ومن يتوكل على الله فهو حسبه - تفسير الآية 3 سورة الطلاق
تفسيرمعنى قول الله تعالى: ومن يتوكل على الله فهو حسبه
- تفسير اللباب قوله : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ } .
أن من فوّض إليه أمره كفاهُ ما أهمَّه .
وقيل : من اتقى الله وجانب المعاصي وتوكل عليه فله فيما يعطيه في الآخرة من ثوابه كفاية ، ولم يرد الدنيا؛ لأن المتوكل قد يصاب في الدنيا وقد يقتل .
وقال - عليه الصلاة والسلام - : « لَوْ أنَّكُمْ تَتوكَّلُونَ على اللَّهِ حقَّ تَوكُّلِهِ لرزقَكُم كَمَا يَرزقُ الطَّيْر تَغْدُو خِمَاصاً وتَرُوحُ بِطَاناً » .
- تفسير ابن كثير :
قوله: { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } قال الإمام أحمد:
حدثنا يونس، حدثنا ليث، حدثنا قيس بن الحجاج، عن حَنَش الصنعاني، عن عبد الله بن عباس: أنه حدثه أنه ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا غلام، إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك، لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف".
وقد رواه الترمذي من حديث الليث بن سعد، وابن لَهِيعة، به (3) وقال: حسن صحيح.
وقال الإمام أحمد: حدثنا وَكِيع، حدثنا بشير بن سلمان، عن سيار أبي الحكم، عن طارق بن شهاب، عن عبد الله -هو ابن مسعود-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نزل به حاجة فأنزلها بالناس كان قمنًا أن لا تُسَهَّل حاجته، ومن أنزلها بالله أتاه الله برزق عاجل، أو بموت آجل".
ثم رواه عن عبد الرزاق، عن سفيان، عن بشير، عن سيار أبي حمزة، ثم قال: وهو الصواب، وسيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق
التفسير الميسر : ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه
يجعل له مخرجًا من كل ضيق، وييسِّر له أسباب الرزق من حيث لا يخطر على باله، ولا يكون في حسبانه. ومن يتوكل على الله فهو كافيه ما أهمَّه في جميع أموره. إن الله بالغ أمره، لا يفوته شيء، ولا يعجزه مطلوب، قد جعل الله لكل شيء أجلا ينتهي إليه، وتقديرًا لا يجاوزه.
تفسير الجلالين : معنى الآية
«ويرزقه من حيث لا يحتسب» يخطر بباله «ومن يتوكل على الله» في أموره «فهو حسبه» كافية «إن الله بالغٌ أمرَه» مراده وفي قراءة بالإضافة «قد جعل الله لكل شيء» كرخاء وشدة «قدرا» ميقاتا.
تفسير السعدي : ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ أي: يسوق الله الرزق للمتقي، من وجه لا يحتسبه ولا يشعر به.
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي: في أمر دينه ودنياه، بأن يعتمد على الله في جلب ما ينفعه ودفع ما يضره، ويثق به في تسهيل ذلك فَهُوَ حَسْبُهُ أي: كافيه الأمر الذي توكل عليه به، وإذا كان الأمر في كفالة الغني القوي [العزيز] الرحيم، فهو أقرب إلى العبد من كل شيء، ولكن ربما أن الحكمة الإلهية اقتضت تأخيره إلى الوقت المناسب له؛ فلهذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ أي: لا بد من نفوذ قضائه وقدره، ولكنه قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا أي: وقتًا ومقدارًا، لا يتعداه ولا يقصر عنه.
- تفسير ابو السعود { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ }
أيْ كافيهِ في جميعِ أمورِهِ { إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ } بالإضافةِ أي منفذُ أمرِهِ وقُرِىءَ بتنوينِ بالغُ ونصبِ أمرِهِ أيْ يبلغُ ما يريدُهُ لا يفوتُهُ مرادٌ ولا يُعجزُه مطلوبٌ ، وقُرِىءَ برفعِ أمرِهِ على أنَّه مبتدأٌ وبالغٌ خبرٌ مقدمٌ ، والجملةُ خبرُ إنَّ أو بالغٌ خبر إنَّ ، وأمرُهُ مرتفعٌ بهِ على الفاعليةِ أي نافذ أمرُهُ . وقُرِىءَ بالغاً أمرَهُ على أنَّه حالٌ وخبرُ إنَّ قولُهُ تعالَى : { قَدْ جَعَلَ الله لِكُلّ شَىْء قَدْراً } أي تقديراً وتوقيتاً أو مقداراً وهُو بيانٌ لوجوبِ التوكلِ عليهِ تعالَى ، وتفويضُ الأمرِ إليهِ لأنَّه إذا علمَ أنَّ كلَّ شيءٍ من الرزقِ وغيرِه لا يكونُ إلا بتقديرِه تعالَى لا يبقى إلا التسليمُ للقدرِ والتوكلُ على الله تعالى .
- تفسير الألوسي { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُهُ } أي كافيه عز وجل في جميع أموره .
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : « يقول الرب تبارك وتعالى : إذا توكل عليّ عبدي لو كادته السماوات والأرض جعلت له من بين ذلك المخرج » { إِنَّ الله بالغ أَمْرِهِ } بإضافة الوصف إلى مفعوله والأصل بالغ أمره بالنصب كما قرأ به الأكثرون أي يبلغ ما يريده عز وجل ولا يفوته مراد .
- تفسير البغوي { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } يتق الله فيما نابه كفاه ما أهمه.
وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا