شرح حديث لعن الله الواصلة و المستوصلة
شرح معنى حديث: لعن الله الواصلة و المستوصلة
لعن الله الواصلة و المستوصلة
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة». رواه البخاري
الواصلة: هي التي تصل الشعر سواء كان لنفسها أو لغيرها، والمستوصلة: التي تطلب فعل ذلك، ويفعل بها.
قال الامام مسلم في صحيحه:
باب تَحْرِيمِ فِعْلِ الْوَاصِلَةِ وَالْمُسْتَوْصِلَةِ وَالْوَاشِمَةِ وَالْمُسْتَوْشِمَةِ وَالنَّامِصَةِ وَالْمُتَنَمِّصَةِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ وَالْمُغَيِّرَاتِ خَلْقِ اللَّهِ.
- عَن أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَت:ْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت:ْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي ابْنَةً عُرَيِّسًا أَصَابَتْهَا حَصْبَةٌ فَتَمَرَّقَ شَعْرُهَا أَفَأَصِلُهُ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلة.
- وعن جَابِرٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: زَجَرَ أَنْ تَصِلَ الْمَرْأَةُ بِرَأْسِهَا شَيْئًا .
- وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي زَوَّجْتُ ابْنَتِي فَتَمَرَّقَ شَعَرُ رَأْسِهَا وَزَوْجُهَا يَسْتَحْسِنُهَا أَفَأَصِلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَنَهَاهَا.
- وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ جَارِيَةً مِنْ الْأَنْصَارِ تَزَوَّجَتْ وَأَنَّهَا مَرِضَتْ فَتَمَرَّطَ شَعَرُهَا فَأَرَادُوا أَنْ يَصِلُوهُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَلَعَنَ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ.
الشرح :
قوله ( لعن الله الواصلة ): هي التي تصل الشعر بشعر آخر سواء اتصل بشعرها أو بشعر غيرها
( والمستوصلة ): التي تأمر من يفعل بها ذلك وكذلك الواشمة والمستوشمة والوشم غرز الإبرة في الوجه ثم يحشى كحلا أو غيره قيل هذا ونحوه ليس دعاء منه صلى الله عليه وسلم بالإبعاد بل ذلك إخبار أن الله تعالى لعن هؤلاء لأنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث لعانا وقد قال المؤمن لا يكون لعانا قلت لعن الشيطان وغيره وأراد وقد قال تعالى ( أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) فالظاهر أن اللعن على المستحق على قلة لا يضر فلذلك قيل لم يبعث لعانا بالمبالغة فتأمل وذلك لما فيه من تغيير الخلق بتكلف ومثله قد حرم الشارع لعدم التكليف فيه .
لعن الله الواصلة ) أي التي تحاول وصل شعرها ( والمستوصلة ) التي تطلب ذلك وتطاوعها على فعله بها ( والواشمة والمستوشمة ) فيحرم ذلك وجوز بعضهم الوصل والتنمص باذن الزوج الا ان يكون ذلك الوصل بشعر نجس أو شعر آدمي لحرمته نقله النووي
قال الخطابي:
- الواشمات: من الوشم في اليد، وكانت المرأة تغرز معصم يدها بإبرة أو مسلة حتى تدميه ثم تحشوه بالكحل فيخضر، يفعل ذلك بدارات ونقوش، يقال منه: وشمت فهي واشمة.
- والمستوشمة: هي التي تسأله، وتطلب أن يفعل بها ذلك.
- والواصلات: هن اللواتي يصلن شعورهن بشعور غيرهن من النساء يردن بذلك طول الشعر، يوهمن أن ذلك من أصل شعورهن، فقد تكون المرأة زعراء قليلة الشعر، أو يكون شعرها أصهب، فتصل شعرها بشعر أسود فيكون ذلك زورا وكذبا، فنهى عنه.
وقال الحافظ في "الفتح" ١٠/ ٣٧٥: وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي.
و جاء في تحفة الاحوذي :
قوله ( قوله لعن الله الواصلة ) أي التي تصل الشعر سواء كان لنفسها أم لغيرها ( والمستوصلة ) أي التي تطلب وصل شعرها ( والواشمة ) هي التي تشم من الوشم
قال أهل اللغة الوشم بفتح ثم سكون أن يغرز في العضو إبرة أو نحوها حتى يسيل الدم ثم يحشى بنورة أو غيرها فيخضر
وقال أبو داود في السنن الواشمة التي تجعل الخيلان في وجهها بكحل أو مداد والمستوشمة المعمول بها انتهى
وذكر الوجه للغالب وأكثر ما يكون في الشفة
وفي آخر حديث الباب قال نافع الوشم في اللثة فذكر الوجه ليس قيدا وقد يكون في اليد وغيرها من الجسد وقد يفعل ذلك نقشا ويجعل دوائر وقد يكتب اسم المحبوب وتعاطيه حرام بدلالة اللعن كما في حديث الباب ويصير الموضع الموشوم نجسا لأن الدم النجس فيه فيجب إزالته إن أمكن ولو بالجرح إلا إن خاف منه تلفا أو شيئا أو فوات منفعة عضو فيجوز إبقاؤه وتكفي التوبة في سقوط الاثم ويستوي في ذلك الرجل والمرأة قاله الحافظ في الفتح ( والمستوشمة ) وهي التي تطلب الوشم
( قال نافع الوشم في اللثة ) ذكر اللثة للغالب كما عرفت
و قال الملا علي القاري في :مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي قال لعن الله الواصلة أي التي توصل شعرها بشعر آخر زورا وهي أعم من أن تفعل بنفسها أو تأمر غيرها بأن يفعله والمستوصلة أي التي تطلب هذا الفعل من غيرها وتأمر من يفعل بها ذلك وهي تعم الرجال والمرأة فالتاء إما باعتبار النفس أو لأن الأكثر أن المرأة هي الآمرة أو الراضية قال النووي الأحاديث صريحة في تحريم الوصل مطلقا وهو الظاهر المختار وقد فصله أصحابنا فقالوا إن وصلت بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف لأنه يحرم الانتفاع بشعر الآدمي وسائر أجزائه لكرامته وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا وإن كان فثلاثة أوجه أصحها أن فعلته بإذن الزوج والسيد جاز وقال مالك والطبري والأكثرون على أن الوصل ممنوع بكل شيء شعر أو صوف أو خرق أو غيرها واحتجوا بالأحاديث وقال الليث النهي مختص بالشعر فلا بأس بوصله بصوف وغيره وقال بعضهم يجوز بجميع ذلك وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها لكن الصحيح عنها كقول الجمهور والواشمة اسم فاعل من الوشم وهو غرز الابرة أو نحوها في الجلد حتى يسيل الدم ثم حشوه بالكحل أو النيل أو النورة فيخضر والمستوشمة أي من أمر بذلك قال النووي وهو حرام على الفاعلة والمفعول بها والموضع الذي وشم يصير نجسا فإن أمكن إزالته بالعلاج وجبت وإن لم يمكن إلا بالجرح فإن خاف منه التلف أو فوت عضو أو منفعته أو شينا فاحشا في عضو ظاهر لم يجب إزالته وإذا تاب لم يبق عليه إثم وإن لم يخف شيئا من ذلك لزمه إزالته ويعصي بتأخيره متفق عليه ورواه أحمد والأربعة وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات بتشديد الميم المكسورة هي التي تطلب إزالة الشعر من الوجه بالمنماص