
ولقائل أن يقول: كيف صحت شركة العنان مع أن قسماً من المال كان عروضاً، والجواب على ذلك أنها صحت في النقد أصالة وفي العروض تبعاً، ورب شيء لا يصح بالأصالة ولكنه يصح بالتبع، كبيع الشرب تبعاً للأرض.
حكم الشركة إذا كان رأس المال فلوساً:
الفلوس: جمع فلس وهو قطعة مضروبة من النحاس يتعامل بها الناس، ومثلها ما يتعامل الناس به الآن، من النقود المصنوعة من غير النحاس من المعادن كالنيكل.
ذهب أحد أصحاب أبي حنيفة إن الفلوس الرائجة يصح أن تكون رأس مال للشركة، لأن الفلوس تروج رواج الأثمان فالتحقت بالنقود، فكانت من الأثمان المطلقة، ويبنى على جعلها أثماناً مطلقة مسألتين:
إحداهما: أنها لا تتعين بالتعيين.
ثانيهما: أنه لا يصح بيع الفلس بفلسين بأعيانها.
حكم الشركة إذا كان رأس المال من المكيلات أو الموزونات أو العدديات المتقاربة:
المكيلات: كالبر والشعير والعدس وما أشبه ذلك.
والموزونات: كالنحاس والحديد والرصاص وما أشبه ذلك.
والمعدودات المتقاربة: كالبيض والجوز وما أشبه ذلك.
فهذه الأشياء هل يصح أن تكون رأس مال للشركة؟
لقد اتفق فقهاء الحنفية في أمور واختلفوا في أمور:
اتفقوا: 1- على أنه لا تصح الشركة قبل خلط رأس المال بعضه مع بعض، لأنها إنما تتعين
بالتعيين إذا كانت عيناً فكانت كالعروض.
2- على أنه لا تصح الشركة بعد الخلط إذا كانت الأموال من جنسين مختلفين كبر
وشعير مثلاً، لأن الحنطة إذا خلطت بالشعير خرجت من أن تكون ثمناً بدليل
أن مستهلكها يضمن قيمتها لا مثلها.
واختلفوا: فيما إذا كانت من جنس واحد وخلط بعضها ببعض، وذهبوا إلى رأيين:
فذهب الرأي الأول إلى أنها لا تصح، وإنما تصير بهذا الخلط شركة ملك، ووجه قوله هو أنه متمش مع الأصل الذي بنى عليه الحنفية من أن هذه الأشياء ليست أثماناً على كل حال، بل تكون تارة ثمناً وتارة مبيعاً وأنها تتعين بالتعيين فكانت كالعروض.
وذهب الرأي الثاني إلى أن الشركة تصح بعد الخلط وتكون شركة عقد، لأن هذه الأشياء ثمن من وجه حتى جاز البيع بها ديناً في الذمة، ومبيع من وجه من حيث إنها تتعين بالتعين فعمل بالشبهين بالإضافة إلى الحالين، الخلط وعدمه، فلشبهما بالمبيع قلنا لا تجوز الشركة فيها قبل الخلط ولشبهها بالثمن قلنا تجوز الشركة فيها بعد الخلط.
والرأي الأول أوجه، لأنها تتعين بالتعيين قبل الخلط وبعده.
وبعد فهل من ثمرة عملية تترتب على هذا الخلاف؟
ذكر فقهاء الحنفية أن فائدة الخلاف بين الرأيين تظهر فيما إذا استويا في رأس المال واشترطا التفاوت في الربح.
فعند الرأي الأول يكون الربح بينهما على مقدار ماليهما لا على حسب ما اشترطا.
وعند الرأي الثاني يكون الربح بينهما على حسب ما شرطا.
جواز الشركة مع تساوي المالين والتفاوت في نسبة الربح:
إذا تساوى المالان في الشركة. وجعل لأحد الشريكين زيادة من الربح على رأس ماله فهل يصح ذلك؟
نقول في الجواب على هذا السؤال: إننا أمام صور ثلاث لذلك، بعضها يصح وبعضها لا يصح، وإليك بيان هذه الصور:
الصورة الأولى: إذا تساوى المالان وشرط الشريكان العمل عليهما جميعاً، ففي هذه الصورة يجوز شرط الزيادة، ويكون الربح بينهما على ما شرطا.
الصورة الثانية: إذا تساوى المالان وشرط الشريكان العمل على أحدهما، وكانت الزيادة للذي شرط عليه العمل.
ففي هذه الصورة يجوز شرط الزيادة أيضاً، ويكون الربح بينهما على ما شرطا.
الصورة الثالثة: إذا تساوى المالان، وشرط العمل على أحدهما، ولكن شرطت الزيادة في الربح للشريك الآخر.
ففي هذه الصورة لا يجوز ذلك.
وفي قول عند الحنفية إنه لا يجوز اشتراط زيادة في الربح على رأس المال.
جواز التساوي في الربح مع التفاوت في رأس المال:
أ- فإذا كان المالان متفاوتين وشرطا العمل على كل منهما جاز ذلك، ويكون الأمر على ما شرطا، لأن هذه الزيادة قد يستحقها بزيادة في العمل.
ب- وإن شرطا العمل على من كان رأس ماله أقل، جاز أيضاً عندهم، لأنه استحق الزيادة بعمله.
جـ- وإن شرطا العمل على من كان رأس ماله أكثر، فلا يجوز، لأن زيادة الربح في حق صاحب الأقل لا يقابلها مال ولا عمل ولا ضمان.
كيف توزع الخسارة؟ :
توزع الخسارة بين الشركاء على حسب رأس المال، دون نظر إلى مقدار عملهم فيها، أو شرطهم، إذا كان هناك شرط مخالف لذلك، وذلك لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الربح على ما شرطا والوضيعة على قدر المالين".
بيان ما يترتب على شركة العنان من آثار:
إذا وقعت شركة العنان مستوفية شروطها ترتب عليها الأمور التالية:
1- تطلق يد الشركاء في مال الشركة بموجب الوكالة، ويجب عليهم العمل على حسب اتفاقهم.
2- إذا اشترى أحدهم للشركة شيئاً نفذ عليهم جميعاً لقيام الوكالة، إلا أن البائع لا يطالب غير المشتري من الشركاء، لخلو العقد عن الكفالة، ويقبل من الشريك هذا الشراء، سواء أكان نقداً أو نسيئة، بثمن المثل أو بغبن يسير، ما دام ذلك من عادات التجار.
وكذلك كل ما كان من عادات التجار فإنه يباح لهم، كالتوكيل بالبيع والرهن والمضاربة.
3- يوزع الربح بين الشركاء على حسب شرطهم في العقد، دون نظر إلى مقدار رأس مالهم.
4- توزع الخسارة بين الشركاء بحسب رأس المال كما سبق ذكره.
5- إذا هلك مال الشركة كله بطلت الشركة لفقدان محلها، كالبيع إذا هلك فيه المبيع.
أما إذا هلك مال أحد الشريكين فقط، فإن كان ذلك بعد خلط مال الشريكين أو بعد الشراء بهما فإنها لا تبطل، ويعتبر القسم الهالك مضموناً على الشركة. وإن كان هلاكه قبل الشراء أو قبل الخلط، كان الهالك مضموناً على صاحبه خاصة، ثم إن كان المال الثاني لم يشتر به للشركة بطلت الشركة، وإن كان قد اشترى به قبل هلاك الأول، كان المشترى شركة، ويرجع صاحب المال على شريكه، بمقدار حصته في الشركة.
وإن كان قد اشترى به بعد هلاك المال الأول، فإن كان العاقدان صرحا في عقد الشركة بالوكالة، كان المشترى شركة بينهما على ما شرطا في أصل المال، وإن لم يكونا قد صرحا بالوكالة في عقد الشركة كان المشترى لصاحب المال الباقي خاصة.
شروط شركة العنان عند الشافعية:
لقد اشترط الشافعية لصحة شركة العنان شروطاً هي:
1- أن يكون هناك صيغة: وهي لفظ يدل على الإذن بالتصرف، من كلّ منهما للآخر، فلا يكفي الاقتصار على قولهم اشتركنا على الأصح، لاحتمال كون ذلك إخباراً عن حصول الشركة في المال، ولا يلزم من حصولها جواز التصرف بدليل المال الموروث، فإنه تقع فيه الشركة، ولا يقع فيه جواز التصرف، وعلى ذلك لا يصح لكل واحد من الشريكين أن يتصرف إلا في نصيبه.
والقول الثاني عند الشافعية أن يكفى ذلك لفهم المقصود منه عرفاً.
2- أن يكون كل من العاقدين أهلاً للتوكيل: لأن كل واحد منهما يتصرف في ماله بالملك، وفي مال الآخر بالإذن، فكل منهما موكِّل وموكِّل.
3- أن يكون المال مثلياً: كالدراهم والدنانير والبر والشعير والحديد وما أشبه ذلك. فلا تصح بمتقوِّم كالثياب وما أشبهها. ووجه الصحة فيما عدا النقدين من المثليات أنه إذا اختلط بجنسه ارتفع التمييز بينهما فأشبه النقدين.
ووجه عدم الصحة في المتقوّمات أنها أعيان متميزة فلا يمكن الخلط، وحينئذ فقد يتلف مال أحدهما أو ينقص فلا يمكن قسمة الآخر بينهما.
وهل التبر من المثلي أو المتقوم؟ الصحيح أنه من المثلي فيجوز أن يكون رأس مال للشركة.
وهناك قول عند الشافعية أنها لا تصح الشركة إلا بالنقد المضروب الخالص من الدراهم والدنانير.
4- خلط المالين بحيث لا يتميزان: ولابدّ من كون الخلط قبل العقد، فإن وقع بعد العقد ولو في المجلس لم يكف. وتكون الشركة فاسدة.
وعلى هذا لا يكفي الخلط مع اختلاف الجنس كدراهم بدنانير، أو الصفة كدنانير صحيحة ومكسرة، وحنطة جديدة وحنطة قديمة أو بيضاء وسوداء، لإمكان التمييز بين المالين. وإن كان يعسر التمييز في بعضها.
واشتراط الخلط مشروط إذا أخرجا مالين وعقدا عليهما، فإن ملكا مالاً مشتركاً مما تصح فيه الشركة أو مما لا تصح فيه الشركة كالعروض، إن ملكا ذلك بإرث أو شراء أو غيرهما وإذن كل منهما للآخر بالتجارة فيه تمت الشركة، لأن المقصود من الخلط حاصل وهو عدم التمييز.
ومن هنا يذكر الشافعية حيلة لصحة جريان الشركة في العروض، وهي أن يبيع كل واحد منهما بعض عرضه ببعض عرض الآخر ويأذن له في التصرف.
5- أن يكون الربح والخسران على قدر المالين: سواء تساويا في العمل أم تفاوتا، لأن الربح ثمرة المالين، فكان الربح على قدرهما، كما لو كان بينهما شجرة فأثمرت أو شاة فأنتجت.
والعبرة في المال بالقيمة لا بالأجزاء، فلو خلطا قفيزاً من حنطة متقوماً بمائة، بقفيز من حنطة متقوم بخمسين، فقسمة الربح بينهما تكون ثلثين للأول، وثلثاً للثاني. وكذلك الخسران.
فإن شرطا خلاف ذلك بأن اشترطا التساوي في الربح أو الخسران مع تفاوت المال، أو شرطا التفاوت في الربح أو الخسران مع التساوي في قيمة المال فسد العقد، ويرجع كل منهما على الآخر بأجرة عمله في ماله، كشركة المضاربة إذا فسدت، وتنفذ التصرفات منهما لوجود الإذن، ويكون الربح على قدر المالين.
شروط شركة العنان عند الحنابلة:
اشترط الحنابلة لصحة شركة العنان ما يلي:
1- أن يكون كل من العاقدين أهلاً للتوكيل، لأن شركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة، لأن كل واحد منهما بدفع المال إلى صاحبه أمّنه، وبإذنه له في التصرف وكّله.
2- أن يأذن كل واحد لصاحبه في التصرف، فإن أذن له مطلقاً في جميع التجارات تصرف فيها، وإن عين له جنساً أو نوعاً أو بلداً تصرف فيه دون غيره، لأنه متصرف بالإذن، فيتعين في حقه كالوكيل.
3- أن يكون رأس المال الدراهم والدنانير، لأنها قيم الأشياء وأثمان البياعات، وعلى هذا الشرط لا يصح أن يكون رأس مال الشركة واحداً مما يلي:
أ- عروض التجارة: فلا تجوز الشركة فيها في ظاهر المذهب، وعللوا ذلك بأن الشركة في العروض إما أن تقع على أعيانها أو قيمتها أو أثمانها.
لا يجوز وقوعها على أعيانها لأن الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها فيرجع إليه، وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الآخر، فيستوعب بذلك جميع الربح أو جميع رأس المال، وقد تنقص قيمته فيؤدي إلى أن يشاركه الآخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح.
ولا يجوز وقوعها على قيمتها، لأن القيمة غير متحققة القدر فيفضي إلى التنازع، وقد يقوَّم الشيء بأكثر من قيمته، ولأن القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه، فيشاركه الآخر في العين المملوكة له.
ولا يجوز وقوعها على أثمانها، لأنها معدومة حال العقد ولا يملكانها، ولأنه إن أراد ثمنها الذي اشتراها به فقد خرج الثمن عن ملكه وصار ملكاً للبائع وإن أراد ثمنها الذي يبيعها به فإنها تصير شركة معلقة على شرط - وهو بيع الأعيان - ولا يجوز ذلك.
هذا وهناك رواية عن أحمد بجواز جعل العروض رأس مال للشركة، وتجعل قيمتها وقت العقد رأس مال.
ب- لا تصح الشركة بالنقرة، لأن قيمتها تزيد وتنقص، فحكمها حكم العروض.
جـ- لا تصح الشركة بالفلوس، وحكمها في الخلاف كحكم العروض، فإذا قلنا بجوازها فلا فرق أن تكون نافقة أو غير نافقة، فإن كانت نافقة كان رأس المال مثلها، وإن كانت كاسدة كانت قيمتها كالعروض.
د- لا تصح الشركة بالمغشوش من الدراهم والدنانير، لأن قيمتها تزيد وتنقص، اللهم إلا إذا كان الغش قليلاً جداً لمصلحة فلا يضر.
4- أن يكون رأس المال معلوماً: فلا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولاً أو جزافاً، لأنه لابدّ من الرجوع به عند الرجوع عند المفاصلة، ولا يمكن الرجوع مع الجهل والجزاف.
5- أن يكون رأس المال حاضراً: فلا يجوز بمال غائب ولا دين، لأنه لا يمكن التصرف فيه بالحال، وهو مقصود الشركة.
هذا ومن خلال ما تقدم من الشروط نستفيد الأمور التالية:
1- لا يشترط لصحتها اتفاق المالين في الجنس، ومن أجل ذلك لا يشترط خلط المالين، خلافاً ما ذهب إليه الشافعية، لأنهما من جنس الأثمان، فتصح الشركة فيهما كالجنس الواحد.
2- لا يشترط تساوي المالين في القدر، بل يجوز تفاوتهما.
3- يجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا في الربح مع تفاضلهما في المال، ويجوز أن يتفاضلا في الربح مع تساويهما في المال. وإلى هذا ذهب الحنفية كما مر، خلافاً للشافعي ومالك.
شروط شركة العنان عند المالكية:
اشترط المالكية لصحة شركة العنان ما يلي:
1- أن يكون كل من الشريكين أهلاً للتوكيل والتوكّل، وذلك بأن يكون حراً بالغاً رشيداً.
2- أن يكون هناك ما يدل على الشركة عرفاً من قول أو فعل، كأن يقول كل منهما اشتركنا أو يقوله أحدهما ويسكت الآخر، أو يقول شاركني ويرضى الآخر.
3- إذا كان رأس مال أحدهما ذهباً أو وَرِقاً اشترط في رأس مال الآخر أن يكون كذلك، فلا تصح الشركة على ذهب من أحدهما وورق من الآخر، ويشترط أيضاً بالإضافة إلى ذلك اتفاقهما في الصرف وفي الوزن، وفي الجودة أو الرداءة، وإنما شرط ذلك لتركيب هذه الشركة من البيع والوكالة.
4- أن يأذن كل واحد للآخر بالتصرف، وأن تطلق يد كل واحد منهما فيه، وذلك بأن تكون أيديهما عليه بأن يجعلاه في حانوت لهما، أو في يد وكيلهما.
5- أن يكون ربح كل منهما على مقدار رأس ماله، فلا يجوز اختلافهما في الربح مع تساويهما في رأس المال.
هذا ويستفاد من هذه الشروط الأمور التالية:
أولاً: تصح الشركة بعين من أحدهما وبعرض من الآخر.
ثانياً: تصح الشركة بعرضين، من كل واحد منهما عرض. مطلقاً سواء اتفقا في الجنس أو اختلفا، وتعتبر الشركة بقيمة العرض يوم أحضر للاشتراك.
ثالثاً: لا يصح أن يكون رأس مال كل منهما طعاماً، ولو اتفقا نوعاً وصفة وقدراً، لأنه يؤدي إلى بيع الطعام قبل قبضه، وذلك لأن كل واحد منهما باع نصف طعامه بنصف طعام الآخر، ولم يحصل قبض لبقاء يد كل واحد منهما على ما باع، فإذا باع لأجنبي كان كل واحد منهما بائعاً لما اشتراه قبل قبضه من بائعه.
رابعاً: لا يشترط خلط المالين، بل يكفي اشتراط التصرف في المال، كما أسلفنا.
تعريف المفاوضة:
المفاوضة في اللغة: المساواة:
وسميت الشركة مفاوضة لاعتبار المساواة في رأس المال والربح وغير ذلك.
وقيل: هي مشتقة من التفويض، لأن كل واحد منهما يفوض أمر الشركة في مالٍ صاحبه على الإطلاق تصرفاً كاملاً.
المفاوضة في اصطلاح الفقهاء: أن يتعاقد اثنان فأكثر على أن يشتركا في مالٍ على عمل بشروط مخصوصة.
حكم المفاوضة وأدلة الجمهور على بطلانها:
آ- حكمها:
ذهب الحنفية إلى صحة شركة المفاوضة عندما تستجمع شرائطها.
وذهب الجمهور إلى عدم صحتها بمفهومها عند الحنفية.
ب- أدلة الجمهور:
استدل الجمهور لبطلانها بما يلي:
1- أنها تتضمن الكفالة إلى جانب الوكالة، وكل واحد منهما عند انفراده لا يجوز، فبالأولى أن لا يجوز عند اجتماعهما، بيان ذلك أن شركة المفاوضة تضمنت الوكالة والكفالة، والوكالة بمجهول الجنس لا تجوز، ألا ترى أنه لو قال: وكلتك بالشراء أو بشراء الثوب لا تصح الوكالة؟ والكفالة بمجهول لا تصح أيضاً.
2- أنها عقد لم يرد الشرع بمثله فلم يصح، ولأن فيه غرراً، فلم يصح كبيع الغرر، وبيان غرره أنه يلزم كل واحد منهما ما يلزم الآخر، وقد يلزمه شيء لا يقدر على القيام به، وقد أدخلا فيه الأكساب النادرة.
ومن هنا قال الشافعي رضي الله عنه: "إن لم تكن شركة المفاوضة باطلة فلا باطل أعرفه في الدنيا" أشار إلى كثرة الغرر والجهالات فيها.
أدلة الحنفية على صحتها:
استدل الحنفية على صحة شركة المفاوضة بما يلي:
1- الحديث: فقد روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "فاوضوا فإنه أعظم بركة" وقال: "إذا تفاوضتم فأحسنوا المفاوضة".
2- أن المفاوضة عقد يتضمن أمرين مشروعين هما الوكالة والكفالة فتصح لذلك، وما فيها من الجهالة مغتفر، لأنها تثبت تبعاً، والتصرف قد يصح تبعاً ولا يصح مقصوداً كما في شركة المضاربة، فإنها تتضمن الوكالة بشراء مجهول الجنس، وكذلك شركة العنان فإنها تشتمل على الوكالة العامة، وإن كان لا يصح هذا التوكيل حالة الانفراد.
3- تعامل المسلمين بها من غير نكير، فكان ذلك دليلاً على جوازها.
شروط صحة شركة المفاوضة عند الحنفية:
لصحة شركة المفاوضة شروط، منها الشروط الثلاثة الأولى التي مرت في شركة العنان وهي:
1- أهلية الوكلة في كل من العاقدين
2- أن يكون الربح معلوم القدر
3- أن يكون الربح جزءاً شائعاً
وهذه الشروط عامة في كل شركة.
ويضاف إلى هذه الشروط الشروط التالية، وهي الشروط الخاصة بشركة المفاوضة وهي:
1- أهلية الكفالة في العاقدين. وذلك بأن يكونا حرين بالغين عاقلين راشدين غير محجور عليهما.
2- أن يكون رأس المال من النقدين: وهما المضروب من الذهب والفضة خاصة، وأما حصولها بالفلوس والتبر والنقرة ففيها ما مرّ في شركة العنان.
3- أن يتساوى الشريكان في مالهما الذي تصح به الشركة، فإذا كان المالان متفاضلين لم تصح مفاوضة، لأن المفاوضة تنبئ عن المساواة، فلا بدّ من اعتبار المساواة فيها ما أمكن، والمساواة في القدر باتفاق، وفي القيمة على المشهور، فلو كانا متساويين في القدر، ولكنهما مختلفان في القيمة، كأن كان أحدهما دنانير صحاصاً، والآخر مكسرة، واختلفت القيمة لم يصح على المشهور.
4- أن يتساوى الشريكان في الربح: فلو شرط أحدهما لنفسه زيادة من الربح لم تصح مفاوضة، وقد تصح عناناً.
5- أن تكون المفاوضة في جميع التجارات، فلا يختص أحد الشريكين بتجارة دون شريكه، لأن في الاختصاص إبطالاً لمعنى المفاوضة وهي المساواة.
6- أن يتساوى الشريكان في حق التصرف في أموالهما عامة: فلا تصح مفاوضة بين عبد وحرّ، ولو كان العبد مكاتباً أو مأذوناً، لأن المكاتب قد يعجز عن أداء بدل الكتابة، فيعود عبداً فاقداً للذمة والمأذون محدود التصرف بالإذن لا يتعداه، أما الحرّ فمطلق التصرف.
ولا تصح كذلك بين مسلم وغير مسلم، لأنهما مختلفان في حق التصرف، إذ إن غير المسلم يصح منه شراء الخمر، دون المسلم، وأجازها أبو يوسف مع الكراهة، لاستوائهما في أهلية الوكالة والكفالة.
7- أن لا يكون لأحد المتفاوضين مال مما تصح فيه الشركة ولا يدخل في الشركة، فإن كان لم تكن مفاوضة، لأن ذلك يمنع المساواة. وإن تفاضلا في الأموال التي لا تصح فيها الشركة كالعروض والعقار والدين جازت المفاوضة، وكذا المال الغائب لأن مالاً تنعقد عليه الشركة كان وجوده وعدمه سواء، وكان التفاضل فيه كالتفاضل في الزوجات والأولاد.
8- أن تكون الشركة بلفظ المفاوضة: لأن للمفاوضة شرائط لا يجمعها إلا لفظ المفاوضة ويقوم مقام لفظ المفاوضة ذكر جميع أحكامها وشروطها.
هذا ولا بدّ من البيان هنا أنه إذا فقد شرط من شروط المفاوضة انعقدت شركة عنان.
ما يترتب على شركة المفاوضة من الآثار:
إذا تمت المفاوضة مستوفية شرائطها جميعها نتج عنها حكمها، ويتلخص في الأمور التالية:
1- تطلق يد الشركاء جميعاً في مال الشركة على حد سواء، ويكن كل ما اشتراه أحد الشركاء مشتركاً بين الجميع، إلا طعام أهله وكسوتهم، وكذلك كل ما كان من حوائجه الخاصة، كاستئجار دار للسكن وشرائها لذلك، وما أشبه ذلك.
2- كل ما ينشأ عن تصرفات أحدهم فيما يخص الشركة من دين أو ضمان غصب، أو كفالة بمال أو غير ذلك، فإنه يلزم الآخرين بموجب عقد الشركة.
3- كل ما تحصل من ربح في الشركة يكون بين الشركاء بالتساوي، وكذلك الخسارة.
4- إذا حصل أحد الشركاء على مال من خارج الشركة مما تصح به الشركة، بطريق هبة أو إرث أو غير ذلك فقد فسدت شركة المفاوضة وانقلبت عناناً لاختلال أحد شروطها كما مرّ، لأن شرط التساوي في الأموال شرط صحة في الابتداء والبقاء على حد سواء.
5- إذا هلك مال الشركة جميعه بطلت الشركة.
تعريف شركة الأبدان:
هي أن يعقد اثنان أو أكثر على أن يشتركا في تقبل أعمال معينة والقيام بها، على أن يكون ما يدخل عليهما من ربح بسببها مشتركاً بينهما.
وتسمى هذه شركة الأعمال والتقبل والصنائع.
حكم شركة الأبدان:
ذهبت الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جوازها، إلا أن المالكية يشترطون في صحة هذه الشركة اتحاد الصنعة في الشركاء، فلا تجوز بين مختلفي الصنائع، إلا أن تكون إحداهما تسلتزم الأخرى، بأن يتوقف عمل أحدهما على عمل الآخر كغزال ونساج، فيجوز.
ويشترطون لها أيضاً اتفاق المكان الذي يعملان فيه، فإن كان الشريكان في موضعين لم يجز.
ويرى الحنابلة جواز هذه الشركة حتى في المباحات كالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما.
ويرى الحنفية جوازها فيما تصح فيه الوكالة، فلا تصح في المباحات لأنها لا تصح الوكالة فيها فإنها تملك بالاستيلاء.
وذهب الشافعية إلى أنها باطلة، لأن الشركة عندهم تختص بالأموال لا بالأعمال، لأن العمل لا ينضبط فكان فيه غرر، إذ لا يدري أحدهما أن صاحبه يكسب أم لا، ولأن كل واحد متميز عن الآخر ببدنه ومنافعه فيختص بفوائده، كما لو اشتركا في الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد وسائر المباحات. وكما لو اشتركا في ماشيتهما وهي متميزة، ويكون الدر والنسل بينهما.
أدلة جواز شركة الأبدان:
استدل من يقول بجواز شركة الأبدان بالجملة بأدلة:
1- ما روي عن ابن مسعود أنه قال: "اشتركت أنا وعمار وسعد يوم بدر، فأصاب سعد أسيرين ولم أصب أنا وعمار شيئاً، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم علينا". رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
2- الإجماع: وهو أن الناس كانوا يتعاملون بها في سائر الأعصار من غير نكير عليهم من أحد وقال عليه الصلاة والسلام: "لا تجتمع أمتي على ضلالة".
3- القياس: فلقد قاسوا هذه الشركة على المضاربة وقالوا: إن العمل أحد جهتي المضاربة فصحت الشركة عليه كالمال.
4- المعقول: وهو أن شركة الأموال شرعت لتنمية المال، وشركة الأعمال شرعت لتحصيل أصل المال. والحاجة إلى تحصيل أصل المال فوق الحاجة إلى تنميته، فلما شرعت لتحصيل الوصف كانت مشروعيتها لتحصيل الأصل أولى.
شروط صحة شركة الأبدان:
شركة الأبدان "الأعمال" عند الحنفية إما أن تكون شركة مفاوضة وإما أن تكون شركة عنان، ولكلّ من هذين النوعين شروط تخصه:
أ- شروط شركة المفاوضة في الأبدان.
إذا كانت شركة الأبدان شركة مفاوضة اشترط لصحتها كل ما يشترط في شركة المفاوضة، ما عدا ما يخص الأموال، لأنه ليس فيها أموال، فيشترط فيها أهلية الكفالة والوكالة، وأن يتساويا في حق التصرف، وأن يتساويا في الربح والخسارة وأن تكون بلفظ المفاوضة أو ما يقوم مقامه.
ب- شروط شركة العنان في الأبدان:
إذا كانت شركة الأبدان شركة عنان فإنه يشترط فيها ما يشترط في شركة العنان سوى ما يتصل بالأموال أيضاً، فيشترط فيها الوكالة ليس غير، وعلى هذا فكل مفاوضة في شركة الأبدان فسدت لفقد بعض شروطها تنقلب عناناً. ويشترط بالإضافة لما ذكر سواء أكانت مفاوضة أم عناناً أن يكون العمل الذي يقوم به الشركاء من الأعمال التي تصح الإجارة عليها، وذلك كتقبل الخياطة والصباغة، وتعليم الكتابة والفقه وما أشبه ذلك، دون الغناء والموسيقى والشهادة لدى القاضي، فإنها لا تصح الإجارة عليها.
ما يترتب على شركة الأبدان من آثار:
إذا وقعت شركة الأبدان صحيحة ترتب عليها الأحكام التالية:
1- أن كل ما يحصل عليه أحد الشركاء من ربح نتيجة عمله بعد عقد الشركة فهو بين الشركاء إن كانت شركة مفاوضة وكذلك الخسارة، وإن كانت شركة عنان فالربح بينهما على حسب الاتفاق من مساواة أو تفاضل، والخسارة بالتساوي.
2- لكل من الشركاء أن يتقبل الأعمال، وكل ما يتقبله أحد الشركاء من عمل يكلف به الشركاء جميعاً، ويطالبون به جميعاً، لأنه يتقبله عن نفسه بالأصالة وعن شريكه بالوكالة فيجب عليهما.
3- يجوز لأي من الشركاء مطالبة صاحب السلعة بالأجر، ولو لم يكن هو المتقبل منه.
4- إذا دفع المستأجر الأجرة إلى أي من الشركاء جاز وبرئت ذمته، ولو لم يكن هو الصانع له.
تعريف شركة الوجوه:
هي أن يشترك وجيهان عند الناس أو أكثر من غير أن يكون لهما رأس مال على أن يشتريا مالاً بالنسيئة "بمؤجل" ويبيعاه، ثم يوفون ثمنها لأصحابها، وما فضل عن ذلك من ربح يكون مشاعاً بينهما.
وسميت بشركة الوجوه أخذاً من الوجاهة، لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من له وجاهة عند الناس، وقيل لأنهما يشتريان من الوجه الذي لا يعرف، ويقال لها أيضاً شركة المفاليس، لانعدام رأس المال فيها. وتعرف هذه الشركة أيضاً بالشركة على الذمم من غير صنعة ولا مال.
حكم شركة الوجوه:
اختلف الفقهاء في صحة هذه الشركة.
فذهب الحنفية والحنابلة إلى أنها شركة جائزة، ودليلهم في ذلك بعض ما ورد من الأدلة في شركة الأبدان.
وذهب الشافعي ومالك إلى بطلان هذه الشركة، لأن الشركة إنما تتعلق على المال أو العمل، وكلاهما معدومان في هذه المسألة، مع ما في ذلك من الغرر لأن كل واحد منهما عاوض صاحبه بكسب غير محدود بصناعة ولا عمل مخصوص.
شروك صحة شركة الوجوه عند من يقول بها:
شركة الوجوه على نوعين كشركة الأبدان: مفاوضة وعنان فيشترط فيهما ما يشترط في شركة الأبدان بنوعيها.
ما يترتب على شركة الوجوه من آثار:
إذا كانت شركة الوجوه مفاوضة ترتب عليها ما يترتب على شركة المفاوضة في الأبدان وإن كانت شركة عنان صح تفاوت الشريكين في حصتهما من الشيء المشتري، وأما استحقاق الربح فيكون بينهما على قدر الحصة في الملك، ولا يجوز أن يزيد أحدهما على ربح حصته شيئاً. لأن استحقاق الربح في شركة الوجوه بالضمان والضمان بقدر الملك في المشترى.
فساد عقد الشركة عند الشافعية وما يترتب عليه:
بما أن الشافعية لا يصح عندهم من الشركات الأربع إلا شركة العنان بشروطها المذكورة - فشركة العنان نفسها عندهم إما أن تكون صحيحة - وهي الشركة التي استوفت جميع شروطها - وإما أن تكون فاسدة - وهي ما اختل فيها شرط من شروط الصحة -.
وإذا حكمنا على الشركة بأنها فاسدة لنقصان شرط من شروط صحتها ترتب على ذلك الأمور التالية:
أولاً: يقسم الربح على حسب مقدار المالين، لأنه مستفاد منهما وقد أبطلنا الشركة فيرجع إلى الأصل.
ثانياً: يعود كل منهما على الآخر بأجرة عمله في ماله كما في شركة المضاربة إذا فسدت.
ثالثاً: تنفذ التصرفات منهما لوجود الإذن في العقد.
فساد عقد الشركة عند الحنفية وما يترتب عليه:
عقد الشركة عند الحنفية من حيث الصحة وعدمها على ثلاثة أقسام:
القسم الأول أن تكون صحيحة من كل وجه وذلك بأن يستوفي كل نوع من أنواعها شروطه المذكورة، فهذا القسم تترتب عليه آثاره التي تحدثنا عنها.
القسم الثاني: أن تكون فاسدة من وجه وصحيحة من وجه آخر، وذلك كأن تفسد مفاوضة لنقصان شرط من الشروط الخاصة بها، ولكنها تصح عناناً، فإنها في هذه الحالة تعتبر صحيحة، وتأخذ حكم الشركة التي صحت فيها، وتترتب عليها آثارها.
القسم الثالث: أن تكون فاسدة من كل الوجوه، فهذه هي الشركة الفاسدة ويكون حكمها كما يلي:
أولاً: إذا كانت الشركة شركة أموال وزع الربح والخسارة على قدر رأس مال كل واحد من الشركاء، ولو كان الشرط على خلاف ذلك، فلو تشارك اثنان فدفع كل واحد منها خمسة آلاف واشترطا التفاضل في الربح قسم الربح بينهما مناصفة، ولو تشارك اثنان فدفع واحد منهم خمسة آلاف والآخر عشرة آلاف واشترطا المساواة في الربح قسم الربح بينهما أثلاثاً، ولا عبرة هنا للشرط الذي اشترطاه.
ثانياً: إذا كانت الشركة شركة أعمال وزع الربح فيها بين الشركاء على مقدار العمل، فإن كان أحدهما هو الذي عمل وحده أخذ الربح وحده، وإن عمل نصف العمل أخذ نصف الربح وإن عملاه معاً أخذ كل واحد نصف ربحه إن لم يعلم ما لكل واحد منهما، فإن علم استحق المعلوم. وإن كان العمل من أحدهما وأعانه الآخر إعانة، فالربح للعامل وللآخر أجر مثله بالغاً ما بلغ في قول عند الحنفية، لا يجاوز به نصف ثمن ذلك.
انتهاء عقد الشركة الصحيحة:
ينتهي عقد الشركة الصحيحة بالأمور التالية:
1- فسخ عقد الشركة من أحد الشريكين، لأن عقد الشركة عقد جائز غير لازم.
2- موت أحد الشريكين، فإن مات أحد الشريكين انفسخت الشركة لزوال الملك، وزوال أهلية التصرف بالموت، لأن الشركة تتضمن الوكالة. والوكالة تنتهي بالموت. أما لو كان الشركاء أكثر من اثنين فإن الشركة تنفسخ في حق الميت خاصة، وتبقى بالنسبة للباقين من الشركاء، لأن الوكالة باقية في حقهم.
والحكم لا يختلف سواء أعلم الشريك الآخر بالموت أم لم يعلم، لأن الموت عزل حكمي عن الوكالة.
3- ارتداد أحد الشريكين ولحوقه بدار الحرب، لأن ذلك في حكم الموت.
4- جنون أحد الشريكين جنوناً مطبقاً، ويقدر الإطباق بشهر أو بنصف حول على الخلاف في ذلك، وكالجنون والإغماء.
5- إنكار أحد الشركاء الشركة، وذلك بأن يقول لست شريكاً في هذه الشركة أو يقول لا أعمل معك.
تعريف شركة المضاربة لغة:
اشتقاق هذه التسمية:
هذه الشركة التي نتحدث عنها تسمى عند أهل الحجاز "القراض" ولفظ القراض مشتق من القرض وهو القطع، سميت هذه الشركة بذلك لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها، وقطعة من الربح.
وتسمى عند أهل العراق "المضاربة" لأن كلاً منهما يضرب بسهم من الربح، ولما فيها من السفر، والسفر في اللغة يسمى ضرباً.
تعريف المضاربة شرعاً:
المضاربة: أن يدفع المالك إلى العامل مالاً ليتجر فيه، والربح مشترك بينهما.
مشروعية المضاربة ودليلها:
شركة المضاربة مشروعة وجائزة عند المسلمين، واستدل العلماء على مشروعيتها بالسنة والإجماع.
أما السنة:
1- فما روى ابن عباس عن أبيه العباس رضي الله عنهما "أنه كان إذا دفع مالاً مضاربة اشترط على صاحبه أن لا يسلك به بحراً ولا ينزل به وادياً، ولا يشتري به دابة ذات كبد رطبة، فإن فعل ذلك ضمن، فبلغ شرطه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجازه". رواه البيهقي بإسناد ضعيف.
2- وما أخرجه ابن ماجه عن صهيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البرّ بالشعير للبيت لا للبيع".
3- ما رواه الدارقطني -ورجاله ثقات - عن حكيم بن حزام أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالاً مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر. ولا تنزل به بطن مسيل، فإن فعلت شيئاً من ذلك فقد ضمنت مالي".
وأما الأجماع: فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتعاملون بالمضاربة من غير نكير فكان إجماعاً.
حكمة مشروعية القراض "المضاربة":
حكمة مشروعيتها: هي مشروعة لشدة الحاجة إليها من الجانبين، فإن من الناس من هو صاحب مال ولا يهتدي إلى التصرف، ومنهم من هو بالعكس، فشرعت لتنتظم مصالحهم، فإنه عليه الصلاة والسلام بعث والناس يتعاملونها فتركهم عليها وتعاملها الصحابة رضي الله عنهم.
حكم عقد شركة المضاربة:
أجمع العلماء على أن عقد المضاربة لا يقتضي اللزوم بل هو عقد جائز، وأن لكل واحد منهما فسخه مالم يشرع العامل في العمل.
واختلف الفقهاء إذا شرع العامل:
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: العقد غير لازم، ولكل منهما الفسخ متى شاء، وليس هو عقداً يورث.
وقال مالك: هو لازم بعد الشروع، وهو عقد يورث، فإن مات وكان للمقارض بنون أمناء كانوا في القراض مثل أبيهم، وإن لم يكونوا أمناء كان لهم أن يأتوا بأمين.
ركن المضاربة وألفاظها وأنواع المضاربة:
أ- ركن المضاربة:
ركن عقد المضاربة هو الإيجاب والقبول بألفاظ تدل عليهما.
فألفاظ الإيجاب: هي ضاربتك وقارضتك وعاملتك، وما يؤدي معاني هذه الألفاظ فيقول مثلاً قارضتك بهذا المال الذي هو ألف ليرة على أن ما رزقنا الله منه من ربح يكون مناصفة أو غير ذلك من الأجزاء المعلومة المتفق عليها، وألفاظ القبول: هي أن يقول العامل المضارب: قبلت منك ذلك أو ما يدل على الرضا والقبول. ويشترط كون القبول متصلاً بالإيجاب.
فإذا وجد الإيجاب والقبول صح العقد.
هذا ولا يصح تعليق الصيغة على شرط كقول إذا جاء شهر رمضان فقد قارضتك لا يصح هذا عند الشافعي.
ب- أنواع المضاربة:
تكون المضاربة على نوعين مطلقة ومقيدة:
فالمطلقة: أن يدفع شخص المال إلى آخر دون تقييد بزمن أو نوع أو غير ذلك فهذه جائزة عند الجميع.
والمقيدة: أن يدفع لشخص مائة دينار ليعمل بها مدة معينة أو بضاعة معينة لم تصح عند الشافعي، لأنه قد لا يكون ربح في ذلك وتصح عند أبي حنيفة، ويعمل بالقيد إن كان مفيداً، وإلا لغا القيد.
شروط المضاربة:
1- شروط العاقدين: يشترط في العاقدين - رب المال والعامل - أهلية الوكالة والتوكيل، لأن المضارب يتصرف بإذن صاحب المال، وهذا معنى التوكيل.
وفي الحقيقة أن المضارب له عدة صفات: المضارب أمين، وبالتصرف وكيل، وبالربح شريك، وبالفساد أجير، وبالخلاف غاصب، وباشتراط كل الربح له مستقرض، وباشتراطه لرب المال مستبضع.
2- شروط رأس المال:
يشترط في رأس المال شروط هي:
أولاً: أن يكون رأس المال من النقود، فلا يجوز عروض وتبر وحلي وغير ذلك.
ثانياً: أن يكون رأس المال معلوم المقدار: فلا تصح على مجهول القدر دفعاً لجهالة الربح.
ثالثاً: أن يكون رأس المال معيناً: فلا تصح المضاربة على دين، إلا أنه إذا قارضه على نقد في ذمته ثم عينه في المجلس صح، وكذا لو كان في ذمة العامل وعينه في المجلس.
رابعاً: أن يكون رأس المال مسلماً إلى العامل: وليس المراد اشتراط تسلميه حال العقد أو في مجلسه وإنما المراد أن يستقل العامل باليد عليه والتصرف فيه، فلا يصح اشتراط أن يكون المال في يد المالك أو غيره ليوفي منه ثمن ما اشتراه العامل، ولا شرط مراجعته في التصرف لأنه قد لا يجده عند الحاجة.
خامساً: استقلال العامل بالتصرف.
وكذلك لا يصح اشتراط عمل رب المال معه، فإن شرط فسدت المضاربة، لأن شرط عمله معه شرط بقاء يده على المال. أما إذا لم يشترط ذلك إلا أنه استعان به على العمل، أو دفع إليه المال بضاعة جاز، لأن الاستعانة لا توجب خروج المال عن يده.
شروط الربح:
يشترط في الربح ما يلي:
أولاً: أن يكون الربح معلوم القدر بالجزئية: لأن المعقود عليه والمقصود من العقد الربح، وجهالة المعقود عليه توجب فساد العقد، والعلم بالجزئية كأن يقول قارضتك على أن يكون الربح بيننا مناصفة.
ثانياً: أن يكون الربح مشتركاً بينهما: فلو قال قارضتك على أن يكون كله لكفقراض فاسد، ويستحق العامل أجرة المثل هذا عند الشافعية.
وعند الحنفية والحنابلة ينعقد قرضاً، والربح للعامل.
ولو قال قارضتك على أن يكون الربح لي وقبل المضارب، لم يكن العقد مضاربة، ولكن يكون إبضاعاً. والإبضاع بعث المال مع من يتجر فيه متبرعاً.
ثالثاً: أن يكون مختصاً بهما: فلا يصح شرط شيء منه لثالث إلا إذا كان عبد المالك أو عبد العامل، فإن ما شرط له يضم إلى ما شرط إلى سيده.
رابعاً: أن يكون النصيب من الربح جزءاً مشاعاً: فإن شرطا عدداً مقدراً بأن شرطا أن يكون لأحدهما مائة دينار مثلاُ من الربح أو أقل أو أكثر. فسدت المضاربة، لجواز أن لا يربح المضارب إلا هذا القدر المذكور، فيكون لأحدهما دون الآخر فلا تتحقق الشركة، فلا يكون التصرف مضاربة.
وكذلك إن شرطا أن يكون لأحدهما النصف أو الثلث ومائة دينار، فإنه لا يصح.
يد المضارب:
اتفق أئمة المذاهب على أن يد الشريك المضارب يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتفريط، والمال عنده بمنزلة الوديعة.
وإذا اشترى المضارب به شيئاً صار بمنزلة الوكيل بالبيع والشراء، فتطبق عليه أحكام الوكالة.
وإذا فسدت المضاربة بسبب من الأسباب صارت إجارة، والمضارب بمنزلة الأجير لرب المال.
وإذا خالف المضارب شرط رب المال، كأن فعل ما ليس له فعله، صار بمنزلة الغاصب، ويصير المال مضموناً عليه للتعدي.
ما ليس للمضارب فعله:
أ- لا يشتري للقراض بأكثر من رأس المال وربحه، لأن المالك لم يرض أن يشغل العامل ذمته إلا بذلك، فإن اشترى شيئاً بالذمة وقع ذلك للعامل.
ب- لا يجوز لصاحب المال معاملة المضارب عند الشافعي. لأن هذا يفضي إلى بيع ماله بماله.
وأجازه أبو حنيفة.
جـ- لا يسافر بالمال إلا بإذن من رب المال، لأن السفر مظنة الخطر، فإن أذن له جاز بحسب الإذن، وإن أطلق الإذن سافر لما جرت به العادة من البلاد المأمونة، هذا عند الشافعية.
أما عند الحنفية في الرواية المشهورة فيصح السفر للمضارب لأن العقد مطلق، والمضاربة مشتقة من الضرب في الأرض وهذا دليل على جواز السفر.
د- لا يبيع نسيئة إلا بإذن المالك عند الشافعي.
وعند الحنفية يبيع نسيئة لأن مطلق العقد يتناول ذلك وغيره مما هو معتاد بين التجار.
هـ- لا يجوز في الأصح عند الشافعية أن يقارض العامل آخر ليشاركه في العمل والربح، ولو بإذن المالك، لأن موضوع القراض أن يكون أحد العاقدين مالكاً لا عمل له، والآخر عاملاً لا ملك له وهذا يدور بين عاملين.
وعند الحنفية يصح إن أذن له رب المال أو قال له: اعمل برأيك.
و- لا ينفق العامل المضارب من المال على نفسه حضراً وكذا سفراً في الأظهر، لأن له نصيباً من الربح فلا يستحق شيئاً آخر، ولأن النفقة قد تكون قدر الربح فيؤدي إلى انفراده به، وقد تكون أكثر فيؤدي إلى أن يأخذ جزاءً من رأس المال، وهو ينافي مقتضاه، فلو شرط له النفقة في العقد فسد، ومقابل الأظهر أنه ينفق بالمعروف ما يزيد بسبب السفر كالإداوة والخف والكراء وما أشبه ذلك، هذا هو مذهب الشافعي.
وذهب الحنفية إلى أنه ليس له نفقة في الحضر، أما إذا سافر فله النفقة.
لاشك أن الربح في شركة المضاربة الصحيحة يكون اقتسامه على حسب الاتفاق في العقد.
وأما إذا كانت هناك خسارة فهي على صاحب المال، وليس على العامل منه شيء إذا لم يكن مقصراً.
متى يملك العامل حصته من الربح:
يملك العامل حصته من الربح بالقسمة لا بالظهور في الأظهر، إذ لو ملك به لكان شريكاً في المال، حتى لو هلك منه شيء هلك من المالين، وليس كذلك، بل الربح وقاية لرأس المال. ومقابل الأظهر أنه يملك حصته بالظهور قياساً على المساقاة، وفرق الأول بأن الربح وقاية لرأس المال، بخلاف نصيب العامل من الثمار، فإنه لا يجبر به نقص النخل.
وعلى الأول له فيه قبل القسمة حق مؤكد يورث عنه، ويقدم به على الغرماء لتعلقه بالعين، ويصح إعراضه عنه، ويغرمه له المالك بإتلافه المال أو استرداده.
ما يطرأ من النقص على رأس المال:
بعد عقد القراض قد يطرأ نقص في رأس المال، فمن يتحمل هذا النقص؟
هناك أسباب متعددة لهذا النقص نعرضها فيما يلي مع أحكامها:
أولاً: إذا كان النقص حاصلاً بسبب الرخص أو العين فهو محسوب من الربح ما أمكن الحساب منه، ومجبور ذلك النقص من الربح، لاقتضاء العرف ذلك.
ثانياً: إذا تلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة بعد تصرف العامل، فجبر ذلك أيضاً في الربح على الأصح، قياساً على ما مرّ، ومقابل الأصح أنه على المالك، لأنه نقص لا تعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف الحاصل بالرخص، وليس ناشئاً من نفس المال بخلاف المرض والعيب.
ثالثاً: إذا تلف بعضه بآفة أو غصب أو سرقة قبل تصرفه، فالأصح أنه يحسب من رأس المال. لأن العقد لم يتأكد بالعمل، ومقابل الأصح أنه يحسب من الربح لأنه بقبض العامل قد صار مال قراض.
أما إذا تلف رأس المال جميعه فقد انتهت المضاربة.
انتهاء عقد المضاربة:
ينتهي عقد المضاربة بواحد من الأمور التالية:
أولاً: الفسخ: بما أن عقد المضاربة عقد جائز، فينتهي بفسخهما أو فسخ أحدهما متى شاء من غير حضور الآخر ولا رضاه، لأن القراض في ابتدائه وكالة، وفي انتهائه إما شركة أو جعالة، وكلها عقود جائزة.
ويحصل الفسخ بقوله: فسخت عقد القراض أو رفعته أو أبطلته أو لا تتصرف بعد هذا، أو نحو هذا، كما يحصل الفسخ باسترجاع المال، فإن استرجع بعض المال انفسخ فيه، وبقي في الباقي.
وعند الحنفية لابدّ من علم المقارض بالفسخ، ويترتب على ذلك أنه إذا لم يعلم بالفسخ وتصرف نفذ تصرفه.
وإذا علم بالعزل، وكان المال عروضاً فله أن يبيعه إذا توقع فيه ربحاً كأن ظفر بسوق أو راغب.
وكذلك عليه أن يبيع العروض لينض رأس المال ويظهر الربح إذا طلب المالك منه ذلك.
ثانياً: موت أحد العاقدين: لأن المضاربة تشتمل على الوكالة، والوكالة تبطل بموت الموكل أو الوكيل.
إلا أن للمضارب إذا مات المالك التنضيض بغير إذن الورثة، اكتفاء بإذن العاقد كما في حال الحياة. بخلاف ما لو مات العامل، فإن ورثته لا تملك البيع بدون إذن المالك لأن صاحب المال لم يرض بتصرفهم.
وعند المالكية إن مات العامل لا تنفسخ المضاربة بل لوارثه الأمين أن يكمل على حكم ما كان مورثه، وإن لم يكن الوارث أميناً أتي بأمين كالعامل في الأمانة والثقة. وإن لم يأت بأمين سلم المال لصاحبه هدراً من غير شيء، لأن عمل القراض كالجعل لا يستحق العامل فيه شيئاً إلا بتمام العمل.
ثالثاً: جنون أحد العاقدين: فإذا جن أحدهما جنوناً مطبقاً بطلت المضاربة، لأن الجنون المطبق مبطل لأهلية التصرف والآمر. وحدَّ الحنفية الجنون المطبق بما يستوعب الشهر وفي قول ما يستوعب السنة.
أما الشافعية فقد ذكروا الجنون مطلقاً، وقالوا: وإن زال عن قرب، لأنه لو قارن منع الانعقاد، فإذا طرأ قطعه. وجعلوا الإغماء مبطلاً كالمجنون.
رابعاً: هلاك رأس مال المضاربة: سواء في ذلك أتلف بآفة سماوية أم بإتلاف المالك أم العامل أم أجنبي، لكن يستقر نصيب العامل من الربح فيما إذا أتلفه المالك، ويبقى القراض فيما إذا أتلفه أجنبي إذا أخذ منه البدل، والمطالب بالبدل هو المالك إن لم يكن ربح، فإن كان في المال ربح فالخصم في المطالبة المالك والعامل. وكذلك الحكم إذا أتلفه العامل فهو كالأجنبي.
خامساً: الردة، فإذا ارتد رب المال عن الإسلام ومات أو قتل على الردّة، أو لحق بدار الحرب وقضى القاضي بلحاقه بطلت المضاربة من يوم الردّة عند أبي حنيفة رحمه الله، لأن اللحاق بدار الحرب بمنزلة الموت، وهو يزيل أهلية رب المال، بدليل أن المرتد يقسم ماله بين ورثته.
وبعض الحنفية قالوا: لا تبطل لأن تصرفاته نافذة، وإذا كان المرتد هو المضارَب فالمضاربة على حالها في قولهم جميعاً، لأن وقوف تصرف رب المال بنفسه لوقوف ملكه، ولا ملك للمضارب فيتصرف فيه بل الملك لرب المال ولم توجد منه الردّة فبقيت المضاربة.
وإن مات المضارب أو قتل على الردّة بطلت المضاربة، لأن موته في الردّة كموته قبل الردّة، وكذا إذا لحق بدار الحرب وقضي بلحوقه، لأن ردّته مع اللحاق والحكم به بمنزلة موته في بطلان تصرفه.
1- شركة التضامن: وهي الشركة التي يعقدها اثنان أو أكثر بقصد الاتجار في جميع أنواع التجارات أو في بعضها، ويكون الشركاء فيها مسؤولين بالتضامن عن جميع التزامات الشركة، ليس في حدود رأس المال فقط، بل قد يتعدى ذلك إلى الأموال الخاصة لكل شريك.
ويلاحظ أن لعنصر الضمان (أو الكفالة أو الالتزام) في هذه الشركة شبهاً فيما تتميز به شركة المفاوضة التي لم يجزها غير الحنفية والزيدية، وهي التي تتطلب الاشتراك في عموم التجارات، بشرط التساوي بين الشركاء في رأس المال والتصرف والدين أي الملة، ويكن كل شريك كفيلاً عن الآخر فيما يلتزم به من التزامات تتعلق بالشركة. وبما أن تحقيق المساواة بين الشركاء أمر عسير، لاحتمال حدوث زيادة في أموال كل من الشركاء، فتصبح هذه الشركة نادرة الوجود، أو قصيرة الأجل وعديمة الاستمرار، مما يجعلها سريعة التحول والانقلاب إلى شركة عنان.
وشركة العنان لا تتطلب المساواة في المال ولا في التصرف ولا في الملة، وهي أن يشترك اثنان في مال لهما على أن يتجرا فيه، والربح بينهما. فيجوز أن يكون مال أحدهما أكثر من الآخر، كما يجوز أن يكون أحدهما مسؤولاً عن الشركة، والآخر غير مسؤول، فليس فيها كفالة، فلا يطالب أحدهما إلا بما عقده بنفسه من التصرفات، أما تصرفات شريكه فهو غير مسؤول عنها. ويقسم الربح بينهما حسب شرطهما الذي اتفقا عليه عند جمهور الفقهاء (خلافاً للشافعي فإن الربح عنده على قدر المال)، فيجوز أن يزيد ربح أحدهما عن الآخر بسبب خبرته في التجارة، مع التساوي في رؤوس الأموال أو التفاوت فيها، وتكون الوضيعة أو الخسارة على قدر رأس المال باتفاق المذاهب عملاً بالحديث "الربح على ما شرطا، والوضيعة على قدر المالين" ولا مانع من اشتراط الكفالة في شركة العنان، فيصبح كل شريك كفيلاً عن صاحبه وضامناً له، لأن الكفالة عقد تبرع، وقد شرطها الشريكان، وهي جائزة في غير الشركة، وإذا جازت الكفالة بين شخصين لا علاقة مالية بينهما، فلأن تجوز بين شخصين ارتبطاً بعقد الشركة أولى. ويؤكد ذلك أن الأصل في العقود هو التراضي، والشركة عقد يقوم على التراضي، فيلزم الوفاء بكل شرط لا يصادم النصوص الشرعية.
2- شركة التوصية البسيطة: هي الشركة التي تعقد بين شركاء بعضهم متضامنون، وبعضهم موصون، فالمتضامنون هم الذين لهم أموال ويقومون بأعمال إدارة الشركة، وهم مسؤولون عن الإدارة، متحملون لالتزاماتها، متضامنون في هذه المسؤولية وفي إيفاء ديون الشركة. والموصفون: يقدمون المال، ولا يسألون عن إدارتها، ولا يتحملون التزاماتها.
وهذه الشركة جائزة أيضاً، لأن فقهاءنا أجازوا في شركة العنان أن يشترط العمل لأحد الشريكين، ويسأل عنه دون غيره، ويجوز بناء على ذلك أن تشترط زيادة الربح للعامل، أو يقدر له مرتب خاص، ويكون أجيراً. ولا فرق بين أن يكون المسؤول عن إدارة الشركة شريكاً واحداً أو أكثر، وغير المسؤول واحداً أو أكثر، فاشتراط الكفالة والمسؤولية بين الفريق الأول دون الثاني جائز، كما بينّا في شركة التضامن.
كما أنه يمكن جعل هذه الشركة نوعاً من أنواع شركة المضاربة، الشريك المتضامن هو المضارب، المتصرف في الشركة، المسؤول عن الحقوق المتعلقة بها أمام الغير. والشريك الموصي هو رب المال في شركة المضاربة، وهو غير مسؤول عن إدارة الشركة، ولا يضمن لأصحاب الحقوق المتعاملين حقوقهم، ولا يتحمل من الالتزامات إلا خسارة رأس ماله في حالة الخسارة، ولا يسأل العامل المضارب عن الخسارة فيما يسمح له من التصرفات، ويكون المضارب حر التصرف بحسب عادة التجار، وتوزع الأرباح على حسب الاتفاق بين المتشاركين في شركة المضاربة.
والخلاصة: أن هذه الشركة تعتبر شركة مضاربة مع بعض الفروق الطفيفة بينهما في الأحكام الفقهية. ويلاحظ أن انتشار شركات المساهمة حدَّ كثيراً من انتشار شركات التوصية، لأن شركات المساهمة تمارس عادة نشاطاً واسعاً في الاستثمارات، وكثيراً ما يكون التوفيق حليفها لما يتوفر لها من رؤوس أموال كبيرة. ومزية شركة التوصية تتحقق في شركة المساهمة، وهذه المزية هي أن المساهم لا يكتسب صفة التاجر، ولا يسأل إلا في حدود قيمة الأسهم التي اكتتب فيها.
3- شركة المحاصة: هي عقد كباقي العقود، يلتزم شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي، بتقديم حصة من مال، أو من عمل، لاقتسام ما قد ينشأ من ربح أو من خسارة، إلا أنها تمتاز بخفائها عن الجمهور، فليس لها رأس مال شركة، ولا عنوان شركة، فهي غير معروفة من الناس، وليس لها وجود ظاهر، وليس لها شخصية معنوية مستقلة كباقي الشركات. فهي شركة وقتية كالتي تنشأ في مزاد مثلاً أو في صفقة خاصة تنتهي بانتهائها، وتصفى الأرباح عقب الفراغ منها. فالذي يبرز منها شريك واحد يتعامل في الظاهر باسمه، وتبقى الشركة مستترة، ليس لها شخصية اعتبارية.
وهذه الشركة إجمالاً جائزة شرعاً، لأنها نوع من أنواع شركة العنان، ليست فيها مساواة، ولا تضامن، ولا تكافل، وهي معقودة على نوع خاص من أنواع التجارات، والربح يوزع فيها حسب الاتفاق، والخسارة تكون حسب رؤوس الأموال التي استعملت فيها.
وبصفة دقيقة تعد شركة المحاصة شركة عنان إذا كانت حصص الشركاء شائعة الملكية بين الشركاء. وتعد شركة عنان ومضاربة إذا احتفظ كل شريك بملكية حصته، لكنه سلمها لواحد لاستثمارها مع بقية الحصص لمصلحة الكل، على أن يقتسموا الربح أو الخسارة فيما بينهم بحسب الاتفاق أو الحصص. فالمال المقدم من أصحابه إلى أحدهم يعد مضاربة، ويكون الشريك المتصرف مضارباً، لكنه لما كان متقدماً بجزء من رأس المال فهو شريك عنان أيضاً، كما أنه إذا تصرف معه بعض الشركاء، كانت الشركة شركة عنان بينهم. وأما الذين لم يساهموا في الإدارة فهم شركاء مضاربون. ومن المعلوم أن شركة المفاوضة: هي اشتراك أنواع من شركة العنان والوجوه والأبدان، لأن ماصح بانفراده، صح مع غيره. فيجوز بناء عليه تعدد أنواع من الشركات في شركة واحدة.
4- شركة المساهمة: هي أهم أنواع شركات الأموال، وهي التي يقسم فيها رأس المال إلى أجزاء صغيرة متساوية، يطلق على كل منها سهم غير قابل للتجزئة، ويكون قابلاً للتداول. وتتحدد مسؤولية المساهم بقدر القيمة الاسمية لأسهمه. ويعتبر مدير الشركة وعمالها أجزاء عند المساهمين، لهم مرتبات خاصة، سواء أكان مساهمين أم غير مساهمين. وليس لمدير الشركة أن يستدين عليها بأكثر من رأس مالها، فإن فعل ضمن هو، ولا ضمان على المساهمين إلا في حدود أسهمهم. وتوزع الأرباح بنسبة الأسهم أي بنسبة رؤوس الأموال. وتسمى شركة مغْفَلة لإغفال الاعتبار الشخصي فيها، وإنما الاعتبار الأول في تكوينها هو للمال، وليس لشخصية الشركاء، بل لا يعرف الشركاء بعضهم بعضاً، ولا يعرفون شيئاً عن إدارة الشركة إلا ما تعرضه مجلس إدارتها على الجمعية العمومية عند اجتماعها كل سنة. ورأى المشرع الوضعي قصر نشاط الشركات المساهمة على المشروعات الكبيرة نسبياً التي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لا تتوافر عادة لدى الأشخاص، كصناعة الغزل والنسيج، والمنسوجات القطنية وغيرها، والحديد والصلب، والخزف ونحو ذلك.