هيئات وضع اليدين في الصلاة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة و السلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعين وبعد :
ﺫﻫﺐ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ( ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ) ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺳﻨﻦ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻭﻫﻮ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻭﺧﺎﻟﻔﻬﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻓﻘﺎﻟﻮﺍ : ﻳﻨﺪﺏ ﺍﻹﺭﺳﺎﻝ ﻭﻳﻜﺮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻓﻲ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺟﻮﺯﻭﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻞ ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ .
ﻭﻣﻜﺎﻥ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ﻫﻮ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺼﺪﺭ ﻭﻓﻮﻕ ﺍﻟﺴﺮﺓ، ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻴﺔ ﻭﺭﻭﺍﻳﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ، ﻭﻫﻮ ﻗﻮﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ ﻟﻤﺎ ﺭﻭﻯ ﻭﺍﺋﻞ ﺑﻦ ﺣﺠﺮ ﻗﺎﻝ : ﺻﻠﻴﺖ ﻣﻊ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻭﺿﻊ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻩ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭﻩ .
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ﺃﻧﻪ ﻳﻀﻊ ﻳﺪﻳﻪ ﺗﺤﺖ ﺳﺮﺗﻪ ﻭﺭﻭﻱ ﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﻭﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﻭﺃﺑﻲ ﻣﺠﻠﺰ ﻭﺍﻟﻨﺨﻌﻲ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﻭﺇﺳﺤﺎﻕ ﻟﻤﺎ ﺭﻭﻱ ﻋﻦ ﻋﻠﻲ ﺃﻧﻪ ﻗﺎﻝ : ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻜﻒ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﺮﺓ .
ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﺗﻀﻊ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺛﺪﻳﻴﻬﺎ .
_________________________
ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻋﺔ ﺍلفقهية ﺍﻟﻜﻮﻳﺘﻴﺔ
أقوال علماء المذاهب الأربعة ﻓﻲ ﻣﺤﻞ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ :
- ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﻳﻀﻌﻬﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﺮﺓ ..
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻜﺎﺳﺎﻧﻲ ﺍﻟﺤﻨﻔﻲ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﺋﻊ ﺍﻟﺼﻨﺎﺋﻊ : َ)ﺃَﻣَّﺎ ﻣَﺤَﻞُّ ﺍﻟْﻮَﺿْﻊِ ﻓَﻤَﺎ ﺗَﺤْﺖَ ﺍﻟﺴُّﺮَّﺓِ ﻓِﻲ ﺣَﻖِّ ﺍﻟﺮِّﺟْﻞِ ﻭَﺍﻟﺼَّﺪْﺭُ ﻓِﻲ ﺣَﻖِّ ﺍﻟْﻤَﺮْﺃَﺓِ ) .
- ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ : ﻳﻀﻌﻬﻤﺎ ﺗﺤﺖ ﺻﺪﺭﻩ ﻭﻓﻮﻕ ﺳﺮﺗﻪ ...
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ ﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻉ : ( ﻣَﺬْﻫَﺒَﻨَﺎ ﺃَﻥَّ ﺍﻟْﻤُﺴْﺘَﺤَﺐَّ ﺟَﻌْﻠُﻬُﻤَﺎ ﺗَﺤْﺖَ ﺻَﺪْﺭِﻩِ ﻓَﻮْﻕَ ﺳُﺮَّﺗِﻪِ ﻭَﺑِﻬَﺬَﺍ ﻗَﺎﻝَ ﺳَﻌِﻴﺪُ ﺑْﻦُ ﺟُﺒَﻴْﺮٍ ﻭَﺩَﺍﻭُﺩ ) .
- ﻭﻋﻦ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ : ﺍﻹﺭﺳﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻳﻀﺔ ﻭﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻴﺴﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﻓﻠﺔ ...
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺔ : ( ﻭَﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎﻟِﻚٌ : ﻓِﻲ ﻭَﺿْﻊِ ﺍﻟْﻴُﻤْﻨَﻰ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﻴُﺴْﺮَﻯ ﻓِﻲ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓِ؟
ﻗَﺎﻝَ : ﻟَﺎ ﺃَﻋْﺮِﻑُ ﺫَﻟِﻚَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻔَﺮِﻳﻀَﺔِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻳَﻜْﺮَﻫُﻪُ، ﻭَﻟَﻜِﻦْ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﻮَﺍﻓِﻞِ ﺇﺫَﺍ ﻃَﺎﻝَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻡُ ﻓَﻠَﺎ ﺑَﺄْﺱَ ﺑِﺬَﻟِﻚَ ﻳُﻌِﻴﻦُ ﺑِﻪِ ﻧَﻔْﺴَﻪُ . ِ. )
- ﻋﻦ ﺃﺣﻤﺪ ﺛﻼﺙ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﺃﺷﻬﺮﻫﺎ ﻛﻤﺬﻫﺐ ﺃﺑﻲ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺨﺮﻗﻲ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻛﻤﺬﻫﺐ ﻣﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ . ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﺍﻟﺘﺨﻴﻴﺮ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻭﺃﻧﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺳﻮﺍﺀ ...
ﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺮﺩﺍﻭﻱ ﺍﻟﺤﻨﺒﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺼﺎﻑ : ( ﺛُﻢَّ ﻳَﻀَﻊُ ﻛَﻒَّ ﻳَﺪِﻩِ ﺍﻟْﻴُﻤْﻨَﻰ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻮﻉِ ﺍﻟْﻴُﺴْﺮَﻯ ... ﻭَﻳَﺠْﻌَﻠُﻬُﻤَﺎ ﺗَﺤْﺖَ ﺳُﺮَّﺗِﻪِ، ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﻤَﺬْﻫَﺐُ , ﻭَﻋَﻠَﻴْﻪِ ﺟَﻤَﺎﻫِﻴﺮُ ﺍﻟْﺄَﺻْﺤَﺎﺏِ , ﻭَﻋَﻨْﻪُ – ﺃﻱ : ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ - ﻳَﺠْﻌَﻠُﻬُﻤَﺎ ﺗَﺤْﺖَ ﺻَﺪْﺭِﻩِ , ﻭَﻋَﻨْﻪُ ﻳُﺨَﻴَّﺮُ )
تنبيه لطيف : ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻧﻨﺸﻐﻞ ﺑﻤﺴﺄﻟﺔ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻴﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻼﺓ، ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻳﺼﻠﻲ ﻟﺮﺑﻪ . ﺩ . ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﻘﺮﺿﺎﻭﻱ
تقرير شيخ الإسلام بن تيمية رضي الله عنه لصفة وضع اليدين في الصلاة
قال في شرح العمدة :
" مسألة: ويجعلهما تحت سرته.
يعني: إذا انقضى التكبير فإنه يرسل يديه ويضع يده اليمنى فوق اليسرى على الكوع, بأن يقبض الكوع باليمنى, أو يبسط اليمنى عليه ويُوجّه أصابعهما إلى ناحية الذراع, ولو جعل اليمنى فوق الكوع أو تحته على الكف اليسرى, جاز؛ لما روى وائل بن حجر أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِنَ دَخَلَ فِي الصَّلاَةِ «ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى». رواه مسلم, وفي رواية لأحمد وأبي داود: «وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغِ وَالسَّاعِدِ».
وعن قبيصة بن هلبٍ عن أبيه. قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَؤُمُّنَا فَيَأْخُذُ شِمَالَهُ بِيَمِينِهِ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة, والترمذي وقال: حديث حسن, وعليه العمل عند [أكثر] أهل العلم من أصحاب النبي والتابعين.
ولأن ذلك أزين وأقرب إلى الخشوع, وهو: قيام الذليل بين يدي العزيز .
(( وضع اليدين على الصدر بعد الاعتدال من الركوع عند شيخ الإسلام ))
ولا يستحب ذلك في قيام الاعتدال عن الركوع, لأن السنة لم ترد به, ولأن زمنه يسير يحتاج فيه إلى التهيؤ للسجود.
(( كراهة وضع اليدين على الصدر وموافقة شيخ الإسلام للمذهب))
فأما وضعهما على الصدر, فيكره, نص عليه, وذكر عن أبي أيوب عن أبي معشر قال: يكره التكفير في الصلاة, وقال: التكفير: يضع يمينه عند صدره في الصلاة, وما روى من الآثار على الوضع على الصدر, فهل هو محمول على مقاربته؟.
شرح العمدة ( 65 _ 72)
والأمر واسع ان شاء الله تعالى ...والمنشور لمعرفة الاقوال والأدلة.
نقله
فارس بن فالح الخزرجي
القبض على اليدين و السدل عند المالكية و غيرهم
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ . ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﻟﺪ ﺃﺣﻤﺪﻭ ﺍﻟﺨﺪﻳﻢ .
ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻭﺍﻟﺴﺪﻝ ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻣﺒﺎﺡ * ﻛﻤﺎ ﺑﻪ ﻓﻰ ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻕ ﺑﺎﺡ .
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪﻫﻢ
ﻭﻻﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺮ ﻭﻫﻮ ﻋﺪﻝ . * ﺍﻟﻘﺒﺾ ﺳﻨﺔ ﻛﺬﺍﻙ ﺍﻟﺴﺪﻝ
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﻮﻟﻮﺩ ﻭﻟﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﺎﻝ ﻓﻰ . ﻛﻔﺎﻓﻪ
ﻭﻧﺪﺏ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ . * ﻭﻋﻨﺪ ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺭﻭﺍﻳﺔ
ﻭﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ . ﻟﻠﻤﺎﻟﻜﻴﺔ ﻓﺎﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻓﻰ ﻣﺬﻫﺒﻬﻢ ﻛﺮﺍﻫﺔ ﺍﻟﻘﺒﺾ . ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺧﻠﻴﻞ ﻓﻰ ﻣﺨﺘﺼﺮﻩ . : ( ﻭﺳﺪﻝ ﻳﺪﻳﻪ ﻭﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺍﻟﻘﺒﺾ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻞ ﺃﻭ ﺇﻥ ﻃﻮﻝ ﻭﻫﻞ ﻛﺮﺍﻫﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻟﻼﻋﺘﻤﺎﺩ ﺃﻭ ﺧﻴﻔﺔ ﺍﻋﺘﻘﺎﺩ ﻭﺟﻮﺑﻪ ﺃﻭ ﺇﻇﻬﺎﺭ ﺧﺸﻮﻉ ﺗﺄﻭﻳﻼﺕ )
صور وضع اليد في هيئات الصلاة من شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم
لو تفقدنا حالة الصلاة وكيفيتها نجد لكل ركن من أركان الصلاة هيئة: تكبيرة الإحرام وهي الدخول في الصلاة هيئتها رفع اليدين إلى المنكبين، ولو كبر سادلاً اليدين أخل بالهيئة في هذا الركن، وبعد تكبيرة الإحرام يأتي ركن القراءة باتفاق، ويضم يديه خلافاً لبعض المالكية، هيئة الركن الأول حركة اليدين للمنكبين، وهيئة الركن الثاني القراءة قائماً واليدان على الصدر، وهيئة الركوع اليدان مقبوضتان على الركبتين، وتكبيرة الانتقال فيها حركة اليدين إلى المنكبين، وبعد ركن القيام والاعتدال بعد الركوع نعيد اليدين إلى موضعهما، فيتشاكل هذا المنظر مع المنظر الأول، أو هيئة هذا الركن مع الذي قبله، أو نسدلهما ليفارق بينهما، وفي حركة السجود اليدان إلى الأرض، وفي الجلوس بين السجدتين اليدان على الفخذين.
إذاً: بقي حالة الرفع وحالة القيام، فإذا قبضنا بعد الرفع شاكلنا هذا الركن مع ركن القيام، وإذا سدلنا غايرنا وأعطينا كل ركن هيئته التي تميزه عن غيره، أرأيت لو أن إنساناً دخل المسجد وإمامه ممن يقبض في الموضعين، ودخل الداخل والناس قيام، ووجد اليدين على الصدر مع قيام الناس، أيخطر بباله أنه في القراءة أم قد رفع من الركوع؟ سيظن أنه في القراءة وينتظر الركوع، فهذا كبر ودخل وأخذ يقرأ على أن الإمام في القيام في الركوع، فإذا به يهوي إلى السجود، لكن إذا جاء ووجده واقفاً سادلاً يديه يعرف بأن الإمام في الرفع من الركوع.
على كل هذا القدر والموقف أطلنا فيه، لا لمناقشة صحة وضع اليدين بعد الرفع من الركوع وعدم الصحة، ولكن للنهي عن اتخاذ هذه الحالة موضع نزاع ونفرة بين طلبة العلم، والعامة ليس لهم دخل في هذا، فكل يفعل ما تيسر له أو اقتنع به، والعامة يقلدون غيرهم، إنسان تقول له: اسدل يديك! يقول لك: لا، رسالة عن الشيخ ابن باز يقول فيها كذا، الحمد لله، ولكن ليس عند العامة أي نظرة لتغليط الآخرين؛ لأنه يرى أن هذا صوابه، لكن طلبة العلم ربما يكون في نفوسهم نظرات إلى الآخرين؛ لأنهم يريدون من كل الناس أن يكونوا مثلهم، والآخرون أيضاً يريدونكم مثلهم، وهذا الذي حملنا على الإطالة في هذه الجزئية، وإن لم تكن ركناً في الصلاة؛ لأن سلامة الصدور والألفة والتقارب بين الجميع أهم من هذا كله، وبالله تعالى التوفيق.
شرح أثر: (صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم)
قال رحمه الله: [ وعن نعيم المجمر قال: (صليت وراء أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن ].
يسوق لنا المؤلف رحمه الله هذا الأثر عن نعيم المجمر وهو مولى لـ عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، ووصف بالمجمر؛ لأنه كان يأتي بالجمر، ويجمر -أي: يطيب- المسجد كل يوم جمعة عند منتصف النهار.
يذكر لنا ما وقع له من صلاة خلف أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وهذا تتمة لإثبات قراءة البسملة مع الفاتحة، فيذكر لنا نعيم أنه صلى خلف أبي هريرة وسمعه يقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ الفاتحة، وبعد الفاتحة يقول: آمين.
ثم إن أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يخبر المأمومين خلفه، و(يقسم على ذلك ويقول: (إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه النسائي و ابن خزيمة ؛ لكأنه يقول: ما سمعتم وما رأيتم من صلاتي فليس من عندي إنما هو اقتداء واتباع، وصورة لما رأيت وسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم ينقلون لمن بعدهم ما أخذوه قولاً وعملاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم رحمه الله