انواع النكاح الفاسد
أحكام عقد الزواج
الفصل الأول
أنواع الزواج غير اللازم:
المبحث الأول
الزواج الباطل:
وهو الذي اختل فيه أمر أساسي أو فقد شرطاً من شروط الانعقاد. كزواج فاقد الأهلية إذا باشر العقد بنفسه، وتزوج الرجل بمن هي محرمة عليه تحريماً لا يشتبه الأمر فيه على الناس وهو يعلم ذلك التحريم كالعقد على إحدى محارمه أو زوجة الغير، وتزوج غير المسلم بالمسلمة لعدم محلية المرأة فيها.
حكمه: الزواج الباطل لا يترتب عليه أي أثر من آثار الزواج، لأن وجوده كعدمه، فلا يحل به الدخول، ولا يجب به مهر ولا نفقة ولا طاعة، ولا يرد عليه طلاق، ولا يثبت به نسب، ولا عدة فيه بعد المفارقة، ولا يثبت به توارث ولا حرمة المصاهرة إلا عند من يثبتها بالزنى.
وإذا دخل الرجل بالمرأة بناء على هذا العقد كانت المخالطة بينهما حراماً، ويجب عليهما الافتراق، فإن لم يفترقا فرق القاضي بينهما، وعلى كل من يعلم بذلك الدخول أن يرفع الأمر إلى القاضي، وعلى القاضي أن يفرق بينهما لأن هذا الدخول زنى وهو معصية كبيرة يجب رفعها.
والفقهاء لم يختلفوا في أنه زنى ولكن اختلافهم في وجوب الحد به:
فذهب مالك والشافعي وابن حنبل إلى أنه موجب لحد الزنى متى كان الفاعل عاقلاً عالماً بالتحريم.
وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يوجب الحد، لأن صورة العقد شبهة تكفي لأن يدرأ بها الحد عنه، ومع ذلك لم يعفه من العقوبة بل قال: إنه يعزر أشد أنواع التعزير لقبح فعله.
وإذا سقط عنه الحد وجب عليه مهر المثل بالغاً ما بلغ، لأن الدخول بالمرأة في الإسلام لا يخلو من حد أو مهر وهو مراد الفقهاء بقولهم: الدخول لا يخلو من عَقر أو عُقر، ولا تجب العدة بعد التفريق، لأنه لا عدة في الزنى حيث إنها تجب محافظة على الأنساب من الاختلاط، ولا يثبت بهذا العقد نسب يحافظ عليه.
هذا وقد اتفق الفقهاء فيما إذا دخل بمن تزوجها وهو جاهل بأنها محرمة عليه على أنه لا يحد ولا يلزمه مهرها بهذا الدخول لأنه لابد من أحد أمرين الحد أو المهر وحيث لا حد وجب مهر المثل.
المبحث الثاني
الزواج الفاسد:
وهو الذي تخلف فيه شرط من شروط الصحة بعد استيفائه لأركانه وشروط انعقاده. كالزواج بغير شهود عند من يشترط الشهادة، والزواج المؤقت، وزواج أخت مطلقته طلاقاً بائناً في عدتها لأنه مختلف في حرمته، وكتزوجه بامرأة محرمة عليه بسبب الرضاع وهو لا يعلم بحرمتها بناء على إخبار الناس بأنه لا يوجد بينهما صلة محرمة ثم ظهر بعد الدخول أنها محرمة عليه.
حكمه: أنه لا يحل به الدخول بالمرأة ولا يترتب عليه في ذاته شيء من آثار الزوجية. فإن حصل بعده دخول حقيقي بالمرأة كان معصية يجب رفعها بالتفريق بينهما جبراً إن لم يفترقا باختيارهما، ويترتب على ذلك الدخول الآثار الآتية:
1- لا يقام على الرجل والمرأة حد الزنى بالاتفاق لوجود الشبهة الدارئة للحد عنهما.
2- يجب على الرجل مهر المثل بالغاً ما بلغ إن لم يكن سمى للمرأة مهراً عند العقد أو بعده، فإن كان سمى لها مهراً وجب عليه الأقل من المسمى ومهر المثل.
3- تثبت بهذا الدخول حرمة المصاهرة.
4- تجب به العدة على المرأة من وقت افتراقهما أو وقت تفريق القاضي، وهذه العدة عدة طلاق تحتسب بالأقراء أو الأشهر إذا لم تكن حاملاً حتى في حالة وفاة الرجل، لأن عدة الوفاة المقدرة بأربعة أشهر وعشرة أيام لا تكون إلا بعد زواج صحيح، ولا تجب لها نفقة في هذه العدة.
5- يثبت نسب الولد إن وجد محافظة عليه من الضياع.
أما غير ذلك من الأحكام فلا توارث فيه إذا مات أحدهما ولو قبل التفريق بينهما، ولا تجب به على الرجل نفقة ولا سكنى، كما لا تجب عليها الطاعة للزوج، ولا يقع به طلاق على المرأة.
المبحث الثالث
في الزواج الموقوف:
هو ما فقد فيه شرط النفاد بأن باشره من ليست له ولاية شرعية على إنشائه بأن كان ناقص الأهلية أو كاملها ولم تكن له صفة تجيز له إنشاء العقد من أصالة أو ولاية أو وكالة.كتزوج الصغير المميز بدون إذن وليه فإنه صحيح موقوف على إجازة من له الولاية عليه إلا إذا استمر العقد بدون إجازة أو رد إلى حين بلوغه، فإن الإجازة تنتقل إليه إن أجازة نفذ وإن لم يجزه بطل، وكعقد الفضولي وهو من يعقد لغيره بدون ولاية أو وكالة.
حكمه: الزواج الموقوف -رغم صحته- لا يترتب عليه أي أثر مع آثار الزواج إلا بعد إجازته أو الدخول الحقيقي بعده.
فإذا أجيز ترتيب عليه جميع الآثار التي رتبها الشارع عليه، وإذا دخل بالمرأة قبل الإجازة ترتب عليه الآثار التي ترتب على العقد الفاسد دون غيرها، فلا يحل به دخول، ولا تجب به طاعة ولا مهر ولا نفقة ولا حرمة المصاهرة إلا على رأي من يثبتها بالزنى، ولا يقع فيه طلاق ولا توارث إذا مات أحدهما قبل الإجازة.
وبهذا يعلم أن حكم الزواج الموقوف قبل إجازته كحكم الزواج الفاسد في أن كلاً منهما لا يترتب عليه أي أثر قبل الدخول، وأما بعده فيترتب عليهما بعض الآثار.
ولا فرق بينهما إلا أن الفاسد لا يقر بحال من الأحوال ولا يلحقه تصحيح، أما الموقوف فتلحقه الإجازة ولو بعد الدخول فيصير نافذاً تترتب عليه كل آثار الزوجية من وقت ابتداء العقد، لأن الإجازة اللاحقة تنسحب على العقد من وقت إنشائه فينقلب نافذاً من وقت إنشائه، وإن لم يجزه من له الولاية كان ذلك إبطالاً له من مبدئه.
وهذا وليلاحظ أنه إذا دخل الرجل بالمرأة في العقد الموقوف بعد رده وبعد علمه بالرد يكون فعله زنى لا شبهة فيه فيترتب عليه ما يترتب على العقد الباطل.
المبحث الرابع
الزواج النافذ غير اللازم:
هو العقد الذي استوفى أركانه وشروطه كلها مع بقاء حق الاعتراض لغير العاقد عليه وطلبه فسخه كتزويج البالغة العاقلة نفسها بغير كفء أو بأقل من مهر مثلها، فإن للولي العاصب حق الاعتراض على هذا الزواج بطلب فسخه.
وحكم هذا الزواج أنه يتريب عليه الآثار من حل الدخول، ووجوب النفقة والكسوة والسكنى للزوجة ما لم تمتنع عن الدخول في طاعته بغير حق. وتثبت به حرمة المصاهرة فيحرم على الزوجة أصول الزوج وفروعه كما يحرم على الزوج أصول الزوجة وفروعها ويثبت به حق التوارث إذا مات أحدهما قبل القضاء بفسخه ولو كان قبل الدخول، كما يثبت به نسب الأولاد للزوج.
ويجب به المهر ديناً في ذمة الزوج بمجرد العقد لكنه عرضة للتنصيف أو السقوط، فإذا فسخ قبل الدخول والخلوة الصحيحة لا يجب شيء من المهر سواء كان الفسخ من قبل الزوج أو الزوجة، لأن الفسخ هنا يكون نقضاً للعقد من أساسه، وحيث انتقض العقد لم يبق موجب للمهر، لأن الموجب له إما العقد أو الدخول أو الخلوة الصحيحة.
وإذا كان الفسخ بعد الدخول أو الخلوة الصحيحة فإنه يجب كل المهر وعليها العدة ولها النفقة وغيرها، وإذا طلقها قبل الفسخ والدخول كان لها نصف المهر المسمى.