ماذا قال ابو بكر عند وفاة الرسول
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله أما بعد :
ماذا قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ذكر الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في كتاب البداية و النهاية قال :
قالت (أ أم المؤمنين عائشة ) : ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر إليه فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل رأسه فحدرناه فقبل جبهته ثم قال وانبياه ثم رفع رأسه فحدرناه وقبل جبهته ثم قال واصفياه ثم رفع رأسه وحدرناه وقبل جبهته وقال واخليلاه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وخرج إلى المسجد وعمر يخطب الناس ويتكلم ويقول إن رسول الله لا يموت حتى يفني الله المنافقين.
فتكلم أبو بكر: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله يقول * (إنك ميت وإنهم ميتون) * [ الزمر: 30 ] حتى فرغ من الآية.
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه) * [ آل عمران: 144 ] حتى فرغ من الآية
ثم قال: فمن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ومن كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات.
فقال عمر: أو إنها في كتاب الله ؟ ما شعرت أنها في كتاب الله.
ثم قال عمر: يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايعوه فبايعوه.
البداية و النهاية لابن كثير و به أيضا :
قال: وأقبل أبو بكر رضي الله عنه من السنح على دابته حتى نزل بباب المسجد، وأقبل مكروبا حزينا فاستأذن في بيت ابنته عائشة، فأذنت له فدخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد توفي على الفراش والنسوة حوله، فخمرن وجوههن، واستترن من أبي بكر إلا ما كان من عائشة، فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجثى عليه يقبله ويبكي ويقول: ليس ما يقوله ابن الخطاب شيئا، توفي رسول الله والذي نفسي بيده رحمة الله عليك يا رسول الله ما أطيبك حيا وميتا، ثم غشاه بالثوب ثم خرج سريعا إلى المسجد يتخطى رقاب الناس حتى أتى المنبر، وجلس عمر حين رأى أبا بكر مقبلا إليه وقام أبو بكر إلى جانب المنبر، ونادى الناس فجلسوا وأنصتوا فتشهد أبو بكر بما علمه من التشهد.
وقال: إن الله عز وجل نعى نبيه إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم وهو الموت حتى لا يبقى منكم أحد إلا الله عز وجل.
قال تعالى * (وما محمد إلا رسول الله قد خلت من قبله الرسل) * الآية
فقال عمر: هذه الآية في القرآن ؟ والله ما علمت أن هذه الآية نزلت قبل اليوم وقد قال الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: * (إنك ميت وإنهم ميتون) * [ الزمر: 30 ] وقال الله تعالى: * (كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) * [ الرحمن: 26 - 27 ] وقال تعالى: * (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) * [ القصص: 88 ] وقال: * (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) * [ آل عمران: 144 ]
وقال: إن الله عمر محمدا صلى الله عليه وسلم وأبقاه حتى أقام دين الله، وأظهر أمر الله وبلغ رسالة الله، وجاهد في سبيل الله، ثم توفاه الله على ذلك، وقد ترككم على الطريقة فلن يهلك هالك إلا من بعد البينة والشفاء فمن كان الله ربه فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمدا وينزله إلها فقد هلك إلهه.
فاتقوا الله أيها الناس، واعتصموا بدينكم وتوكلوا على ربكم، فإن دين الله قائم، وإن كلمة الله تامة، وإن الله ناصر من نصره ومعز دينه، وأن كتاب الله بين أظهرنا وهو النور والشفاء.
وبه هدى الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
وفيه حلال الله وحرامه، والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله، إن سيوف الله لمسلولة، ما وضعناها بعد ولنجاهدن من خالفنا كما جاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يبغين أحد إلا على نفسه.