ترتيب ولي المرأة في الزواج
- الأب.
- ثم الجد أبو الأب.
- ثم الأخ الشقيق.
- ثم الأخ من الأب.
- ثم ابن الأخ الشقيق.
- ثم ابن الأخ من الأب.
- ثم العم الشقيق.
- ثم العم من الأب.
- ثم ابن العم الشقيق.
- ثم ابن العم من الأب.
- وهكذا سائر العصبات، فإن عدمت العصبات فالقاضي، لما سبق من قوله - صلى الله عليه وسلم -:" فالسلطان ولي من لا ولي له ".
- وهناك تفصيل في ولاية الابن في الزواج:
في من تثبت له الولاية المتعدية في النكاح :
اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أن هذه الولاية تثبت للعصبة بالنفس من الأقارب. وهم كل قريب رجل يتصل بالمولى عليه اتصالاً لا ينفرد بالتوسط بينهما فيه أنثى. ويشمل ذلك أصوله من الأب والجد أبي الأب وإن علا، وفروعه وهم الأبناء وأبناؤهم وإن نزلوا، وفروع أبويه من الذكور وهم الاخوة سواء كانوا أشقاء أو لأب وأبناؤهم وإن نزلوا، وفروع الأجداد وهم الأعمام وأبناؤهم كذلك.
غير أن الشافعية لم يجعلوا للأبناء وأبنائهم ولاية إلا إذا وجدت صفة أخرى غير البنوة.
كما اتفقوا على أنها تثبت للحاكم أو نائبه إذا لم يوجد ولي من الأقارب، أو حصل عضل منه بالامتناع عن التزويج عند الحاجة.
واختلفوا في ثبوتها للوصي. فمنعها الحنفية والشافعية، وأثبتها المالكية مطلقاً والحنابلة في رواية. كما اختلفوا في ثبوتها لغير العصبة من الأقارب، فأثبتها أبو حنيفة : للأقرباء الورثة من أصحاب الفروض وذوي الأرحام، ولا تنتقل إلى الحاكم مع وجود واحد من هؤلاء.
ذهب الحنفية إلى أن الولاية في الزواج تثبت أولاً للعصبات النسبية بالترتيب الآتي:
ترتيب الولي في النكاح
فروع الشخص من الذكور كالابن وابن الابن وإن نزل، ثم أصوله. كالأب والجد لأب وإن علا، ثم فروع أبويه من الذكور كالاخوة الأشقاء والاخوة لأب وأبنائهم، ثم فروع الأجداد كذلك كالأعمام لأبوين أو لأب وأبناء الأعمام.
فإذا كان للقاصر عاصب واحد من هؤلاء تثبتت الولاية له، وإن كان له أكثر من عاصب فإن اختلفت جهتهم قدم من كان من فروعه على من كان من أصوله، ثم من كان من أصوله على من كان من فروع الأبوين، ثم من كان من فروع الأبوين على من كان من فروع الأجداد.
فالابن مثلاً يقدم على الأب، والجد على الأخ، والأخ على العم وهكذا.
وإن اتحدت الجهة فإن اختلفت الدرجة قدم الأقرب درجة، فالابن يقدم على ابن الابن، والأب على الجد، والأخ ولو كان لأب على ابن الأخ الشقيق وهكذا.
فإن اجتمع أخوان أحدهما شقيق والآخر لأب قدم الشقيق، وكذلك إذا اجتمع عمان أو ابنا أخوين، وإن اتحدت الجهة والدرجة وقوة القرابة كأخوين شقيقين أو لأب أو عمين شقيقين أو لأب تثبت الولاية لكل منهما كاملة لأنها ثبتت بسبب لا يتجزأ وهو القرابة، فتثبت لكل واحد من الأولياء المتساويين على الكمال كأنه ليس معه غيره.
فإذا زوج أحدهما القاصر صح ذلك، وإن زوجه كل منهما بدون علم الآخر صح السابق منهما إن علم، فإن لم يعلم السابق وكان المزوج ذكراً صح العقدان لعدم المانع، وإن كان أنثى أبطل العقدان لعدم المرجح لأحدهما على الآخر وهي لا يصح زواجها لأكثر من واحد في وقت واحد.
فإذا لم يوجد ولي عاصب هل تنتقل الولاية إلى الأقارب الوارثين من أصحاب الفروض وذوي الأرحام ثم من بعدهم إلى القاضي. أو تنتقل بعد العصبات إلى القاضي؟
ذهب أبو حنيفة أنها تنتقل إلى هؤلاء الأقارب قبل القاضي ولا تنتقل إليه إلا إذا لم يوجد واحد منهم.
فتثبت أولاً للأم ثم أم الأب ثم أم الأم ثم البنت ثم بنت الابن ثم بنت بنت البنت ثم الجد لأم ثم الأخت الشقيقة ثم الأخت لأب ثم الإخوة والأخوات لأم، ثم أولاد هؤلاء على الترتيب السابق، ثم للعمات مطلقاً والأعمام لأم ثم الأخوال والخالات ثم بنات الأعمام ثم أولادهم.
فإن لم يوجد أحد من هؤلاء انتقلت الولاية إلى القاضي.
غيبة الولي القريب وعضله:
إذا عرفنا الأولياء فكل واحد منهم إذا كان مستوفياً لشروط الولاية يحجب من بعده، فإذا تولى الولي البعيد العقد مع وجود القريب توقف العقد على إجازة من له الولاية كتزويج الأخ لأخته وأبوه حاضر، لكن قد يغيب الولي القريب أو يمتنع عن التزويج فهل تنتقل الولاية لمن بعده؟
إذا غاب الولي القريب وجاء الخاطب الكفء وهو لا ينتظر حضور الغائب أو معرفة رأيه، فإن الولاية تنتقل إلى من يليه خوفاً من فوات المصلحة، ولأن الولاية ثابتة للبعيد بأصل قرابته إلا أنها مؤخرة لكون القريب أوفر شفقة، فإذا تعذر قيام الولي بعقد العقد كان الحق للبعيد في هذه الحالة.
وعلى ذلك ليس للغائب إذا حضر أن يعترض على هذا العقد، لأنه اعتبر في حال غيبته كالمعدوم وهذا عند أبي حنيفة.
وإذا امتنع الولي صاحب الحق عن التزويج، فإذا كان امتناعه لسبب ظاهر كعدم كفاءة الزوج أو لأن المهر أقل من مهر المثل، أو لوجود خاطب آخر يفوق الأول في مزاياه لا يعد عاضلاً في هذه الحالة ولا تنتقل الولاية لغيره، فليس لمن بعده من الأولياء تولي العقد، كما لا يملك القاضي توليه لعدم الظلم في هذه الحالة.
أما إذا امتنع من غير سبب يبيح له ذلك كان في هذه الحالة عاضلاً أي ظالماً، وحينئذ لا تنتقل الولاية لمن بعده من الأولياء لعدم سقوط ولاية الممتنع بل تنتقل إلى القاضي فيتولى العقد نيابة عنه، لأن ما فعله ظلم يؤدي إلى تنازع الأولياء، وهو مكلف برفع الظلم.
ويعد الولي عاضلاً إذا امتنع عن التزويج عند حاجة المولى عليها إليه، كما إذا طلبت الحرة البالغة العاقلة الإنكاح من كفء موجود راغب فيها بمهر المثل، فإنه يجب عليه التزويج لأن امتناعه ظلم وهو منهي عنه، فإذا لم يفعل تولى القاضي نيابة عنه.
وكذلك تنتقل إلى القاضي فيما إذا وجد أولياء في درجة واحدة وتنازعوا وخيف أن يؤدي تنازعهم إلى فوات الخاطب الكفء.
المبحث الرابع
في أنواع الولاية المتعدية وعلى من تثبت كل منهما:
اتفق الفقهاء على أن هذه الولاية تتنوع إلى نوعين:
ولاية جبرية: وهي التي تُخَوِّلُ لصاحبها الاستقلال بإنشاء عقد الزواج دون أن يكون للمولى عليه دخل فيه، ولذا سماها بعض الفقهاء ولاية استبدادية لاستبداد الولي فيها إنشاء العقد دون مشاركة من المولى عليه.
وولاية لا جبر فيها: وهي التي تخول للولي تزويج المولى عليه بناء على اختياره ورغبته فلا يستقل بالعقد، ولكن الفقهاء اختلفوا في تسميتها، فالحنفية في الراجح من مذهبهم يسمونها ولاية ندب واستحباب. على معنى أنه يستحب للولي مباشرة العقد نيابة عن المولى عليه بعد أن يتم الاختيار من جهته، كما يستحب للمولى عليه أن يكل مباشرة العقد للولي، حيث يصح له أن يباشره بنفسه.
ويسميها المالكية ولاية اختيار حيث لا جبر فيها على المولى عليه.
ويسميها الشافعي ولاية شركة لاشتراك كل من الولي والمولى عليه في اختيار الزوج، فلا يتم العقد إلا بتلك المشاركة، ولا فرق بينهما إلا أن الشافعية يمنعون تولي المولى عليه العقد لأنه امرأة.
ولكل من الولايتين أحكام تخالف أحكام الأخرى: وإليك البيان:
أما الولاية التي لا جبر فيها "ولاية الندب والاستحباب" فتثبت لكل الأولياء عموماً لا فرق بين ولي وولي حسب الترتيب في كل مذهب كما قدمنا.
وتثبت هذه الولاية على المرأة البالغة العاقلة وإن كانت رشيدة، هذا القدر متفق عليه بين الأئمة في الجملة، لكنهم اختلفوا وراء ذلك في أنها هل تثبت على تلك المرأة مطلقاً بكراً كانت أو ثيباً، أو أنها مقيدة بقيد بحيث لو لم يوجد كانت الولاية إجبارية ؟.
فالحنفية لا يشترطون فيها شيئاً، ويوافقهم الحنابلة في إحدى الروايتين عندهم والشافعية يشترطون فيها الثيابة فإن كانت بكراً فالولاية عليها إجبارية. وهي رواية عند الحنابلة.
ويوافقهم المالكية في القول المشهور عندهم فإنه يقرر أن البكر البالغة تثبت عليها ولاية الإجبار ولو بلغت ستين سنة أو أكثر.
بم يكون الرضا؟
يتحقق الرضا من الثيب بالقول وبالفعل كمطالبتها بالمهر والنفقة، وتمكينها من نفسها لحديث "الثيب يُعرب عنها لسانها" والفعل يدل على ما يدل عليه القول. وقول رسول الله لبريرة "إن وطئك زوجك فلا خيار لك".
أما البكر فرضاها يتحقق بهذين الطريقين، وبأمر ثالث وهو السكوت لحديث "وأذنها صُماتها"، ولأنها تستحي من النطق بالإذن من النكاح لما فيه إظهار رغبتها في الرجال فتنسب إلى الوقاحة، فلم يجعل سكونها إذناً وُشرِط استنطاقها - وأنها لا تنطق عادة - لفاتت عليها مصالح الزواج مع حاجتها إلى ذلك وهذا لا يجوز، والسكوت وإن كان محتملاً للرضا وعدمه إلا أنه يترجح جانب الرضا، لأنها لو لم تكن راضية لردت، لأنها إن كانت تستحي من الإذن فلا تستحي من الرد فلما سكتت ولم ترد دل على أنها راضية.
ويقوم مقام السكوت كل فعل يدل على الرضا. كالتبسم أو الضحك من غير استهزاء، وقالوا: ومنه البكاء بدون صوت فإنه بكاء الفرح.
المراد بالبكر والثيب:
ليس المراد بالبكر والثيب هنا حقيقتهما اللغوية، لأن حقيقة البكارة بقاء العُذرة، وحقيقة الثيابة زوالها، والحكم هنا ليس مبيناً على ذلك بالإجماع، لأن أحكام الولاية لا تقف عند هذا المعنى، بل هناك صور ممن ذهبت عُذرتها تعامل معاملة البكر في الزواج وما يتعلق به من الولاية.
فالثيب هنا: من ذهبت عذرتها بمقاربة جنسية يتعلق بها ثبوت النسب وهي ما كانت بزواج صحيح أو فاسد أو بشبهة توجب لها المهر بالاتفاق بين الفقهاء.
أما من ذهبت بكارتها بعارض كوثبة أو ضربة أو جراحة أو دفعة حيض شديدة فتعامل معاملة البكر بالاتفاق مع كونها ثيب بالغة. لبقائها على حيائها حيث لم تمارس أحداً من الرجال، كما أنها لم تباشر الإذن بعقد الزواج، أو يقال: إنها بكر حقيقة. لأن مصيبها بعد زوال عذرتها أول مصيب لها. ومنه الباكورة وهي أول الثمار.
لكن الفقهاء اختلفوا فيمن زالت بكارتها بالزنى:
ذهب الشافعي في الأصح وأحمد في المشهور إلى أنها ثيب تعامل معاملة الثيب في الزواج لا فرق في ذلك بين المطاوعة والمكرهة.
قالوا: إن هذه ثيب حقيقة لغة وشرعاً بما حصل منها فإن مصيبها عائد إليها، ومنه المثابة الموضع الذي يرجع إليه، فدخلت في الثيب في الحديث. وقد فرق بينها وبين البكر.
ولأنها تشبه الموطوءة بشبهة، وقد اتفق الجميع على أنها ثيب فتكون هذه مثلها.
ولأن البكر يكتفى بسكوتها لحيائها وهذه قد ذهب حياؤها بمخالطتها الرجال بهذا الطريق المحرم على أن الحياء أمر خفي لا يمكن الوقوف عليه وإنما يعرف بمظنته وهي البكارة وقد زالت بالزنى.
وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية إلى أنها تعامل معاملة البكر إذا لم تشتهر بالزنى على الأصح، لأن علة الاكتفاء بصمات البكر الحياء كما جاء بالحديث، والحياء من الشيء لا يزول إلا بمباشرته، وهذه لم تباشره بالإذن في النكاح فبقي حياؤها منه بحاله.
ولهذا لم تدخل البكر التي زالت عذرتها بالوثبة ونحوها في الثيب في هذا الحديث وإن كانت ثيباً حقيقة، وأن الشارع ندب إلى الستر على الزنى، ومعاملتها معاملة الثيب في هذا الموضع تشهير بها يتنافى في الستر المطلوب.
أما ولاية الإجبار فقد اتفق أصحاب المذاهب الأربعة على أنها تثبت على الصغير والبكر الصغيرة والمجانين والمعاتية ذكوراً وإناثاً إذا وجدت مصلحة في تزويجهم.
واختلفوا في ثبوتها على الثيب الصغيرة والبكر البالغة العاقلة.
ذهب المالكية إلى ثبوت ولاية الجبر عليهما لأن علة الجبر عندهم إما الصغر أو البكارة.
وذهب الشافعية إلى ثبوتها على البكر الكبيرة فقط، لأن علة الجبر هي البكارة لجهلها بأمر الزواج لعدم ممارسته بالتجربة فتكون عاجزة عن اختيار الزوج الملائم، وعلى هذا لو زوج الأب الصغيرة ثم دخل بها الزوج ثم طلقت لا يجوز للأب تزويجها حتى تبلغ فتستشار إذ لا حاجة إلى زواجها ثانية حيث لم تنجح التجربة الأولى فلا داعي لتكرارها، وهي لا تزوج إلا بأمرها كما صرح الحديث "الثيب تستأمر" ولا أمر لها ما دامت صغيرة فينتظر حتى تبلغ ليكون لها أمر.
وذهب الحنفية والحنابلة في أرجح الرأيين عندهم إلى ثبوت الولاية الجبرية على الثيب الصغيرة دون البكر البالغة، لأن علة الجبر هي الصغر، ولذلك تثبت على الصغير وهو لا يوصف بالبكارة ولا بالثيابة، لأن الصغر، يصحبه العجز عادة عن اختيار الزوج ويلحق به ما في معناه من عته أو جنون.
والثيب الصغيرة كانت الولاية ثابتة عليها قطعاً قبل الثيوبة فكان الولي يملك جبرها على الزواج إذا وجد مصلحتها في ذلك لتستوفي حظها منه بعد البلوغ لعجزها عن ذلك بنفسها وقدرة الولي عليه، والثيابة التي عرضت لها لا تصلح مانعاً من تزويجها بل تجعلها أحوج إلى التزويج من البكر لأنها مارست الرجال وصحبتهم، فإذا ثبتت الولاية على البكر فأولى أن تبقى على الثيب الصغيرة.
من تثبت له ولاية الإجبار؟
للفقهاء في ذلك آراء، يثبتونها للأب والجد فقط لأن ثبوتها للأب ثبت بتزويج أبي بكر الصديق ابنته عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صغيرة.
والجدُّ مثل الأب في كثير من الأحكام حيث يتصرف في مالها كالأب فيأخذ حكمه في ثبوت الولاية، ويقتصر على هذين لوفور شفقتهما التي لا تتوفر في غيرهما من العصبات.
وأضافوا الحاكم للأب والجد في ثبوت الولاية الجبرية على المجانين والمعاتية.
وذهب المالكية والحنابلة في المشهور عندهم إلى إثباتها للأب ووصيه، لأن الوصي قائم مقام الأب واختياره يدل على ذلك، فإن الأب لا يختار وصياً لتزويج ابنته إلا إذا كان موفور الشفقة حريصاً على مصلحة ابنته.
غير أن المالكية يقيدون ولاية الإجبار للوصي بحالتي ما إذا عين الأب الزوج أو فوض له الأمر بأن يزوجها من يشاء، فإذا ملك الوصي الإجبار لا يزوجها إلا بمهر المثل وبالزوج الكفء بخلاف الأب فإنه يملك الإجبار مطلقاً.
وذهب الحنفية إلى إثباتها للعصبات، واستدلوا بإجماع الصحابة، وبما روي عن علي كرم الله وجهه "النكاح إلى العصبات" فقد روى مرة موقوفاً عليه وأخرى مرفوعاً لرسول الله، ولوجود الشفقة عند سائر العصبات غير أنهم لما كانوا مختلفين في قوة القرابة والشفقة اختلف الحكم في تزويجهم حيث يكون تارة لازماً، وأخرى غير لازم:
ففي تزويج الأب والجد والابن بالكفء والمهر المناسب يكون العقد لازماً لا تخيير فيه، وفي تزويج غيرهم جعل للمولى عليه الخيار عند البلوغ إذا كان صغيراً أو الإفاقة إن كان مجنوناً ليتدارك الخطأ الذي يكون في تزويجهم.