قتال خالد بن الوليد للفرس في موقعة القادسية
قتال خالد بن الوليد للفرس في موقعة القادسية
أيها الأحباب! انتهت حروب الردة في لمحات سريعة، وأصدر الخليفة العظيم المبارك رضي الله عنه وأرضاه أوامره إلى قائده العظيم المبارك أن يترك أرض الجزيرة العربية بعد انتهاء حروب الردة لينتقل إلى بلاد العراق .
إلى بلاد العراق؟! لماذا؟! لحرب أعظم امبراطورية في بلا الشرق، وللقضاء على امبراطورية فارس، وينطلق خالد مسرعاً ملبياً أوامر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل العام الثاني عشر للهجرة، ويبدأ خالد أعماله الميمونة المباركة في العراق بهذه الكتب التي أرسل بها إلى كسرى، وإلى ولاته وأمرائه في بلاد العراق ، واسمعوا إلى هذه الرسالة، وإلى هذا الكتاب الذي أرسل به خالد رضي الله عنه وأرضاه: قال خالد : بسم الله الرحمن الرحيم "من خالد بن الوليد إلى مرازبة فارس، سلام على من اتبع الهدى أما بعد: فالحمد لله الذي فضح دمكم، وسلب ملككم، ووهن كيدكم، من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا، فإن جاءكم كتابي هذا فإني أخيركم بين ثلاثة: إما الإسلام، وإما أن تدفعوا الجزية عن يدٍ وأنتم صاغرون، وإما الحرب، فوالله الذي لا إله غيره لقد جئتكم بقومٍ يحبون الموت كما تحبون الحياة".
الله أكبر ودب الرعب في قلوب أهل فارس، فلقد نُصر خالد بن الوليد بالرعب، وبالإجمال أقول: إن خالد بن الوليد دخل في خمس عشرة موقعة مع الفرس ومع أوليائهم، ولم يهزم بإذن الله في موقعة واحدة قط، وكانت أخطر معاركه مع أهل الفرس هي: موقعة ذات السلاسل بقيادة هرمز ، وفيها قيد الفرس أنفسهم بالسلاسل، حتى يضمنوا ألا يفروا من الميدان أمام ضربات خالد بن الوليد ، وانتهت معارك الفرس، ودك خالد بن الوليد عرش الإمبراطورية الفارسية في عامٍ واحد، فعل خالد بن الوليد ما عجز الرومان أن يفعلوه في أجيالٍ متتابعة.
وانتهت المعارك في بلاد العراق ، وبقي على موسم الحج أسبوعان، فنظر خالد فوجد نفسه فارغاً من القتال، ولكنه حتماً لا يكون فارغاً من طاعة الله عز وجل، وفي عزمة خالدية جريئة لا يقوى عليها إلا خالد ، صمم خالد في سرية تامة أن ينال شرف أداء فريضة الحج لأول مرة بعدما منَّ الله عليه بهذه الانتصارات المروعة والرائعة، وفي سرعة البرق، وفي لمحة خاطفة، ولم يبق على موسم الحج إلا أسبوعين، ينطلق خالد بن الوليد من أقصى العراق إلى أقصى الحجاز ويؤدي فريضة الحج دون أن يشعر به أحد من الأعداء، ودون أن يشعر به أحدٌ من المسلمين في جيشه إلا من المقربين من قواده، بل حتى لم يعلم به خليفة رسول الله أبو بكر الذي كان أميراً للحج في هذا الموسم، ويرجع خالد مرةً أخرى إلى موقعه، ولما علم الصديق بذلك عاتبه عتاباً رقيقاً وأمره ألا يعود لمثلها، يقول المؤرخون: تلك عزمة خالدية وثقة مفرطة لا يقوى عليها إلا خالد .