قضاء الصلاة عند المذاهب الأربعة
قضاء الصلاة
1- معنى القضاء وحكمه الشرعي:
والقضاء: فعل الواجب بعد وقته.
أن يبادر إلى أداء الصلاة في وقتها، ويأثم بتأخيرها عن وقتها بغير عذر، وتأخير الصلاة من غير عذر معصية كبيرة لا تزول بالقضاء وحده، بل بالتوبة أو الحج بعد القضاء.
وأمَّا تأخير الصلاة عن وقتها لعذر مشروع فلا إثم عليه، ومن العذر: خوف العدو، وخوف القابلة موت الولد، أو خوف أمه إذا خرج رأسه، لأنه عليه السلام أخر الصلاة يوم الخندق، قال ابن مسعود: "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق".
فمن وجبت عليه الصلاة، وفاتته بفوات الوقت المخصص لها، لزمه قضاؤها وهو آثم بتركها عمداً، والقضاء عليه واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها"، فيجب القضاء بترك الصلاة عمداً أو لنوم أو نسيان أو لسهو، ولو شكاً.
2- أعذار سقوط الصلاة وتأخيرها:
اتفق العلماء على أن الصلاة تسقط عن المرأة أيام الحيض والنفاس، فلا يجب عليها قضاء ما فاتها من الصلوات أثناء الحيض أو النفاس، كما لا قضاء على الكافر الأصلي والمجنون اتفاقاً.
فذهب الحنفية إلى أن: الصلاة تسقط عن المجنون والمغمى عليه إذا استمر الجنون أو الإغماء أكثر من خمس صلوات، أما إن استمر أقل من ذلك، خمس صلوات فأقل، وجب عليهما القضاء لصلاة ذلك الوقت إذا بقي من الوقت ما يسع أكثر من التحريمة. فلو لم يبقق من الوقت ما يسع قدر التحريمة، لم تجب عليهما صلاة ذلك الوقت. وأما المرتد: فلا يقضي ما فاته زمن الردة ولا ما قبلها إلا الحج، لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي. ويعذر حربي أسلم بدار الحرب بالجهل، فلا يقضي ما عليه إذا مكث مدة، لأن العلم بالخطاب شرط التكليف.
وذهب المالكية إلى أنه: لا تجب القضاء في حال الجنون والإغماء والكفر والحيض والنفاس وفقد الطهورين.
وذهب الشافعية إلى أنه: لا تجب الصلاة على الحائض والنفساء والكافر وأما المرتد إذا أسلم: فيلزمه قضاء الصلاة.
ومن زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو بسبب مباح: فلا تجب عليه الصلاة ولا قضاء عليه.
أما من زال عقله بسبب محرم كمن شرب المسكر، أو تناول دواء من غير حاجة، فزال عقله، فيجب عليه القضاء إذا أفاق، لأنه زال عقله بمحرم، فلم يسقط عنه الفرض...
وذهب الحنابلة إلى أنه: لا تجب الصلاة على صبي والمجنون ولا كافر ولا حائض أو نفساء. أما الكافر الأصلي فلا يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره.
وأما المرتد: ففي وجوب القضاء عليه روايتان عن أحمد:
إحداهما كالحنفية: لا يلزمه: لأن عمله قد حبط بكفره ولو حج لزمه استئناف حجه. فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه.
والثانية كالشافعية: يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته، وإسلامه قبل ردته، ولا يجب عليه إعادة الحج، لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت.
وأمَّا المغمى عليه: يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في حال إغمائه، فحكمه حكم النائم، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها كالصلاة والصيام. ومن شرب دواء فزال عقله به نظر: فإن كان زوالاً لا يدوم كثيراً فهو كالإغماء، وإنن كان يتطاول فهو كالمجنون.
وأما السكر ومن شرب محرماً يزيل عقله وقتاً دون وقت: فلا يؤثر في إسقاط التكليف، وعليه قضاء ما فاته في حال زوال عقله، بلا خلاف، ولأنه إذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح، فبالسكر المحرم أولى.
ذهب الحنفية إلى أن الصلاة: تقضى على الصفة السابقة التي فاتت عليها حضراً أو سفراً، فمن فاتته صلاة مقصورة في السفر، قضاها ركعتين ولو في الحضر. ومن فاتته صلاة تامة في الحضر قضاها أربعاً ولو في السفر.
أما صفة القراءة في القضاء سراً أو جهراً، فيراعى نوع الصلاة: فإن كانت سرية كالظهر، يسر في القراءة، وإن كانت جهرية يجهر فيها إن كان إماماً، ويخير بين الجهر والإسرار إن كان منفرداً.
ويجب القضاء فوراً، ويجوز تأخيره لعذر السعي على العيال وفي الحوائج، كما أن أداء سجدة التلاوة خارج الصلاة والنذر المطلق وقضاء رمضان موسع يجوز تأخيره للعذر السابق.
وذهب المالكية إلى أن الصلاة: يقضيها بنحو ما فاتته سفراً أو حضراً، جهراً أو سراً، فوراً، ويحرم عليه تأخير القضاء، ولو كان وقت نهي كطلوع شمس وغروبها وخطبة جمعة، إلا وقت الضرورة كوقت الأكل والشرب والنوم الذي لابد منه، وقضاء حاجةة الإنسان، وتحصيل ما يحتاج له في معاشه.
وعلى هذا تقضى الحضرية كاملة ولو قضاها في السفر، وتقضى النهارية سراً ولو قضاها ليلاً، وتقضى الليلية جهراً ولو قضاها نهاراً، لأن القضاء يحكي ما كان أداء.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه: ينظر لمكان القضاء ووقت القضاء، فيقضي المسافر الصلاة الرباعية ركعتين، سواء فاتته في السفر أم في الحضر، فإن كان في الحضر فيقضي الرباعية أربعاً، وإن فاتته في السفر، لأن الأصل الإتمام، فيرجع إليه في الحضر، ولأن سبب القصر هو السفر وليس متوفراً في الحضر.
ويسر ويجهر في الصلاة بحسب الوقت، فإن صلى في النهار من طلوع الشمس إلى غروبها أسَّر، وإن صلى في الليل من مغيب الشمس إلى طلوعها جهر.
ولكن قالت الحنابلة: إن كان القضاء ليلاً يجهر الإمام لشبه القضاء للأداء، فإن كان منفرداً أسر مطلقاً، قال الإمام أحمد: إنما الجهر للجماعة.
وذهب الحنابلة إلى: أنه يستحب قضاء الفوائت في جماعة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، حينما فاتته صلوات أربع، فقضاهن في جماعة. ولا يكره قضاء السنن الرواتب قبل الفرائض، ويستحب أن يقضي ركعتي الفجر قبل الفريضة.
ويجب أن يكون القضاء فوراً باتفاق الفقهاء، سواء فاتت الصلاة بعذر أم بغير عذر.
وذهب الشافعية إلى أنه: يبادر بالفائت ندباً إن فاته بعذر كنوم ونسيان، ووجوباً إن فاته بغير عذر، على الأصح فيهما، تعجيلاً لبراءة ذمته
ذهب الحنفية إلى أنَّ الترتيب: بين الفروض الخمسة والوتر وبين الفائتة والوقتية مستحق لازم إلا أن يخاف فوات صلاة الوقت، فيقدم صلاة الوقت ثم يقضي الفائتة.
ومن فاتته صلوات رتبها في القضاء، كما وجبت عليه في الأصل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق، فقضاهن مُرتّبةًً، ثم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات غير الوتر، فيسقط الترتيب بينها.
وذهب المالكية إلى أنه: يجب الترتيب مع التذكر والقدرة بأن لا يكره على عدمه. والترتيب شرط في صلاتين حاضرتين مشتركتي الوقت وهما الظهران والعشاءان فمن تذكر الظهر وهو في أثناء العصر، فالعصر باطلة، وكذا العشاء مع المغرب، لأن ترتيب الحاضرة واجبب شرطاً. ويقطع الحاضرة إن لم يتم ركعة، ويندب أن يضم إليها ركعة أخرى إن أتم ركعة ويجعلها نفلاً.
ويجب الترتيب مع الشرطين السابقين (التذكر والقدرة) بين الفوائت اليسيرة والصلاة الحاضرة، فتقدم الفائتة على الحاضرة، كمن عليه المغرب والعشاء والصبح، يجب تقديمها على الصبح الحاضرة، وإن خرج وقت الحاضرة، بتقديمه يسر الفوائت الواجب تقديمه عليها. وهذا واجب لا شرط، فلو خالفه لا تبطل المُقدَّمة على محلها، ولكنه يأثم، ولا إعادة عليه لخروج وقتها بمجرد فعلها، فإن قدمها ناسياً أو مكرهاً صحت ولا إثم عليه. ويندب إعادة الحاضرة لو قدمها على يسير الفائتة ولو عمداً، بوقت ضروري (وهو في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين لطلوع الفجر).
ويسير الفوائت: خمس فأقل، فيصليها قبل الحاضرة ولو ضاق وقتها.
وذهب الحنابلة: في الصحيح إلى أن الترتيب بين الفوائت في نفسها كثيرة أو قليلة، أو بينها وبين الحاضرة واجب إن اتسع الوقت لقضاء الفائتة، فإن لم يتسع سقط الترتيب. ولا يسقط الترتيب من أجل إدراك الجماعة للصلاة الحاضرة، لأنه آكد من الجماعة، بدليلل اشتراطه لصحة الصلاة، بخلاف الجماعة، كما لا يسقط الترتيب بجهل وجوبه، لأنه ترتيب واجب في الصلاة، ولا عذر بالجهل بالأحكام الشرعية.
وإذا كثرت عليه الفوائت يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله.
ومن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، أعاد صلاة يوم وليلة، عند أكثر أهل العلم، لأن التعيين شرط في صحة الصلاة المكتوبة، ولا يتوصل إلى ذلك إلا بإعادة الصلوات الخمس.
وذهب الشافعية إلى أنه: يسن ترتيب الفائتة، وتقديمها على الحاضرة التي لا يخاف فوت وقتها، عملاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، وخروجاً من خلاف من أوجبه، فترتيب الفائتة وتقديمها على الحاضرة مشروط بشرطين:
الأول - ألا يخشى فوات الحاضرة، بعدم إدراك ركعة منها في الوقت.
الثاني - أن يكون متذكراً للفوائت قبل الشروع في الحاضرة. فإن لم يتذكرها حتى شرع في الحاضرة، وجب إتمامها، ضاق الوقت أو اتسع، ولو شرع في فائتة معتقداً سعة الوقت، فبان ضيقه عن إدراكها أداء، وجب قطعها لئلا تصير فائتة، والأفضل أن يقلبها نفلاً بعد أداء ركعتين. ولو خاف فوت جماعة حاضرة، فالأفضل الترتيب، للخلاف في وجوبه.
وترتيب الحاضرتين المجموعتين تقديماً واجب، وأما تأخيراً فهو سنة.
وذهب الحنفية إلى أنَّ: من عليه فوائت كثيرة لا يدري عددها، يجب عليه أن يقضي حتى يغلب على ظنه براءة ذمته. وعليه أن يعين الزمن، فينوي أول ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله، أو ينوي آخر ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله، وذلك تسهيلاً عليه.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه: يجب عليه أن يقضي حتى يتيقن براءة ذمته من الفروض، ولا يلزم تعيين الزمن، بل يكفي تعيين المنوي كالظهر أو العصر مثلاً.
والقضاء: فعل الواجب بعد وقته.
أن يبادر إلى أداء الصلاة في وقتها، ويأثم بتأخيرها عن وقتها بغير عذر، وتأخير الصلاة من غير عذر معصية كبيرة لا تزول بالقضاء وحده، بل بالتوبة أو الحج بعد القضاء.
وأمَّا تأخير الصلاة عن وقتها لعذر مشروع فلا إثم عليه، ومن العذر: خوف العدو، وخوف القابلة موت الولد، أو خوف أمه إذا خرج رأسه، لأنه عليه السلام أخر الصلاة يوم الخندق، قال ابن مسعود: "إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق".
فمن وجبت عليه الصلاة، وفاتته بفوات الوقت المخصص لها، لزمه قضاؤها وهو آثم بتركها عمداً، والقضاء عليه واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نسي صلاة، فليصلها إذا ذكرها"، فيجب القضاء بترك الصلاة عمداً أو لنوم أو نسيان أو لسهو، ولو شكاً.
2- أعذار سقوط الصلاة وتأخيرها:
اتفق العلماء على أن الصلاة تسقط عن المرأة أيام الحيض والنفاس، فلا يجب عليها قضاء ما فاتها من الصلوات أثناء الحيض أو النفاس، كما لا قضاء على الكافر الأصلي والمجنون اتفاقاً.
فذهب الحنفية إلى أن: الصلاة تسقط عن المجنون والمغمى عليه إذا استمر الجنون أو الإغماء أكثر من خمس صلوات، أما إن استمر أقل من ذلك، خمس صلوات فأقل، وجب عليهما القضاء لصلاة ذلك الوقت إذا بقي من الوقت ما يسع أكثر من التحريمة. فلو لم يبقق من الوقت ما يسع قدر التحريمة، لم تجب عليهما صلاة ذلك الوقت. وأما المرتد: فلا يقضي ما فاته زمن الردة ولا ما قبلها إلا الحج، لأنه بالردة يصير كالكافر الأصلي. ويعذر حربي أسلم بدار الحرب بالجهل، فلا يقضي ما عليه إذا مكث مدة، لأن العلم بالخطاب شرط التكليف.
وذهب المالكية إلى أنه: لا تجب القضاء في حال الجنون والإغماء والكفر والحيض والنفاس وفقد الطهورين.
وذهب الشافعية إلى أنه: لا تجب الصلاة على الحائض والنفساء والكافر وأما المرتد إذا أسلم: فيلزمه قضاء الصلاة.
ومن زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض أو بسبب مباح: فلا تجب عليه الصلاة ولا قضاء عليه.
أما من زال عقله بسبب محرم كمن شرب المسكر، أو تناول دواء من غير حاجة، فزال عقله، فيجب عليه القضاء إذا أفاق، لأنه زال عقله بمحرم، فلم يسقط عنه الفرض...
وذهب الحنابلة إلى أنه: لا تجب الصلاة على صبي والمجنون ولا كافر ولا حائض أو نفساء. أما الكافر الأصلي فلا يلزمه قضاء ما تركه من العبادات في حال كفره.
وأما المرتد: ففي وجوب القضاء عليه روايتان عن أحمد:
إحداهما كالحنفية: لا يلزمه: لأن عمله قد حبط بكفره ولو حج لزمه استئناف حجه. فصار كالكافر الأصلي في جميع أحكامه.
والثانية كالشافعية: يلزمه قضاء ما ترك من العبادات في حال ردته، وإسلامه قبل ردته، ولا يجب عليه إعادة الحج، لأن العمل إنما يحبط بالإشراك مع الموت.
وأمَّا المغمى عليه: يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في حال إغمائه، فحكمه حكم النائم، لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها كالصلاة والصيام. ومن شرب دواء فزال عقله به نظر: فإن كان زوالاً لا يدوم كثيراً فهو كالإغماء، وإنن كان يتطاول فهو كالمجنون.
وأما السكر ومن شرب محرماً يزيل عقله وقتاً دون وقت: فلا يؤثر في إسقاط التكليف، وعليه قضاء ما فاته في حال زوال عقله، بلا خلاف، ولأنه إذا وجب عليه القضاء بالنوم المباح، فبالسكر المحرم أولى.
ذهب الحنفية إلى أن الصلاة: تقضى على الصفة السابقة التي فاتت عليها حضراً أو سفراً، فمن فاتته صلاة مقصورة في السفر، قضاها ركعتين ولو في الحضر. ومن فاتته صلاة تامة في الحضر قضاها أربعاً ولو في السفر.
أما صفة القراءة في القضاء سراً أو جهراً، فيراعى نوع الصلاة: فإن كانت سرية كالظهر، يسر في القراءة، وإن كانت جهرية يجهر فيها إن كان إماماً، ويخير بين الجهر والإسرار إن كان منفرداً.
ويجب القضاء فوراً، ويجوز تأخيره لعذر السعي على العيال وفي الحوائج، كما أن أداء سجدة التلاوة خارج الصلاة والنذر المطلق وقضاء رمضان موسع يجوز تأخيره للعذر السابق.
وذهب المالكية إلى أن الصلاة: يقضيها بنحو ما فاتته سفراً أو حضراً، جهراً أو سراً، فوراً، ويحرم عليه تأخير القضاء، ولو كان وقت نهي كطلوع شمس وغروبها وخطبة جمعة، إلا وقت الضرورة كوقت الأكل والشرب والنوم الذي لابد منه، وقضاء حاجةة الإنسان، وتحصيل ما يحتاج له في معاشه.
وعلى هذا تقضى الحضرية كاملة ولو قضاها في السفر، وتقضى النهارية سراً ولو قضاها ليلاً، وتقضى الليلية جهراً ولو قضاها نهاراً، لأن القضاء يحكي ما كان أداء.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه: ينظر لمكان القضاء ووقت القضاء، فيقضي المسافر الصلاة الرباعية ركعتين، سواء فاتته في السفر أم في الحضر، فإن كان في الحضر فيقضي الرباعية أربعاً، وإن فاتته في السفر، لأن الأصل الإتمام، فيرجع إليه في الحضر، ولأن سبب القصر هو السفر وليس متوفراً في الحضر.
ويسر ويجهر في الصلاة بحسب الوقت، فإن صلى في النهار من طلوع الشمس إلى غروبها أسَّر، وإن صلى في الليل من مغيب الشمس إلى طلوعها جهر.
ولكن قالت الحنابلة: إن كان القضاء ليلاً يجهر الإمام لشبه القضاء للأداء، فإن كان منفرداً أسر مطلقاً، قال الإمام أحمد: إنما الجهر للجماعة.
وذهب الحنابلة إلى: أنه يستحب قضاء الفوائت في جماعة، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، حينما فاتته صلوات أربع، فقضاهن في جماعة. ولا يكره قضاء السنن الرواتب قبل الفرائض، ويستحب أن يقضي ركعتي الفجر قبل الفريضة.
ويجب أن يكون القضاء فوراً باتفاق الفقهاء، سواء فاتت الصلاة بعذر أم بغير عذر.
وذهب الشافعية إلى أنه: يبادر بالفائت ندباً إن فاته بعذر كنوم ونسيان، ووجوباً إن فاته بغير عذر، على الأصح فيهما، تعجيلاً لبراءة ذمته
ذهب الحنفية إلى أنَّ الترتيب: بين الفروض الخمسة والوتر وبين الفائتة والوقتية مستحق لازم إلا أن يخاف فوات صلاة الوقت، فيقدم صلاة الوقت ثم يقضي الفائتة.
ومن فاتته صلوات رتبها في القضاء، كما وجبت عليه في الأصل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق، فقضاهن مُرتّبةًً، ثم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" إلا أن تزيد الفوائت على ست صلوات غير الوتر، فيسقط الترتيب بينها.
وذهب المالكية إلى أنه: يجب الترتيب مع التذكر والقدرة بأن لا يكره على عدمه. والترتيب شرط في صلاتين حاضرتين مشتركتي الوقت وهما الظهران والعشاءان فمن تذكر الظهر وهو في أثناء العصر، فالعصر باطلة، وكذا العشاء مع المغرب، لأن ترتيب الحاضرة واجبب شرطاً. ويقطع الحاضرة إن لم يتم ركعة، ويندب أن يضم إليها ركعة أخرى إن أتم ركعة ويجعلها نفلاً.
ويجب الترتيب مع الشرطين السابقين (التذكر والقدرة) بين الفوائت اليسيرة والصلاة الحاضرة، فتقدم الفائتة على الحاضرة، كمن عليه المغرب والعشاء والصبح، يجب تقديمها على الصبح الحاضرة، وإن خرج وقت الحاضرة، بتقديمه يسر الفوائت الواجب تقديمه عليها. وهذا واجب لا شرط، فلو خالفه لا تبطل المُقدَّمة على محلها، ولكنه يأثم، ولا إعادة عليه لخروج وقتها بمجرد فعلها، فإن قدمها ناسياً أو مكرهاً صحت ولا إثم عليه. ويندب إعادة الحاضرة لو قدمها على يسير الفائتة ولو عمداً، بوقت ضروري (وهو في الظهرين للاصفرار، وفي العشاءين لطلوع الفجر).
ويسير الفوائت: خمس فأقل، فيصليها قبل الحاضرة ولو ضاق وقتها.
وذهب الحنابلة: في الصحيح إلى أن الترتيب بين الفوائت في نفسها كثيرة أو قليلة، أو بينها وبين الحاضرة واجب إن اتسع الوقت لقضاء الفائتة، فإن لم يتسع سقط الترتيب. ولا يسقط الترتيب من أجل إدراك الجماعة للصلاة الحاضرة، لأنه آكد من الجماعة، بدليلل اشتراطه لصحة الصلاة، بخلاف الجماعة، كما لا يسقط الترتيب بجهل وجوبه، لأنه ترتيب واجب في الصلاة، ولا عذر بالجهل بالأحكام الشرعية.
وإذا كثرت عليه الفوائت يتشاغل بالقضاء ما لم يلحقه مشقة في بدنه أو ماله.
ومن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، أعاد صلاة يوم وليلة، عند أكثر أهل العلم، لأن التعيين شرط في صحة الصلاة المكتوبة، ولا يتوصل إلى ذلك إلا بإعادة الصلوات الخمس.
وذهب الشافعية إلى أنه: يسن ترتيب الفائتة، وتقديمها على الحاضرة التي لا يخاف فوت وقتها، عملاً بفعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، وخروجاً من خلاف من أوجبه، فترتيب الفائتة وتقديمها على الحاضرة مشروط بشرطين:
الأول - ألا يخشى فوات الحاضرة، بعدم إدراك ركعة منها في الوقت.
الثاني - أن يكون متذكراً للفوائت قبل الشروع في الحاضرة. فإن لم يتذكرها حتى شرع في الحاضرة، وجب إتمامها، ضاق الوقت أو اتسع، ولو شرع في فائتة معتقداً سعة الوقت، فبان ضيقه عن إدراكها أداء، وجب قطعها لئلا تصير فائتة، والأفضل أن يقلبها نفلاً بعد أداء ركعتين. ولو خاف فوت جماعة حاضرة، فالأفضل الترتيب، للخلاف في وجوبه.
وترتيب الحاضرتين المجموعتين تقديماً واجب، وأما تأخيراً فهو سنة.
وذهب الحنفية إلى أنَّ: من عليه فوائت كثيرة لا يدري عددها، يجب عليه أن يقضي حتى يغلب على ظنه براءة ذمته. وعليه أن يعين الزمن، فينوي أول ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله، أو ينوي آخر ظهر عليه أدرك وقته ولم يصله، وذلك تسهيلاً عليه.
وذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه: يجب عليه أن يقضي حتى يتيقن براءة ذمته من الفروض، ولا يلزم تعيين الزمن، بل يكفي تعيين المنوي كالظهر أو العصر مثلاً.